جاءت ثورة 25 يناير بمصر بمثابة البركان الذي اجلي بانفجاره صدأ ثلاثين عاما عاشت خلالها مصر أسوأ عصورها اذ استطاعت الحكومات المتعاقبة في عهد الرئيس السابق "حسني مبارك" ان تحجب ملايين الشعب المصري وتشغلهم بحياتهم بعيدا عن الممارسات السياسية وغيرها ليطيب لاباطرة النظام السابق نهب ثروات البلاد . فخلال السنوات الماضية استولت الحكومة بالأمر المباشر علي مساحات من الاراضي تكافئ المساحة الكلية لخمس دول عربية مجتمعة وهي فلسطين ولبنان وقطر والبحرين والكويت اي ما يعادل 76 ألف كيلو متر مربع . وعلي مستوي آخر وفق ما اكده النائب المصري السابق جمال زهران فان الحكومة المصرية قامت بإهدار 800 مليار جنيه قيمة مساحات شاسعة من اراضي مصر وزعت علي كبار المسئولين ويذكر ان الحكومة السابقة كانت قد خصصت مائة كيلو متر شمال غرب خليج السويس وقسمتها بين 5 جهات دون الاعلان عن مناقصات او مزايدات بواقع خمسة جنيهات عن كل متر مربع الا ان هذه الجهات دفعت جنيها واحدا عن كل متر وخصصت المنطقة المذكورة تحت ذريعة تنميتها . واولي تلك الجهات التي تولت عمليات النهب الممنهج لاراضي الدولة تحت مسمي زائف من تنميتها يأتي في المقدمة احمد عز امين التنظيم السابق في الحزب الوطني الديمقراطي والذي تسلم عشرين مليون متر مربع قيمتها السوقية 2.4 مليار جنيه انشأ مصنعا للصاج بمساحة 150 ألف متر مربع وباع 150 ألف مترمربع الي الملياردير الكويتي ناصر الخرافي بمبلغ 1500 جنيه للمتر المربع وما زال يحتفظ بالمساحة المتبقية في ملكيته بالاضافة الي 5 آلاف فدان اخري اي ما يعادل 21 مليون متر مربع غرب خليج السويس وتصل القيمة الفعلية لهذه الارض 1.2 مليار جنيه ودفع مائة جنيه في الفدان الواحد اي ان ما دفعه هو نصف مليون جنيه فقط هذا فضلا عن استيلائه علي شركة حديد الدخيلة التي انشأتها مصر بالاشتراك مع اليابان وتصل قيمتها حاليا لاكثر من مائة مليار جنيه بالاضافة الي ما يحيط بالشركة من اراض منها مطار وميناء الدخيلة . اما الجهة الثانية فهو رئيس اتحاد المستثمرين المصريين محمد فريد خميس الذي تسلم عشرين مليون مترمربع قيمتها السوقية 3.5 مليار جنيه وهو احد كبار رجال الاعمال وعضو مجلس الشوري ورئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب سابقا ويملك شركة النساجون الشرقيون انشأ مصنعا للكيماويات بمساحة عشرين الف متر مربع وباع باقي المساحة في صفقة ضخمة حققت عدة مليارات بعد ان خصص له وزير الاسكان الاسبق ابراهيم سليمان 1500 فدان اخري . اما رجل الاعمال محمد ابو العينين فقد تسلم عشرين مليون متر مربع قيمتها السوقية 1.3 مليار جنيه وهو عضو الحزب الوطني وصاحب شركة كليوباترا للسيراميك أنشأ مصنعا للبورسلين علي قطعة بمساحة 150 الف متر مربع وممر لهبوط طائرته الخاصة والتي يمتلك ثلاثة منها من نوع جولف ستريم وباع المساحة الباقية في صفقة بعدة مليارات . وبجانب ما حصل عليه ابو العينين في منطقة شمال غرب خليج السويس حصل ايضا علي خمسة آلاف فدان بمنطقة شرق العوينات وغير معلوم تفاصيلها بالاضافة الي 1520 فدانا بمنطقة مرسي علم وقد اشتراها بسعر دولار للمتر وسدد 20% من المبلغ ثم اعاد بيعها باسعار فلكية للخرافي وقدرت القيمة السوقية لهذه الارض بمبلغ مليار و 260 الف جنيه . كما وضع ابو العينين يده علي خمسمائة فدان علي طريق مصر الاسماعيلية وهي ارض مملوكة للدولة وممثلة في شركة مصر للاسكان والتعمير كما تم تخصيص 1500 فدان له بما يوازي 6.3 ملايين متر مربع بمنطقة الحزام الاخضر بمدينة العاشر من رمضان . والجهة الرابعة رجل الاعمال المعروف نجيب ساويرس والذي تسلم عشرين مليون متر مربع تقدر قيمتها السوقية بمبلغ 1.3 مليار جنيه وأنشأ مصنع للاسمنت علي قطعة بمساحة مائتي الف متر مربع وباع كل المساحة الباقية في صفقات بعدة مليارات فضلا عن انه اشتري شركة اسمنت اسيوط بمبلغ 2.2 مليار جنيه ثم قام ببيعها الي شركة لافارج الفرنسية بعد 6 اشهر بمبلغ 78 مليار جنيه اي انه ربح ما يزيد عن 76 مليار جنيه في ستة أشهر . وإضافة الي ذلك فقد خصصت حكومة النظام السابق لمجدي راسخ والد زوجة علاء مبارك مساحة 2200 فدان ما يعادل 9.2 مليون متر مربع في أفضل اماكن مدينة الشيخ زايد بسعر ثلاثين جنيها للمتر بفارق سعريبلغ 462 جنيها عن السعر الحقيقي لكن راسخ دفع مقدما بسيطا ولم يسدد المبلغ المتبقي . اما هشام طلعت مصطفي فقد منحته الحكومة تسعة آلاف فدان اي 37.8 مليون متر مربع علي اعتباره احد اركان لجنة السياسات بالحزب الوطني والموجود الآن في السجن بعد ان هددت دولة الامارات بسحب مدخراتها اذا ما أطلق سراحه. ويذكر انه قد تم تخصيص الاراضي لطلعت بمنطقة شرق القاهرة لانشاء منطقة سكنية باسم "مدينتي" بسعر يبلغ خمسة جنيهات للمتر وتقدر القيمة السوقية للمتر المربع بها 3500 جنيه مما أهدر علي الدولة ما قيمته 28 مليار جنيه . واختلفت طرق الحكومة ذاتها في الاستيلاء علي اراضي الدولة باساليب غيرمباشرة وطرق خفية من خلال البلطجية وعن طريق وضع اليد علي الأرض ثم اقامة بعض المشروعات عليها في غياب الرقابة والمحاسبة وكان هذا ما حدث في الاقصر حيث تم بيع جزيرة نيلية تسمي جزيرة التمساح بمبلغ 9 ملايين جنيه وأنشأ عليها شركة التمساح للمشروعات السياحية وتضم الجزيرة عشرات الافدنة وسعرها الحقيقي كان المختصون قد قدروه من قبل باكثر من مائة ضعف ليقترب من مليار جنيه . كما يذكر ان الحكومة قد نزعت منتصف التسعينات ملكية احدي الاراضي في سيناء من مالكيها خالد فودة ووجيه سياج مالكي فندق سياج بالهرم واعطتها باسلوب البلطجة لرجل الاعمال حسين سالم الذي كان قد استولي علي مبالغ ضخمة من البنك الاهلي في ثمانينيات القرن الماضي واخرجته الحكومة من القضية ومن الاضواء حتي ينسي الناس والرأي العام ملابساتها بعد ان اثارها النائب البرلماني الراحل علوي حافظ . ليعود سالم مرة اخري بأقدام ثابتة في مجال السياحة في سيناء من خلال تخصيص الاراضي له بثمن بخس ليدير مؤخرا شركة شرق المتوسط حيث يقوم بتصدير الغاز الي اسرائيل . وكان مالك فندق سياج قد امضي عشرات السنين بالمحاكم المصرية وحصل علي احكام منها لتمكينه من ارضه ورفضت الحكومة تنفيذها جميعا ولجأت الي اسلوبها الكيدي فقطعت عنه المرافق حتي ينهار الفندق لكن سياج الحاصل علي الجنسية الايطالية عام 2005 لجأ الي المحاكم الدولية ليحصل علي حكم في يوليو 2009 بتغريم مصر بمبلغ 134 مليون دولار (حوالي 750 مليون جنيه مصري) واذعنت الحكومة صاغرة لتنفيذ الحكم الذي بات استرداد مبلغ تلك الغرامة امرا طبيعيا من دماء الشعب لديها.