تمر اليوم الذكرى الخامسة و الأربعين لصدور بيان (30 مارس) عام 1968 من قِبل الرئيس جمال عبد الناصر عقب نكسة حرب الأيام الست (نكسة 1967) و التي أحدثت صدمة كهربائية للشعب المصري في ظل زهو عبد الناصر منذ 1954 و ما تتوالى عليه قراراته المصيرية في تمصير البلاد و التركيز على القومية العربية و الأفريقية مع تحديه الشهير للولايات المتحدةالأمريكية و عدائه الشهير للرئيس الأمريكي رقم 36 (ليندون جونسون) الذي كان سببًا رئيسيًا في هزيمة 1967 لتأييده الشديد من خلال حزبه الديمقراطي لإسرائيل مع تسليح جيش الدفاع الإسرائيلي بأحسن و أقوى الأسلحة على عكس تسليح الاتحاد السوفيتي للجيش المصري و جاءت الاختبارات لقوى أسلحة الكتلتين لتنحاز الأيام للسلاح الأمريكي الذي يشارك جيش الدفاع الإسرائيلي في المعركة و تأتي هزيمة نكراء غير متكافئة للجيش المصري و السوري و يتم إحتلال (الجولان – سيناء – قطاع غزة و الضفة الغربية) و يأتي على أثر تلك الهزيمة بيان 9 يونيه الذي ألقاه الرئيس جمال عبد الناصر على الشعب المصري يعلن فيه (التنحي عن أي منصب رسمي و أخذ مكانه بين صفوف الجماهير لتحرير سيناء) و أتى رفضًا شعبيًا لناصر بأن لا يتنحى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. في 3 مارس من عام 1968 و في ظل ربيع الثورات الطلابية حول العالم ما بين فرنسا و إنجلترا و ألمانيا أتت ربيع تلك الثورات إلى مصر و التي نظمها طلاب الجامعات رافضين إلزام الصمت على ما حدث في حرب الأيام الست و التي راح ضحاياها شبابًا كانوا في إنتظار حسم المعركة لأمال أكبر و مستقبل أفضل لكن جاءت تلك الهزيمة لتضع هؤلاء الشباب في رحاب التاريخ و هم جرحى الخيانة و الغدر و ضحايا التقصير و الرعونة في الإعداد للمعركة على الرغم من حالة الجيش القتالية التي كانت تتسم بالكفاءة و لكن لوجود قيادات لم تكن على المستوى مع وجود إنحرافات أخلاقية و إنحلالات مزرية في القيادات العسكرية و المخابراتية مع تركيز المخابرات على تتبع المعارضين و عدم أخذهم بمعلومات من جندوهم في إسرائيل و البلاد الأخرى كرفعت الجمال في تتبع خطوات الجيش الإسرائيلي بين سوريا و مصر و الإتكاء على الاتحاد السوفيتي الذي كان سببًا رئيسيًا في الهزيمة ، كل هذه الأسباب أدت إلى إنفجار الطلاب بتلك المظاهرات لمحاسبة المسئولين عن إقتراف تلك الخطايا التي جسدت في ملحمة 1967 البكائية. في 11 يونيه من عام 1967 أقام الرئيس عبد الناصر حركة تطهيرية بالجيش المصري ليعد العدة لمعركة التحرير المنتظرة و التي أتت بثمارها اليانعة في حرب الإستنزاف و التي تجسدت في عمليات هامة ك(رأس العش) و (تدمير المدمرة إيلات) و التي أشارت للجميع بأن الأمل لا زال قائمًا و أن مقولة عبد الناصر (لقد خسرنا المعركة و لكننا لم نخسر الحرب) تنفذ على أرض الواقع و لكن الملحمة ينقصها الكثير لكي تكتمل فجاء ناصر إستجابة لشعلة الحماس المؤججة في صدور الشباب مُلقيًا على الجميع بيان (30 مارس 1968) معلنًا عن إعادة ترتيب البيت الكبير من الناحية التشريعية و الإدارية و السياسية لنفض الغبار عن بكائية الهزيمة بخطوة التغيير للأفضل و الأوقع بإتخاذ مواقف تصحيحية تنقذ ما يمكن إنقاذه و ذلك من خلال ما جاء في البيان من نقاط مضيئة تقول للعدو الصهيوني (لا إستسلام). من أهم ما جاء في البيان: (علينا إفساح المجال للأقدر والأجدر فالتغيير ليس مجرد استبدال شخص بشخص، ولابد أن يكون تغييراً فى الظروف وفى المناخ، وإلا فإن أى أشخاص جدد فى نفس الظروف وفى نفس المناخ سوف يسيرون فى نفس الطريق) ثم طرح البيان مجموعة من النقاط منها الاستقرار على صيغة الاتحاد الاشتراكى بدلا من الاتحاد القومى وإعادة بناء الاتحاد الاشتراكى بالانتخاب من القاعدة إلى القمة. قال أيضًا في نفس البيان: (إن مجلس الأمة الحالى قارب على استيفاء مدته الدستورية، ولم يفرغ بعد من المهمة الأساسية التى أوكلت إليه، وهى وضع الدستور الدائم للجمهورية العربية المتحدة، وإن الاتحاد الاشتراكى سيقوم بوضع مشروع الدستور على أن أن يطرح للاستفتاء الشعبى، وأن تتلوه انتخابات مجلس أمة جديد ثم انتخابات لرئاسة الجمهورية ومما أوصى عليه البيان تعميق التلاحم بين جماهير الشعب والقوات المسلحة، وتحقيق مبدأ وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب وعلى حصانة القضاء وعلى إنشاء محكمة دستورية عليا، يكون لها الحق فى تقرير دستورية القوانين وتطابقها مع الميثاق ومع الدستور، وأن ينص الدستور على حد زمنى معين لتولى الوظائف السياسية التنفيذية الكبرى).