جاء الاعتراف المدوي للرئيس الافغاني حامد كرزاي أخيرا بتلقي اكياس نقود بشكل منتظم من ايران ليكشف عن قمة جبل الجليد كشاهد عيان علي توسع نفوذ طهران في ذلك البلد الذي تمزق إربا بسبب ويلات حروب وصراعات لا تنتهي, بينما يخفي الجبل في اسفله غير المرئي تدخلا إيرانيا جهنميا مع جميع اطراف النزاع في افغانستان لضمان ولاءاتها مع اي تغير في الخريطة السياسية هناك. لم تجد ايران غضاضة في استكمال اعتراف كرزاي بالقول إنها تعتبر أفغانستان من دول الجوار الاستراتيجي التي تحتفظ بحدود مفتوحة معها وبالتالي فإن التشكيك الامريكي في دوافع إيران في مساعدة أفغانستان ماليا لا مبرر له. وذلك وفقا لما ذكرته جريدة "الأهرام" لكن الشكوك الغربية في الدوافع الحقيقية لطهران التي حملتها صحيفة نيويورك تايمز الامريكيه إن صحت فإنها تبعث علي القلق البالغ ازاء ان تجد المعضلة الأفغانية النهاية السلمية المأمولة. فرغم تقليل كرزاي من حجم اكياس النقود التي ترسلها ايران ويتسلمها مدير رئاسته عمر داودزاي وانها لاتتجاوز700 ألف يورو(977 ألف دولار) مرة او مرتين سنويا, ورغم ان مسئولين افغانا كبارا ضاعفوا من قيمتها لتصل الي6 ملايين دولار في المرة الواحدة, فإن وجهة هذه النقود التي لم تعد سرا في كابول هي جيوب اعضاء مجلس النواب الأفغاني وشيوخ القبائل وقادة ميدانيين لطالبان لشراء ولاءاتهم. وربما لا يعفي كرزاي من المسئولية ازاء تعقب الوجهة النهائية للمساعدات الإيرانية قوله ان تسلمها يتم بشفافية ووفق اوامره الي مساعده داودزاي الذي يقال إنه يمتلك منازل فاخرة في دبي وفانكوفر. من الطبيعي انه لا يوجد ما يجرم المساعدات المالية التي تقدمها الدول لنظيرتها لتفعيل علاقات المشاركة والتضامن بين دول العالم, لكن المساعدات الإيرانيةلأفغانستان تثير الريبة اكثر مما تدفع نحو الايمان بمزاعم ايران حول التضامن مع دول الجوار! فايران متهمة غربيا بانها تلعب علي ثلاث جبهات في افغانستان, فهي توفر الدعم المالي لنظام كرزاي ولا تتورع عن دعم معارضيه مثل حركة طالبان وغيرها من جماعات المعارضة الأفغانية بالسلاح والتدريب وقامت من جهة ثالثه بتقديم الأسلحة والتدريب لمسلحي حركة طالبان, وفي المقابل مولت الحملات الانتخابية لعدد من المرشحين الأفغان خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة. حلف الاطلنطي حمل اتهامات لأجهزة المخابرات الإيرانية بتدريب المعارضة الافغانية علي عمليات اغتيال تطول مسئولين حكوميين فضلا عن رصدها عطايا مالية سخية لقادة المقاومة عن كل جندي افغاني او دولي يقتل في أفغانستان. وتضمنت التقارير الافغانية المسربة مزاعم بأن إيران منحت في عام2005 ثمانية من قادة طالبان ما يربو علي1700 دولار أمريكي عن كل جندي أفغاني يقتل ونحو4 آلاف دولار عن كل مسئول أفغاني يلقي المصير نفسه. وتستغل ايران غياب الرقابة القوية علي طول حدودها المترامية مع افغانستان, خاصة عند ولاية نيمروز الواقعة جنوب غرب أفغانستان وتشترك مع إيران في حدود بطول90 كلم تستغلها طهران لإرسالشحنات ناسفة بشكل منتظم الي داخل افغانستان كما ان بعض قادة المعارضة الأفغانية المتمركزين في ايران بعيدا عن معقلهم التقليدي في باكستان الذي يخضع لرقابه صارمة, يعبرون الحدود الي أفغانستان لتجنيد عناصر جديدة والإعداد لهجمات علي عناصر حكومية ودولية. واتهم مسئولون افغان ايران باستغلال لاجئين أفغان عبر توفير المأوي والعتاد والتدريب قبل إعادتهم الي بلادهم لتنفيذ هجمات ضد الحكومة وقوات الاطلنطي. اللافت للنظر أنه في خضم انشغال ايران بتنويع طرق تدخلها في افغانستان وبذل الجهود الحثيثة لاجتذاب ولاءات جميع الاطراف, لم تجد غضاضه في المشاركه في اجتماع مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بافغانستان الذي انعقد في روما مؤخرا اعترافا من الغرب بان لإيران دورا تلعبه في افغانستان, ودليلا آخر علي أن الجهود الدولية لنشر السلام والاستقرار هناك ليست صراع حضارات علي حد قول المبعوث الامريكي ريتشارد هولبروك.