تم افتتاح أول مطعم إسلامي بمدينة سوسة السياحية بتونس في ظل تناثر علامات تعجب والإستفهام عن إنتظار النهاية لتلك الملاحم الهزلية التي يعيشها الآن العالم الإسلامي في ظل الصراع ما بين اليمين و اليسار على مفردات الحياة و التي أصبحت جزءً لا يتجزأ من حياة المواطن العربي على حساب القضايا المصيرية كخبز يومي يلهي الجميع عن المصائب التي تحل بالوطن كما كان يفعل الخبز الحكومي. يسير نظام المطعم الحامل لإسم (حلال) بشكل يثير التساؤل هل وصلنا لحد التحريم في المطاعم كلمة السر لتجمع الأسر في العطلات الرسمية لتخفيف وطأة الحياة من متابعها المضنية لتزداد المتاعب في أماكن اترويح و الترفيه لنرى الدنيا بابًا مغلقًا لا مجال فيه للترويح عن النفس لنكتب على أنفسنا باسم فقه البداوة الشقاء و العناء باسم التقشف و الزهد و التصوف الذي هو بريء كل البراءة من التعصب كبراءة الذئب من دم بن يعقوب. يقسم المطعم لقسم للرجال و قسم للنساء و تقديم إمتيازات للملتحين و الملتزمين و المحجبات و المنقبات تحت اسم أول مطعم حلال؟! تمت عنصرة الأطعمة كما تتم عنصرة كل مجالات الحياة لننتقل من عنصرية اللون و المكان إلى عنصرية العقيدة و الدين أخطر أنواع العنصرية ليتأكد يومًا بعد يوم دخول تونس مرحلة الظلامية منتقلة من التنويرية التي أرادها بورقيبة متحولة إلى الظلامية كما كان في أوروبا في العصور الوسطى بسبب تحكم الأساقفة في أمور الحكم لنجد حزب النهضة يسير على هذا النهج و تصبح تونس الخضراء في ظل حكم النهضة تونس السوداء!! ما لا يعلمه أصحاب الفكر المتشدد أن ما يطبقونه من تعاليم صارمة لا علاقة للإسلام بها و ما هي إلا أدوات تنفيذية للرغبات الأمريكية الإسرائيلية لضرب الإسلام و وضعه في نطاق ضيق بيد أبنائه باسم الديمقراطية و المدنية المطلوبة في المنطقة لتزداد الأمور قتامة بعد خريفية ثورات الربيع العربي التي أصابها خماسين اللوبي الصهيوني المتنمر. بعد وقوع المشكلة نقف وقفة هاملت في البحث عن إجابة تحدد المصير المجهول كيف يتم التصدي لتلك الظاهرة و علماء جامع الزيتونة ذو الصبغة الأزهرية العريقة مغلق عليهم من التقرب لهم لأخذ الفتاوى الرصينة و المؤسسة عن علم و تقوى و وسطية مستنيرة و إستحواذ فقهاء البداوة و الدماء على تحديد مجريات الحياة العصرية تحت لواء الظلامية و البداوة المتقهقرة باسم الزهد و التقرب إلى الله. هل سيستمر الصمت على تلك الهزليات المبكية لمصير الأمة الإسلامية المعاصرة أم سنجد من يزيح تلك الأتربة الغبارية عن جبين الأمة كما حدث في مصر في فترة السبعينيات بعد سيطرة الجماعات الإسلامية الجهادية التكفيرية على الجامعات و المساجد بأشواكهم الجارحة عبر فقه الترهيب و على الرغم من ذلك جاء لنا النور و الورود من بين فكي الظلام و الأشواك من خلال خواطر الشيخ الشعراوي الإيمانية لتفسير القرآن الكريم و برنامج العلم و الإيمان لمصطفى محمود و صوفية عبد الحليم محمود المستنيرة ليبقى للحق صوت جهور يزعق في صوت الباطل مهما كانت قوته. رغم البكاء الدامي في الفؤاد على ما حدث بتونس إلا أن الأمل باق بوجود من يتصدى لهذا الهراء المنتشر في بلد الشابي صاحب وثيقة الحرية الشعرية للشعوب التواقة لها.