جالسا أمامى كصغير ركض تحت المطر حتى غرقت ثيابه كلها. يدك ترتعش، أنفاسك ترتعش، روحك ترتعش وكلماتك كلها تتخبط فى بعضها. تسعى فى ترتيبها كأنك تبنى بيتا على الرمال. وأنا جالسة أمامك تحولت إلى علامة استفهام، فكأنى أمٌّ أمام طفلها يعترف بذنبه الصغير.
تعدو (...)
شيئا ما يصرخ فى عقلى، شيئا ما يحفر وجدانى، شغفا لا يهدأ، شغف طفولى بكل تفاصيل الحياة، كطفل يقف على أطراف أصابعه ليطل من شباك الدنيا الواسعة، يود لو يضمها كلها فى قبضته الصغيرة، يعتقد أن عمره وحده لن يكفيه ويود لو يحيا مائة حياة، لو يحيا ألف عام، (...)
أنا أحرص على شراء البن بكميات قليلة، كمية تكفى حاجة أسبوع، لكى أحصل على بن طازج أولا بأول، ولكى يتسنى لى الذهاب إلى محل السعادة حيث يبيعون البن، فى ذلك الشارع العتيق، أقطع مشواراً طويلاً كى حصل على مسحوق السعادة.
للقهوة سحر خاص تختلف عن أى مشروب (...)
الآن يا صديقتى أكتب إليك وأنا لم أرك منذ أيام كثيرة.. كان لقاؤنا الأخير مختلفًا.. أحسست فيه أننى مجرد ضيفة لا مكان لى يقيم.. كان لقاءً خاطفًا، حتى أننى لم أجد فى الوقت متسعًا كى نجلس أنا وأنت وحدنا معًا.
وها أنا ألملم ذكرياتى من حولك وأرحل.. صديقتى (...)
شىء ما يصرخ فى عقلى، شيء ما يحفر وجدانى.. شغفا لا يهدأ.. شغف طفولى بكل تفاصيل الحياة.. كطفل يقف على أطراف أصابعه ليطل من شباك الدنيا الواسعة.. يود لو يضمها كلها فى قبضته الصغيرة، يعتقد أن عمره وحده لن يكفيه ويود لو يحيا مائة حياة.. لو يحيا ألف عام.. (...)
"تلك الأحداق القائمة فى الوجوه كتعاويذ من حلك ولجين.
تلك المياه الجائلة بين الأشفار والأهداب كبحيرات تنطقن بالشاطئ وأشجار الحور
العيون! ألا تدهشك العيون؟"
تلك أجمل كلمات مى زيادة التى بدأت بها حديثها عن العيون فى كتاب ظلمات وأشعة.. هاتان النافذتان (...)
ها هو البحر ثانية..
تصافحنى رائحتك من بعيد فهى كرائحة الذكريات التى لا تنسى.. كالذكريات التى تمسك بأطراف القلب.. التى نظن أحيانًا أنها قد رحلت لكنها عالقة ببقايا العقل.. متوارية خلف النسيان، كوردة بين صفحات كتاب تتحدى الزمن.. رائحتك التى تحمل لى (...)
شجرة عالية أوراقها كثيفة حين تداعبها النسائم تتخبط فى بعضها لتصنع صوتا يقتل ما تبقى من شجاعتى.. كنت طفلة جبانة تتظاهر بالشجاعة الدائمة.. طبعًا لم أكن أفصح لأحدهم عن خوفى.. مارينا بنت شجاعة لا تخشى شيئا.. كنت أتظاهر بالشجاعة حين أخطو تحت تلك الشجرة (...)
ها هو البحر لأخيرًا..
كيف حالك يا صديق؟! كيف حال أمواجك وأصدافك وغضبك؟!
مضى زمن ليس بالقصير منذ اللقاء الأخير.. لكنك لا تعرف أى ريح عاصفة أقتلعتنى من جذورى وقتلت تمردى!.. ولا تدرى أى سعادة قذفتنى لتصطدم رأسى بالسماء السابعة !..
لقاؤنا كلقاء الأصدقاء (...)
كانت الخامسة صباحا، الشاطئ فارغ تقريبا إلا من الذين يبحثون عن السعادة. عجبا لهؤلاء البشر يتجاهلون احتفالات الطبيعة اليومية ولا يعرفون سوى الشكوى من ملل الحياة ورتابة الأيام. ذهبت للبحر اسأله عن بعض أسراره. الهواء بارد وعلى الرمل اسم مكتوب محى الموج (...)
كفراشة مراوغة هى الأحلام.. تبدو جميلة جدا.. رائعة الألوان.. حرة.. خفيفة.. لكنها على قدر حريتها، هى هشة جدا..
عنيدة هى الأحلام ومكابرة.. تولد صغيرة غير براقة تكون كيرقة دقيقة تحلم أن تصنع جمالاً..
بالصبر الشغوف تصنع شرنقتها، تنسجها فى هدوء وكأنها (...)
زارتنى الأحلام ذات صباح مشرق، كنت قد استيقظت على مظاهرة احتجاج أقامتها العصافير الرمادية على نافذتى لأنى قد نسيت أن أضع لهم القمح.
كالمعتاد. . كان قد نفد وكإحدى عاداتى السيئة نسيت أن أشترى..
قلت لها يا أحلامى دائمة السفر, ماذا إن لم تحط فراشة الحظ (...)
جبران خليل جبران، الأديب لبنانى الأصل، القادم من بلاد يزرعون فيها الأحلام، كل عمل أدبى له يعد دستورًا للحياة والحب.. كان لقائى الأول بجبران بين صفحات كتاب "الأجنحة المتكسرة".. إنها ليست صورة جمالية بل إننى أقول الحقيقة بدقة.. إننى قد قابلت جبران بين (...)
كل شىء فى أوله رائع ويغرى بالسعادة. بداية يوم حين تتزين السماء بلون الشمس. تلك الشمس التى تقضى ساعات النهار تشعل رؤوسنا بالملل، تبدو عند بزوغ الفجر كأنثى خجول، تبدو كقرص حلوى صغير.. وبدايات الشتاء حين يرسل أول إشارة وتحية.. حين تمطر السماء لأول مرة (...)
حين تقف تلك الطفلة تداعب الآيس كريم بلسانها، تظل مأخوذة بالرائحة القادمة من المحل المجاور، تتحول كلها إلى أنف تلتقط الفراشات البنية الهاربة من محل البن.. منذ أخبرتها أمها أن القهوة هى من حق الكبار فقط وهى تحلم أن تكبر.
أبى وأمى لا يفضلون القهوة، فقط (...)
إذا استيقظت ذات صباح شتائى مُفعم بالأمل، كل ما عليك فعله هو أن تحضر كوب من مشروبك المفضل و تدير مؤشر الراديو فيدور معه الزمن وتفتح أذنك وشبابيك روحك للنغمات، تحديداً فى تمام التاسعة صباحاً يتهادى إلى مسامعك صوت فيروز. ذلك الصوت الذى يأتى من حيث تنمو (...)
تبدو كل الأشياء باهتة لكن لا شىء يوجع فيها للمنتهى ولا أغنيات يدوم صداها..أفكارى التى تشبه البومة البنية الأنيقة، تؤثر دائما الوقوف عند منتصف المسافة. تخبرنى أن أبقى عند منتصف الأشياء، لكنها سرعان ما تعود لتلوم خوفى على احتراق أحلامى التى لا تمتلك (...)
إذا أردت أن تحفظ ذكرياتك رغمًا عن الزمن، فعليك حفظها بين النغمات.. أكثر الأشياء قدرة على حفظ الذكريات هى الموسيقى.. تحمل الموسيقى أشياء تنوء بها الكلمات.. حين تتسرب إليك ألحان أغنية تحمل الكثير من الألوان، لتجد كل الذكريات تقفز إلى ذهنك.. تذكر (...)
تلك حكاية قصيرة آتية من عالم آخر، فيه يقيم الشتاء طوال العام ولا يشتاق الناس للصيف، فيه الناس لا يحبون النوم، فيسهروا ليودعوا القمر ويتأكدوا من عدد النجمات ثم يستيقظون مبكرا ليشاركوا فى طقوس استقبال الشمس اليومية.
"عبر الحلو وحيا".. أغنية وجدتها (...)
حين تهب عليك رياح عاتية يجب أن تنحنى، يمكنك بعدها أن تنتصب لتسخر منها ما استطعت.
هذا ما فعلته تمامًا حين وجدتهم يقتلون شجرة التوت أمى الأولى، لا أعلم لما يعتقد البشر أننا لا نشعر وأن كل الأرض لهم!! أنا وأمى كنا نقيم هنا منذ أربعين عامًا.. حين قرورا (...)
كان طقس يوم خريفى. أيقظتنى أشعة الشمس يبدو أننى قد نسيت أن أغلق النافذة بالأمس. ذلك الصيف اللعين يرفض أن يرحل تظل شمسه ممسكة بأطراف الخريف.. تحسست سريرى فوجدته خشن بعض الشىء. فتحت عينى لأجدنى أنام على قش، أنه عُش!! قمت مذعورة اتلفت حولى ما هذا الذى (...)
إن كان فى الصيف شىء يستحق التأمل فهو الغروب، تلك اللحظات التى تنظر فيها الشمس إلى ساعة يدها، فتقرر جمع ذيولها استعدادًا للرحيل، وتستيقظ النسيمات العذاب التى اختبأت طوال النهار من غضب الشمس، فتتسلل باردة رقيقة تذغذغ حواسى.
العصافير تعى الأمر جيدًا (...)
فى محاولة جديدة للبحث عن مواهبى المجهولة المشكوك فى وجودها أصلًا، قررت أن أتعلم "الكروشيه" بمساعدة "يوتيوب"، تابعت العديد من الفيديوهات وأخذت أقلد كل الحركات بالتفصيل.. امسكت الخيط السميك ولففته على إصبعى وفى اليد الأخرى أمسكت الإبرة معقوفة (...)
عندما تشعر بألم فى أسنانك فإنك تقرر كأى إنسان عاقل طبيعى زيارة طبيب الأسنان.. أما أنا فألجأ إلى كل الوسائل إلا زيارة الطبيب.. خشية أن أتمدد على ذلك المقعد البغيض، وأفتح فمى وأتركه للطبيب يعبث فيه بأدواته.. بالنسبة لى أنا أفضل وجع أسنانى على زيارة (...)