لم يعد صوت الشيخ المبحوح يطرب، ولم تعد سبابته تحرك الجماهير المغلوبة على حمقها .. فقد سقطت العمامة، ولم يبق من جسده المهتز إلا كرش وعباءة، وذكريات لن تنمحي من ذاكرة السوريين.
يمكن لسماحته اليوم أن يرتقي المنبر كما تعود، وأن يرفع عقيرته وسبابته بين (...)
حين تنكرك الأرض، فتضن عليك بالبقل والقثاء والفوم والعدس والبصل، وتتنكر لك السماء، فلا تسقط عليك إلا البراميل التي تشوه معالمك ومعالم المدن وشواهد القبور، فاعلم أنك سوري مضطر للرحيل إلى أي بعيد. لكن عليك وأنت تلقي هويتك عند حدود لم تعد كالحدود أن لا (...)
لن تكون أمريكا ترامب كأمريكا أوباما لو قدر للمرشح الجمهوري المكتنز أن يدب بقدميه الغليظتين فوق بلاط البيت الأبيض، ولن تفتح أمريكا الرؤوم في عهده الميمون أزرار ثوبها لترضع ملايين المقيمين فوق أرضها من المسلمين، كما لن تمد أذرعها الطويلة لتلملم (...)
ربما نكون بعيدين حتى اللحظة عن أتون الصراعات الدولية والكرامازوفية في المنطقة، لكن كل الشواهد تؤكد أننا نسير حثيثا نحو صفيح المنطقة اللاهب. كل الشواهد تؤكد أننا مقدمون على حمل السلاح ونزع فتيل الحرب، وأننا عما قريب سنحشو السلاح الأمريكي ببارود روسي، (...)
قندز عاصمة الشمال الأفغاني المضطرب، لا تعرف راحة السلام، ولا قوانين الحرب. وفي قندز، لا يمكنك أن تنام أو تمرض أو تهرم أو تموت وأنت في مأمن من القصف. فالطائرات في سماوات الإقليم تطير بطانا وتعود إلى مرابضها كل يوم خماصا بعد أن تفرغ شحنات البارود في (...)
في بريطانيا، كما في بلادنا التعسة، لا يزال الخارجون عن النص يحاكمون في بلاط الشعوب بتهمة الخيانة العظمى وإن رحلوا منذ آلاف الصفحات.
ففي ميادين لندن الفسيحة، يجتمع الخبثاء والبلهاء كل عام ليشقوا الجيوب ويلطموا الخدود ويحرقوا الدمى انتقاما لرجل لم (...)
لم تفهم هديل هشلمون ما قاله الجنود الصهاينة وهم يوجهون سنابك البنادق نحوها، ولم تحمها يداها المرتعشتان فوق رأسها من زخات الرصاص. لكن المؤكد أن هديل لم تشعر بالعجز وهي ممددة في بركة دمائها، ولم تتألم وهي تجر من كاحلها فوق الرصيف بعد نصف ساعة من (...)
عند أطراف وطن لم يكن أبدا لهم، يواصل السوريون إلقاء أطفالهم ونسائهم وأجسادهم المنهكة فوق ذوات ألواح ودسر بحثا عن أي حياة تطاق. فملاقاة الموت خير من انتظاره كما يقول الفارون من لهيب البراميل المتفجرة هناك. وبعد دفع إتاوة الحياة لزبانية البحار، يحبس (...)
لم يعد الموت في بلادنا رحيما .. كما الحياة. ولم يعد الواقفون في طوابير الموت بالآلاف يعنون شيئا لمن يمارسون غواية الحياة فوق فرشهم الدافئة. فموتى الأرصفة كموتى الزلازل والبنايات والقنابل المفخخة والبراميل المتفجرة.
الموت في بلادنا عنيد .. يمارس (...)
يوم فرح الرومان بعطايا القيصر، وانشغل المدافعون عن الحريات بجمع الغنائم، وتركوا خنادقهم فوق جبال الحرية، كان على كاتو أن يقف وحده في وجه طوفان التصفيق الحاد، وأن يلتحف الظل في زاوية معتمة فوق مسرح روما المزدحم بالمهرجين، لينال حظا غير هين من الإهمال (...)
فوق ساقين نخرتين كعودي خيزران، يقف عبد الله بما تبقى لديه من حياة، أو بما ترك له النخاسون منها، ليصف أبشع الممارسات التي تعرض لها هو ورفاقه الذين فروا من الموت، فطاردهم الموت حتى السواحل القريبة: "كانوا يضربون كل من تسول له نفسه أن يحرك ساكنا فوق (...)
زنجيانج، ولاية تحتضنها الجمهوريات الروسية من كل جانب، أسقطها التاريخ سهوا فوق طريق لم يعد حريريا أبدا، ولم يعد يربط شرقنا الأوسطي بأي خارطة. ورغم أنها تحتل 17 بالمئة من أرض الصين، إلا أن عدد السكان بها لا يكاد يتجاوز الواحد بالمئة من سكان الصين، كما (...)
فوق ذات ألواح قديمة متهالكة، ودسر قديمة صدئة، يفر أبناء ميانمار من الموت إلى الموت. وطنهم لجة "أندامان"، وأفقهم يغشاه موج من فوقه موج .. إذا أخرج البورمي يده لم يكد يراها. كومة من الألم والإحباط واليأس تتجمع في حوصلة إنسانية فقدت رشدها فوق غوارب (...)
وحدهم الأطفال يدفعون فواتير الحروب، ووحدهم يلملمون أشلاء الوطن من تحت آباط الطائرات المغيرة. وحدهم يجمعون بقايا ذويهم وبقايا الذكريات من تحت أكتاف منازلهم المدمرة. ووحدهم يقفون عند شواهد القبور والدموع تغسل وجناتهم المعفرة للصلاة على من رحل. وحدهم، (...)
فوق مرافئ عدن الباردة، يتدفق المهاجرون نحو القرن الإفريقي بحثا عن أي قطعة خشب تحمل أجسادهم المنهكة نحو أي مثوى. فقد اكتشف اليمنيون فجأة أن بلادهم قد ضاقت بأنفاسهم وأن المضيق الذي اتسع لسفن العالم ذات يوم، يضيق بقواربهم الخشبية المتهالكة، وبصرخات (...)
لم يكد ينتهي من صلاته، حتى صم أذنيه انفجار قريب، وحين وصل إلى قريته – بيت رجال – المحصورة بين الجبال غرب صنعاء، وجد جمان رفيق خلوته – حسين عبد الله – جاثيا في صمت كئيب قرب عنزاته. كانت عصا الرجل، التي لطالما هش بها على غنمه، ملقاة قرب جدار متهالك (...)
كلنا في الهم أفارقة .. هذا ما تؤكده الوجوه السوداء التي تراصفت أمام محطات الاقتراع في أبودجا، في انتظار انطلاق ماراثون رئاسي لا ناقة للفقراء فيه ولا خطام. الغريب في انتخابات أبودجا أن الصناديق السوداء أفرزت، ولأول مرة في تاريخ البلد المنكوب، رئيسا (...)
ذات تاريخ، وقعت أفغانيتان تتفجران أنوثة في شرك حدودي نصب عند حدود وطنهما الشائكة، وقام جنود الدرك السفهاء بتجريدهما من عفافهما. وما إن نما الخبر إلى مسامع الملا محمد عمر حتى ثارت في عروقة دماء النخوة، فتحرك في كتيبة من ثلاثين رجل ليقود معركة لم تدم (...)
القيصر في روسيا "دوما على حق،" صدق الكساندر وصدق بوتين، وكذب المعارضون. فالمعارضة في روسيا نبت شيطاني من همزات الغرب ولمزاته، وما على المواطن الروسي من تثريب إن تفل عن يساره وحوقل كلما مر بحفنة من الثوار ترفع صورة زعيم المعارضة نيمتسوف المأسوف على (...)
قرب أسلاك صدئة، وقف خالد كعود خيزران في مهب القنص، متكئا على بندقية قديمة لم تمسها من قبل يد مقاتل. كانت عيناه ذاهلتين تحدقان في البعيد. وكان يدرك، بحسه القروي الساذج، أن العاصفة تختبئ خلف جدر الصمت، وأن الحية الرقطاء قادرة على قلب الطاولة عند (...)
قرب أسلاك صدئة، وقف خالد كعود خيزران في مهب القنص، متكئا على بندقية قديمة لم تمسها من قبل يد مقاتل. كانت عيناه ذاهلتين تحدقان في البعيد. وكان يدرك، بحسه القروي الساذج، أن العاصفة تختبئ خلف جدر الصمت، وأن الحية الرقطاء قادرة على قلب الطاولة عند (...)
لأن شارل ديجول لم يعد حيا، بإمكان الفرنسيين هدم جمهوريتهم الخامسة وإلقاء دستور الحريات في نهر السين والتبول من فوق برج إيفل على صدر ماريان الممتلئ. الجمهورية تسقط في فرنسا كما سقط ديجول، وكذلك الحريات والطواقي الفريجية، والوعي، والمنطق. ترى، هل كان (...)
اليوم، تدق ألمانيا أجراس عنصريتها القديمة، وتعقف صلبانها من جديد، في اتجاه عقارب ساعة تدور نحو الخلف. ففي عنصرية بغيضة، نسيتها الأجيال المعاصرة أو كادت، يعود المخلفون من النازيين لمد أذرعهم اليابسة أمام حطب التاريخ ليمارسوا طقوس فتنة أشعلها شارب لم (...)
إذا كنت في مصر، وارتكبت من الآثام ما تقشعر لهوله الأبدان، ثم مررت من تحت إبط القانون دون أن يمسك بتلابيبك أو يصفعك على قفاك، فلا تظنن أن الله قد جعل لأجلك على مواده غشاوة، أو إنك عصفور في طاقية إخفاء. الأمر أيسر من ذلك بكثير. فالمارون من تحت أنف (...)
في نيجيريا، عليك أن تحمل خرقة بيضاء في طيات ثيابك كلما رحت أو غدوت، فالموت يتربص بالسائرين فوق تربتها الملتهبة لاسيما عند حدود التماس. والرب في عرف الباحثين عن الفردوس الموعود هناك يسخط دائما ويغضب أبدا، ولا يهدأ إلا حين يسكب تحت قدميه المقدستين نخب (...)