شن محمد الدماطي، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين، هجوما شديدا على فكرة التصالح مع رموز النظام السابق في قضايا الأموال، والتي بدأت النيابة العامة في اتخاذ إجراءات لتفعيلها، منتقدا إرسال المحامي العام الأول لنيابات الأموال العامة مندوبين لرموز النظام السابق في الخارج لاتمام هذه المصالحات. وقال الدماطي، خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى، أمس، برئاسة الدكتور إيهاب الخراط، لمناقشة إصدار قانون للعدالة الانتقالية، "إذا تم التصالح في قضايا الأموال، سيأتي الحديث بعد ذلك عن التصالح في قضايا الأنفس، وسنجد من يقترح مشروع قانون لذلك، وما يرد في قضايا التصالح ملاليم من المليارات التي حصل عليها رموز النظام السابق". وشدد الدماطي على أن التصالح يمكن أن يكون في قضايا بعينها، تتوفر فيها حسن النية، فإذا كان هناك مستثمر حسن النية يجوز التصالح معه، أما أن يكون مستثمرا ارتكب جريمة كالغدر بالمال العام أو استغلال النفوذ، وتربح من خلالها، فهذا أمر لا يجوز التسامح فيه، لأن الهدف من العقوبة هنا هو فكرة الردع العام للمجتمع والردع الخاص لمرتكب الجريمة. وأوضح الدماطي أن فكرة إصدار قانون للتصالح في قضايا الأموال سيفتح الباب لآخرين لارتكاب جرائم مالية، على اعتبار أنهم سيتصالحون بعد ذلك، ورد على فكرة أن القانون يمكن إصداره لتوقيت معين أو بصورة مؤقتة بأن قاعدة المساواة المنصوص عليها في الدستور لا تسمح بذلك، وطالما أنه تم التصالح في قضايا بعينها يحق لأي مرتكب لنفس الجريمة أن يتصالح طبقا لقاعدة المساواة، حتى لو تم إلغاء القانون. وأكد الدماطي على صعوبة الاحتكام إلى القوانين الطبيعية في القضايا المتعلقة بالثورة، وقال "لايمكن معالجة قضايا ثورية بقوانين طبيعية، وعندما طلبنا منذ البداية بمنظومة قضائية خاصة، هبت علينا بعض المنظمات الحقوقية وطالبوا بأن تكون المحاكمات وفق القوانين الموجودة، فكان لا بد أن يتم اختيار أعضاء ضبط قضائي معروف انحيازهم للثورة، بدلا من الأجهزة الأمنية التي تعمدت طمس الأدلة، وكان لا بد أن يتم اختيار قضاة التحقيق وأعضاء النيابة بطريقة مدققة". وطالب الدماطي لجنة حقوق الإنسان بالإسراع في وضع قانون للعدالة الانتقالية، وتقدم للجنة بمشروع قانون العدالة الثورية التي وضعته لجنة تقصي الحقائق في أحداث قتل المتظاهرين. ومن جانبه، قال الدكتور عز الدين الكومي، وكيل اللجنة، إن فكرة المصالحة قبل المحاسبة هي فكرة مرفوضة، مشيرا الى أن جنوب إفريقيا تمت فيها المحاسبة قبل المصالحة. وقال الدكتور إيهاب الخراط، رئيس اللجنة، إن المشكلات وأحداث العنف التي يشهدها الشارع المصري لن تحل بإقرار قانون التظاهر، ولكن بإصدار قانون للعدالة الانتقالية، مشددا على أن قانون العدالة الانتقالية لن يصدر إلا بتوافق بين الجميع أغلبية ومعارضة.