رئيس جامعة العريش يناقش خطة الأنشطة الطلابية الصيفية ويكرم المتميزين    تعرف علي أهم 3 سلع تستوردها مصر من الأردن .. تفاصيل    مساعد وزير السياحة يكشف عن موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    عودة للانخفاض.. سعر الدولار اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024 (آخر تحديث)    الهلال الأحمر: استشهاد 6 فلسطينيين على الأقل برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة    تصفيات كأس العالم - غياب تاو.. جنوب إفريقيا تهزم زيمبابوي واشتعال القمة    رونالدو يقود تشكيل منتخب البرتغال أمام أيرلندا استعدادًا ل«يورو 2024»    ميندي يترقب مصيره مع ريال مدريد    قبل أن تضرب الموسم السياحي.. تحرك برلماني بخصوص أسماك القرش فى الغردقة    خراف نافقة في البحر الأحمر.. رئيس جهاز شئون البيئة يكشف تفاصيل الواقعة المثيرة    «لو مبقاش أحسن مني أزعل».. خالد النبوي يوجه رسالة لابنه نور.. ماذا قال؟    "المطيلي": الدورة الحالية من المعرض العام تحتفي بتجارب التشكيليين وعطائهم    بعد سحل عروسه في قاعة الفرح.. عريس كفر صقر: «معمولى سحر أسود» (فيديو)    كاتبة أردنية: كلمة الرئيس السيسي في قمة اليوم مكاشفة وكلها مدعومة بالحقائق والوثائق    أمين الفتوى لقناة الناس: هذا هو السبيل لتحقيق السعادة فى الدنيا.. فيديو    أمين الفتوى: ليس من حق الوالدين إجبار الأبناء على التنازل عن حقوقهم    مسئول بنقابة الصيادلة: الدواء المصري الأرخص في العالم.. وهذا واقع مرير    خالد الجندي يعدد 4 مغانم في يوم عرفة: مغفرة ذنوب عامين كاملين    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    «الأعلى للإعلام»: حجب المنصات غير المرخصة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    «طه»: الاستثمار في العنصر البشري والتعاون الدولي ركيزتان لمواجهة الأزمات الصحية بفعالية    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    مباشر الآن تويتر HD.. مشاهدة الشوط الأول مباراة السعودية والأردن في تصفيات كأس العالم    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    ندوة تثقيفية لمنتخب مصر للكرة الطائرة حول مخاطر المنشطات    الداخلية تواصل مبادرة "مأموري أقسام ومراكز الشرطة" لتوزيع عبوات غذائية على محدودي الدخل    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    حقوق إنسان الشيوخ تتفقد مركز الإدمان والتعاطى بإمبابة    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    الأمين العام للناتو: لاتفيا تمثل قدوة لدول الحلفاء    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    الأزهر الشريف يهدي 114 مجلدا لمكتبة مصر العامة بدمنهور    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال المقاطعة
نشر في أموال الغد يوم 25 - 02 - 2013

ظلال الانتخابات النيابية فى (2010) تلاحق حركة مثيلتها فى (2013). فى آخر انتخابات نيابية على عهد الرئيس السابق «حسنى مبارك» لاحت فى الأفق السياسى نذر النهايات القريبة..
سدت القنوات السياسية كاملة وبدا الاستهتار موغلا فى أوهام قوة خايلته.. ترددت على نطاق واسع عبارتا: «لا مكان للمعارضة» و«لا مقعد للإخوان». كان الكلام بنصه رسالة تزوير معلنة صاحبتها ادعاءات أن «الحزب الوطنى» بات عملاقا، عضويته قاربت الثلاثة ملايين، وأن أحدا لا يستطيع منازعته فى صناديق الاقتراع.. وكان الكلام بدواعيه تأهبا للمضى فى «مشروع التوريث» إلى محطته الأخيرة.
وفى أول انتخابات نيابية فى عهد «محمد مرسى» تلوح أجواء مماثلة فى ظروف مختلفة، القنوات السياسية معطلة تماما، ودرجة الاستهتار ذاتها ماثلة فى الأداء السياسى، وادعاءات القوة تفوق حقائقها، والعبارات تتكرر بنصوصها عن «الاحتكام إلى صناديق الاقتراع».
الانتخابات بلا ضمانات قاسم مشترك فى الحالتين.. فى المرة الأولى لم يلتفت «مبارك» لاحتجاجات المعارضة على التزوير الفاضح، وبدا منعزلا عن الواقع حوله قائلا من على منصة المجلس النيابى: «خليهم يتسلوا» بقصد السخرية من نواب معارضين، بعضهم من جماعة الإخوان، أسسوا برلمانا موازيا.. ولم يدرك أن عبارته سوف تصاحبه إلى نهايته.. والمثير فى القصة أن المعارضة قررت مقاطعة الانتخابات قبل أن تلحق بها «الجماعة» بعد الجولة الأولى فيها، خاضتها بلا أمل وغادرتها بلا أسف، فقد كان التزوير ممنهجا وفاحشا، وكانت الانتخابات «الأسوأ فى التاريخ المصرى».. وفى المرة الثانية لا يلتفت خلفه إلى نداءات مقاطعة مماثلة واحتجاجات تحذر من مغبة إجراء انتخابات بلا ضمانات مرشحة أن تنازع مثيلتها فى (2010) درجة السوء ذاتها، والتصريحات المنسوبة لمتحدثين رسميين باسم «الجماعة» تكاد تتماهى فى روحها مع ما كان يصرح به «أحمد عز» فى انتخابات «مبارك» الأخيرة.. ف«المعارضة» لن تحصد أكثر من (15٪) و«النور» السلفى سوف يتراجع وزنه البرلمانى، الأرقام لا تسندها قراءة حقيقية للواقع، ومشاهد العصيان المدنى فى بورسعيد والاحتجاجات المتواصلة فى القاهرة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية وأغلب محافظات الوجه البحرى فى القلب منها المحلة لا تدعو إلى مثل هذه الثقة، والنتائج المعلنة للاستفاء على الدستور لا توافق هذا الإدعاء، رغم ما شاب الاستفتاء من تجاوزات فادحة، والوزن النسبى ل«النور» ربما يكون قد زاد بعد مواقفه الأخيرة التى بدت على درجة من الكفاءة السياسية تقتقدها الجماعة الأقدم.
الكلام بنصه فيه مشروع تزوير معلن، والأداء الانتخابى للجماعة فيه مراوحة بين تجربتى «صفوت الشريف» و«أحمد عز» فى الحزب «الوطنى»، فالأول مع المحاصصة وفق لعبة الحكم وهيمنته والثانى مع الاستئصال والاستفراد، وفى انتخابات (2010) لم يسترح الأول لطريقة إدارة الثانى ل«المذبحة الانتخابية»، مفضلا كعادته توزيع حصص وعقد صفقات، بما يضمن أكثر من أغلبية الثلثين وتخفيض الاحتقان السياسى معا على ما جرى فى انتخابات (2005) التى حصل الإخوان فيها على (88) مقعدا.. وكان مما قاله فى الكواليس: «خليهم يغرقوا» قاصدا «عز» ومن معه لكنه لم يدرك أن «الغرق» سوف يمتد لحزبه ونظامه ورئيسه وهو شخصيا.. وفى كواليس «الجماعة» تتضارب التسريبات، وبعضها يبدى عدم ارتياحه من طريقة إدارة الأزمة والذهاب إلى الانتخابات بلا توافق خشية أن يتجاوز الانقسام الحادث حدوده الآمنة وتفلت التفاعلات عن أية حسابات، لكن القوة المهينة على القرار السياسى تراهن على خلق وقائع على الأرض بانتخاب مجلس نيابى يوفر أمامها أغلبية تسمح بتشكيل حكومة وفق الصلاحيات الدستورية الواسعة وأن تمضى فى «مشروع التمكين» إلى نهايته.. كأن النظام السابق يستنسخ نفسه، وكأن «مبارك» هو مرشدها الحقيقى، تقتدى خطاه واحدة بعد أخرى بنفس الأساليب واحدا تلو آخر.
سؤال الانتخابات هو ذاته سؤال الأزمة ورهاناتها المتناقضة، وفى المشهد الانتخابى رهانان أساسيان يمضى كل منهما فى اتجاه يعاكس الآخر.. أحدهما، يستلهم تجربة النظام السابق، ويحاول إعادة إنتاجه باسم «مشروع التمكين» هذه المرة، معتقدا أن الانتخابات والتلاعب فى نتائجها يحسم الصراع على المستقبل.. والآخر يستلهم آليات جرى اختبارها فى العهد السابق لنزع أية شرعية عن التلاعب فى الصناديق والادعاء أن «مشروع التوريث» إرادة شعبية.. اللعبة ذاتها تتناسخ لكن ظروفها تناقضت واللاعبون فيها اختلفوا ومصائرها تدفع البلد كله إلى مجهول.
رهان الجماعة أن تفضى الانتخابات إلى مجلس نيابى تسيطر عليه اعتمادا على الدولة ووسائلها أكثر من تنظيمها وقوتها، وأن يفسح ذلك المجال واسعا للإمساك بمفاصل الدولة و«التكويش» عليها.. وتحت غطاء «شرعية الصناديق» تبدأ الموجة الأخطر من «أخونة الوظائف العامة» بغض النظر عن اعتبارات الصلاحية والكفاءة محتذية «السيناريو الإيرانى» بوضع كل الرئاسات والسلطات تحت قيادة «مكتب الإرشاد».
خططت الجماعة للوصول إلى هذه النقطة على مدى طويل نسبيا.. حالت دون إعادة النظر فى تشكيل «التأسيسية» على ما تعهد مرشحها الرئاسى «محمد مرسى»، وصاغت الدستور على ما ترى حساباتها دون توافق عليه، وضمنت أحكامه الانتقالية نصوصا حصنت عدوان الرئاسة على قانون السلطة القضائية فى مسألة النائب العام، وأحالت سلطة التشريع إلى «مجلس الشورى» لتمرير ما تراه من قوانين أخطرها قانونى الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية، وعزلت نواب «الوطنى» فى مجلسى (2005) و(2010)، لا لأنها تعتقد فى قضية الثورة والعزل بل لدرء مخاطر انتخابية فى دوائر بعينها، وغلت صلاحيات «المحكمة الدستورية» فى الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين حتى يتسنى لها أن تلتف على ملاحظاتها على ما جرى فى تمرير «قانون الانتخابات».. عملت على بناء الحقائق على الأرض، واحدة تلو أخرى، وأسندت اللعبة إلى «الشرعية» فى كل مرة، حتى حصار «المحكمة الدستورية»، وهى فضيحة تاريخة لا مثيل لها، جرى تبريرها بشرعية الرئيس!
ما يجرى الآن من ذهاب إلى الانتخابات بلا توافق على ضمانات نزاهتها الحلقة الأخيرة من سيناريو تمرير «مشروع التمكين».
وفى رهان المعارضة فإن المقاطعة تفضى إلى نزع الشرعية عن انتخابات بلا ضمانات توفر لها النزاهة، وأن أحدا فى مصر لم يعد مستعدا لإعادة إنتاج النظام السابق وحزبه «الوطنى»، فمن يحكم يظل للأبد على مقاعده ومن يعارض يظل للأبد فى المعارضة، لا تداول فى السلطة ولا أمل فى الإصلاح، وهذا إهدار لجوهر ثورة يناير فى الانتقال إلى مجتمع ديمقراطى حر لا يعتمد فيه حزب الأكثرية على وسائل الدولة بالتلاعب فى صناديق الاقتراع، أو على لعبة توزيع الحصص النيابية من قبيل الرشى السياسية على ما كان يفعل «الوطنى».
المثير هنا الالتفات إلى أن المقاطعة باتت مطلبا شعبيا، فلا أحد يريد أن يكون طرفا هامشيا فى لعبة تقررت نتائجها سلفا، أو أن يعود إلى احتذاء انتخابات «مبارك»، وقد كان هناك رهان آخر داخل «جبهة الإنقاذ» على الانتخابات وخوضها بقائمة موحدة بشرط توافر شروط نزاهتها، وكان من بينها أن تجريها حكومة كفاءات أو توافق، وإقالة النائب العام تمهيدا لرفع منسوب الثقة مجددا فى مؤسسة العدالة.. لكن لم يكن أحد مستعدا للتعاطى مع أية ضمانات، وبدا الكلام عن الحوار الوطنى استهلاكا للوقت، وبهذا المعنى فقد كانت المقاطعة، والميل إليها غالب، خيارا إجباريا.. والجبهة نفسها أمام اختبار يحدد مصيرها، فالتوافق على موقف واحد مسألة وجود والذهاب إلى المقاطعة دليل صحة.
سؤال المقاطعة إذن: من يخشى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع؟
السؤال فى محله تماما، والإجابات تتناقض، فالذى بيده السلطة يريدها على القواعد التى يضعها والأسس التى يراها والمصالح التى يتوخاها، وعلى الطرف الآخر أن يقرر ما إذا كان مستعدا أن يشارك فيها أم لا؟. المشكلة هنا وضع تعارض ما بين الاحتكام إلى الانتخابات والاحتكام إلى الشارع، فالانتخابات بتوافر شروط النزاهة فيها توفر للنظام السياسى استقراره وتضفى عليه شرعية وتصون الأمن القومى وتدعم الاقتصاد بتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، غير أن غياب أية ضمانات أو قواعد يدفع لتعميق الأزمة ودخول سيناريوهات تفضى فى نهاية المطاف إلى تغيير دراماتيكى فى بنية السلطة، وهذه أزمة جماعة لا تدرك الحقائق حولها، فالترنح الاقتصادى يداهم مصر وشعبها سوف «يئن» على ما يقول اقتصاديون كما لم يحدث فى العصر الحديث كله، وفجوات الكراهية معها تتسع، وقلة الكفاءة تكشفها، والأمن القومى منكشف، ومؤسسات الدولة تتصادم، ومصير الدولة نفسها بات محل تساؤل، وهذه بذاتها كارثة بالنسبة لأقدم دولة مركزية فى التاريخ.
المصدر الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.