أرق الأصوات وأكثرها حزنًا ، ينزف حبًّا وعذابًا . نبكي بعين على العين الأخرى . ظلموه وظلمناه فليرحمه الله ... تلك الكلمات التى قالها الكاتب الكبير أنيس منصور عن الراحل " عبد الحليم حافظ " . مطرب صاحب حالة فنية قائمه بذاتها هو العندليب " عبد الحليم حافظ " ، اذا قلنا انه من الصعب تكراره فهذه ليست مبالغة او تهويل ، بل إنها حقيقة واضحة ، أمضى سنوات عديدة فى الغناء والتمثيل ونتيجه لذلك ترك أثراً كبيراً وواضحًا من خلال أغانيه وأفلامه التى نالت إعجاب كل الفئات العمرية ، وبالرغم من مرور 36 عاماً على وفاته إلا أن أغانيه مازالت مطلوبه إلى وقتنا هذا ، ونشعر كأنه رحل بالأمس وليس من سنوات . ولد " عبد الحليم حافظ " بقرية الحلوات بمحافظة الشرقية فى 21 يونيو 1929 ، وتوفيت والدته بعد ولادته في نفس اليوم .. ونشأ عبدالحليم يتيما من يوم ولادته .. وقبل أن يتم عامه الأول توفي والده .. ليعيش اليتم من جهة الأب كما عاشه من جهة الأم من قبل .. ليعيش بعدها في بيت خاله الحاج متولي عماشة .. و الإبن الرابع وأكبر اخوته هو إسماعيل شبانه الذي كان مطرباً ومدرساً للموسيقى في وزارة المعارف (التربية و التعليم)، إلتحق بعدما نضج قليلا في كتاب الشيخ أحمد؛ ومنذ دخول العندليب الأسمر للمدرسة تجلى حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيسا لفرقة الأناشيد في مدرسته. ومن حينها وهو يحاول الدخول لمجال الغناء لشدة ولعه به. إلتحق " العندليب " بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943 حين إلتقى بالفنان كمال الطويل حيث كان عبد الحليم طالبا في قسم تلحين، وكمال في قسم الغناء والأصوات، وقد درسا معا في المعهد حتى تخرجهما عام 1948 ورشح للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج لكنه ألغى سفره وعمل 4 سنوات مدرساً للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيرا بالقاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفا على آله الأبواه عام 1950. تقابل مع صديق ورفيق العمر الأستاذ مجدي العمروسي في 1951 في بيت مدير الإذاعة في ذلك الوقت الإذاعي فهمي عمر. اكتشف العندليب الأسمر عبد الحليم شبانة الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب الذي سمح له باستخدام اسمه "حافظ" بدلا من شبانة. رفض الجماهير أولى أغنياته من الوهلة الأولى ولم يكونوا فى ذلك الوقت على اى استعداد الى سماعه وكانت هذه الأغنيه " صافينى مره " كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي في أغسطس عام 1952، ولكنه أعاد غناء "صافيني مرة" في يونيو عام 1953، يوم إعلان الجمهورية، وحققت نجاحاً كبيراً، ثم قدم أغنية "على قد الشوق" كلمات محمد علي أحمد، وألحان كمال الطويل في يوليو عام 1954، وحققت نجاحاً ساحقاً، ثم أعاد تقديمها في فيلم "لحن الوفاء" عام 1955،ومع تعاظم نجاحه، لُقب بالعندليب الأسمر. وقد تعاون العندليب مع الملحن العبقري محمد الموجي، وكمال الطويل، ثم بليغ حمدي، كما أن له أغاني شهيرة من ألحان موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب مثل: (أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا)، ثم أكمل الثنائي (حليم - بليغ) بالاشتراك مع الشاعر المصري المعروف محمد حمزة ومن أبرزها زى الهوى وسواح وغيرها من الأغانى الجميلة ، ولم يتوقف عند ذلك الأمر بل غنى للشاعر الكبير نزار قبانى أغنيه قارئه الفنجان ورساله من تحت الماء ، ويعتبر عبد الحليم حافظ انه قام بتقديم أكثر من مئتين وثلاثين أغنية، إمتازت بالصدق، والإحساس، والعاطفة. " عبد الحليم وهو يقبل يد كوكب الشرق " أما عن مشواره السينمائى قدم حليم للسينما «16» فيلماً على مدى 14 عاماً منذ عام 1955 وحتى عام 1969 وخلال هذه الأفلام تعاون مع كبار المخرجين ووقفت أمامه كبار نجمات وجميلات السينما المصرية ومن أشهر أفلامه " لحن الوفاء 1955 مع الفنانة شاديه ، وأيامنا الحلوة مع فاتن حمامة 1955ودليله مع شاديه ، والوسادة الخالية مع لبنى عبد العزيز1957 و معبودة الجماهير مع الفنانة شاديه 1967 والكثير من المسلسلات . " صورة نادرة لعبد الحليم مع عماد حمدى وعادل إمام " أصيب العندليب الأسمر بتليف في الكبد سببه داء البلهارسيا، وكان هذا التليف سببا في وفاته وكانت أول مرة عرف فيها العندليب الأسمر بهذا المرض عام 1956م عندما أصيب بأول نزيف في المعدة وكان وقتها مدعواً على الإفطار بشهر رمضان لدى صديقه مصطفى العريف. " العندليب وهو على فراش الموت يصارع المرض " توفي الأربعاء في 30 مارس 1977 في لندن عن عمر يناهز الثمانية والأربعين عاما، والسبب الأساسي في وفاته هو الدم الملوث الذي نقل إليه حاملا معه التهاب كبدي فيروسي فيروس سى الذي تعذر علاجه مع وجود تليف في الكبد ناتج عن إصابته بداء البلهارسيا منذ الصغر. وحزن الجمهور حزنا شديدا وقيل أن بعض الفتيات من مصر انتحرن بعد معرفتهن بهذا الخبر ، وقد تم تشييع جثمانه في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها وبلغ عدد المشاركين في الجنازة أكثر من 250 ألف شخص .