وكأنها لعبة "القط والفأر" بين البنك المركزى والدولار، يرتفع سعر الدولار فيلجأ المركزى لآلية جديدة لضبط السوق والسيطرة على ارتفاع السعر، تهدأ الأمور فيعاود الدولار الارتفاع مرة أخرى ليلجأ المركزى لآلية جديدة وهكذا ، حتى أصبحت مشكلة الدولار هى الأزمة التى تؤرق الحكومة والنظام خلال الوقت الحالى. اعتمد البنك المركزى على عدة آليات منذ تولى الدكتور فاروق العقدة لمنصب المحافظ فى عام 2003 وهى الانتربنك،وطرح الاذون الدولارية، ثم الآلية الأخيرة FX Auction والتى طرح بموجبها ما يقرب من مليار دولار لتوفير السيولة الدولارية والحد من المضاربات والسيطرة على ارتفاعات الدولار واخيرا اصدرت الرئاسة قرار بحظر خروج أكثر من 10 آلاف دولار مع المسافرين ولجأت الدولة الى الحصول على ودائع من بعض الدول فى مقدمتها تركيا وقطر والتى حصلت منهم على اكثر من 5 مليارات دولار ولكن جاءت دون جدوى ايضا. رغم كل تلك التحركات والآليات إلا أن أسعار الدولار لازالت فى ارتفاع حيث وصل سعره إلى 6.76 فى شركات الصرافة ، واستمرت المضاربات وإن قلت إلى حد ما. "أموال الغد" رصدت آراء المصرفيين.. بسنت فهمى والخبيرة المصرفية ومستشار بنك البركة سابقا ، قالت أن المشكلة الحقيقية هى عدم وجود آلية واضحة لدعم الاحتياطى النقدى الأجنبى لدى البنك المركزى وتنظيم الاستيراد والحد منه حيث يستنزف أغلب السيولة الدولارية، مشيرة إلى أنه لولا تحويلات المصريين فى الخارج التى وصلت إلى رقم قياسى 19 مليار دولار ودخل الصادرات وقناة السويس لكانت مصر فى مأزق شديد. وأضافت الخبيرة المصرفية أن البنك المركزى أخطأ عندما قلل حجم تغطية الاعتمادات المستندية على السلع المستوردة من 100% إلى 10% وهو ما زاد من حجم الاستيراد بنسبة كبيرة، مطالبة بضرورة العودة للعمل بالقرار القديم للحد من استيراد السلع المستفزة والترفيهية وتوفير السيولة الدولارية. وطالبت بضرورة حث البنوك على مساندة شركات السياحة والمصانع المغلقة وتسوية مديونياتها لتعود للعمل وتساهم فى زيادة الإنتاج القومى والدخل من العملة الخضراء مشيرة إلى أن سياسة المركزى فى العهد السابق كانت تعمل لصالح الطبقة الرأسمالية مطالبة بضرورة العمل لصالح البسطاء. وأكدت على ضرورة تأسيس بنك لتمويل المشروعات متناهية الصغر لجذب الطبقة العاملة المنتشرة على الأرصفة والتى تعمل فى سلع بسيطة وسهلة التصنيع لكنها مستوردة، موضحة أنه لو تم تأسيس هذا البنك سيساهم فى زيادة الصناعات البسيطة التى ستكون مورداً أساسياً لزيادة الدخل القومى والحد من الاستيراد. وحول عدم قدرة الآليات الجديدة على خفض سعر الدولار ذكرت أن خفض السعر ليس فى مصلحة الاقتصاد المصرى وأن تعويم الجنيه وتركه لسياسة العرض والطلب هو الحل الأمثل حيث سيساهم فى الحد من استيراد السلع الاستفزازية ويدعم الصناعة الوطنية المصدرة للخارج، مؤكدةً أن تدعيم الجنيه من خلال تدخل المركزى لن يتكرر لعدم وجود احتياطى نقدى كافى ولأن سياسة التعويم هى الحل. من جهته قال طارق حلمى العضو المنتدب السابق بالمصرف المتحد أن الآليات التى قررها البنك المركزى وقيامه بطرح ما يقرب من مليار دولار ساهمت فى الحد من ارتفاعات الدولار حيث كان سيرتفع إلى مستويات قياسية لولا تلك الآلية. وأضاف أن الطلب الغير مبرر على العملة الخضراء وكثرة المضاربات ساهمت فى رفع سعره وأن أسعار الصرف ستستقر خلال الفترة المقبلة ولكن مع هدوء الأوضاع السياسية وعودة النشاط للقطاعات التى تعانى من ركود تأثراً بالأوضاع الحالية. وحول الآليات الجديدة تطرحها البنك المركزى للقضاء تماماً على المضاربات أوضح أن المركزى يحيط الأدوات التى يستخدمها بالسرية لمفاجأة المضاربين. وعن سياسة تعويم الجنيه واستخدامها فى تدعيم الصادرات والحد من الورادات أشار إلى أن تعويم الجنيه سلاح ذو حدين، فرغم قدرته على الحد من الواردات المستفزة ودعم الصادرات إلا أنه سيساهم فى زيادة التضخم من خلال رفع أسعار السلع الأساسية واحتياجات المواطنين التى تستوردها الحكومة من الخارج. وذكر أنه رغم قدرة الآلية الجديدة على الحد من المضاربات إلا أنها لازالت مستمرة بسبب الانفلات الأمنى وعدم وجود رقابة على الصرافات.