مصر الأولى عالميا بشهادة بودابست و24 مليار جنيه قيمة أصول 638 صندوقا تصدرت قضايا إصلاح صناديق التأمين الخاصة الندوة التى نظمتها مجلة «أموال الغد» بمقر الهيئة المصرية للرقابة على التأمين بمناسبة المؤتمر السنوى الرابع لصناديق التأمين الخاصة تحت رعاية الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار. ودعا الخبراء والمشاركون فى فعاليات الندوة إلى ضرورة استحداث أوعية استثمارية جديدة أكثر ربحية وأقل مخاطرة بهدف رفع الملاءة المالية للصناديق. وناقش مسئولو الصناديق التحديات التى تواجه مستقبل صناديق التأمين الخاصة فى مصر وخطط الهيئة لتطوير القطاع الذى يبلغ إجمالى أصوله نحو 24 مليار جنيه موزعة على 638 صندوقا تضم 4.66 مليون مشترك؛ فضلا عن معايير اختيار مديرى هذه الصناديق وغيرها.. والى تفاصيل الندوة. فى البداية أكد الدكتور عادل منير، رئيس الهيئة المصرية للرقابة على التأمين، أن المتغيرات الاقتصادية التى شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة وكذلك التخفيضات المتتالية لأسعار الفائدة فى البنوك المركزية أظهرت الحاجة إلى سياسات استثمارية مبنية على الفهم الجيد للسوق خاصة أن معظم استثمارات صناديق التأمين الخاصة فى مصر عبارة عن ودائع بالبنوك وشهادات استثمار وسندات حكومية وأذون خزانة، وهو ما جعل المراكز المالية لهذه الصناديق آمنة وتحقق عائدا يفوق ما تحققه الصناديق الأخرى حتى اليوم، ومن ثم فنحن فى ظل المتغيرات الاقتصادية نتوجه للمزيد من الاعتماد على الفكر المتحرر والمرونة فى الاستثمار. وقال د.منير ان الهيئة تراقب سلامة الملاءة المالية لصناديق التأمين الخاصة منذ إنشاء هذه الصناديق وذلك بناء على تقرير الخبير الاكتوارى، كما تتابع الهيئة سنويا الجمعيات العمومية لكل صندوق. ولعل أحد أسباب عدم تأثر صناديق التأمين الخاصة بشكل كبير بالأزمة المالية العالمية هو أن السياسة الاستثمارية للصناديق تعتمد بشكل كبير على الاستثمارات الآمنة التى يتوافر بها عامل ضمان رأس المال ومحدودية المخاطر، وهو ما ينعكس على استثمارات صناديق التأمين منذ عشرات السنين التى كانت تتركز بشكل كبير فى ودائع البنوك وسندات الخزانة. وقال د.عادل منير رئيس الهيئة ان إجمالى استثمارات صناديق التأمين الخاصة فى أسواق المال بلغ نحو 450 مليون جنيه عام 2007 وقفز إلى 777 مليون جنيه عام 2008 أى أنها حققت نموا فى حجمها بأكثر من النسبة المتحققة فى نمو الصناديق نفسها. وأوضح أن دور الهيئة الرقابى يقتصر على التأكد من قانونية الصناديق وسياساتها الاستثمارية ومعاييرها الاكتوارية، كما أنها لا تتدخل فى اختيار مديرى الصناديق،إضافة إلى أنه لا توجد أى قيود فى تسجيل صناديق التأمين الخاصة وبالتالى فى ظل عدم وجود خبرة كافية فى إدارة الصناديق فان القائمين عليها يفضلون استثمار أموالها فى شكل ودائع فى البنوك. وبيّن رئيس الهيئة أن مشروع قانون صناديق التأمين الخاصة الجديد سيمنح بنوك الاستثمار الفرصة ليصبح مديرو الاستثمار بها معتمدين من قبل هيئة الرقابة الموحدة، مما سيعطيهم المصداقية الكافية لتعتمد عليهم صناديق التأمين الخاصة بصورة أكثر تنظيما واحترافية خاصة أن مشروع القانون الجديد سيشترط على الصناديق أن يضم مجلس إدارتها عضوين من ذوى الخبرة إضافة إلى جواز استعانة الصندوق بمدير استثمار معتمد من الهيئة. ويرى أن قطاع صناديق التأمين الخاصة ما زال أمامه العديد من الفرص للنمو،خاصة مع مشروع قانون هيئة الرقابة الموحدة التى ستندمج تحت مظلتها هيئة سوق المال والتى تشرف على بنوك الاستثمار وهيئة الرقابة على التأمين وهيئة التمويل العقارى ، مما سيحقق مزيدا من التواصل بين صناديق التأمين الخاصة وبنوك الاستثمار وهو ما سيعظم عوائد تلك الصناديق خاصة أن الأسواق المالية فى الوقت الراهن جاذبة على الاستثمار بعد أن وصلت أسهم الشركات المتداولة فى سوق الأوراق المالية إلى مستويات جاذبة تمثل فى بعضها فرصا جيدة للاستثمار وتحقيق عوائد مرتفعة ويتم هذا من خلال مديرى الاستثمار وبعض دراسات مالية وتحليلية للسوق من عدة جوانب. وأكد د.منير أيضا أن الهيئة بصدد إعداد برامج تدريبية لمديرى الاستثمار بالصناديق وبنوك الاستثمار التى تتعامل مع الصناديق لتنمية السياسات الاستثمارية لصناديق التأمين الخاصة. ونوه بأن صناديق التأمين الخاصة للمؤسسات عندما تستثمر أموالها فى المجالات التى تتخصص فيها تلك المؤسسات فإن ذلك من شأنه تعظيم ربحية الصناديق بأكثر من أى مشروعات أخرى وبمعدلات مخاطر أقل وهو ما تحقق بالفعل فى المشروعات العقارية التى تديرها شركة المقاولون العرب وتمول جزءا منها بأموال صندوق التأمين الخاص بالعاملين فى الشركة، وهذه ليست التجربة الوحيدة فهناك العديد من صناديق التأمين الخاصة التى تستثمر جزءا من أموالها فى مشروعات تديرها المؤسسات التى تتبعها تلك الصناديق مثل صندوق العاملين بمؤسسة أخبار اليوم ومؤسسة الأهرام وكذلك البنك الأهلى المصرى. وحول خطوات مشروع قانون صناديق التأمين الخاصة الجديد أشار د.عادل منير، رئيس الهيئة،الى أن مسودة القانون روجعت بالفعل من قبل الهيئة ومن ثم تم رفعها لوزارة الاستثمار التى أرسلتها إلى مجلس الدولة الذى أبدى ملاحظاته عن مشروع القانون. وبالسؤال عما إذا كان تحرير توظيف أموال صناديق التأمين الخاصة فى صالحها أم ضدها أفاد د.منير أن دور الرقابة يمثل عاملا مهما فى تحقيق معدلات الأمان المطلوبة فى استثمارات صناديق التأمين الخاصة إضافة إلى تحقيق معدلات النمو المطلوبة التى يحددها الفحص الاكتوارى فى ضوء التزامات الصندوق تجاه أعضائه. إعلان بودابست وحول أداء القطاع فى مصر مقارنة بالدول الأخرى، أشار الدكتور على العشرى، مساعد رئيس الهيئة المصرية للرقابة على التأمين،الى أن صناديق التأمين الخاصة فى مصر تعد الأولى عالميا من حيث عائد الاستثمار، وبلغت نسبة نموها المتوسطة نحو 10.5% كما حققت بعضها نسبا جاوزت 13% وذلك حسب أحدث دراسة مسحية لقطاع صناديق التأمين الخاصة أجرتها المنظمة الدولية لمراقبى صناديق التأمين الخاصة، وتم الإعلان عنها فى العاصمة المجرية بودابست فى مارس الماضى. وبسؤاله عن صناديق التأمين البديلة أفاد بأنها غير خاضعة لرقابة الهيئة، وأشار إلى أن الصناديق التى تنشئها بعض الجهات الحكومية كبديل عن التأمينات الاجتماعية أو ما يعرف ب “الصناديق البديلة” لا تخضع لرقابة الهيئة وأنها تخضع لرقابة وزارة المالية وتُنشأ بموافقتها ويبلغ عددها الحالى 5 صناديق، وهى غير خاضعة للضرائب،إلا أن هذا النوع من الصناديق فى طريقه للاختفاء فى ظل مشروع قانون صناديق التأمين الخاصة والذى سيجعل الهيئة المصرية للرقابة على التأمين مسئولة عن الرقابة على كل صناديق التأمين بكل أشكالها كما أكد العشرى أنه لا يوجد حاليا أى توجه للموافقة على صناديق بديلة. وعن المعايير المحاسبية الجديدة وتطبيقها على صناديق التأمين الخاصة أشار د. العشرى إلى حرص الهيئة على الالتزام بقواعد الإفصاح والشفافية. وفى الأول من يوليو 2007 تم تطبيق المعايير المحاسبية المصرية على كل صناديق التأمين الخاصة فى مصر، كما سيبدأ تطبيق المعايير المحاسبية المصرية الجديدة والمتوافقة مع المعايير الدولية فى الأول من يناير عام 2010، فضلا عن أن من أهم المميزات للمعايير الجديدة مشاركة جهة الرقابة للمراجعين والمدققين الماليين فى أدوات الفحص والأوراق المتممة لدفاتر الحسابات الختامية، مما سيجعل نتائج أعمال الصناديق تعبر بواقعية أكثر عن أوضاع الصناديق. وقال ان تقارير البنك الدولى حول الاستثمار طويل الأجل تؤكد أن الاستثمار فى صناديق التأمين الخاصة هو الأعلى من حيث معدلات الربحية على مدار التاريخ وذلك حتى فى فترات الحروب مثل الحرب العالمية الثانية. احترافية اكتوارية وعن مدى احترافية الخبرة الاكتوارية فى مصر مع وجود صناديق حققت عجزا اكتواريا مثل صندوق العاملين ببنك مصر الدولى الذى أظهر عجزا اكتواريا عندما تمت عملية الاستحواذ على البنك، أجاب وائل عبد الهادى الخبير الاكتوارى بالهيئة أن صندوق بنك مصر الدولى هو صندوق بديل للتأمينات الاجتماعية والبنك كان يضمن عجز الصندوق عن طريق رأس مال البنك وكانت معدلات إقراض الصندوق عالية الارتفاع إضافة إلى أن البنك كان يضمن لأعضاء الصندوق 11% عائد نمو،إلا أن الصندوق لم يكن يُقيّم وفق المعايير التى تستخدمها الهيئة المصرية للرقابة على التأمين ومنذ بداية يناير الماضى ويُقيّم الخبراء الاكتواريون الصناديق عن طريق “نظام الملاءة” ففى حال توقف الصندوق يجب أن يستطيع سداد التزاماته. ويصنف صندوق بنك مصر الدولى كصندوق بديل ويختلف عن صناديق التأمين الخاصة وذلك حسب قانون 61 لعام1980 للتأمينات الاجتماعية. وأشارالى أن المعايير والدراسات الاكتوارية تلعب دورا أساسيا فى تحديد معدلات النمو المطلوبة لكل صندوق تأمين خاص على حدة، كما ان الخبير الاكتوارى يحرص عند إنشاء أى صندوق على سلامة المركز المالى لكل صندوق ومراعاة التوازن لدى الصندوق بين استثماراته والتزاماته تجاه الأعضاء بحيث لا يطغى أى منها على الأخرى، ويتوقف ذلك على العديد من العوامل منها عدد الأعضاء وأعمارهم وحجم اشتراكاتهم ونوع الصندوق سواء كان صندوق مزايا محددة فقط أو مزايا محددة ومعاشات شهرية أو صندوق ادخار أو صندوق مزايا، ومن هنا فالقانون يلزم كل صندوق تأمين خاص بتقديم تقرير اكتوارى كل 5 سنوات وهناك الكثير من الشركات تلتزم ذاتيا بتقديم هذا التقرير سنويا وذلك لتقييم الملاءة المالية للصندوق بصفة دورية. الربحية وعن أهمية دور بنوك الاستثمار فى تشغيل أموال صناديق التأمين الخاصة، أكد نبيل فرحات العضو المنتدب بمجموعة كايرو كابيتال للاستثمار أن استثمارات صناديق التأمين الخاصة هى استثمارات تأخذ فى الغالب شكل الاستثمارات طويلة الأجل، وتهدف هذه الاستثمارات إلى الوفاء بالتزامات الصندوق وتحقيق عوائد ذات مخاطر منخفضة من خلال استثمارات آمنة ومضمونة. ويرى فرحات أن بنوك الاستثمار إذا نجحت فى تقديم معادلة “ضمان رأس المال + مخاطر أقل + معدل ربحية” فهى بذلك ستضمن أن يتجه إليها جزء كبير من أموال صناديق التأمين الخاصة. ويرى فرحات أن عدد الصناديق لا يزال فى طور النمو إذا ما قارنا مصر بدول تتشابه ظروفها الاقتصادية والاجتماعية مع مصر مثل الهند، فعدد الصناديق فى مصر لا يتناسب مع حجم الكتلة السكانية. كما أن صناديق التأمين الخاصة ما زالت تفتقر للقواعد السليمة لإدارة الاستثمار وذلك لأن مديرى الصناديق يتم اختيارهم عن طريق الانتخاب من قبل مجالس إدارة الصناديق وفى كثير من الأحيان قد لا تكون لديهم الخبرة الكافية لإدارة الصناديق.