أبدى المهندس حاتم صالح، وزير الصناعة والتجارة الخارجية تفاؤله بشأن مستقبل الاستثمار بين مصر وتركيا ، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التعاون الاقتصادي بين الجابين خاصة مع بدأ المباحثات الرسمية لزيارة مرتقبة للرئيس الوزراء التركي رجب طيب ارد وغان الى مصر قريباً. وأكد وزير الصناعة والتجارة الخارجية في حوار خاص ل "أموال الغد" بالعاصمة التاريخية لتركيا إسطنبول اثناء مشاركته في منتدى الاعمال الدولي ال 16 لجمعية رجال الأعمال الصناعيين المستقلين المعروف اختصاراً باسم "الموصياد" علي ضرورة قيام الدول المتقدمة الصديقة بدور اكثر فاعلية لمساندة مطالب الدول الاسلامية النامية والأقل نموا . واشار إلى أن حصة الدول الاسلامية الاقل نموا من مجمل الاستثمار الأجنبي المباشر على المستوى العالمي خلال العقد الماضي لم يسهم بشكل كافي في تحقيق التنمية المستدامة لهذه الدول حيث أنه تم توجيه معظم هذه الاستثمارات نحو قطاع استخراج الموارد الطبيعية ودون وجود قيمة مضافة عائدة على الدول المستضيفة ، مؤكدا على أهمية الالتزام بما تعهدت به الدول المتقدمة ليس كمساعدات للتنمية للدول الأقل نموا ولكن كمساهمة في شراكة للتنمية والاستقرار والأمن العالمي. وناشد الوزير الدول المتقدمة ودول الفائض في العالم الإسلامي ومؤسسات التمويل الدولية وشركاء التنمية بتكثيف الجهود الخاصة بوضع السياسات وتنفيذ البرامج والمساعدات المالية للدول الاسلامية الأقل نمواً ، وكذلك المساعدة في دعم بناء القدرات ونقل التكنولوجيا وذلك حتى تتمكن تلك الدول من تحقيق الأهداف الإنمائية وتعزيز قيم الحكم الرشيد ومكافحة الفساد ورفع كفاءة استخدام الإسهامات المقدمة للدول الاسلامية من أجل تعظيم استفادة شعوب تلك الدول من المساعدات المقدمة لها ومن الجهود المبذولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بها. وكشف صالح عن وجود رغبة لدى مصر في الانضمام لمعهد المعايير والمقاييس للدول الإسلامية (SMIIC) التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، وتبنى المواصفات القياسية التي يصدرها المعهد (SMIIC) كمواصفات قياسية مصرية ، مما سيؤدى لسهولة تبادل السلع بين الدول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي. وقال ان مصر ستستضيف ورشة عمل حول التجارة والاستثمار في إطار فعاليات منتدى التعاون العربي التركي ضمن فعاليات الدورة الثالثة للمؤتمر الصناعي العربي التركي في مايو 2013 بالقاهرة . وأضاف أن مصر مؤمنة بأهمية تعاون جنوب – جنوب والتعاون بين الدول العربية والاسلامية ، وأنها سوف تعمل بكامل طاقتها على مساعدة الدول الأقل نمواً في كافة المجالات سواء بتقديم المساعدات الفنية والتقنية أو بإرسال الخبراء المصريين لنقل الخبرات المصرية في مختلف المجالات، مؤكدا في الوقت ذاته على أن ذلك لا يجب أن يكون بأي حال من الأحوال بديلاً عن تعاون شمال – جنوب ، أو خصماً مما يقدم من إسهامات من دول الشمال إلى دول الجنوب بل يجب أن يكون إضافة له لتعظيم جهود التنمية الموجهة لدول الجنوب وبشكل خاص الدول الأقل نمواً. وحول استعدادات الحكومة المصرية لاستقبال استثمارات تركية جديدة قال صالح أن الحكومة المصرية قد قامت باتخاذ مجموعة من الإجراءات والحزم الاقتصادية خلال الفترة الماضية بما يتماشى مع احتياجات السوق المصري مما انعكس ايجابياً على إعادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر، مشيرا إلى قيام الحكومة بتخفيض الضرائب والرسوم الجمركية على بعض السلع إلى جانب قيام مصر بإبرام العديد من اتفاقيات التجارة الحرة مع عدد من الدول والتجمعات الاقتصادية الكبيرة ، وهو الأمر الذي أتاح لمصر مزايا تنافسية جديدة في جذب الاستثمارات وخاصة في مجالات التشييد والبناء والبتروكيماويات والسياحة والسلع الهندسية والغزل والنسيج والملابس ومكونات السيارات وقطع الغيار والطاقة الجديدة والمتجددة والتعدين . وفيما يخص المعوقات التي قد تقف عائقا امام الاستثمارات الاجنبية بشكل عام والتركية على وجه الخصوص قال وزير الصناعة والتجارة الخارجية أن ما يواجه مصر حاليا من بعض الصعوبات إنما هي صعوبات مؤقتة حيث بدأ الاقتصاد المصري في التعافي حتى تتبوأ مصر في أسرع وقت ممكن مكانتها الاقتصادية التي تستحقها على الخريطة العالمية وتطاول بها جنبا الى جنب مكانتها السياسية الجديدة التي حققتها لها بالفعل ثورة 25 يناير. وأكد على أن مصر ترحب بالدخول في مشاركات بين الحكومة والقطاع الخاص بنظام المشاركة (PPP) ، مشيرا إلى وجود مشروعات جاهزة بالفعل للاستثمار سواء كان 100% استثمار أجنبي مباشر أو استثمار مشترك بين القطاع الخاص أو الدخول في مشروعات البنية الأساسية مع الحكومة بنظام ال (PPP) ، داعيا الحضور لزيارة مصر والتعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة فيها حيث الأيدي العاملة والمواد الخام وأسعار طاقة المناسبة والسوق المصري الكبير بالإضافة إلى تمتع الصادرات المصرية بالإعفاء الجمركي عند دخولها لأسواق الاتحاد الأوربي ودول الكوميسا ودول الاتحاد الأوربي وأسواق الدول العربية، مبديا رغبته أن يتم تسهيل عمليات التبادل التجاري بين الدول الإسلامية على أساس من المنفعة المشتركة لكل الدول. وقال مع بداية العام المقبل ستكون مؤسسات الدولة اكتملت بوجود رئيس مدنى منتخب لأول مرة ومجلس شعب ودستور، وينعكس هذا على المستوى الاقتصادي عبر بث رسائل واشارات جيدة عن دخول مصر عصر جديد من الاستقرار، لافتا الى أن الحكومة لمست اقبالا كبيرا من المستثمرين والدول العربية والأجنبية على الاستثمار في مصر، مشيرا إلى الوفود المتعددة التي التقاها مؤخرا من السعودية والامارات وأمريكا وتركيا وإيطاليا أسفرت عن اتفاقات محددة لإقامة مشروعات جديدة في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة والزراعة والصناعات المغذية للسيارات والأخشاب والمفروشات والبتروكيماويات. واكد ان قيمة التعاقدات الخاصة بالاستثمارات المشتركة أو التبادل التجاري والاتفاقيات، التي وقعتها الحكومة خلال الشهرين الماضيين بعد لقاءات وزيارات خارجية تتراوح بين 7 و9 مليارات دولار ، مشيرا إلى أن من اهم المشروعات التي تم الاتفاق عليها مجمع بتروكيماويات باستثمارات 3.7 مليار دولار في منطقة شمال غرب خليج السويس والذى تقيمه شركة التحرير التابعة لشركة "كاربون القابضة"، ويشارك في تمويل المشروع كل من بنك الصادرات والواردات الأمريكي وبنك الصادرات والواردات الكوري والهيئة الكورية للتجارة وانتهت الشركة من دراسات المشروع ومن المقرر البدء فيه خلال الفترة المقبلة. وقال صالح اننا جئنا تركيا للترويج لخطط الحكومة المصرية اذ لديها خطة لتنمية سيناء والمناطق المجاورة لها من خلال 3 مناطق رئيسية وهى شمال غرب خليج السويس، والمنطقة الصناعية بشرق بورسعيد، ووادي التكنولوجيا بالإسماعيلية، مشيرا إلى أن هذه المناطق تضم بعض المصانع القائمة حاليا في مجالات البتروكيماويات والسيراميك وصناعة المعدات كما أن هناك مشروعات يجرى تنفيذها أو الاتفاق عليها حاليا، لافتا الى انه تمالاتفاق على اقامة 10 مشروعات جديدة بمنطقة وادى التكنولوجيا بالإسماعيلية في مجالات الخلايا الشمسية واستخدامات الرمال البيضاء باستثمارات اجمالية 2مليار جنيه. وتطرق وزير الصناعة في حواره إلى مشروع إنتاج السكر في منطقة شرق بورسعيد والذى تدخل فيه هيئة التنمية الصناعية شريكا بقيمة الأرض وتصل تكلفته الاستثمارية 400 مليون دولار لإنتاج نصف مليون طن من السكر، متوقعا أن تصدر الهيئة موافقتها النهائية على المشروع في اقل من شهر خلال اجتماع مجلس ادارتها المقبل ، وأضاف أنه من بين المشروعات التي تم جذبها لسيناء مشروع للشركة المصرية للأملاح والمعادن "اميسال" لإنتاج كربونات الصوديوم "الصودا أش" بطاقة 500 ألف طن سنويا بمنطقة بئر العبد في شمال سيناء، وتبلغ استثمارات المشروع قرابة 1.8 مليار جنيه، كما أن الحكومة تحدد خلال الفترة المقبلة بنود عقد مجموعة كوشوليك التركية لإقامة مصنع للإسمنت بجانب منجم فحم المغارة بسيناء ، وذلك باستثمارات 400 مليون دولار . من هنا أكد صالح أن الحكومة ستمنح المستثمرين الأجانب الأراضي في سيناء بحق الانتفاع وهو النظام المزمع تطبيقه فيما يتعلق بمشروع الإسمنت، بينما لا توجد مشكلة في تملك المصريين للأراضي بتلك المنطقة ، لافتا الى ان الحكومة ترى مستقبلا واعدا للاستثمار في سيناء خاصة في الصناعات القائمة على الخدمات اللوجستية والشحن والتفريغ وصناعة السفن، الا أن تفعيل هذه المشروعات يحتاج إلى وقت والعامل المهم هو توافر ارادة سياسية لتنمية وتعمير سيناء مؤكدا أن هذه الارادة لم تكن موجودة في فترة ما قبل الثورة. وأشار إلى أن هناك مخططا لتطوير المنطقة المجاورة لقناة السويس لتعظيم الاستفادة من حجم التجارة الذى يمر عبرها، موضحا أن حجم التجارة التي تمر من القناة 1.5 تريليون دولار تمثل 10% من تجارة العالم وان مصر تستفيد منها ب 5 مليارات دولار فقط في صورة رسوم ، كذلك الجال في الصعيد اذ تعكف الحكومة على دراسة مجموعة حوافز تتعلق بآليات طرح وتسعير الأراضي وتشغيل العمالة لجذب المستثمرين الى الصعيد. وكشف وزير الصناعة والتجارة الخارجية المصري عن خطة وزارته لاستئناف العمل بنظام المطور الصناعي التي توقفت منذ احداث الثورة في 2011 ، وقال انه يستهدف انشاء 18 منطقة صناعية كاملة المرافق والخدمات اللوجستية بنهاية العام المقبل 2013، مستهدفاً استثمارات تصل الى 20 مليار جنيه ، وقال صالح ان خطته تشمل البدء في تنمية المناطق الصناعية على خليج قناة السويسوسيناء "شرق بورسعيد والسويس والاسماعيلية اضافة الى دمياط والعلمين وبعض المناطق الصناعية في الصعيد، لافتا الى ان مباحثاته مع الجانب التركي تتضمنت عروضاً من شركات تركية ترغب في العمل كمطور صناعي في مصر. وفيما يخص انشاء مناطق لوجستية قال انه يستهدف استكمال انشاء مناطق في التجمعات الصناعية القائمة مثل العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر والسادات وبرج العرب والفيوم وبورسعيد والإسماعيلية لجذب استثمارات متوقعة تصل إلى 20 مليار جنيه. وأشار إلى أن نظام المطور الصناعي والذي بدأت الوزارة في تنفيذه خلال الفترة الماضية، أثبت نجاحا نسبياً لكن تخلله بعض العيوب التي ادت الى ارتفاع اسعار الأراضي الصناعية بشكل مبالغ فيه لذلك ستضمن الشروط التي تضعها الوزارة قبل طرح 5 ملايين متر مربع على شركات المطور الصناعي تحديد حد اقصى لسعر المتر مع خفض المساحات التي يتم ترفيقها لتتلاءم مع احتياجات اصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وقال وزير الصناعة ان إجمالي الأراضي التي تتوفر لدى الوزارة حالياً غير المرفقة 5 ملايين متر مربع داخل ال 18 منطقة المستهدف تنميتها ، لافتا الى ان المراحل الاربعة السابقة بنظام المطور الصناعي وفرت الكثير من الأراضي وطرحتها أمام المستثمرين في زمن قياسي ودون تحميل ميزانية الدولة أية أعباء إضافية وهذا ما نستهدفه. وفيما يتعلق بالوضع العام لقطاع الصناعة المصري قال صالح ان الربع الأول من العام الجاري شهد تحقيق نمو إيجابي لأول مرة منذ الثورة في الربع الأول من العام بنحو 6.2% مقارنة بمعدلات سالبة خلال العام السابق، مشيرا إلى أن الحكومة تستهدف 5% نموا للقطاع الصناعي خلال العام المالي الجاري كما تسعى لتوفير 700 ألف فرصة عمل 150 ألف منها للنشاط الصناعي ، مشيراً إلى أن النمو الإيجابي يعطى اشارات حول عودة الثقة للمستثمرين في الاقتصاد المصري ورغبتهم في التوسع والاستثمار خلال المرحلة المقبلة. وقال ان الحكومة ترصد بالفعل رغبة لدى المستثمرين للتوسع واقامة المشروعات سواء المحليين أو الأجانب، مشيرا إلى أن المزايا النسبية لمصر لم تتغير بعد الثورة وان هناك ادراكاً بأن الظروف الأمنية والسياسية التي مرت بها البلاد مؤقتة، وأن الأوضاع الأمنية تتحسن بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة وأنها في حالة تطور مستمر، ولم ينف صالح اتجاه العديد من المستثمرين لتصفية أعمالهم في مصر خلال الفترة الأخيرة الا أنه بررها بظروف الاقتصاد العالمي والتباطؤ الذى تشهده أوروبا، مشيرا إلى أن بعض المصانع أقيمت في مصر اعتمادا على تصدير منتجاتها لأوروبا وأن الأزمة التي تمر بها الأخيرة أضرت بمصالح هذه المشروعات.