بعد عام من تفجر أزمة ديون دبي بدأت الثقة تعود إلى الإمارة، لكن مشكلة هيكلة الديون لا تزال قائمة. وكانت مؤسسة دبي العالمية -وهي إحدى المؤسسات الحكومية الرائدة- قد أحدثت هزة في أسواق المال قبل عام عندما أعلنت عزمها الطلب من الدائنين تأخير سداد 23.8 مليار دولار من الديون المتراكمة، مما أدى إلى هبوط الثقة في هذه المؤسسة. وتراكمت الديون على المؤسسة بعد سنوات من الإنفاق على مشروعات عقارية ضخمة نفذتها شركة النخيل التابعة لها والتي تعتبر في قلب المشكلات المالية لدبي، وعلى الاستثمار في عقارات عالمية من خلال شركة استثمار العالمية خلال سنوات الطفرة، عندما ارتفعت أسعار العقارات في العالم وفقا وول ستريت جورنال عودة الثقة وبدأت ثقة المستثمرين تعود شيئا فشيئا إلى الإمارة منذ توصلت دبي العالمية والدائنون في الشهر الماضي إلى إعادة هيكلة ديونها التي تصل حاليا إلى 25 مليار دولار بعد أكثر من 10 أشهر من المفاوضات. وقدمت حكومة أبو ظبي مليارات الدولارات لحكومة دبي لمساعدتها في تخطي أزمة الديون ولتعزيز الثقة فيها وفي المؤسسات التابعة لها. وفي نهاية سبتمبر/أيلول الماضي عادت دبي إلى أسواق المال وباعت ما قيمته 1.25 مليار دولار من السندات. لكن القلق إزاء الدين شبه الحكومي لدبي عاد مرة أخرى هذا الشهر بعدما أثيرت أسئلة حول التزامات الحكومة الائتمانية والمؤسسات التابعة لها، خاصة دبي القابضة التي يسيطر عليها الشيخ محمد بن راشد المكتوم. وقال المحلل في بنك جي.بي مورغان بالولايات المتحدة ظفر نظيم في مذكرة إن المسألة لم تنته بعد. وطبقا لتقديرات البنك فإن ديون شركات دبي القابضة بما فيها ذراعها للاستثمارات العالمية دبي إنترناشيونال كابيتال تصل إلى 8.8 مليارات دولار. وقالت تقديرات أخرى إنها قد تصل إلى 12 مليار دولار. وأضاف نظيم أن هذه الشركات قد تكون تدرس حاليا كيفية تمويل هذه القروض، بالنظر إلى أن معظم أصولها غير سائلة. وطبقا لكوميرتس بنك الألماني فإن نحو 15 مليار دولار تستحق على حكومة دبي في العام القادم، باستثناء مؤسسة دبي العالمية. على الخارطة وقد وضعت دبي نفسها على الخارطة بعد ست سنوات من الطفرة العقارية، أنشأت خلالها مشروعات جزر على شكل شجرة النخيل، كما أقامت أكبر مبنى في العالم. وجذبت دبي الشركات العالمية والمغتربين بالإعفاء من الضرائب، بينما استثمرت الحكومة بسخاء في أصول خارجية تم تمويلها عن طريق الاقتراض. لكن الأزمة المالية العالمية هزت أسواق العالم ومنها دبي حيث انهارت أسعار العقارات وتم إلغاء أكثر من نصف مشروعات العقارات المخطط لها في الإمارة، وجفت الاستثمارات الخارجية كما هبطت عائدات الاستثمار وارتفعت كلفة سداد القروض. ويقول المستثمرون إن على حكومة دبي خفض ديونها التي تصل في مجملها إلى نحو 100 مليار دولار وإيجاد طرق أخرى للتنمية الاقتصادية وإعادة التفكير في المحفزات التي دفعت دبي لتصبح مركزا للتجارة والسياحة في المنطقة. ويقول مدير ألغيبرس للاستثمار في لندن ديفد سييرا إن على دبي إذا أرادت أن تصبح مثل سنغافورة بالمنطقة أن تفكر بجد في فرض ضرائب، وأن يكون ذلك متزامنا مع الإمارات الأخرى بالدولة. ويضيف أن بيع بعض الأصول الخارجية قد يزيد من قيمة شركات دبي. وقال رئيس مجموعة كارلايل ديفد روبنشتاين في الشهر الماضي إنه يتوقع أن تقدم دبي على بيع بعض الأصول لكن ليس بأسعار متدنية جدا. وقالت كارلايل ومجموعة أل.بي إنهما تدرسان شراء بعض الأصول التي قد تعتزم دبي بيعها. ضغوط على العقارات ولا تزال دبي تعاني من ضغوط على قطاع العقارات. وطبقا لمؤسسة جونز لانغ لاسال فإن أسعار العقارات في الإمارة قد تستمر في الانخفاض حتى النصف الثاني من 2011 حين يتم استكمال كل المشروعات العقارية. وقال مسؤول بشركة تجزئة رئيسية في دبي إن الحكومة لم تحل مشكلة العقارات وإن البنوك لا تريد التعامل أيضا مع هذه المسألة لأن معظمها مملوكة للحكومة. وأضاف أن نمو قطاع العقارات بلغ الذروة وأن المستثمرين يبحثون بدائل جديدة. ويؤكد الشيخ خالد بن زايد آل نهيان عضو المجلس الاقتصادي لدبي وهو جهة استشارية، ورئيس مؤسسة تمويل للخدمات المالية "إن المرحلة القادمة من التنمية تحتاج إلى عقول وليس إلى قروض البنوك.. إننا نحتاج إلى تحويل تركيزنا من العقارات.. نحتاج إلى البنية القانونية وتحسين الخدمات وإعادة التوازن للحوافز.. إن ذلك لا يحتاج إلى تمويل لكنه يحتاج إلى العقول".