أيام وتنتهي المرحلة الثالثة من انتخابات مجلس الشعب ويصبح سيد قراره جاهزًا للانعقاد كأول مجلس شعب بعد ثورة يناير جاء برغبة الجميع بعيدا عن التزوير والتضليل الذي مارسه النظام السابق طيلة اكثر من 30 عاما ولا احد ينكر ان القوي الاسلامية أبلت بلاء حسنا في هذه الانتخابات، بل حققت انجازات كثرة بحصولها علي الاغلبية في البرلمان - خاصة حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمون وحزب النور الجناح السياسي للدعوة السلفية - الامر الذي يؤكد للجميع ان البرلمان القادم بنكهة اسلامية الا ان التصريحات التي تصدر عن مسئولي الاخوان والسلفيين اصبحت مثار جدل علي الساحة السياسية الداخلية والخارجية رغم التطمينات التي ارسلها حزب الحرية والعدالة للمصريين بشأن العديد ن القضايا الجدلية الخاصة امثال السياحة والاثار وتطبيق الشريعة والفن وما الي ذلك؛ الا انه علي المستوي الخارجي بدأت ازمة جديدة تلوح في الافق هذه الايام خاصة بعد التصريحات المتوافقة بين مسئولي حزب النور والحرية والعدالة عن اتفاقية كامب ديفيد. ففي الوقت الذي اكدت فيه قيادات هذه الاحزاب قبل الانتخابات بانها تحترم الاتفاقيات الدولية ولا مساس بها فوجئ الجميع بتصرح للدكتور رشاد البيومي نائب المرشد العام للاخوان المسلمين، يعلن للجميع أن الجماعة لن تعترف بدولة إسرائيل تحت أى ظرف وانها - اي الجماعة - قد تعرض معاهدة السلام المبرمة معها على استفتاء شعبى؛ وذلك في تصريحات لجريدة الحياة اللندنية. واضاف بالنص كما جاء في الحوار: هل شرط الحكم أن نعترف بإسرائيل؟ هذا ليس وارداً أبداً مهما كانت الظروف ونحن لا نعترف بإسرائيل على الإطلاق فهو كيان عدو محتل غاصب مجرم. وشدد بيومى على أن أياً من أعضاء الجماعة لن يجلس أبداً فى المستقبل مع إسرائيلى، وقال: لن أسمح لنفسى أن أجلس مع مجرم ولن نتعامل مع إسرائيل بأى حال. وعن معاهدة السلام؛ قال بيومى: سنتخذ الإجراءات القانونية السليمة تجاه معاهدة السلام هى لا تلزمنى إطلاقاً، وسيبدى الشعب رأيه فيها. وشرح: الإخوان مرحلياً يحترمون المواثيق الدولية، ولكن سنتخذ الإجراءات القانونية تجاه معاهدة السلام مع الكيان الصهيونى.. من حق أى طرف أن يعيد النظر فى المعاهدة، والشعب المصرى لم يقل رأيه فيها من قبل.. وأضاف: معاهدة السلام لم نبرمها، وسنتخذ الإجراءات القانونية المحترمة تجاهها، فهى تمت بليل، ويجوز أن نعرضها على الشعب أو برلمانه المنتخب لإبداء رأيه فيها هذا التصريح زاد من مخاوف الاسرائيليين من جديد واشعل الموقف اكثر التصريحات التي اطلقها د. ياسر برهامي احد اهم قيادات الجماعة السلفية وحزب النور في المؤتمر الجماهيري الذي اقيم في المحلة لتأييد مرشحي الحزب؛ حيث اكد أن السلفيين يدرسون إعادة النظر فى كافة المعاهدات الدولية خاصة اتفاقية معاهدة كامب ديفيد، لوجود بند ينص على الاعتراف بدولة إسرائيل، مبينا أن ذلك لا يتفق مع مبادئ الدعوة السلفية؛ الامر الذي يشعل الامور بشكل كبير ويثير الفزاعة من جديد لدي الاسرائيليين والامريكان بل وجميع الدول الاوربية خاصة أن التصريحين يتوافقان تماما وهما من القوي الاسلامية التي ستمثل اكثر من 70 % من البرلمان. والمثير للجدل، ويؤكد صحة ما يقال، ما قاله الملك عبدالله الثاني ملك الادرن في حوار اجرته معه الصحيفة الأمريكية "واشنطن بوست" انه يتوقع بشدة ان مصر ستقدم على إلغاء اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني في القريب العاجل، وأنه في حالة قدوم مصر على إلغاء هذه الاتفاقية بشكل رسمي سيتم إلغاء كافة الاتفاقيات الأردنية مع الكيان الصهيوني.. وأضاف "عبد الله الثاني" إن الممارسات الإسرائيلية - خاصة ما تفعله حكومة "بنيامين نتنياهو" - ما هي إلا ضغوط ومؤامرات لإجهاد عملية السلام؛ مما يسهل عليها التهام فلسطين بأكملها.. وأشار إلي أن الكيان الصهيوني يشعر بحالة من الذعر بعد ثورات الربيع العربي. اما د. أيمن نور مؤسس حزب الغد، فاعتبر إلغاء اتفاقية كامب ديفيد مغامرة غير محسوبة.. قائلا: من يقل لك إنه سيقوم بإلغاء كامب ديفيد غدا، فإنه سيخوض مغامرة غير محسوبة.. موضحا أنه لا يشعر بالرضاء أيضا عن الاتفاقية لذا يدعو لمراجعتها بالسبل الدبلوماسية حيث يرى أن غلق المعابر على سبيل المثال فى وجه الفلسطينيين جريمة إنسانية لا تغتفر.. قائلا: أنا مع السلام العادل وليس مع المغامرة لكنى أيضا لست مع ارتكاب الجرائم لصالح طرف آخر. أما حمدين صباحي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، فأكد أنه في حالة فوزه بمنصب الرئيس فسيتخذ قراراً فورياً بإلغاء تصدير الغاز لإسرائيل وفي حالة مطالبة الشعب له بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد فلن يتواني عن إلغائها. وفي السياق نفسه أكد احمد المسلماني أن مصر دولة تحافظ على معاهداتها وتعهداتها ووصف طلب البعض بإلغاء الاتفاقية بأنه "خيانة وطنية" في هذا التوقيت بالذات. وعلي الجانب الاخر، نجد أن الجانب الاسرائيلي بدأ الاستعداد لهذه الخطوة جيدا.. وهو ما اكده رئيس مركز "ديان" لدراسات الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب البروفسور عوزى رابى، بقوله: من المتوقع أن يسيطر الإخوان المسلمون على الأغلبية في البرلمان القادم، ولكنه نفى أن يقوم التيار الاسلامي في مصر في حالة وصوله إلى السلطة بإلغاء معاهدة السلام "كامب ديفيد" بين مصر واسرائيل. وأوضح رابى خلال مقابلة خاصة مع الإذاعة العامة الصهيونية، أن السبب الرئيسى من وجهة نظره من عدم إلغاء الإسلاميين لمعاهدة السلام عقب صعودهم للحكم فى مصر هو أن التحدى الأول الذى تواجهه أى جهة لدى توليها زمام السلطة فى مصر هى إنعاش الاقتصاد المصرى المتأزم بعد الثورة، مضيفا أنه لتحقيق هذا الهدف ستكون القيادة المصرية المستقبلية مضطرة إلى الاستعانة بالولايات المتحدة، وبالتالى إلغاء معاهدة السلام غير وارد. وأوضحت الإذاعة العبرية أن رابى توقع أيضا مرحلة معقدة فى العلاقات بين تل أبيب والقاهرة، لأن البرلمان المصرى الذى سيهيمن عليه الإخوان المسلمون يليهم التيار السلفى سيشهد نداءات لمراجعة معاهدة السلام وإدخال تعديلات فى بعض بنودها فى حين أن الرئيس المصرى القادم سيكون مضطرا إلى بلورة السياسات التى ستضمن استفادة مصر اقتصاديا من ثمار معاهدة السلام ومن العلاقات مع واشنطن، وأن ما يحدث حاليا هو نوع من الحرب الكلامية الباردة بين إسرائيل ومصر ما بعد الثورة. وعلي الجانب الاخر، نجد أن استطلاع الرأي الذي أجراه مركز بيو للأبحاث بأمريكا، كشف أن أكثر من نصف المصريين يريدون إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل. وأن 54 بالمائة من المستطلعة آراؤهم يريدون إلغاء اتفاقية كامب ديفيد الموقعة مع إسرائيل عام 1979، بينما رأى 36 بالمائة ضرورة الإبقاء عليها. وكشف الاستطلاع عن وجود فرحة غامرة بين المصريين لرحيل الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة، وأكد ثلثا المصريين أنهم راضون عن سير الأمور في البلاد. وأوضح المركز أن نتائج الاستطلاع بنيت على مقابلات أجراها مشروع المواقف العالمية التابع للمركز مع ألف مصري وهو الامر الذي يؤكد ان الامر يشغل بال الامريكيين ايضا القضية ليست بالسهلة وقد تجر مصر الي المزيد من المواجهات الغير محمودة العواق في هذا التوقيت بالذات.