في طريقه إلي الجامع القريب؛ يعرف الأستاذ هذه البيوت المتساندة علي بعضها.
البيوت أيضا تعرف الأستاذ، وفي شقوق جدرانها الرطبة تختبئ تلك العيون. عيون لبشر ماتوا، وبعد كل ذلك الزمن يبعثون عيونهم لترصده بإصرار. يقف لحظات مواجها لجدارٍ ما، ثم يبتسم قليلا (...)
في طريقه إلي الجامع القريب؛ يعرف الأستاذ هذه البيوت المتساندة علي بعضها.
البيوت أيضا تعرف الأستاذ، وفي شقوق جدرانها الرطبة تختبئ تلك العيون. عيون لبشر ماتوا، وبعد كل ذلك الزمن يبعثون عيونهم لترصده بإصرار. يقف لحظات مواجها لجدارٍ ما، ثم يبتسم قليلا (...)
مجرد رؤية صينية لامعة عليها كوبان من القهوة; شيء محفز جدا لخلايا كثيرة في المخ والبطن. لكن أن يدخل العامل محاذرا, ثم يضع صينيته ويستدير بلا همسة; فذلك غير محفز إطلاقا.
كما أن المدير نفسه انسحب بخفة وأغلق باب مكتبه علي الأربعة: رئيس القطاع يتصدر (...)
في رأس رَجُلِنا الماشي فِكر وانشغال، وفي عوده انحناء خفيف. أمامه مباشرة يخطو واحد آخر، لا يختلف كثيرا في الأناقة البسيطة والمشي بإيقاع منتظم يمكن قياس خطواته بدقة. الاثنان في قلب شارع تُطوِّقه دائما لافتات قماشية للمرشحين في أي (...)
فى السابعة عشرة، تمكّنَ هذا الولد من إخفاء حفنة نجوم تحت قدميه دون أن يراه أحد. رفرفت معه طيور الدنيا، طارت الفراشات كرنفالية الألوان فى غناء «ليلى نظمي»: «جَاى منين؟.. م الثانوية. رايح فين؟ ع الكُلّية».
نعم، كل ذلك رائع.. لكنه مأخوذ بنداء حاسم: على (...)
رمي أحمد النكتة وسكت. كنا نعرفها بالطبع: مُدرِّسة دراسات تاه زوجها، فذهبت لتبحث عنه في الخريطة! لحظتها لم نضحك؛ لأننا كنا في الحصة الأخيرة التي هي حصة "دراسات"، ولأن الأبلة سناء ليس لها أثر في المدرسة طول النهار. سيتركوننا مع (...)
مدين أنا بأسفٍ عميق للأستاذ "مجدي نجم". لا أثق في أن كلمة "أسف" هي المعني الصحيح الذي أريد التعبير عنه. هكذا تغيم اللغة وقت أن نستنجد بها. ربما الأصح "اعتذار" أو "طلب مسامحة". مهما تكن الكلمات والمعاني لم يفت الأوان بعد لكل ذلك، فأنا تعودتُ لقاءه (...)
هو، «أشرف» خميرة الغَم، مَن أفسدَ اللحظة. الدنيا كانت حلوة. قُبلات تفرقع على الخدود، وأياد مشدودة بسلامات عفيّة. موسيقى عالية لأغنية قديمة حماسية، تستثير حتى تراب الأرض الذى انتفض وداخ فى دوّامات متلاحقة.
صحيح أنها دوامات قصيرة العمر، لكنها صنعت (...)
استهلّ فهمي يومه الأول بعَمل فنجانين من القهوة علي شرف الشبيه. أخرجَ مِطفأتين للسجائر، واستراح علي حَشيّة الكرسي في حجرة الأنتريه. فكر في "سيد" البوسطجي. كل مرة يأتي باسم جديد حين يراه: أهلا يا أستاذ فوزي، فكري.. في المرة الأخيرة جاء باسم فتحي، ولما (...)
"إيديا في جيوبي وقلبي طِرِب"...
هذا تماما ما كنت أُغنيه، مُتمثِلا نفس الهيئة الواردة في إحدي الصور المصاحبة لصوت "محمد منير". يداي في جيبي الجاكيت الأسود الحميم، ورقبتي تتحسس الكوفية البيضاء النائمة بينها وبين الياقة الوبرية. آه! صوت "منير" وصورة (...)
إهداء مبدئي:
إلي الأحِبّاء الصغار الذين شاركوا في الحكي بأعين مفتوحة. سبع وردات لكم ولدوركم في حكاية المسعورة. وإلي آبائكم المحترمين، وأهالي بلدتنا المتحمسين.
روحي فيكم أيها الأفذاذ الصغار. ما كنت لأذيع شيئا مما حكيتموه لي، أو مما حدث في بلدتنا (...)
الجد نائم علي السرير العالي قطة دخلت وبقيت جاثية ترقب بعينين تغمضان علي مهل وحنان الأعمام قاعدون والولد هناك مقرفص في ركن الحجرة. يدير الجد رأسه لأول مرة تقريباً يراه الولد بلا طاقية الجد رأسه صغير من غير الطاقية ووجه أرض بها شقوق لقد أفاق من غفوته (...)
لك ولع قديم بسبر القلوب. تظل تبحث وتدقق وتنبش التراب والسطور لتصل إلي شيء جديد يخص هؤلاء الذين يقصدونك بالزيارة في ليالي أحلامك. كانوا يأتونك كبشر من لحم ودم وتكاد تلمس أرديتهم مذهولا مسحورا. حقا لم تعرف أحدهم ولم تره، لكنها القلوب وما بها من (...)
لك ولع قديم بسبر القلوب. تظل تبحث وتدقق وتنبش التراب والسطور لتصل إلي شيء جديد يخص هؤلاء الذين يقصدونك بالزيارة في ليالي أحلامك. كانوا يأتونك كبشر من لحم ودم وتكاد تلمس أرديتهم مذهولا مسحورا. حقا لم تعرف أحدهم ولم تره، لكنها القلوب وما بها من (...)
أخيرًا جاء الصبى بالطلبات. رأيت قهوتى مصبوبة فى الفنجان، ودائر الوش البنى متباعد للحافة فوق البن الأسود. رفع صاحبى رأسه، بعدما سحب دخان الشيشة، وأخرج دفعات متتابعة من شفتيه المختلجتين مثل فم السمكة. كنا نجلس على نفس الطاولة التى جلسنا عليها منذ (...)
"قلبي مايشبهنيش/ فعلا مايشبهنيش/أوقات بيعرفني/ ساعات مايعرفنيش.. ".(من أغنية لمحمد منير).
مدت "نوال" زجاجة المياه المملوءة أمامي علي الترابيزة العريضة، وقالت إنها غسلتها جيدا بعد رائحة سجائري العالقة بفوهتها منذ عام! رأيت أظافرها المهندمة تحوط (...)
صلاح عبد الصبور عجائز الرجال والنساء، ذوو الوجوه الموشومة بخطوط الزمن في الجباه والرقاب، قالوا إنه مات في أيام حلوة! وصبية المدارس كانوا في المسجد لحظة الصلاة عليه وهو مسجي بقلب النعش الفائح بعطر الموتي. مات يوم وقفة عرفات، في أول أيام الإجازة (...)
في المرة الأولي بدا مثل طفل علي ظهر جمل، وهو يشير ناحيتها ان تقبل.
كانت واقفة مبتسمة في قميصها، متطلعة له. وكان يطرقع بيديه علي المرتبة، وينتر جسده صعوداً وهبوطاً لينيخ تلك المنتصبة المشدودة. نادي بعبث: تعالي اقتربت تتلوي، ومن وضعه المزعزع مال وخطف (...)
الليلة يطوف بنا الملك طوافه الأكبر.. فدعونا نعرف يا أحباب
يظهر قادما في ضوء العواميد الاصفر المتعكر، يمشي متطوحا في عباءته الصيفية الكاشفة لمفرق صدره المشعر، والاكمام المحسورة عن عضلات بعروق منفوخة، تلمع صلعته لمعة زيتية محببة، نقوم كلنا من علي (...)