فى الوقت الذي أصدر فيه القضاء الإداري بمجلس الدولة حكماً بوقف تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور وإعادة تشكيلها مجدداً، نادى العديد من السياسيين وقادة الرأي والمثقفين القوى الوطنية والسياسية بسرعة الجلوس من أجل التوافق حول تشكيل هيئة دستورية جديدة تضمن تمثيل فعلى لكل طوائف المجتمع بتياراته السياسية والثقافية والإجتماعية المختلفة ، لكتابة دستور ديمقراطي يليق بمصر بعد الثورة، جاء ذلك متزامناً مع اطلاق مبادرة من قبل بعض النقباء والحزبيين ونواب بالبرلمان المصرى تطالب بإعادة تشكيل اللجنة التأسيسية تحت مظلة الأزهر. مبادرة الازهر ومن جانبه التقى أمس الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عددًا من ممثلي القوى السياسية والحزبية والنقابية، من بينهم نقباء المحامين والتجاريين والتطبيقين والسينمائيين، وبعض أعضاء مجلس الشعب، حيث طرحت مبادرة لقيادة الأزهر للجمعية التأسيسية للدستور. وأكد الطيب أن الأزهر الشريف ليس مؤسسة سياسية ولا حزبية ولا فئوية بل مؤسسة وطنية عبر تاريخه ولا يستطيع أن يتقهقر وقت الأزمات التي تلم بالوطن، كما كان في عهده حينما قاد المقاومة الوطنية ضد الفرنسيين والإنجليز. وقال شيخ الأزهر إن الثقة الغالية لجميع التيارات والأحزاب والنقابات بشأن الدور الوطني للأزهر الشريف، تجعله لا يسعه إلا تلبية نداء الوطنية كما كان عهده على مر التاريخ، وإنه سيبدأ على الفور باتخاذ جميع الخطوات لتلبية آمال وطموحات الوطن. وطالب سامح عاشور، نقيب المحامين، والعديد من قادة الأحزاب ورؤساء النقابات التجارية والمهنية والتطبيقية، بضرورة أن يضطلع الأزهر بدوره الوطني كما كان طوال تاريخه العريق، ويعلن عن مبادرة جديدة لإنقاذ مصر، على غرار الوثائق التاريخية التي أصدرها في الآونة الأخيرة، والتي لاقت قبولاً شعبيًا واسع النطاق من التيارات والائتلافات والأحزاب ومختلف القوى الوطنية بكل ميولها السياسية والوطنية والثورية، مما يتطلب من الأزهر الآن بأخذ المبادرة لإصدار وثيقة حول وضع المعايير الجديدة للجنة الدستور. أضاف نقيب المحامين أن تلك المبادرة الجديدة للأزهر والتي تعتبر بمثابة سفينة إنقاذ للوطن ستجد ترحيبًا واسع النطاق من جميع الأحزاب والتيارات وجموع الشعب المصري لإيمانهم بأن الأزهر الشريف فوق العمل السياسي أو الحزبي. وقال عماد جاد، عضو مجلس الشعب: "إنني كمسيحي أشعر بالأمان والطمأنينة حينما يتصدر الأزهر الشريف المشهد الوطني لأنه لا يتحيز لفئة ضد فئة، ولا لتيار ضد آخر، لأنه يعبر عن ضمير جميع المصريين بمختلف ميولهم". وفي نهاية اللقاء، اتفق الحاضرون على أن تكون بداية تفعيل وثيقة الأزهر، بأن يتولى الإمام الأكبر الاتصال بجميع التيارات والأحزاب والقوى الوطنية والنقابات، ومطالبتهم بموافاة الأزهر بالاقتراحات والدراسات التي يرونها صالحة للوطن في هذا المجال، وتشكيل لجنة لدراسة الاقتراحات والدراسات واختيار الجامع المشترك بينها لتكون أساسًا للمناقشة حولها، وبعدها يتم دعوة الجميع إلى مؤتمر عام لإعلان هذه الوثيقة بعد توقيعها من المشاركين . الكتاتني: الأحكام القضائية واجبة النفاذ ومن جانبه قرر الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب ورئيس الجمعية التأسيسية للدستور تأجيل الاجتماع الذي كان مقرراً للجمعية التأسيسية للدستور مساء أمس الأربعاء؛ احتراماً لحجية الأحكام القضائية واجبة النفاذ وإعلاء لسيادة الدستور والقانون. قال الكتاتنى ، إن موضوع الحكم الذى صدر ببطلان الجمعية التأسيسية فيه تفاصيل كثيرة سيكشف عنها فى الوقت المناسب، وأضاف - ردا على كلام أثارته النائبة ماريان ملاك أن الموضوع فيه تفاصيل ولا أريد أن أتدخل فى شأن السلطة القضائية، وأعلنت أننى أحترم أحكام القضاء، لكن هذا الأمر فيه تفاصيل كثيرة سأكشف عنها فى الوقت المناسب". جدل قانوني بشأن تأسيسية الدستور اكد المستشار أحمد كشك، عضو هيئة قضايا الدولة، إن حكم القضاء الإدارى بإيقاف تنفيذ قرار تشكيل اللجنه التأسيسية للدستور. يعد فرصة ثمينة لإعادة تشكيل اللجنة على نحو يتفق والأعراف الدستورية السائدة فى دول العالم الحر، ومنها أن يكون تشكيل اللجنة شاملا لكافة أطياف المجتمع المصرى وألا تتعارض عضوية اللجنة مع الهدف منها، حتى لا تثور الشكوك حول مدى شرعية هذة اللجنة. ومن جانبه وصف المستشار طارق البشرى حيثيات حكم القضاء الإدارى القاضى ببطلان تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور ب"المتناقضة"، مؤكدا أن من حق نواب البرلمان انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية من داخل أو خارج البرلمان بحسب نص المادة 60 من الإعلان الدستورى. وفسر البشري حديثه؛ بأن المحكمة قالت إن قرار تشكيل اللجنة التأسيسية ليس من أعمال التشريع إنما قرار إدارى، لكن الحيثيات ذكرت أنه لا يجوز لأعضاء اللجنة اختيار أنفسهم، وهم أعضاء السلطة التشريعية، بدعوى أنه يجب ألا تتدخل السلطة التشريعية أو التنفيذية فى عمل الجمعية التأسيسية. وقال البشرى، الذى رأس لجنة التعديلات الدستورية، إن التفسير السليم الذى قصده أعضاء اللجنة لنص المادة 60 هو إطلاق يد نواب مجلسى الشعب والشورى المنتخبين فى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية. وأضاف البشرى أن الاستخدام الدستورى للفظ "انتخاب" الواردة فى المادة 60 لا يعنى قصر اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية من خارج هيئة الناخبين، بل يمتد ليشمل الداخل والخارج، مستشهدا بالمادة 103 من دستور 1971، المعطل التى تنص على أن "ينتخب مجلس الشعب رئيسه ووكيليه فى أول اجتماع له"، وبذلك لا يختار مجلس الشعب رئيسه ووكيليه من خارج المجلس. وشدد البشرى على أن مراجعة المعنى اللغوى للفظ "انتخاب" فى المعجم الوسيط، الصادر من مجمع اللغة العربية، تؤكد أن معناها الاختيار المطلق، والأمر ذاته واضح فى المعجم القانونى الصادر من مجمع اللغة العربية أيضا. وأوضح أن هناك قاعدة قانونية راسخة تقول "العام يؤخذ على عمومه ما لم يوجد ما يخصصه، والمطلق يؤخذ على إطلاقه ما لم يوجد ما يقيده فى نص آخر"، مفسرا ذلك بقوله إن المادة 60 عامة وتطلق حق النواب فى تشكيل الجمعية التأسيسية، دون قيد عليهم فى النص ذاته أو غيره، ولم نشأ ونحن نصيغ هذه المادة وضع أى قيود على عمل النواب المنتخبين، بحسبانهم الفائزين بمقاعد السلطة التشريعية بالإرادة الشعبية". دعوات لتوافق حول لجنة تأسس لدستور ديمقراطي ومن جانبه قال المهندس خيرت الشاطر المرشح لرئاسة الجمهورية عن حزب الحرية والعدالة الزراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين ، " أن مصر فى حاجة إلى الجميع وإلى وضع دستور يؤسس لدولة ديمقراطية حديثة ويمهد للنهضة المرجوة". وطالب الشاطرالقوى السياسية إلى الجلوس والإتفاق علي أفضل الحلول لتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، مؤكداً على ضرورة احترام القانون وأحكام القضاء. وأكد الكاتب والمحلل السياسي أسامة الغزالي حرب أن "الدستور بحكم طبيعته وأهميته لابد أن تضعه الأمة كلها من خلال هيئة تضم ممثلين لكل فئات الشعب، اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا وإقليميا بلا أي إقصاء أو تمييز". وأضاف الغزالي أنه "لا يوجد في قاموس الصراع الديموقراطي المشروع ما يسمى بإمكانية التنازل عن الحقوق التي تمنحها صناديق الانتخابات لطرف أو فصيل سياسي أو حزب ما، ففي الديموقراطية من حق الفائز أن يحكم ومن حق الخاسر أن يعارض ويتطلع للفوز في الانتخابات التالية بإرادة الشعب وحده، ولذلك فإن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور أمر في غاية الأهمية والحساسية، وينبغي أن يكون حائزاً على رضا الجميع بأقصى درجة ممكنة، وتلك مسألة تختلف عن اختيار الشعب لممثليه في الانتخابات العامة لعضوية البرلمان. الدستور هو الذي ينشىء البرلمان، وبالتالي فلا يتصور أن يضع البرلمان الدستور" فى الوقت ذاته قال د.عمار على حسن الكاتب والباحث السياسي :" يجب أن يختار البرلمان اللجنة علي أساس "الجدارة والاستحقاق" مضيفاً " أنه لابد من هذا التوافق قبل أن يفرض علينا" ، مطالباً القوي السياسية فى مصر بالجلوس سريعاً من أجل التوافق حول "لجنة تأسيسية" جديدة تليق بدستور مصر بعد ثورتها العظيمة من اجل وضع دستور جديد للبلاد . وترى الصحفية المتخصصة في مجال الشؤون السياسية الداخلية المصرية، يمنى عبد العزيز أن " القرار القضائي جاء ليفسح المجال تحت مظلة سيادة القانون لإنهاء الأزمة بصورة كريمة ومشرفة وديموقراطية، والعرف السياسي والتقاليد التاريخية والخبرات الدستورية في ديموقراطيات عريقة تؤكد على أنه يتوجب عند صياغة الدستور ألا يهيمن حزب أو طرف أو فريق ما على بقية الأطراف والقوى السياسية والأطياف المجتمعية ويفرض رؤيته وحدها". وأضافت "لا بد من ضرورة مراعاة الاختيار في تشكيل اللجنة التأسيسية الجديدة للدستور، بحيث تقوم على شرطي الحياد والتنوع، وأن تتمثل في اللجنة كافة النقابات والمنظمات الحقوقية ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، بحيث تكون معبراً حقيقياً عن كافة طوائف الشعب المصري".