منذ أن حاز حزب الحرية والعدالة أغلبية فى نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية.. وبدأت أفكار الناس وتساؤلاتهم تموج فى اتجاهات عدة.. جميعها يصب فى مسارات لها علاقة بالحرية والديمقراطية فى ظل حكم إسلامى، خاصة وسط غموض العلاقة بين الكيانات الإسلامية فى مصر، سواء كانوا إخوانًا أو سلفيين، وأصبحت نبرة التصريحات التى تخرج عن قيادات الإخوان تحمل تحديًا صارخًا لكل من يعارض الإخوان أو حكمهم.. وآخرها تصريحات مهدى عاكف مرشد الإخوان السابق.. تلك التصريحات التى تبرأت منها جماعة الإخوان فى حوارنا معها على لسان متحدثها الإعلامى د. محمود غزلان الذى تحدث عن علاقة الإخوان بالمجلس العسكرى والإدارات الأمريكية.. بل حذر "العسكرى" من الدخول فى صدام مع "الجماعة". - هل ترى أن نتائج الانتخابات فى المرحلة الثانية أدت إلى أن ينقلب العسكرى عليكم؟ لماذا تصرون على ذكر المجلس العسكرى، فى حين أن التصريحات كانت لأحد أعضائه؟ فاللواء الملا هو الذى خرج بتلك التصريحات ثم بعد ذلك خرجوا يقولون إنه لا يمثل إلا نفسه ونحن حتى الآن بل والمجلس الاستشارى طالبنا جميعًا المجلس العسكرى بأن يصدر بيانًا يتبرأ فيه من تصريحات الملا وشاهين، ولقد طالبنا المجلس منذ أشهر عديدة بأن يعين له متحدثًا رسميًا باسمه حتى نعول على تصريحاته وحتى لا نقع فى التضارب بين التصريحات المتناقضة التى تصدر عن بعض أعضائه. - وهل يصل الصدام بينكم وبين المجلس العسكرى إلى منعطف خطير؟ لا شك أنه لو حدث صدام سيكون صدامًا سيئًا للغاية لأنه سيكون صدامًا بين الشعوب والجيوش، نحن نعتبر الجيش المصرى هو جيش الشعب، ونذكر لهم بالخير موقفهم من الثورة وحمايتها، وهم أيضًا يقرون بأنهم جيش الشعب الذى لن يختلف معه، ومن ثم فكرة الصدام هذه، أعتقد أنها ليست موجودة فى قاموسنا ولا فى قاموسهم القولى أو العملى. - وهل تعتقد أن المجلس العسكرى سيلتزم بالمدى الزمنى لتسليم السلطة كما أعلن؟ هم أكدوا مرارًا وتكرارًا ثم إن الشعب الآن يطالبهم بالوفاء بهذا العهد، والشعب مُصر على تحقيق أهداف ثورته وعلى رأسها إقامة حياة ديمقراطية سليمة وهذا يفرض أن تكون الحكومة مدنية ومنتخبة انتخابًا حرًا. - البعض يرى أن الإخوان يركبون قطار الديمقراطية الآن حتى يصلوا للحكم، ولو وصلوا، سيتحطم القطار بإرادتهم عند أول محطة؟ هذا الكلام يردده الخصوم السياسيون الذين يبعثون التشويه والتفريغ، مثلما كان يفعل النظام السابق، نحن أصحاب مبادئ، ثم إننا نحترم إرادة الشعب لأننا جزء منه، ثم إن الشعب شب عن الطوق ولن يسمح لكائن فردًا كان أو حزبًا أو جماعة أو مؤسسة أن تعيده إلى بيت الطاعة وأن تفرض عليه من جديد الاستبداد والفساد والاستبعاد، فهذا زمن قد ولى ولن يعود. - متهمون بأنكم اتفقتم مع السلفيين على الاتحاد فى الخفاء.. والعداء فى العلن؟ هذا اتهامات باطلة، لم تكن هناك أى اتفاقيات، بدليل أنه كان هناك تنافس شريف بيننا فى أغلب الدوائر. - وطبيعة العلاقة بين الإخوان والسلفيين تحت قبة البرلمان؟ نحن دعاة توافق بصفة عامة لأننا نرى أن الشقاق سيضر بالمصلحة العليا ونحن نسعى لأن نقدر الخير لمصر ولكل فرد من شعبنا. - أثارت تصريحات مهدى عاكف مرشد الإخوان السابق جدلاً واسعًا فى الشارع.. خاصة بعدما قال: "اللى مش عاجبه حكم الإخوان يسيب مصر".. هل نعتبر ذلك تحديًا من الإخوان لكل من يعارضهم مسلمين أو مسيحيين؟ جميع المصريين على قدم المساواة سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، مصر ملككم جميعًا من حق من شاء منهم أن ينتقد الإخوان وأن يعترض عليها فكرًا أو منهجًا أو تطبيقًا، فالإخوان ليسوا معصومين، بالتالى من لا يعجبه حال الإخوان نحترم رأيه. - وكيف كان موقفكم من هذه التصريحات.. خاصة أنها تتناقض مع ما تقوله الآن ومع ما تعلنه الجماعة لدرجة تفقدكم المصداقية دائمًا؟ طلبت من د. بديع أن يعاقب على هذه التصريحات وأنه ينبغى تصحيحها بحيث نتفادى إغضاب الناس وتخويفهم من موقفنا، لاسيما أننا كلنا معتدلون، وإذا خرج تصريح من هنا أو هناك.. فيجب أن تتم مراجعته سريعًا. - إذن أنتم غير مسئولين عن تصريحات مرشد الإخوان السابق؟ طبعًا غير مسئولين.. هو مسئول وحده عن تصريحاته ونحن نبترأ منها، المتحدثون الرسميون باسم الجماعة المرشد الحالى، الأربعة النواب، الأمين العام، المتحدث الإعلامى، ونحن غير مسئولين عن تصريحات المرشد السابق، أنا قلت إن أنا غلطت فى حق شخص لأنى قلت معلومة غير صحيحة واعتذرت له وصححت الموقف. - وكيف ستكون أحوال الناس فى ظل حكم الإخوان.. هل تصبح مثل السعودية؟.. نفرض الحجاب على المرأة ونحرم الخمور فى الفنادق.. ونغلق أبواب السياحة.. ونحرم فوائد البنوك؟.. هل هذه هى مصر القادمة فى ظل حكم الإخوان؟ لا شك أن دورنا سيكون أن نعلم الناس أحكام دينهم، نخليهم يحبوا ربنا، فى دوامة الحياة.. وارد أن ينسى الإنسان ربه، حينما يذكره إنسان بنعم الله، لا شك أن هذا سيزيد حبه لله، والمواطن السوى يرى أن بناء الإنسان أهم كثيرًا من بناء المؤسسات، لو عندى إنسان جيد ضميره حى يراقب ربنا، هذا فى حد ذاته كفيل بإنجاح أى خطة تنموية أو اقتصادية، ولابد فى كل الأحوال أن تكون هناك قدوة حسنة، وهنا أذكر تجربة فى السبعينيات فى هذا الوقت تخرجت فى الجامعة 71، مات عبد الناصر وكل السيدات كن لا يرتدين الحجاب، جاء السادات وأعطى حرية للإسلاميين فبدأ الحجاب ينتشر، وكانت الأهالى تعترض بشدة فذهبنا للميسورين ماديًا وطلبنا منهم قماشا، وأخذنا أثواب قماش، واشترينا ماكينات خياطة، بدأت البنات يأتين ويذهبن لأهاليهن مرتديات الحجاب ومحتشمات، هذه تجربة رائعة. - وهل معنى ذلك أنك تختزل تجربة الإخوان فى تعميم حجاب المرأة على كل النساء المصريات؟.. هل هذه هى جل أولوياتكم.. أين السياسات إذن؟ نحن لدينا أولويات أهم.. لدينا شعب 40% منه أمى، لدينا تفاوت فى الأجور، شباب لا يجد عملا ولا يستطيع الزواج، لدينا أمراض مستوطنة، تعليم منهار، طرق فى غاية السوء يقتل عليها آلاف الأشخاص، تفاوت شديد فى الثروات، قضاء لا يحظى باستقلاله كاملاً، هذه الأمور كلها تحتاج لعلاج. - معضلة اللجنة التأسيسية للدستور التى فجرت الخلاف بينكم وبين المجلس العسكرى.. هل تعنى إصراركم على تشكيل الدستور وحدكم دون غيركم حتى لا يأتى دستور علمانى كما يردد شباب الإخوان؟ طريقة تشكيل الجمعية التأسيسية حددتها المادة 60 من الإعلان الدستورى قالت: يجتمع مجلسا الشعب والشورى المنتخبون منهم دون المعينين ثم يختارون 100 شخصية من داخل البرلمان أو خارجه، ونحن كإخوان مسلمين قررنا وقلنا إننا مع أن تتشكل الجمعية التأسيسية من أعضاء داخل البرلمان وخارجه بحيث يمثل فيها أطياف كثيرة من داخل المجتمع حتى يأتى الدستور توافقيًا، إذن فنحن لا نسعى أن تأتى اللجنة من الأغلبية البرلمانية ولو كانت من الإخوان وقلت ومازلت أقول إن الإخوان المسلمين لا يمثلون الشعب، إذن البرلمان المنتخب وحده هو السيد، وليس من حق أحد أن يفرض إرادته على الشعب. - لماذا تخافون من العلمانيين إلى هذا الحد؟.. فالعلمانية تعنى إعمال العقل لا النقل.. ماذا يضيركم من دستور علمانى؟.. وكيف تنظرون للعلمانية؟ العلمانية نوعان: الشاملة والتى تصل لحد الإلحاد مثل الماركسية، وهناك علمانية جزئية وهى التى تترك للإنسان الحرية فى العلاقة بينه وبين ربه، ولكنها تفصل الدين عن كل الأمور السياسية والدنيوية، ومن هنا نشأت المسائل التى بها أشياء ضد الأخلاق. الإسلام يقول غير ذلك، لأن العلمانية جعلت الإنسان هو السيد الأعلى، الإسلام يقر أن الإنسان هو سيد هذا الكون، لكنه فى ذات الوقت عبد لله، ومن ثم ينبغى أن يطيع الله فيما أمر وينتهى عما نهى، نؤمن أن الله أرسل رسله للهدايه وللاتباع والسلوك فى ذات الوقت، بمعنى أنها عقيدة وشريعة، الشريعة تنتظم كل جوانب الحياة لكنها فى ذات الوقت لأنه رسالة خالدة إلى الأبد، والله أرسلها ويعلم طبيعة الزمن لذلك هذه الشريعة تشتمل على أحكام كلية ومبادئ عامة، بالتالى فالثوابت فيها قليلة تتمثل فى النصوص قطعية الثبوت وقطعية الدلالة ثم تركت بعد ذلك للمجتهدين أن يستنبطوا الأحكام التى تحقق المصلحة العامة للزمان والمكان الذى يعيشون فيه فى إطار هذه الشريعة، بمعن أنه لا يجوز مخالفة النصوص القطعية وفى ذات الوقت لابد أن تتصف هذه التشريعات بصفات الشرعية وهى الأخلاقية.. فالفرق بينهما فى المنطلقات وفى الأصول، العلمانية ترى أن الإنسان هو السيد ومن حقه أن يشرع أى شىء وهم يشرعون الشذوذ دون تحرج، لكن الشريعة فيها الحلال والحرام والمسكوت عنه لأنها فيها ما يتغير بتغير الزمان والمكان. - زكيف يمكنكم تقنين شطحات السلفيين والجماعات الإسلامية والتى تلتصق بكم فى أغلب الأحيان؟ السلفيون كانوا مكبوتين ولم يكن لهم صلة بالسياسة، ودخلوا إلى هذه الساحة والزمن كفيل أن يكسبهم الخبرة. - وإلى أين وصلت علاقتكم بالأمريكان حتى هذه المرحلة؟ وما تقييمكم لتحول رؤيتهم للإخوان بعد الثورة؟ لم تكن هناك علاقة قط مع الأمريكان قبل الثورة وموظف كبير فى السفارة طلب لقاء مجموعة من مجلس الشعب أثناء برلمان 2005 حضر د. محمد سعد الكتاتنى ضمن مجموعة من البرلمانيين، بعد الثورة جاء شخص مسئول عن الأمن فى الشرق الأوسط طلب مقابلة د. محمد سعد الكتاتنى، ود. سعد طلب نشر كل ما سيدور فى اللقاء، فوافق الرجل والمصور صور اللقاء، نشر فى الموقع اللقاء وقيل فحوى اللقاء، ثانى لقاء هو لقاء جون كيرى مع د. محمد مرسى والحقيقة أننى حتى الآن لا أعرف ماذا تم فى هذا اللقاء ويسأل فى ذلك د. مرسى نفسه. - وهل استطاعت الإخوان أن تخلص الأمريكان من شبح الفزاعة التى أطلقها النظام السابق لديهم؟.. وكيف سيكون شكل التعاون مع الإدارة الأمريكية؟ الأمريكان يبحثون عن مصالحهم ولما كانوا يعتقد فى الفترة الماضية أن مصالحهم مع النظم الديكتاتورية دعموها، عندما ثارت عليهم الشعب وتحررت بدأوا يحرصون على من يحوزون على كثير من ثقة الشعب وبدأوا يتحاورون معهم. - وهل تقبلون المساعدات الأمريكية سواء كانت فى شكل منح أو دعم خاص؟ نحن نفرق بين الشعب الأمريكى والإدارات الأمريكية المتعاقبة التى كانت ظالمة للشعوب العربية، وعلى رأسها مصر، إذ إنها كانت تدعم الأنظمة الديكتاتورية التى كانت تقتل وتعذب شعوبها وفى ذات الوقت كانت منحازة انحيازا ظالما لإسرائيل ضد الفلسطينيين، كانت تجد من النظام السابق تبعية مطلقة وطاعة عمياء واستجابة لكل الأوامر، لدرجة أن مبارك حين أراد التوريث، ذهب ليسوق ابنه لدى أمريكا قبل أن يسوق ابنه داخل مصر ولدى المصريين، وكأن مصر ولاية أمريكية، أساسياتنا تقوم على احترام استقلالنا، واحترام سيادتنا واحترام إرادتنا، لذلك سنتعامل مع الإرادات الأمريكية بندية وعلى قدم المساواة، وفى ظل احترام متبادل ورفض التدخل فى شئوننا الداخلية، أما بالنسبة للمعونات سواء من أمريكا أو غيرها فنحن نقبل المعونات غير المشروطة، ولا نقبل أى معونة أيا كانت من أى طرف إذا كانت تنتقض من سيادتنا وحريتنا وكرامتنا. وربما لا يعلم أناس كثيرون أن سفراء معظم دول العالم يتهافتون على حزب الحرية والعدالة والحزب لا يرفض الحوار مع أحد.. نحن نفتح الباب أمام كل من يطرقه علينا، الحزب يطرح نفسه أمام الجميع ويطرح أفكاره وعليهم التقييم. - هناك خلاف قائم حتى الآن حول من يشكل الحكومة بعد انتخاب البرلمان.. والإخوان يسعون للأغلبية ومن ثم تشكيل الحكومة وهو ما نفاه المجلس العسكرى وأثار حفيظة الإخوان؟ هذا حقيقى.. والذريعة لديهم أننا نحكم بنظام رئاسى يتيح لرئيس الجمهورية تشكيل الحكومة دون الرجوع للبرلمان.. لكننا نقول إن المصلحة العليا للبلاد وقواعد الديمقراطية والتعاون بين السلطات، لاسيما التشريعية والتنفيذية والعقل والحكمة تقتضى إسناد تشكيل الحكومة من الحزب الحائز على الأغلبية، لأننا لو تخيلنا أن الرئيس أسند تشكيل الوزارة لحزب من أحزاب الأغلبية لا شك أن الحكومة تحتاج لتعاون البرلمان فى صورة إصدار تشريعات أو قبول ميزانية وبرنامج، إذا أحست الأغلبية أنها مهضومة ربما لا يتم هذا التعاون وهذا فى غير صالح البلد. - من تدعم جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياس "حزب الحرية والعدالة" من مرشحى الجمهورية؟ لا أحد حتى الآن.. من ندعمه لابد أن يكون شخصا توافق وطن، يحترم التوجه الإسلامى، ولديه خبرة فى إدارة شئون البلاد.