هل يمكننا القول بمناسبة رحيل الطيب تيزيني السبت الماضي (18 مايو/أيار 2019) بنهاية المشاريع الكبرى التي حملها مع ثلة من معاصريه الباحثين العرب الذين اضطلعوا بإعادة قراءة الفكر العربي الإسلامي، قراءة جديدة، أمثال المغربي محمد عابد الجابري، ومحمد أركون (...)
ما الذي يجمع المشتغلين بالأدب اليوم؟ سؤال لا نطرحه عادة، وحين لا يجمع بين المهتمين في أي حقل من الحقول المعرفية نسق معرفي محدد، يفكرون جميعهم في نطاقه، وكل حسب اختصاصه، فليس لذلك من معنى سوى هيمنة التسيب.
يعود الفضل في ميلاد هذا المفهوم إلى توماس (...)
ثقافة الاعتراف باتت عنوان مجموعة من الأنشطة الثقافية المكرسة، اليوم، لتكريم بعض الفعاليات الثقافية التي لعبت دورا كبيرا في الحياة الثقافية الوطنية والعربية. إنها تسعى إلى تجاوز «ثقافة المحو»، أو «النسيان» أو «الإلغاء» التي مورست خلال العقود الفارطة (...)
كنا ونحن تلاميذ في الإعدادي، حين نقرأ كتابا، أو نطل على صورة مثيرة، نأبى إلا أن نتداولها مع زملائنا في الفصل أو الحي. وتظل الكتب والصور تنتقل من يد إلى أخرى، ولو على نطاق محدود، وكانت الفائدة لا تتعدى تلك الدائرة التي نتقاسم معها حب القراءة.
أتذكر (...)
لطالما ارتفعت الدعوات إلى تجديد الخطاب الديني، تحت تأثير الظروف التي عرفها الوطن العربي منذ أواخر القرن الماضي، وبداية هذا القرن. لكن لا تتحدث دعوات أخرى، بالحدة نفسها، عن «تجديد» الجامعات العربية، وما تتضمنه من كليات وأقسام. يستشعر الجميع أننا (...)
مفهوم الوسيط الثقافي جديد في الدراسات المتصلة بالثقافة حاليا في البلدان المتطورة. حاولت أن أبين، من خلال حديثي عن «الوساطة الثقافية» في مقال سابق أن المثقف العصري شأنه في ذلك شأن المثقف التقليدي في التاريخ العربي كان يلعب دور الوسيط بالمعنى الذي (...)
ساد في الثقافة الشفاهية القول المأثور: «تحدّثْ تُعرف»، بالنسبة إلى المتكلم. وبخصوص المستمع يقال: «إذا كان المتكلم أحمق فعلى السامع أن يكون عاقلا». وتتعدد الأقوال البلاغية في الثقافة الكتابية حول الكاتب والقارئ معا. ومع تطور النظريات في الحقبة (...)
وأنا أواصل قراءة الكتاب الرائع الصادر نهاية سبتمبر/أيلول 2017 لمؤلفه لوتشيانو فلوريدي، وترجمة لؤي عبد المجيد السيد عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية، والذي يحمل عنوان «الثورة الرابعة: كيف يعيد الغلاف المعلوماتي تشكيل الواقع الإنساني؟»، وجدتني، بين (...)
تغتني اللغات الحديثة يوميا بالعديد من المفردات والمصطلحات، التي تطور رصيدها المعجمي باطراد. ولهذا السبب نجد معاجم بعض اللغات المتطورة يتم تحديثها سنويا بإدراج جديد للمفردات والمصطلحات.
لا شك في أن تطور المفردات وليد دينامية في الحياة الاجتماعية (...)
بدأت الرواية العربية الجديدة تعتمد بصورة كبيرة المادة التاريخية أساسا لحبكاتها الحكائية. وقد أثار هذا قراءات نقدية لهذا «النوع» من الروايات التي يرفض أصحابها انتماءها إلى «الرواية التاريخية». غير أن مشكلة هذه القراءات تأبى النظر إليها في الصيرورة، (...)
تلقينا تعليما يركز على التلقين والحفظ. واتخذنا المواقف الفكرية والإيديولوجية بناء على الأهواء والعواطف، فغاب عنا الحس النقدي في تلقي الأدب، خاصة، وأي خطاب عامة.
واضمحل عندنا الفكر النقدي في مجال الثقافة والإيديولوجيا. وكان من نتائج ذلك أننا نكرر ما (...)
الثقافة فاكهة شجرة المجتمع. ومتى كانت التربة غير ملائمة، ولا راع يحرص على العناية بها، تظل الشجرة واقفة بلا ثمار، وتبدو أوراقها ذابلة بلا حياة، تنغل فيها الحشرات، ويجترئ عليها النمل والهوام.
لا يمكننا الحديث عن الثقافة بدون تناول البيئة التي تحيط (...)
لم تكن مقالتي عن نبيلة إبراهيم قد نشرت حين جاءني نبأ موت عزيزين ساهم كل منهما في مجاله في المشهد الثقافي المصري والمغربي.
وكان كل واحد منهما علامة متميزة في عطائه وتفرده. أما المصري فهو عبد المنعم تليمة، وكان المغربي حسن الجندي. وقبلهما تناقلت وسائل (...)
تضيق المسافة أحيانا بين الواقع والخيال إلى درجة يصعب معها التمييز بين ما هو خيالي، وما هو واقعي. وقد تتسع بينهما حتى يصبح كل منهما مفارقا للآخر ومقابلا له.
كما أن الواقع أحيانا قد يصبح أكثر خيالية من الخيال نفسه. وفي كل الحالات التي تتخذ فيها علاقة (...)
تلقيت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني دعوتين من المغرب للمشاركة في هيئة تحرير أو الهيئة الاستشارية لمجلتين تعنيان بالثقافة الرقمية. وقبلهما بقليل تلقيت دعوة من قسم اللغة العربية في جامعة الملك خالد للمساهمة في مؤتمر حول الثقافة الرقمية. وقبيل شهر، طلبت (...)
لقد بدأ الإنسان، منذ أواخر القرن الماضي، يستشعر فداحة ما أقدم عليه تجاه العالم الطبيعي الذي يعيش فيه. لقد دمر الغابات وطارد الوحوش، وعاث في الأرض فسادا. ومنذ أن بدأ يزعم قتل الإله، لم يكن له من قصد وراء ذلك غير ادعاء ألوهيته على الأرض، وملكيته لها، (...)
ما تزال العلاقات بين كليات الآداب وكليات العلوم في وطننا العربي منفصلة، وبينهما هوة سحيقة. فالتفاوت الأكاديمي يقضي بقطع الجسور بين الجامعات، حتى إن كانت في مدينة واحدة. وفي وضع كهذا يصعب الحديث عن وضع أكاديمي متين على الصعيد الوطني. صحيح قد نجد (...)
يتزايد عدد الجوائز الخاصة بالرواية عربيا وقطريا. ولا يمكن سوى تثمين هذه الجوائز التشجيعية للإبداع الروائي العربي. لكننا لم نتساءل قط لمن تعطى هذه الجائزة؟ هل للروائي أم للرواية؟ وإذا كان الواقع يشير إلى أنها أحيانا تكون لروائي غير معروف، وأحيانا (...)
العلاقات الثقافية بين مشرق الوطن العربي ومغربه متعالية على الزمان والمكان. ولا يمكن أن ينكرها إلا جاحد أو حاقد. لقد تشكلت هذه العلاقات عبر قرون من الزمان.
ورغم عمل الاستعمار على تقسيم هذا الوطن، وسعيه إلى فرض لغته وثقافته ظلت تلك العلاقات قائمة (...)
في خضم الإكراهات التي يفرضها الواقع السياسي العربي الحالي، ينكب الدارسون على تناول القضايا الشائكة التي تلقي بكلكلها على الراهن واليومي، غير مهتمين بطرح الأسئلة حول المستقبل الثقافي الذي نريد.
قد يرى البعض أن سؤال المستقبل لا يمكن طرحه الآن لأننا (...)
عادة ما أجدني محاصرا بالسؤال الذي يطلب مني تحديد الصفة التي يمكن أن يذيل بها اسمي في جلسة تلفزيونية، أو في حوار إذاعي، حين يسألني صحافي عن المهنة التي أحب أن يقدمني بها: أستاذ جامعي، باحث، ناقد؟ وفي بعض الندوات الأدبية، يتصرف رئيس الجلسة حسب معرفته (...)
مفهوم المدرسة الثقافية لم يتبلور كثيرا في ثقافتنا الحديثة. ظلت التجارب الفردية هي التي تحكم المشهد الثقافي، وقلما نجد امتدادا لتجربة ما في أعمال تتطور في صيرورة. إذا جازت لي الإشارة إلى مدرسة ما في الإعلام المغربي، على سبيل التمثيل، سأذكر جريدة (...)
اللغة ليست فقط أداة للتواصل بين الناس. إنها كل ما يحس به المرء ويفكر فيه ويعبر عنه. وأي خلل يعتريها يمكن أن يؤثر على التواصل، أو يجعله قائما على الالتباس والإبهام. لكن اللغة ليست فقط دلالات ومعانيَ. إنها أيضا أسلوب وجمال، وكلما ضعف أسلوب استعمالها (...)
يَطرح السؤال الثقافي على الإنسان العربي المعاصر عدة قضايا وإشكالات لا نراه يتصدى لها بالجدية المطلوبة، والصرامة اللازمة بقصد بلورة التصورات الملائمة لتأسيس واقع ثقافي متحول ومتجدد. فالمثقف العربي إزاء أعوص القضايا الثقافية هو إما منخرط في معالجتها (...)
يتضح لكل متتبع للشأن القطري والعربي، وما يتخبطان فيه من مشاكل عويصة تجعل العالم العربي يعرف تقلبات لا حصر لها، أننا نمارس الثقافة بلا سياسة، ونشتغل بالسياسة بلا ثقافة. وحين تغيب الثقافة عن السياسة تهيمن الأهواء. وتشيع الفوضى حين لا تدبر الثقافة (...)