التفصيل من قبل في فيلم "باب الشمس" الذي يبدأ مع أكوام البرتقال التي كانت رمزا لفلسطين. وهناك أيضا الترميز النفسي العالي في فيلمه "جنينة الأسماك". يناقش فيلم "احكي يا شهرزاد" قصصا عن مجموعة من النساء يعانين من كبت جنسي من جراء علاقتهن مع الرجل بشكل أساسي، ومع المجتمع ككل،هناك أيضا المشاكل السياسية، ما يغلي في المجتمع من شيوع للفساد والرشوة والمحسوبيات. ويفجر كل هذه القضايا بطلة الفيلم مني زكي، التي تقوم بدور مذيعة لبرنامج حواري سياسي في البداية، ثم تحت ضغط زوجها الصحافي المتسلق الذي يطمع في تولي رئاسة تحرير إحدي الصحف الحكومية، تتحول في برنامجها إلي قضايا المرأة، حيث سنعرف معها حكايا النساء اللواتي تستضيفهن في برنامجها. لكن المستغرب في هذا الفيلم أن الضجة التي قامت قبل عرضه، لم تقم من أجل الموضوع، بل من أجل المشاهد التي عُرضت للفيلم، والتي أدت لإطلاق حملة تهاجم مني زكي عبر "الفيس بوك" شعارها " يا خسارتك يا مني"، لقد حدث هذا قبل مشاهدة الفيلم، أما بعد مشاهدته فقد انقسمت الآراء حوله أيضاً، بين تأييد للرأي السابق، وبين التركيز علي أن بطلته (مني زكي) قد انتقلت لمرحلة فنية أكثر نضجاً. وعلي عكس ما قيل عن احتواء الفيلم علي مشاهد جنسية،فإن المخرج يسري نصرالله نجح في تقديم الإيحاء الجنسي بشكل جيد جدا، ولم يتكل علي المشاهد الحسية المباشرة،مكتفياً بالتمويه عن فكرته. أما كاتب السيناريو وحيد حامد، فقد حمل بطلته المذيعة (هبة يونس) أكثر مما تحتمل قدرة شخصية مذيع لبرنامج حواري، إذ طرح البطلة علي أنها قادرة علي القيام بانقلابات في الرأي العام، وعلي تحقيق قفزات مهنية للزوج فقط من خلال تغيير سياسة برنامجها. هذا طبعا بالإضافة للأحداث الدرامية المفتعلة مثل جريمة القتل التي تقوم بها عمداً (صفاء) إحدي بطلات الفيلم التي تقتل العامل الذي تكتشف أنه متورط في علاقة مع الأخوات الثلاث، وكانت الجريمة ستبدو أكثر إقناعاً لو أنها حصلت في ظرف تلبس، وليس بناء علي تخطيط مسبق لا يتناسب مع شخصية (صفاء).وإذا كانت أكثر القصص تماسكا علي مستوي الإداء والمضمون هي حكاية سوسن بدر، التي تؤدي دور عانس، نزيلة مستشفي للأمراض النفسية، فإن حكاية الطبيبة التي ترتبط في علاقة مع وزير فاسد فيها قدر من الافتعال. هذ الافتعال الذي يوازيه تماما المشهد الأخير في الفيلم وكم العنف غير المبرر بين مني زكي وزوجها الممثل (حسن الرداد). إن أكثر ما يلفت النظر سلبياً في هذا الفيلم بالإضافة لغياب الرمزية التي اعتدنا عليها في أفلام نصرالله هو حركة الكاميرا، خاصة بعد الثلث الأول منه، إذ تتحول حركة الكاميرا إلي حركة تليفزيونية، عندما تصير الحكايات مروية من قبل شاشة التليفزيون أي عبر البرنامج الحواري الذي تقدمه المذيعة، بطلة الفيلم، هكذا يتابع المشاهد مسلسلا داخل فيلم، وكان الأجدي من ذلك تقليص كم الحكايات لصالح القصة الرئيسية الأولي كما هو مفترض حكاية المذيعة مع زوجها. وإذا كان البعض قد ربط بين هذا الفيلم وقضايا المرأة، فإن معالجته لقضايا المرأة الجنسية منها تحديداً، تأخذ مضموناً سطحيا، خال من العمق، لو قارناه مثلا مع فيلم "دنيا" للمخرجة جوسلين صعب، الذي ناقش البرودة الجنسية عند المرأة، أو فيلم "يا دنيا يا غرامي" وقصص نسائه الموزعة بين الحب والفقر.لكن " احكي يا شهرزاد" لم يقدم جديدا عن وضع المرأة، لم يلق حجرا في مياه راكدة، أو يميط اللثام عن قضايا مسكوت عنها، بل اكتفي بطرح حكايات فقط .