الشائعات كالجراد! فميدان التحرير الذي أصبح "هايد بارك" شباب 25 يناير، يعيشون علي مدي هذه الأيام حروبا نفسية، كان قوامها "الشائعات" التي أطلقتها آلة الإعلام الحكومي وصحفه، وعبر أفراد تعمل لصالح "اجندات" مندسين داخل هذه التجمعات الغفيرة التي تطالب برحيل نظام مبارك. تحولت هذه الشائعات إلي ما يشبه هذا الجراد العميل للأنظمة أو للأجهزة أو لحسابات أخري فقط، فقد اختلط حابل النظام بنابل أصحاب المصالح والاطماع السياسية!! وسقط شباب "ثورة اللوتس" في طوفان "الحروب النفسية"! بداية يقول عبد العظيم سعد أحد المعتصمين في بميدان التحرير أنهم يبذلون جهوداً مضنية للقضاء علي أثر هذه الشائعات والحرب النفسية ضدهم وأول هذه الجهود النقاش المباشر مع القادمين إلي الميدان وإظهار الحقيقة لهم، خاصة أنهم لا يجدون الطعام ليأكلوه بسبب أنه يتم في أحيان كثيرة منع الطعام من الوصول إلي داخل الميدان ويوضح أنه يتم يوميا وعلي مدار الساعة عبر فريق من المتطوعين من الشباب العمل من أجل دحض الشائعات وإيضاح الصورة الحقيقية عبر وسائل الإعلام والقنوات التي تنقل الأحداث بموضوعية. إحدي الاتهامات والشائعات التي يواجهها المعتصمون في الميدان هو أنهم يعملون لحساب أجندات خارجية وأن هناك قوي خارجية تستغلهم لصالحها والمقصود هنا هو الإخوان المسلمون وأنهم نجحوا في اختطاف الشباب والقفز علي ثورتهم.. في حين يؤكد سمير محمود أحد أفراد لجنة النظام بالميدان أنهم يرفضون هذه الاتهامات، فكيف يمكن لشعب بأكلمه أن يعمل لحساب أجندات خارجية، وأن المرابطين بالميدان هم شباب من جميع القوي السياسية وكثير منهم غير مسيس أصلا، مؤكدا أن هذه الاكاذيب سرعان ما تنهار علي الأرض بالواقع في ميدان التحرير لأن المعتصمين في الميدان هم مصريون يعملون لصالح مصلحة مصر ومستقبلها فقط. أما خالد عيسي أحد المتظاهرين فيشير إلي أن الحرب النفسية ضد المتظاهرين تم خلالها استخدام جميع الوسائل لكنه يؤكد أن بداية عجلة التغيير والإطاحة برموز الحزب الوطني وإعلان النائب العام عن تجميد أرصدة بعض الوزراء والفاسدين ساهم في القضاء علي أثر هذه الشائعات وعلي وضوح الهدف الحقيقي لثورة الشباب موضحا أيضا أن عامل الوقت وطول بقاء المتظاهرين دون تلبية جميع مطالبهم قد يؤثر ولا شك في استمرارية فعالية حشود المتظاهرين تأثيرا سلبيا والأمر برأيه يحتاج إلي عمليات تصعيد حتي لا تفقد الثورة والمظاهرات وهجها، ويتم إجهاضها. مضيفا أن هناك جهاداً ضخماً داخل الدولة يلعب ليل نهار علي سيكيولوجية الناس حتي ينصرفوا عن دعم المظاهرات والخروج فيها.. موضحا أن هذا الجهاز فشل حتي الآن في تحقيق أهدافه. وتقول مها الفقي ناشطة ومتظاهرة أن ما يحدث من حرب نفسية ضد المتظاهرين الشرفاء هو إحدي أكبر حملات التشويه في التاريخ لحركة وطنية لا تستهدف النيل من مصر أو هدمها ولكن تهدف إلي المحافظة علي أبراج الفساد التي بلغت عنان السماء في هذا البلد، وتهدف إلي إعادة الكرامة والحرية إلي المواطن المصري الذي فقد كرامته في الداخل والخارج. (عبير السعدي عضو مجلس نقابة الصحفيين فتتهم التليفزيون المصري بارتكاب جرائم مهينة خطيرة بدأت من تضليل الرأي العام وتخويف المشاهدين إلي تحريض البلطجية واللجان الشعبية ضد أي شخص تبدو عليه ملامح أجنبية مما عرض المراسلين الأجانب للخطر الاعتداءات جسيمة وأكدت أن أي تصريحات علي لسان نقيب الصحفيين المصريين لا تمثل رأي أعضاء النقابة التي تضم أكثر من 7 آلاف عضو.. موضحة لا تمنع أحداً من تبني أي وجهة نظر..، والنقيب من حقه التعبير عن رأيه الشخصي حتي لا يوجد لبس بين الجمهور بشأن اتجاهات الصحفيين المصريين بشكل عام.. وأشارت سعدي إلي آخر الاعتداءات علي الصحفيين علي الصحفية وفاء حلمي بجريدة العربي الناصري حيث أوقفتها إحدي اللجان الشعبية يرافقها قوات أمنية وقامت بالاعتداء عليها وكسر الكاميرا الخاصة بها لأنها جريدة معارضة وتبرأ أكثر من 100 صحفي وإعلامي وفنان أمام الله والشعب بأكمله من المحتوي الإعلامي الرسمي الذي يتم تقديمه بالتليفزيون المصري فيما يخص تغطية أحداث الثورة الشعبية المندلعة منذ 25 يناير وفقا للبيان الذي انتشر في ميدان التحرير الأسبوع الماضي، ووصف البيان ما يقدمه الإعلام الرسمي المقروء والمسموع والمرئي عن أحداث الثورة بالكذب والافتراء وتزوير الحقائق وتشويه متعمد لها مطالبين العاملين بتلك القنوات بالحفاظ علي سمعتهم والتمسك بمعايير وأخلاقيات المهنة وعدم التورط في مثل تلك الممارسات. آراء خبراء الإعلام وقال د. صفوت العالم أستاذ الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة إن الإعلام الحكومي كان علي مدار تاريخه يتسم بعدم احترام اتجاهات الرأي العام مع تعظيم اتجاهات قيادات الحزب ودور رجال الأعمال علي حساب توضيح رؤية المفكرين والاقتصاديين وكل من له رؤية محايدة بالإضافة إلي التداخل بين المناصب الإعلامية في كل قطاعات الدولة والانتماء إلي الحزب الوطني وهو الأمر الذي أوجد حالة من الانحياز التام لرجال الحزب وقياداته، وأضاف أن عدم التفريق والسياسات بين وجود متحدث رسمي والتعامل الإعلامي هو الأمر الذي أوجد سياسة عجيبة للتعامل مع المضامين الإعلامية المحايدة أو المعارضة بمعني "قولوا ما تريدون بكل حرية ونحن سنفعل ما نريد" كما أوجد حالة من التناقض بين ما يثار يوميا علي الشاشات التليفزيونية والصحف المستقلة والمعارضة وبين الواقع المعاش للسياسات والقرارات وأوضح العالم أن الصحف الحكومية كانت تقوم بتوضيب أكليشيهات العمالة والتأويل السياسي لكل رؤية إعلامية تتسم بالحياد أو المعارضة بدون الاستنارة أو الاستفادة من كل رؤية تنتشر أو تبث تختلف مع سياسات الحكومة وهو الأمر الذي اتضح في الأيام الأولي للأزمة الحالية من خلال تجاهل رئيس الوزراء السابق وإدارته الإعلامية والتي اتسمت تصريحاته بالسطحية والعرجاء التي لا تتناسب مع خطورة الموقف. ويؤكد ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي أن انتفاضة الشعب المصري علي مدي الأسابيع الماضية لم تحقق مكاسب سياسية فقط لكنها أثمرت نتائج علي الصعيد الإعلامي المصري ستعيد صياغة المشهد الإعلامي المصري بحيث سيمكن الفصل بين إعلام ما بعد 25 يناير وإعلام ما قبل هذا التاريخ، وقد أكدت الأحداث للجمهور المصري أن منظومة الصحافة والإعلام التابعة للدولة والواقعة تحت سيطرة أجنحة ضيقة بالنظام الذي يتعرض للإطاحة الآن لم تكن سوي أدوات دعاية سياسية غير مهنية في الأغلب وأضاف الآن يلجأ الجمهور إلي الصحف الخاصة للأسف الشديد إلي بعض الفضائيات الناطقة بالعربية بالأخباروالتحليلات علي التفاعلات المتسارعة. وأوضح أن الجمهور يعي ، وأن الانتفاضة الشعبية لم تكشف الغطاء عن الفساد السياسي والاقتصادي فقط، لكنها أيضا عرت المنظومة الإعلامية الفاسدة وغير المهنية، والجمهور الآن يعرف من يتحدث باسمه ويعرف حقيقة الاتهامات الدعائية التي طالت عناصر ووسائل إعلامية خاصة سابقا وإنما كانت جزءاً من محاولة إطالة عمر الأوضاع الفاسدة والمتدنية الكفاءة السابقة. واعتبرت د. سهير عثمان عبد الحليم أستاذ الإعلام جامعة القاهرة أن الثورة الشعبية الحالية أثبتت عكس ما روجت إليه وسائل الإعلام المصرية الحكومية من شائعات ضد وسائل الإعلام الخاصة واتهامها بالعمالة في حال نشر قضايا الفساد ضد قيادات الحزب الوطني.. مؤكدة "لو عايز تريح أعصابك الآن اتفرج علي الإعلام الحكومي لأنك لن تجد سوي صورة شبه مجملة". ووصفت الإعلام الحكومي الآن في تغطيته للثورة الشعبية بأنه اشبه بإعلام المذيع أحمد سعيد أثناء نكسة 67 وإسقاط الطائرات الإسرائيلية في الإعلام فقط. قائلة "لا توجد وسيلة إعلام حكومية حتي الآن نشرت صورة الشعب يريد إسقاط النظام وإنما تحدثوا عن إصلاحات إحدي سياسية واقتصادية، مشيرة إلي أن الصحافة الخاصة هي الأكثر مصداقية وشفافية نظراً لاعتمادها علي الميدان والأحداث.. وأشارت إلي أنه من الطبيعي أن تتحدث وسائل الإعلام الحكومي بلسان حال والحزب الوطني والحكومة وتدافع عن فساد قيادات الحزب الوطني طوال الفترة السابقة لأنه توجه قديم ويشعرون بأنهم يحافظون علي "لقمة العيش" و"بيمشوا جنب الحيطة".