استبعدت وكالة "ستاندرد آند بورز لخدمات التصنيف الائتماني" أن يشهد قطاع العقارات في الدولة حركة تصحيح كبيرة خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، وأكد تومي تراسك المحلل الائتماني لشؤون الشركات لدى الوكالة أن الطلب القوي على العقارات هذه المرة له طابع مختلف عنه خلال مرحلة النمو القوي في ،2008 فاليوم الطلب من المستخدم النهائي هو الغالب وليس أنشطة الاستثمار والمضاربة، الأمر الذي يتضح من نسب الإشغال العالية على الوحدات السكنية .بحسب جريدة الخليج . أضاف تراسك قائلاً خلال مؤتمر صحفي أمس في دبي لإطلاق تقرير الوكالة عن أوضاع أسواق العقارات والبنوك في الإمارات، إن مستقبل وضع أسواق العقارات المحلية سوف تحدده معادلة العرض والطلب في العامين المقبلين مع دخول العديد من الوحدات الجديدة إلى السوق، وقال إن التخوف من أن يفوق النمو في العرض من حيث سرعته الارتفاع في مستوى الطلب على الوحدات السكنية . واعتبر أن العامين المقبلين سيكونان بمثابة اختبار للسوق . وأكد في المقابل أن شركات العقارات المحلية شهدت مستويات أداء قوية على مدى العامين الماضيين، وما زالت تحقق مستويات نمو مدعومة بالنمو القوي في الطلب وبالنشاط اللافت للاقتصاد بقطاعاته المختلفة . وقال إن قطاع العقارات والإنشاءات يمثل 20% من الناتج المحلي في دبي، وأكد أنه مازالت هناك مساحة جيدة للنمو في أداء القطاع في ظل التوسع الاقتصادي المستمر في دبيوأبوظبي . وأكد أن شركات العقارات في الدولة وعلى رأسها الشركات شبه الحكومية مثل "الدار" و"إعمار العقارية" و"نخيل" مرشحة للاستفادة من الوضع الاقتصادي الحالي، وقال إن "إعمار" تتمتع بسمعة جيدة من حيث نوعية عقاراتها، كما أن لديها حافظة أراضٍ ضخمة، وهي علاوة على ذلك تملك حافظة تأجير كبيرة تعزز فرص استفادتها من النمو الاقتصادي القوي، والطلب المتنامي على الوحدات السكنية في دبي . ولفت من جهة أخرى إلى قوة الطلب الخارجي على العقارات السكنية في الإمارات، وبخاصة من قبل المشترين من الصين والهند، وتوقع أن يتواصل الطلب في المرحلة المقبلة . وقالت الوكالة في تقرير حديث نشرته تحت عنوان "البنوك والإقراض العقاري في الإمارات: هل تغير الوضع الآن؟"، إن أسعار العقارات في دولة الإمارات أظهرت مؤشرات استقرار بعد النمو الذي حققته خلال العامين الماضيين، لاسيما في دبي . وقال تيموشين إنجن المحلل الائتماني المعني بشؤون المؤسسات المالية في المنطقة لدى الوكالة أن الاتجاه المستقبلي للأسعار يتوقف على مستوى ووتيرة العرض الجديد في السوق، والذي يشكّل أهمية بالنسبة لإمارة دبي فيما تقل أهمية ذلك بالنسبة لإمارة أبوظبي . وأكد إنجن قوة أداء القطاع المصرفي في الدولة والذي استفاد إلى حد كبير من النمو الاقتصادي القوي للقطاعات المختلفة في الدولة والذي انعكس إيجاباً على أداء الشركات، وأسهم في تراجع الخسائر الائتمانية ما انعكس إيجابا على دفاتر البنوك ومستويات القروض المتعثرة والمخصصات والربحية . وقال إن بنك " المشرق" و"دبي الإسلامي" من أكبر البنوك التي سجلت تراجعا في خسائر الائتمان . وقال إن مستوى القروض المتعثرة في أبوظبي لا يزيد اليوم على 4% مع تغطية 100% لمخصصات القروض المتعثرة . وأكد أن بنوك دبي بدورها حققت تحسناً لافتاً في مستويات القروض المتعثرة . وتوقع أن تشهد تحسنا اكبر في الفصول الثلاثة المقبلة . وأضاف قائلاً إن البنوك اليوم باتت أكثر تحفظاً منها في الأعوام السابقة ما قلص المخاطر إلى حد كبير . وتحدث عن الإجراءات التي أقرتها حكومة دبي و"المركزي" للحد من أنشطة المضاربة في أسواق العقار مؤكدا أنها خطوة إيجابية محمودة لحماية الأسواق . واعتبر من جهة أخرى إطلاق مكتب الائتمان خطوة مهمة مرجحاً أن يلعب دوراً حيوياً في حماية القطاع المصرفي وتقليص المخاطر . التمويل عبر السيولة من جهة أخرى توقع تومي تراسك أن تتراجع حاجة الشركات العقارية في المرحلة المقبلة للتمويل المصرفي، وأكد أن العديد من شركات التطوير العقاري في الدولة تخفض مديونيتها، وقال إن "إعمار" مثلاً بدأت تعتمد على التمويل من العملاء الذي يقبلون على شراء وحداتها على الخارطة . وأضاف قائلاً إن شركات أخرى مثل "داماك" بدأت تدخل أسواق الرساميل بإصدار صكوك وسندات ما يحد من حاجتها للتمويل المصرفي . كما لفت إلى إن شركات تطوير بدأت تقوم ببيع قطع أراضٍ الأمر الذي يوفر لها سيولة سريعة، وبهوامش ربحية كبيرة . ومن المعروف أن نسبة كبيرة من تمويل شراء الوحدات السكنية في الدولة يتم عبر السيولة لا الرهونات العقارية، ما يحد من اعتماد المشترين الأفراد أيضا على التمويل المصرفي ويقلص المخاطرة بالنسبة للبنوك . وبحسب إنجن فإن الرهونات العقارية في الإمارات لا تزيد على 10% من القروض المصرفية . من جانبه لفت تراسك إلى وجود حاجة في المرحلة المقبلة لتنسيق المشاريع الجديدة لما يحافظ على استقرار السوق . وقال محمد دمق، المحلل الائتماني في وكالة "ستاندرد آند بورز": "إذا استبعدنا الأزمات غير المتوقعة، تعتقد وكالة "ستاندرد آند بورز" بأنه من غير المرجح حدوث انخفاض كبير في الأسعار في المدى القصير، وهذا يعتبر جيداً بالنسبة للبنوك العاملة في الدولة بسبب تعرضها الكبير لقطاع العقارات . إضافة إلى أن هذا القطاع يعتبر جوهرياً بالنسبة لاقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وأي انخفاض في الأسعار قد يؤدي إلى رفع البطالة وقد ينطوي عليه توابع خطرة على البنوك كتلك التي وقعت في الأزمة العقارية الأخيرة في الإمارات" . والاختلاف الوحيد حتى الآن في ارتفاع الأسعار الحالي هو حدوث نمو طفيف في تعرض البنوك، مقارنةً بارتفاع حجم المعاملات العقارية . وهذا يشير إلى أن مساهمة النظام المصرفي المحلي في تمويل المعاملات العقارية ضعيفة حالياً . تسارع وتيرة الإقراض العقاري إلا أنه من المرجح أن يتغير ذلك في العام ،2015 من وجهة نظرنا . ونتوقع تسارع وتيرة الإقراض العقاري مع إطلاق المطورين لمشاريع جديدة، وسعي الكثير من العملاء المواطنين والوافدين لدخول سوق الرهن العقاري . ومن المرجح أن يؤدي تشديد القوانين على قروض الرهن العقاري الجديدة، التي حددت سقف نسبة القروض إلى القيمة، إلى حماية البنوك . ولكن في حال وسعت البنوك تعرضها للقطاع العقاري بقوة فهذا يعني بأن المخاطر ستتزايد . وبلغ معدل ارتفاع الأسعار 60% خلال العامين الماضيين في دبي، بحسب البيانات التي حصلنا عليها من الموقع الإلكتروني "ريدين" المتخصص في العقارات . وصلت الأسعار في دبي إلى مستويات ما قبل الأزمة في المناطق الرئيسية، بينما لا تزال الأسعار في أبوظبي أدنى من المستويات التي وصلت لها في العام 2008 . وخلال الشهرين الماضيين أظهرت أسعار العقارات مؤشرات على الاستقرار، لاسيما في دبي . نعتقد بأن العرض سيدفع توجهات الأسعار في المستقبل في دولة الإمارات العربية المتحدة، ونتوقع ارتفاعاً كبيراً للعرض في سوق دبي، إلا أنه سيكون أقل من ذلك في أبوظبي . ويتمتع القطاع العقاري بنمو اقتصادي جيد في دولة الإمارات، والذي من المرجح أن يحافظ على وضعه الصحي . نتوقع بأن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 8 .3% في العام 2014 والعام 2015 . كما أن الدولة تتمتع بالاستقرار مقارنة بحالة عدم الاستقرار التي تسود بعض دول منطقة الشرق الأوسط . هذه الأوضاع إضافة إلى معدلات الفائدة المنخفضة أدت إلى طلب خارجي قوي على العقارات في دبي من مستثمرين إقليميين ودوليين . وبنظرة نحو المستقبل، فازت دبي بحقوق استضافة معرض إكسبو ،2020 والذي من المرجح أن يعزز الاستثمار في الإمارة في مجالات البنية التحتية، والبناء، وخلق فرص العمل، وبالنهاية الطلب على العقارات . وقد تتسبب العديد من العوامل في عودة انخفاض الأسعار للقطاع العقاري في دبي . وأبرز ثلاثة عوامل من وجهة نظرنا مرتبطة بالمطورين الكبار المرتبطين بالحكومة، والمستثمرين الأجانب، والسياسة النقدية للولايات المتحدةالأمريكية . وأضاف دمق: "يستبعد السيناريو الأساسي لدينا إجراء خفض حاد لأسعار العقارات في الإمارات خلال الأشهر ال 12 القادمة . ولذلك السبب، إضافة إلى النمو الصحي للاقتصاد وللتفاؤل الذي يسود قطاع الشركات، فإننا نعتقد بأن النظام المصرفي في دولة الإمارات العربية المتحدة يتمتع بآفاق جيدة الآن" . ما الذي يمكن أن يتسبب في خفض أسعار العقارات؟ قد تتسبب العديد من العوامل في عودة انخفاض الأسعار للقطاع العقاري في دبي . وأبرز ثلاثة عوامل من وجهة نظرنا مرتبطة بالمطورين الكبار المرتبطين بالحكومة، والمستثمرين الأجانب، والسياسة النقدية للولايات المتحدةالأمريكية . يستطيع كبار المطورين المرتبطين بالحكومة العاملين في سوق دبي، بما فيهم شركة إعمار العقارية، ونخيل، ومراس القابضة، ومجموعة دبي الحصول على قطع كبيرة من الأراضي بتكلفة منخفضة . ومع هوامش تطوير قُدرت بأكثر من 50%، وغياب أي جهد منسق لضبط العرض، فإنه من المرجح أن يواصل المطورون إضافة معروض جديد للسوق، وبالنهاية دفع الأسعار نحو الانخفاض . ولا يقتصر اهتمام الحكومة فقط في تعزيز قدرة الربح لدى المطورين العقاريين المرتبطين بالحكومة، وفي ضمان تطوير وتوفير المساكن بأسعار معقولة في دبي، ولكن أيضاً في تجنب إجراء خفض حاد آخر في أسعار العقارات .