قال محللون صينيون إن أزمة الديون الأمريكية الأخيرة، دقت هذه المرة جرس الإنذار لأسلوب استثمار احتياطي النقد الأجنبي الصيني الذي يعتمد على سوق الديون الأمريكية بصورة كبيرة .. موضحين أن السبيل الأساسي لتخليص الصين من ورطة احتياطات النقد الأجنبي الهائلة تتمثل في تسريع تعديل الهيكل الاقتصادي وتوسيع الاحتياجات الداخلية وخفض اعتمادها على الاستثمارات والصادرات وتحقيق النمو الاقتصادي بإدارة التطور التكنولوجي والاحتياجات الداخلية. وأضاف في تقرير للتليفزيون الصيني "سي سي تي في" اليوم "الأربعاء"، حول أزمة الديون الأمريكية الأخيرة أنه على الرغم من انتهاء أزمة التخلف عن سداد الديون الأمريكية غير المسبوقة بعد أن وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على مشروع قانون لرفع سقف الديون، إلا أن "الصين لا تزال لديها من الأسباب لتبقى مضطربة وقلقة نظرا لأن موجات مشاكل العجز الأمريكية المتتابعة ستصل إلى شواطئ الصين باستمرار". وقال لو فنغ أستاذ الاقتصاد في جامعة "بكين" الصينية إنه بالنسبة للصين، التي تعد الدائن الأجنبي الأكبر للولايات المتحدة، فقد أثرت أزمة الديون الأمريكية في احتياطيها الهائل من النقد الأجنبي بصورة مباشرة وواضحة .. موضحا أن رفع سقف الديون سيبعد الولاياتالمتحدة عن التهديدات المباشرة من نفاذ قدرة الاقتراض للحكومة الفيدرالية، وهو ما يعنى أن قيمة أصول الصين بالدولار الأمريكي لن تشهد انخفاضا في الوقت الراهن". وأشار إلى أن "الإحصاءات الحكومية الصينية أكدت أن احتياطي النقد الأجنبي للصين بلغ نحو 2ر3 تريليون دولار أمريكي حتى نهاية يونيو هذا العام، من بينها 153ر1 تريليون دولار أمريكي من سندات الخزانة الأمريكية حتى نهاية إبريل". وأوضح لو أن زعماء الصين دعوا مرارا حكومة الولاياتالمتحدة إلى تجنب تنفيذ التدابير التي قد تؤدي إلى تآكل قيمة الدولار وتلك المقتنيات .. معربا عن أمل بلاده أن تتخذ حكومة الولاياتالمتحدة إجراءات مسئولة لرفع ثقة الأسواق المالية الدولية وتحترم مصالح المستثمرين"، وهو نفس فحوي بيان مصلحة الدولة للرقابة على النقد الأجنبي بالصين". وأضاف لو أن "مأساة الديون بعثت برسالة الى الحكومة الصينية، مفادها أنه ينبغي عليها أن تسرع في إصلاح الهيكل الاقتصادي وتعديل هيكل احتياطي النقد الأجنبي".ويتفق اقتصاديون صينيون مع رأى لو على نطاق واسع، حيث الاهتمام بتنويع احتياطي النقد الأجنبي إلى حد كبير، نظرا لأن الدولار الأمريكي لا يزال يواجه خطر انخفاض القيمة على المدى البعيد . من جانبه أعرب بنك الشعب الصيني، (البنك المركزي) عن أن الصين ستستمر في تنويع استثماراتها بالعملات الأجنبية وتعزيز إدارة المخاطر وذلك للتخفيف من تأثير تقلبات السوق المالية العالمية على الصين. وفي بيان له قال تشو شياو تشوان، محافظ البنك المركزي الصيني "إن الصين ترحب بالخطوة المتقدمة التي قامت بها الولاياتالمتحدة في تعاملها مع مشكلة ديونها وذلك برفع سقف الدين العام، مضيفا بأننا سوف نولي اهتمام اكبر لعملية تنفيذ الرفع في مراحله المختلفة، ورغم ذلك لا يمكن تعديل هيكل احتياطات الصين للنقد الأجنبي في وقت قصير لأن الدولار الأمريكي لا يزال مكانا آمنا نسبيا للاستثمار مقارنة مع العملات الأجنبية الأخرى، وحجم تزايد الأصول من الأنواع الأخرى لا يكفي لهضم احتياطات الصين الضخمة بالنقد الأجنبي". من ناحية أخري تواجه الصين أيضا ارتفاع الضغوط التضخمية المستوردة لأن برنامج الحكومة الأمريكية لتسوية أزمة الديون سيؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق الدولية، مما قد يخل بجهود الحكومة الصينية في ضبط الأسعار . وقال وانغ قوه شينغ نائب رئيس معهد "بودونغ" الصيني لاقتصاد الولاياتالمتحدة بشانغهاى إن "عبئا متزايد الثقل على اقتصاد الولاياتالمتحدة سيدفع باتجاه تعديل اتجاه الاستثمار ويضعف نيات العالم في شراء الدولار، وبالمقابل سيرفع أسعار السلع الدولية". وكان مؤشر أسعار المستهلكين في الصين في يوليو، وهو مؤشر رئيسي للتضخم، قد تجاوز أعلى مستوى في ثلاث سنوات وبلغ 4.6 بالمائة، وفي محاولة لمواجهة ارتفاع الأسعار، رفع البنك المركزي معدلات الفائدة ثلاث مرات ورفع نسبة الاحتياطي الإلزامي ست مرات منذ بداية هذا العام. يذكر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان قد وقع يوم 2 أغسطس الجاري على مشروع قانون لرفع سقف الديون الأمريكية 1.2 تريليون دولار أمريكي على الأقل وخفض العجز المالي في الميزانية بواقع 1.2 تريليون دولار خلال العشر سنوات المقبلة. كما خفضت وكالة "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من العلامة (ايه ايه ايه) الممتازة الى العلامة (ايه ايه بلس) المستقرة، بعد أيام فقط من نجاة إدارة الرئيس الأمريكي بصعوبة من التعرض لازمة التخلف عن سداد الديون غير المسبوقة