جريده الشروق استطاع المستثمرون الأجانب أن يضاعفوا حصصهم في الشركات العامة التي تمت خصخصتها خلال عشر سنوات، "وهو ما انعكس بشكل إيجابي على أداء هذه الشركات "، تبعا لما توصلت إليه ورقة بحثية صادرة حديثا عن منتدى البحوث الاقتصادية، كتبها محمد عمران، نائب رئيس البورصة المصرية . وتتناول الورقة البحثية أداء 52 شركة، هي أكبر الشركات التي تمت خصخصتها في الفترة من 1995 إلى 2005 من حيث القيمة، وتتابع تطور أدائها بعد الخصخصة، من خلال النظر إلى البنية الملكية الناجمة عن عملية الخصخصة وتطورها، وهوية الملكية ومجلس الإدارة، وتأثيرها على أداء تلك الشركات، التي تندرج تحت قطاعات صناعية مختلفة تشمل الأدوية والكيماويات، والتعدين والصناعات المعدنية، والبناء والعقارات والأغذية، والصناعات الهندسية . ورغم أن الدولة تتخلى بمضي الوقت عن سيطرتها الاقتصادية لصالح القطاع الخاص، لكنها لا تزال تسيطر على أكثر من 35% من الشركات العامة، " تتركز في صناعات إستراتيجية، مثل الأدوية والألومنيوم "، كما تشير الدراسة . ويختلف توزيع الشركات التي تمت خصخصتها بين أنواع مختلفة من الملكية الخاصة، ما بين المؤسسات المحلية، والمستثمرين الأجانب، واتحادات العمال، والأفراد، و "تلعب العوامل الخاصة بحجم الشركة ونمو مبيعاتها وتوقيت الخصخصة وطريقتها، دورا مهما في تحديد نمط تركز الملكية الخاصة ". وتشير الدراسة إلى أن هيكل الملكية الخاصة للشركات التي تم بيعها من قبل الدولة يتجه خلال السنوات العشر (1995-2005) نحو مزيد من التركز لصالح المستثمرين الأجانب، الذين اشتروا من الدولة بشكل مباشر كمستثمرين رئيسيين في طرح خاص، أو من خلال الطرح العام عن طريق البورصة . فرغم أن نسبة المؤسسات المحلية هي الأكبر بين المشترين لشركات أو حصص في شركات عامة، فإنها لم تتغير تقريبا على مدى السنوات العشر، حيث ظلت تدور حول 23%، بينما ضاعف المستثمرون الأجانب نسبتهم خلال نفس الفترة لترتفع من 5.8% إلى 11.7% من ملكية الشركات المبيعة . أما المستثمرون الأفراد فقد ارتفعت نسبتهم من 16% في بداية الخصخصة إلى 18.5% في 2005. ويسهم أسلوب الخصخصة من خلال الطرح الخاص أو الطرح العام لنسب حاكمة في الشركات في تركز الملكية بشكل أكبر لصالح القطاع الخاص، وهو ما تراه الدراسة مفيدا لأداء الشركات كما يظهر من حجم أرباحها خلال السنوات التالية للخصخصة . كما تذهب الدراسة إلى أن ملكية المستثمرين الأجانب للشركات تنعكس إيجابيا على أدائها، "نتيجة لما يضيفونه من آليات أفضل للإدارة والرقابة، بالإضافة لنقل التكنولوجيا والمهارات التي تسهم في رفع قيمة الشركات ". وفي المقابل فإن ملكية العاملين، "التي تلجأ إليها الحكومات في دول العام لامتصاص رفض العمال للخصخصة "، كما تشير الورقة البحثية، تؤثر سلبيا على أداء الشركات، خاصة أن اتحادات العمال لم تتمكن من زيادة حصصها في الشركات طوال فترة السنوات العشر، نتيجة لعدم قدرتهم على سداد كامل قيمة الأسهم التي خصصت لهم في معظم الأحيان . أما تأثير التغيير في الهيكل الإداري للشركات فتراه الدراسة إيجابيا على أدائها بعد الخصخصة، "حيث تحسن أداء الشركات التي زادت فيها نسبة المديرين القادمين من خارجها، بشكل أكبر من تلك التي أبقت على نفس التشكيل الإداري لديها ولم تقرن خصخصة حصص من الملكية بخصخصة الإدارة "، كما تقول الدراسة . وتقدم الورقة البحثية توصياتها لصانع القرار بعدم بيع المشروعات التي تمتلكها الدولة للعاملين بالشركات، نظرا لعدم كفاءة هذا الأسلوب في تحسين أداء الشركات، كما تنصح الدولة بدرجة كبيرة بأن تتخلى عن السيطرة على الشركات "وأن تفتح المجال أمام التغييرات في مجالس الإدارة عقب عملية الخصخصة . إذ إن تغيير الملكية في ذاته قد لا يؤثر على أداء الشركة ما لم يصاحب ذلك التغيير اتباع أسلوب جديد في الإدارة ".