يمر اليوم ذكرى (عيد الجهاد) الذي يحتفل به حزب الوفد كل عام و الذي سيحتفل به يوم الجمعة القادم 16 نوفمبر و لكن هذا العام يعد ذكرى هذا العيد مختلفًا كل الإختلاف بعد ثورة 25 يناير التي لها الفضل في إزاحة غبار التناسي عن المشرف و الحافل بتاريخنا المصري المعاصر لكي يتم كتابة التاريخ بمداد الحياد و الموضوعية. تأتي مناسبة (عيد الجهاد) تحديدًا يوم 13 نوفمبر من عام 1918 حيث ذهب كلاً من الزعيم سعد زغلول و علي شعراوي و عبد العزيز فهمي للسير ونجت المندوب السامي البريطاني بواسطة رئيس الحكومة حسين رشدي حيث طلبوا من المندوب السامي البريطاني السفر لمؤتمر الصلح بباريس و هو المؤتمر الذي فرضه الدول المنتصرة لفرض شروطها على الدول المنهزمة في الحرب العالمية الأولى و كان المؤتمر محدد له من(18 يناير 1919 – 20 يناير 1919) و كان سعد زغلول مكون وفدًا مصريًا يبحث عن الاستقلال التام لمصر من أنياب إمبراطورية الأسد و هو لقب الإمبراطورية البريطانية التي لا يغيب عنها الشمس. جاء هذا المؤتمر بناءً على دعوة الرئيس الأمريكي (ودروو ويلسون) الذي دعي لمؤتمر يحقق تقرير مصير الشعوب المحتلة لنيل استقلالها و جاء الوفد المصري لينتهز الفرصة في عرض القضية المصرية على المؤتمر و كانت تلك الزيارة هي طلب الوفد من المندوب السامي البريطاني في أن يسهلوا للوفد إجرءات سفرهم لباريس و تسهيل الحصول على تأشيرات السفر و كانت المقابلة التي تمت بينهما في غاية الهدوء و السكينة في تبادل الحوار مع وجود شيء من الندية و المراوغة السياسية بين الطرفين لتحقيق كل طرف أهدافه الخاصة و كان من ذكاء الوفد المصري أنه تم تحرير محضر هذا الاجتماع حتى لا يتلاعب المستعمر البريطاني بتفاصيل هذا اللقاء حسب هواه و غرضه في تشويه الحركة الوطنية المصرية حيث قام السير ونجت في هذا اللقاء بنقد الزعيم محمد فريد و حزبه الحزب الوطني في طريقة طلبه للاستقلال. بعد انتهاء المقابلة كلم السير ونجت رئيس الحكومة (حسين باشا رشدي) و قال له: من هؤلاء كي يتكلموا باسم الشعب المصري). من هذه العبارة قام الوفد بعمل صيغة إكتتاب شعبي ليكون هذا الإكتتاب بمثابة الرد الفصل على حجج الاستعمار الواهية و كانت صيغة (الإكتتاب) مكتوبة كالآتي: (نحن الموقعين على هذا أنبنا عنا حضرات سعد زغلول باشا وعلى شعراوى باشا وأحمد لطفى السيد بك ومحمد على بك وعبداللطيف المكباتى بك ومحمد محمود باشا ولهم أن يضموا إليهم من يختارون فى أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حينما وجدوا السعى سبيلا فى استقلال مصر تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التى تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى وحلفاؤها ويؤيدون بموجبها تحرير الشعوب).
بعد ذلك بدأت القوى الوطنية تسعى في توحيد الجهود حيث سعى الحزب الوطني لتأليف وفدًا برئاسة عمر طوسون لتوحيد الجهود مع سعد زغلول لكن قامت السلطة العسكرية بالتصدي لتلك التوكيلات حيث سعت لتعطيل وصول التوكيلات يوم 23 نوفمبر للناس الذين أقبلوا بكل حماس على التوقيع على هذا الإكتتاب فأصدر مستشار وزارة الداخلية الإنجليزي بحظر تداول هذه التوكيلات و التوقيع عليها مما دفع الناس بالتوقيع عليها سرًا. أصدر مستشار وزارة الداخلية الإنجليزي بمصادرة ما تم التوقيع عليه و تم إقتحام بعض المكاتب و الدور من قِبل البوليس و الإستيلاء على هذه التوكيلات و أتضح أنه تم فعل ذلك بالتعاون بين حكومة حسين باشا رشدي رئيس الحكومة و قوات الاحتلال. ظل الصراع قائمًا بين القوى الوطنية و القوى الاستعمارية حتى قامت السلطات الإنجليزية بالقبض على سعد زغلول و رفاقه و نفيهم إلى مالطة عام 1919 لتتشعل نيران الغضب التي تجسدت في ثورة 1919 لتكون نقطة الفصل في تحقيق الاستقلال المنشود لمصر حيث ساهمت الثورة في إقامة حياة برلمانية و إقامة نهضة ثقافية عظيمة و حضارية و تعددت الأحزاب ليكون لعيد الجهاد كلمة السر في هذا الإنجاز.