30 صورة من العرض التاريخي لملابس البحر ب "أمهات" السعودية    وزير التعليم يلتقي الرئيس التنفيذي للمجلس الثقافي البريطاني    زراعة الإسماعيلية تنظم ندوة عن دعم المُزارع (صور)    صراع الكبار على المنصب الرفيع، تفاصيل معركة ال 50 يوما فى إيران بعد مصرع الرئيس    اجتماع عاجل لاتحاد الكرة غدًا لمناقشة ملفات هامة    محمد صلاح ضمن المرشحين للتشكيل المثالي في الدوري الإنجليزي    تفاصيل معاينة النيابة لمسرح حادث غرق معدية أبو غالب    الشعلة الأولمبية على سلالم مهرجان كان السينمائي (صور)    عليه ديون فهل تقبل منه الأضحية؟.. أمين الفتوى يجيب    اعرف قبل الحج.. ما حكم نفقة حج الزوجة والحج عن الميت من التركة؟    دراسة علمية حديثة تكشف سبب البلوغ المبكر    الشاي في الرجيم- 4 أعشاب تجعله مشروبًا حارقًا للدهون    رئيس البرلمان العربي يشيد بتجربة الأردن في التعليم    الأمن العام يكشف غموض بيع 23 سيارة و6 مقطورات ب «أوراق مزورة»    البحوث الفلكية: الأحد 16 يونيو أول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    قرار جديد ضد سائق لاتهامه بالتحرش بطالب في أكتوبر    حزب الله يشدد على عدم التفاوض إلا بعد وقف العدوان على غزة    «رفعت» و«الحصري».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم غدا    مدير مكتبة الإسكندرية: لقاؤنا مع الرئيس السيسي اهتم بمجريات قضية فلسطين    محمد عبد الحافظ ناصف نائبا للهيئة العامة لقصور الثقافة    كيت بلانشيت ترتدي فستان بألوان علم فلسطين في مهرجان كان.. والجمهور يعلق    مصر تدين محاولة الانقلاب في الكونغو الديمقراطية    تكنولوجيا رجال الأعمال تبحث تنمية الصناعة لتحقيق مستهدف الناتج القومي 2030    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    خصومات تصل حتى 65% على المكيفات.. عروض خاصة نون السعودية    "هُدد بالإقالة مرتين وقد يصل إلى الحلم".. أرتيتا صانع انتفاضة أرسنال    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    «منقذ دونجا».. الزمالك يقترب من التعاقد مع ياسين البحيري    وزيرة الهجرة: نحرص على تعريف الراغبين في السفر بقوانين الدولة المغادر إليها    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    ريال مدريد ضد بوروسيا دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا.. الموعد والقنوات الناقلة    زراعة النواب تقرر استدعاء وزير الأوقاف لحسم إجراءات تقنين أوضاع الأهالي    وزارة العمل: افتتاح مقر منطقة عمل الساحل بعد تطويرها لتقديم خدماتها للمواطنين    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    الخميس المقبل.. فصل التيار الكهربائي عن عدة مناطق في الغردقة للصيانة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: مصر المكون الرئيسي الذي يحفظ أمن المنطقة العربية    انتظار مليء بالروحانية: قدوم عيد الأضحى 2024 وتساؤلات المواطنين حول الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبلبة ونيللي أشهرهما.. كيف فر أرمن مصر من مذابح تركيا؟
نشر في صوت البلد يوم 04 - 11 - 2019

عقب تعرضهم لأقسى إبادة جماعية في التاريخ على يد الأتراك، فر الأرمن إلى عدة دول منها مصر التي وصلوا إليها عبر البواخر والسفن اليونانية من خلال ميناءي الإسكندرية وبورسعيد، وهناك أقاموا في خيام لعدة سنوات قبل أن يندمجوا في نسيج المجتمع المصري ويصبحوا جزءا منه.
ويكشف الدكتور محمد رفعت الإمام، أستاذ التاريخ المعاصر والحديث بكلية الآداب جامعة دمنهور، في حديث مع " العربية.نت" تفاصيل هجرات الأرمن إلى مصر، مؤكدًا أن أرمينيا ومصر وقعتا خلال فترات طويلة من التاريخ تحت حكم واحد مما سهل حركة الانتقال بين البلدين.
نوبار باشا
ويقول إن هجرة الأرمن إلى مصر بدأت خلال عصر الأسرات القديمة، ثم تزايدت خلال الحكم البيزنطي، والفتح الإسلامي والحكم العباسي، وعاشوا فترات ازدهار خلال الحكم الفاطمي، وتولى عدد منهم مناصب وزارية في الحكومات المتعاقبة، مشيرًا إلى أنه خلال عهد محمد علي زاد عدد الأرمن في مصر نتيجة استعانة محمد علي بعدد كبير منهم في بناء الدولة المصرية.
ويضيف أن محمد علي يقترض أموالًا من تاجر أرمني يدعى يعيازار أميرا بدروسيان، لتجهيز حملات عسكرية قبل توليه حكم مصر وبدون ضمانات، وعقب توليه الحكم استدعى محمد علي التاجر الأرمني وولاه منصب كبير الصيارفة في مصر.
حرملك القصر
وفق ما يقول أستاذ التاريخ فقد زادت أعداد الأرمن في مصر خلال عهد محمد علي، خاصة بعد تولي عدد كبير منهم العمل في حرملك القصر، وزادت أكثر بعد تولي الأرمني بوغوص يوسفيان منصب ناظر التجارة حيث استدعى يوسفيان عددًا كبيرًا من الأسر الأرمنية، وهي أسر يوسيفان ونوباريان وأبرويان وتشراكيان وحكيكيان، وتوغل الأرمن في الحياه السياسية والاقتصادية حتى تولى واحد منهم منصب رئيس وزراء مصر وهو نوبار باشا.
عقب مذابح الأتراك للأرمن في بدايات القرن العشرين، بدأت الهجرات الأرمنية تتوالى على مصر لعدة أسباب، في مقدمتها وجود جالية أرمينية في مصر، وثانيها سهولة الوصول إلى مصر عبر السفن اليونانية مع صعوبة الوصول لدول أخرى، وساعدت فرنسا الأرمن في الهروب من المذابح. ويقول الدكتور رفعت إنه في صبيحة يوم 12 سبتمبر من العام 1915 بدأت عمليات نقل الأرمن من جبل موسى في بلادهم إلى بورسعيد في مصر، واستقروا في مخيم مجمع بورسعيد على الشاطئ الآسيوي لقناة السويس، حيث شملت عمليات النقل أسرًا أرمينية من 6 قرى بمنطقة سيفيديا هي يوغون أولوك، وخضر بك، وهاجي حبيبلي، وبيتياس، وفاكيف، وكيبوسة، وبلغ عددهم نحو 4200 أرميني.
هجرة أرمينية جديدة
قامت الدولة المصرية بتوفير الإعاشة لسكان المخيم وانهالت التبرعات لمساعدة الأرمن من مصريين وأرمن يقيمون في مصر منذ عقود، فضلًا عن مساعدات مطرانية الأرمن الأرثوذكس، ورويدًا رويدًا بدأ الأرمن يجدون طريقهم لمحافظات أخرى مثل الإسكندرية ودمياط والدقهلية والقاهرة، واتجه عدد قليل منهم إلى محافظات الصعيد، وعملوا في كل المجالات مثل التجارة والحياكة وخط سكك حديد بورسعيد برعاية الإنجليز. ويقول الدكتور رفعت إن عددًا كبيرًا من هؤلاء الأرمن سافروا من مصر مرة أخرى إلى بلادهم، وبلغ عددهم تقريبا نحو 6832، ومنهم من توجه لدول أخرى إلا أن موجات هجرة أرمينية جديدة وصلت لمصر في الفترة من العام 1923 وحتى العام 1927 بسبب ما عرف بالحروب الكمالية في الأناضول وقيلقية وتنازل فرنسا عن قيلقية للحكومة التركية.
ويكشف الدكتور رفعت تمركزات الأرمن في مصر وأعدادهم ويقول: إنه رغم تعسر العملية الإحصائية لهم وحصرهم فعليًّا إلا أن الرقم المتداول يتجه نحو 17 ألف أرميني حتى العام 1947، وتركزوا في القاهرة والإسكندرية والجيزة والشرقية والدقهلية ودمياط والغربية ومدن القناة والفيوم وبني سويف، واستأثرت القاهرة بالنصيب الأكبر بعدد بلغ 9171 أرمينيًّا، تلتها الإسكندرية بعدد بلغ 6764، كما تركزوا في مناطق معينة بالقاهرة هي عابدين والأزبكية وشبرا والوايلي والموسكي وباب الشعرية والجمالية والدرب الأحمر والسيدة زينب ومصر القديمة، أما في الإسكندرية فتركزوا في كرموز والمنشية واللبان والعطارين ومحرم بك والجمرك والرمل ومينا البصل، وانتشرت المدارس الخاصة بهم وكذلك الكنائس.
الفنانة فيروز
ويؤكد أستاذ التاريخ أن النشاطات الاقتصادية التي عمل فيها الأرمن بمصر تنوعت ما بين الطباعة والتجليد والصناعات المعدنية والميكانيكية والجلدية والغذائية والكيمائية، وانتشرت محلاتهم التجارية ومصانعهم مثل مصانع خوان هافان لصناعات المحابس والحنفيات ومصانع جبرييل للصناعات المعدنية بالإسكندرية، ومؤسسة نصيب توركوم لأعمال الزخرفة والمعارض ودور السينما بالقاهرة، وزوريان لصناعة الفضيات وهاجوب أجوبيان للهندسة الميكانيكية ومصانع ماجت للبطاريات الجافة وبول كيليدجيان لصناعة لافتات النيون والفلورسنت، فضلًا عن عشرات مصانع الأحذية والمنتجات الجلدية وصناعة السجائر منها مصانع ماتوسيان وايبيكيان و جامسراجان، كما عملوا بالتجارة والفن وصناعة السينما فيما تخصص عدد قليل منهم في الطب والمحاماة والصيدلة وعمل بعضهم في البنوك.
الدكتور أرمين مظلوميان رئيس الهيئة الوطنية الأرمينية في مصر، وهي هيئة مختصة بالشأن الأرميني والعلاقات المصرية الأرمينية، يؤكد في حديث مع "العربية.نت" أن عدد أفراد الجالية الأرمينية الحالي في مصر يبلغ نحو 7 آلاف أرميني.
وقال إن جده فر إلى مصر عقب مذابح الإبادة التركية في العام 1915، حيث فر لليونان أولًا، وعمل هناك مع الاقتصادي اليوناني الشهير أوناسيس، ثم وصل إلى مدينة بورسعيد في مصر وعمل في مجال التصوير والفوتوغرافيا، وأسس مع ابن عمه استوديو ناصيبيان للأفلام، والذي تم من خلاله تصوير أفلام الفنانين الكبار أنور وجدي وليلى مراد ونادية لطفي، وتزوج سيدة فرت إلى مصر أيضًا وأنجب أسرته التي استقرت وعملت في مصر.
وأضاف أن الأرمن الموجودين في مصر حاليًا هم من الجيل الثالث وحصلوا على الجنسية المصرية، ويرتبطون بأرمينيا ارتباطًا وثيقًا، ويعدون رحلات لها يشارك فيها طلاب المدارس، لتعريفهم بوطنهم الأم، مشيرًا إلى أن عدد الجالية الأرمينية في الخمسينيات كان كبيرًا وبلغ نحو 60 ألف أرمني، ولكن خرج الكثيرون منهم من مصر بسبب قرارات التأميم التي أصدرها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وكشف الدكتور أرميان وهو طبيب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي والكبد أن الأرمن المتواجدين في مصر حاليًا يجيدون اللغة العربية إضافة إلى الأرمينية ويتحدثون فيما بينهم باللغة الأرمينية لكنهم يتحدثون مع الآخرين باللغة العربية، مؤكدًا أن المدارس الخاصة بهم تعلم أطفالهم اللغتين معًا.
وقال إن الأرمن في مصر حاليًا يعملون في مجالات الصاغة والسياحة والطب والفن التشكيلي والتصوير والفوتوغرافيا، ومن مشاهيرهم الفنانات فيروز التي كانت بطلة سلسلة أفلام مع أنور وجدي، ونيللي ولبلبة والفنانة ليزا سركسيان الشهيرة بإيمان، والمصوران أنطو وفان ليو وارمان والمطربة أنوشكا، وأحيت الأخيرة مؤخرًا حفلًا فنيًّا في أرمينيا قبل أسبوعين ومنهم أساتذة بالجامعات.
وأشار مظلوميان إلى أن عددًا كبيرًا من الأرمن الذين كانوا يقيمون في مصر هاجروا إلى أوروبا وأستراليا وأميركا، مؤكدًا أن أول وزير خارجية في مصر كان أرمينيا هو بوغوص يوسيفيان.
ويؤكد الدكتور أرمين أن الأرمن المصريين لديهم كنائس خاصة بهم ومدارس تابعة لهم، والغالبية يتزوجون من بعضهم بعضًا، ولهم أندية خاصة بهم في مصر مثل النادي الأرميني في مصر الجديدة، مضيفًا أن أرمن مصر لديهم وطنان، وهما مصر الوطن الذي ولدوا وتربوا وعاشوا فيه وحصلوا على جنسيته، وأرمينيا التي يعتبرونها أرض الأجداد وموطن الجذور.
عقب تعرضهم لأقسى إبادة جماعية في التاريخ على يد الأتراك، فر الأرمن إلى عدة دول منها مصر التي وصلوا إليها عبر البواخر والسفن اليونانية من خلال ميناءي الإسكندرية وبورسعيد، وهناك أقاموا في خيام لعدة سنوات قبل أن يندمجوا في نسيج المجتمع المصري ويصبحوا جزءا منه.
ويكشف الدكتور محمد رفعت الإمام، أستاذ التاريخ المعاصر والحديث بكلية الآداب جامعة دمنهور، في حديث مع " العربية.نت" تفاصيل هجرات الأرمن إلى مصر، مؤكدًا أن أرمينيا ومصر وقعتا خلال فترات طويلة من التاريخ تحت حكم واحد مما سهل حركة الانتقال بين البلدين.
نوبار باشا
ويقول إن هجرة الأرمن إلى مصر بدأت خلال عصر الأسرات القديمة، ثم تزايدت خلال الحكم البيزنطي، والفتح الإسلامي والحكم العباسي، وعاشوا فترات ازدهار خلال الحكم الفاطمي، وتولى عدد منهم مناصب وزارية في الحكومات المتعاقبة، مشيرًا إلى أنه خلال عهد محمد علي زاد عدد الأرمن في مصر نتيجة استعانة محمد علي بعدد كبير منهم في بناء الدولة المصرية.
ويضيف أن محمد علي يقترض أموالًا من تاجر أرمني يدعى يعيازار أميرا بدروسيان، لتجهيز حملات عسكرية قبل توليه حكم مصر وبدون ضمانات، وعقب توليه الحكم استدعى محمد علي التاجر الأرمني وولاه منصب كبير الصيارفة في مصر.
حرملك القصر
وفق ما يقول أستاذ التاريخ فقد زادت أعداد الأرمن في مصر خلال عهد محمد علي، خاصة بعد تولي عدد كبير منهم العمل في حرملك القصر، وزادت أكثر بعد تولي الأرمني بوغوص يوسفيان منصب ناظر التجارة حيث استدعى يوسفيان عددًا كبيرًا من الأسر الأرمنية، وهي أسر يوسيفان ونوباريان وأبرويان وتشراكيان وحكيكيان، وتوغل الأرمن في الحياه السياسية والاقتصادية حتى تولى واحد منهم منصب رئيس وزراء مصر وهو نوبار باشا.
عقب مذابح الأتراك للأرمن في بدايات القرن العشرين، بدأت الهجرات الأرمنية تتوالى على مصر لعدة أسباب، في مقدمتها وجود جالية أرمينية في مصر، وثانيها سهولة الوصول إلى مصر عبر السفن اليونانية مع صعوبة الوصول لدول أخرى، وساعدت فرنسا الأرمن في الهروب من المذابح. ويقول الدكتور رفعت إنه في صبيحة يوم 12 سبتمبر من العام 1915 بدأت عمليات نقل الأرمن من جبل موسى في بلادهم إلى بورسعيد في مصر، واستقروا في مخيم مجمع بورسعيد على الشاطئ الآسيوي لقناة السويس، حيث شملت عمليات النقل أسرًا أرمينية من 6 قرى بمنطقة سيفيديا هي يوغون أولوك، وخضر بك، وهاجي حبيبلي، وبيتياس، وفاكيف، وكيبوسة، وبلغ عددهم نحو 4200 أرميني.
هجرة أرمينية جديدة
قامت الدولة المصرية بتوفير الإعاشة لسكان المخيم وانهالت التبرعات لمساعدة الأرمن من مصريين وأرمن يقيمون في مصر منذ عقود، فضلًا عن مساعدات مطرانية الأرمن الأرثوذكس، ورويدًا رويدًا بدأ الأرمن يجدون طريقهم لمحافظات أخرى مثل الإسكندرية ودمياط والدقهلية والقاهرة، واتجه عدد قليل منهم إلى محافظات الصعيد، وعملوا في كل المجالات مثل التجارة والحياكة وخط سكك حديد بورسعيد برعاية الإنجليز. ويقول الدكتور رفعت إن عددًا كبيرًا من هؤلاء الأرمن سافروا من مصر مرة أخرى إلى بلادهم، وبلغ عددهم تقريبا نحو 6832، ومنهم من توجه لدول أخرى إلا أن موجات هجرة أرمينية جديدة وصلت لمصر في الفترة من العام 1923 وحتى العام 1927 بسبب ما عرف بالحروب الكمالية في الأناضول وقيلقية وتنازل فرنسا عن قيلقية للحكومة التركية.
ويكشف الدكتور رفعت تمركزات الأرمن في مصر وأعدادهم ويقول: إنه رغم تعسر العملية الإحصائية لهم وحصرهم فعليًّا إلا أن الرقم المتداول يتجه نحو 17 ألف أرميني حتى العام 1947، وتركزوا في القاهرة والإسكندرية والجيزة والشرقية والدقهلية ودمياط والغربية ومدن القناة والفيوم وبني سويف، واستأثرت القاهرة بالنصيب الأكبر بعدد بلغ 9171 أرمينيًّا، تلتها الإسكندرية بعدد بلغ 6764، كما تركزوا في مناطق معينة بالقاهرة هي عابدين والأزبكية وشبرا والوايلي والموسكي وباب الشعرية والجمالية والدرب الأحمر والسيدة زينب ومصر القديمة، أما في الإسكندرية فتركزوا في كرموز والمنشية واللبان والعطارين ومحرم بك والجمرك والرمل ومينا البصل، وانتشرت المدارس الخاصة بهم وكذلك الكنائس.
الفنانة فيروز
ويؤكد أستاذ التاريخ أن النشاطات الاقتصادية التي عمل فيها الأرمن بمصر تنوعت ما بين الطباعة والتجليد والصناعات المعدنية والميكانيكية والجلدية والغذائية والكيمائية، وانتشرت محلاتهم التجارية ومصانعهم مثل مصانع خوان هافان لصناعات المحابس والحنفيات ومصانع جبرييل للصناعات المعدنية بالإسكندرية، ومؤسسة نصيب توركوم لأعمال الزخرفة والمعارض ودور السينما بالقاهرة، وزوريان لصناعة الفضيات وهاجوب أجوبيان للهندسة الميكانيكية ومصانع ماجت للبطاريات الجافة وبول كيليدجيان لصناعة لافتات النيون والفلورسنت، فضلًا عن عشرات مصانع الأحذية والمنتجات الجلدية وصناعة السجائر منها مصانع ماتوسيان وايبيكيان و جامسراجان، كما عملوا بالتجارة والفن وصناعة السينما فيما تخصص عدد قليل منهم في الطب والمحاماة والصيدلة وعمل بعضهم في البنوك.
الدكتور أرمين مظلوميان رئيس الهيئة الوطنية الأرمينية في مصر، وهي هيئة مختصة بالشأن الأرميني والعلاقات المصرية الأرمينية، يؤكد في حديث مع "العربية.نت" أن عدد أفراد الجالية الأرمينية الحالي في مصر يبلغ نحو 7 آلاف أرميني.
وقال إن جده فر إلى مصر عقب مذابح الإبادة التركية في العام 1915، حيث فر لليونان أولًا، وعمل هناك مع الاقتصادي اليوناني الشهير أوناسيس، ثم وصل إلى مدينة بورسعيد في مصر وعمل في مجال التصوير والفوتوغرافيا، وأسس مع ابن عمه استوديو ناصيبيان للأفلام، والذي تم من خلاله تصوير أفلام الفنانين الكبار أنور وجدي وليلى مراد ونادية لطفي، وتزوج سيدة فرت إلى مصر أيضًا وأنجب أسرته التي استقرت وعملت في مصر.
وأضاف أن الأرمن الموجودين في مصر حاليًا هم من الجيل الثالث وحصلوا على الجنسية المصرية، ويرتبطون بأرمينيا ارتباطًا وثيقًا، ويعدون رحلات لها يشارك فيها طلاب المدارس، لتعريفهم بوطنهم الأم، مشيرًا إلى أن عدد الجالية الأرمينية في الخمسينيات كان كبيرًا وبلغ نحو 60 ألف أرمني، ولكن خرج الكثيرون منهم من مصر بسبب قرارات التأميم التي أصدرها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وكشف الدكتور أرميان وهو طبيب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي والكبد أن الأرمن المتواجدين في مصر حاليًا يجيدون اللغة العربية إضافة إلى الأرمينية ويتحدثون فيما بينهم باللغة الأرمينية لكنهم يتحدثون مع الآخرين باللغة العربية، مؤكدًا أن المدارس الخاصة بهم تعلم أطفالهم اللغتين معًا.
وقال إن الأرمن في مصر حاليًا يعملون في مجالات الصاغة والسياحة والطب والفن التشكيلي والتصوير والفوتوغرافيا، ومن مشاهيرهم الفنانات فيروز التي كانت بطلة سلسلة أفلام مع أنور وجدي، ونيللي ولبلبة والفنانة ليزا سركسيان الشهيرة بإيمان، والمصوران أنطو وفان ليو وارمان والمطربة أنوشكا، وأحيت الأخيرة مؤخرًا حفلًا فنيًّا في أرمينيا قبل أسبوعين ومنهم أساتذة بالجامعات.
وأشار مظلوميان إلى أن عددًا كبيرًا من الأرمن الذين كانوا يقيمون في مصر هاجروا إلى أوروبا وأستراليا وأميركا، مؤكدًا أن أول وزير خارجية في مصر كان أرمينيا هو بوغوص يوسيفيان.
ويؤكد الدكتور أرمين أن الأرمن المصريين لديهم كنائس خاصة بهم ومدارس تابعة لهم، والغالبية يتزوجون من بعضهم بعضًا، ولهم أندية خاصة بهم في مصر مثل النادي الأرميني في مصر الجديدة، مضيفًا أن أرمن مصر لديهم وطنان، وهما مصر الوطن الذي ولدوا وتربوا وعاشوا فيه وحصلوا على جنسيته، وأرمينيا التي يعتبرونها أرض الأجداد وموطن الجذور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.