نقيب الإعلاميين يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى    تفاصيل وموعد حجز شقق فالي تاورز بحدائق أكتوبر    عاجل| القطاع العائلي في مصر يستحوذ على 58% من إجمالي الودائع غير الحكومية بالعملات الأجنبية في البنوك    رابط التسجيل في منحة العمالة الغير منتظمة 2024 عبر موقع وزارة القوى العاملة    مجموعة السبع تدعو لشراكة على أساس التساوي مع إفريقيا    إصابة 7 أشخاص في حادث سير بصحراوي المنيا    "400 زجاجة يوميًا".. القرموطي يستعرض جهود المملكة لإمداد المشاعر المقدسة بالمياه خلال الحج (فيديو)    'ولاد رزق 3' يحقق 13 مليون جنيه في يومين عرض    ويزو: 'ممنوع الأكل في لوكيشن شريف عرفة بس أنا كنت مبسوطة'    سُنن الأضحية في عيد الأضحى المبارك    فيديو.. المفتي يوضح فضل العبادة في العشر الأوائل من ذي الحجة    الثانوية العامة 2024.. خبيرة تربوية: التغذية الصحية تساعد الطالب على الاستذكار والتحصيل    أخبار الأهلي : غيابات الأهلي أمام فاركو فى الدوري    اجتماع مشترك بين سيدات الأعمال باتحادي الغرف التجارية والصناعات    أول رد من هيفاء وهبي على انتقادات حضورها مهرجان كان السينمائي    غارات صهيونية على قطاع غزة مع استمرار فشل محادثات الهدنة.. بايدن يتهم حماس بأنها العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق.. والاحتلال يستولى على أموال السلطة الفلسطينية    أمن القليوبية يكشف تفاصيل جديدة في واقعة قتل طفل القناطر على يد زوجة أبيه    مودريتش يخالف رأي مبابي    بيربوك: يجب على الاتحاد الأوروبي الحفاظ على ضغط العقوبات على روسيا    الأمير سعود بن مشعل يستقبل الرئيس السيسي في مطار الملك عبدالعزيز    الصحة الفلسطينية: 5 إصابات برصاص الاحتلال من مخيم الأمعري بينها 3 بحالة خطيرة    اليسار الفرنسي يكشف عن خطة للتخلص من إصلاحات ماكرون وتحدي الاتحاد الأوروبي    هل تشغيل محطات الضبعة النووية يساعد في توفير الغاز لمصر؟ الوكيل يجيب    قد تسبب أمراض القلب، ما هي أضرار المشروبات الغازية على الجسم؟    الخيار الاستراتيجي لبيزنس "بن سلمان".. الحجاج بين الترحيل أو مطاردين من شرطة مكة    الأزهر: يجب استخدام عوازل لمنع الاختلاط في صلاة العيد    الفيلم الوثائقي أيام الله الحج: بعض الأنبياء حجوا لمكة قبل بناء الكعبة    الجيش الروسى ينفذ 19 ضربة مشتركة على منشآت استراتيجية أوكرانية    إزالة مخالفات بناء في الشروق والشيخ زايد    قصف مستمر وانتشار للأمراض الخطيرة.. تطورات الأوضاع في قطاع غزة    «بمناسبة عيد الأضحى 2024».. أجمل الرسائل والعبارات والتهاني    جوكر الدفاع.. فليك يقرر تغيير مركز نجم برشلونة    برامج وحفلات وأفلام ومسرحيات.. خريطة سهرات عيد الأضحى على «الفضائيات» (تقرير)    «صيام»: نطبق استراتيجية متكاملة لتعريف المواطنين بمشروع الضبعة النووي| فيديو    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    هل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين؟.. توضح مهم من مفتي الجمهورية    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    بالرقم القومي.. نتيجة مسابقة مصلحة الشهر العقاري    ماذا يحدث للجسم عند تناول الفتة والرقاق معا؟    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    لاعب بيراميدز ينفى بكائه بعد التسجيل في مرمى سموحة    «التضامن»: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان «16023» خلال عيد الأضحى    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    تشكيل الاهلي أمام فاركو في الدوري المصري    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذي يحدث للمصريين المسيحيين في ليبيا؟
نشر في أموال الغد يوم 06 - 03 - 2014

بينما كان أهالي نجع مخيمر في مطرانية سوهاج، يُشيّعون سبعة من أبنائهم إلى مثواهم الأخير بعد قتلهم بدم بارد في ليبيا، نشرت وسائل الإعلام خبرًا جديدًا عن أن أحد المسلحين أطلق الرصاص على المواطن المصري سلامة فوزي طوبيا المسيحي الديانة والمقيم بمدينة بنغازي شرقي ليبيا خلال تواجده بمحل بيع خضراوات،
وفي نفس الوقت تم استهداف أكاديمي مصري بمعهد تمريض يعمل بنفس المدينة من قبل مجهولين عبر سيارتي دفع رباعي أطلقا عليه وابلاً من الرصاص.
سفير ليبيا في القاهرة – في حواره المنشور بالمصري اليوم بتاريخ 3 مارس الجاري - يقول إن الأجهزة الأمنية والقضائية الليبية تُكثف جهودها لضبط مرتكبي مجزرة المصريين السبعة ويتهم رجال القذافي بأنهم قد يكونون وراء الجريمة ويقول إن الحادث دوافعه سياسية وليست طائفية وهدفه إفساد العلاقة بين الشعبين وإشعال العداوة بينهما، وتخرج تصريحات مختلفة ومرتبكة من الخارجية المصرية تنفي في البداية شبهة الاستهداف الطائفي للمصريين المسيحيين في ليبيا وتتحدث عن صراعات بين عصابات تهريب وهجرة غير شرعية دفع ثمنها هؤلاء، ثم تتغير التصريحات وتؤكد لنا استمرار أن الخارجية تتابع الموقف ببالغ القلق!
طبقًا لإحصائيات ليبية، هناك ما يزيد على مليون و600 ألف مواطن مصري يمثلون الجالية الأكبر في ليبيا التي لا يتجاوز تعدادها 6 ملايين مواطن ليبي، كما تم منح تأشيرة دخول رسمية ل22 ألف مصري خلال العام الماضي، بينما يقترب العدد الذي دخل ليبيا بلا تأشيرات وعبر مسارات التهريب الحدودية ربع مليون، طبقًا للسفير الليبي الذي يرى أن كل ما حدث حوادث استثنائية لا يمكن وصفها باستهداف للمصريين المقيمين في ليبيا والذين قاتل كثير منهم بجوار ثوار ليبيا حتى إسقاط نظام القذافي.
كل ما سبق يمكن النقاش حوله، لكن ليس من المقبول ولا المعقول أن نلغي البُعد الطائفي لاستهداف المصريين المسيحيين في ليبيا والذي لا يعد وليد اللحظة، بل له جذور وخلفيات يجب معها الاقتراب من المشهد الليبي الداخلي لفهمها ومعرفة دوافعها.
في أغسطس 2010، قالت النيابة العامة في مدينة بنغازي الليبية، إنها تحقق مع مواطن مصري اعتقلته أجهزة الأمن واتهمته بالدعاية التبشيرية للديانة المسيحية عبر اجتذاب الأطفال وتعريفهم بالكتاب المقدس وتم اعتقال الخياط المصري بعد اعتقال مواطنين كوريين وُجّهت لهما نفس التهمة.
وفي أغسطس 2012، ألقت كتائب الثوار ببنغازي القبض على مجموعة من الفتيات تم اتهامهن بممارسة التبشير بالمسيحية وكانت إحداهن فلسطينية عمرها 25 عامًا، بينما الأخريان شقيقتان ليبيتان في العقد الثاني من عمرهما، ووُجد معهنّ نسخ من الإنجيل وعدد من القلائد التي تحمل صلبانًا مختلفة الألوان.
وفي نهاية ديسمبر 2012 استهدف انفجار الكنيسة القبطية في مصراتة وأدى إلى مقتل مواطنين مصريين وإصابة عدد آخر
وفي فبراير 2013 تم نشر فيديو على موقع اليوتيوب يظهر فيه عدد من العمال المصريين المعتقلين والمتهمين بالتبشير وعرض من اعتقلوهم لقطات لكتب ومواد قالوا إنها تستخدم في التبشير وليس الاستخدام الشخصي وتم ترحيل المجموعة لمصر بعد ذلك
رابط للفيديو : http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=nqA_L7TruGE
وفي مارس 2013 أعلنت السلطات الليبية عن ضبط شبكة للتنصير مكونة من خمسة مصريين، ومواطن سويدي وآخر من كوريا الجنوبية، وامرأة من جنوب أفريقيا، وقالت السلطات المختصة إنها ضبطت 55 ألف نسخة من الإنجيل، وأشرطة تنصيرية وكتب أطفال وملصقات.
وشن أمين عام رابطة علماء ليبيا عمر مولود هجومًا لاذعًا على من قال إنهم «أعداء ليبيا» الذين انتهزوا فرصة غياب الأمن لبث سمومهم، مؤكدًا أن من يحاولون تحييد الليبيين عن دينهم مجرمون بحكم الشرع والقانون.
ورفض «مولود» بشدة قيام أجانب بحملات تبشيرية في البلاد، وقال إنهم يستحقون العقاب الشديد، مؤكدًا أنه «لا إكراه في الدين»، ولكنه أشار إلى أنه على من يدخل ليبيا عليه احترام دين أهلها.
وتعرضت الكنيسة المصرية في بنغازي في منتصف مارس 2013 لاعتداء من قبل مجهولين دون أن يسفر الهجوم عن أي إصابات بشرية واقتصرت الخسائر على بعض الأضرار بالمبنى.
وفي منتصف إبريل 2013 قررت دار الإفتاء الليبية تسيير قافلة دعوية تحت شعار «الدين النصيحة» بهدف مواجهة ما وصفته بحملات التنصير والتشيّع بمدن وقرى الجنوب.
وقال مدير إدارة الفتوى والبحوث بالدار طلال الدريبي، إنه تم إعداد مطويات «لا للنصرانية في ليبيا» و«لا للشيعة في ليبيا» وستنشر هذه المطويات في جميع ربوع ليبيا.
وفي نهاية إبريل 2013 تم ترحيل «عيسى إبراهيم» و«شريف رمسيس» مع آخرين تم اتهامهم في قضية التبشير، بينما توفي «عزت حكيم» المتهم الخامس بالقضية ذاتها بأحد سجون طرابلس، وقالت مصادر دبلوماسية إن سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية، حيث كان مريضًا بالسكري وسبق أن أجريت له جراحة في القلب وتم نقل جثمانه إلى القاهرة، حيث شُيّع في مسقط رأسه بأسيوط.
كل مما سبق يستطيع أن يقدم لنا صورة واضحة عن البيئة المحتقنة التي أفرزت المشهد الأخير الذي جعلنا نستيقظ متأخرين، ولذلك حين نتعامل مع هذه الأزمة علينا الانتباه للمحددات التالية:
أولاً: لا توجد دولة في ليبيا بالمعنى التقليدي، بل هي دولة تحت التأسيس لا تمتلك جيشًا وطنيًا موحدًا أو جهازًا أمنيًا يبسط سيطرته على البلاد مع انتشار السلاح بين المواطنين وسيطرة الميليشيات المحلية على المناطق المختلفة مع استمرار ضعف الحكومة المركزية، - وهذا أمر نتفهمه بسبب نظام القذافي وما أعقب سقوطه، لذلك فمطالبة دولة - تم اختطاف رئيس وزرائها ومهاجمة برلمانها - أن تحمي أبناءنا هو جعجعة وأحاديث للاستهلاك المحلي لن تحمي أبناءنا من القتل مرة أخرى.
ثانيًا: بعض الأبواق الإعلامية المختلة لدينا قامت بتوزيع الاتهامات واتهام جهات بعينها دون انتظار لتحقيقات، مما أثار حفيظة هذه الجهات ونقلها من ساحة المؤيد لمصر والمساند لها إلى مربع الخصم، وهذا يزيد من الخطورة على حياة أبنائنا هناك مسيحيين ومسلمين وبعض الخطابات الإعلامية غير المسؤولة بدأت تحرض ضد الليبيين بشكل عام – مثلما حرضت على الفلسطينين – وبعضها طالب بتدخل عسكري مصري ضد ليبيا ولم يتحرك أحد لإيقاف هذا العبث الذي يهدم العلاقة التاريخية بين البلدين والشعبين.
ثالثًا: هناك خطورة بالغة على حياة المصريين المسيحيين العاملين في ليبيا ولن تستطيع الحكومة الليبية حمايتهم، لذلك فعودتهم إلى مصر صارت لا تحتمل التأجيل وعلى الدولة تنفيذ عملية إجلاء فورية مع بذل الجهد لتوفير فرص عمل بديلة لهؤلاء المضارين، ولنكن واقعيين حتى لا يعود إلينا أبناؤنا في مزيد من التوابيت.
رابعًا: أغلب المصريين المسيحيين الذين تم ترحليهم أو اغتيالهم تحت دعوى ممارسة التبشير هم عمال بسطاء من جنوب مصر وريفها وتعليمهم متواضع ولم يخرجوا من بلدهم إلا بحثًا عن لقمة العيش، لذلك علينا أن نرفض هذه الاتهامات غير المنطقية فلن يذهب شخص لا يجد قوت يومه لبلد آخر ليغير دين أهلها وحتى من يمارسون الدعوة لاعتناق أي دين لا يمكنهم ذلك إلا لو كانوا حاصلين على تعليم متميز وثقافة واسعة لن تتوفر بالتأكيد في هؤلاء البسطاء الكادحين، بالإضافة إلى أن من يدعو إلى دين – أي دين – لا يمكن أن يكون عقابه هو القتل! وهذا رد على كل الأصوات الشاذة التي تبرر قتل الناس تحت أي سبب.
خامسًا: المزايدة على الموقف الرسمي المصري لن تفيد في شيء، ولعل كلمة وزير الخارجية حين تم سؤاله عما حدث قال ما معناه (أتكلم مع مين في ليبيا)، ولكن هذا لا يعفي الدولة من المطالبة بتعويضات عادلة وعاجلة من الجانب الليبي لأسر الضحايا (ما يبقاش موت وخراب ديار) والعمل على إعادة وتأمين المصريين المعرضين للخطر هناك مع الإصرار على ملاحقة القتلة قضائيًا أينما كانوا.
سادسًا: الوضع الإقليمي حولنا في ليبيا وسوريا وفلسطين وغيرها شديد الخطورة ولا يحتمل ترك التفاعل معه لأبواق إعلامية موتورة تمارس التحريض بلا حدود ولا تدرك العواقب الوخيمة لما تفعله تحت شعارات الوطنية المختلة التي يتشدقون بها وعلى صُناع القرار في مصر مراجعة الموقف الذي لا يحتمل هذه المراهقة الإعلامية غير المسؤولة.
في النهاية نحلم بيوم لا يضطر فيه أبناء مصر للخروج منها بحثًا عن لقمة العيش، نحلم بوطن يحتضن أبناءه ويكفيهم ويمنحهم الإحساس بالكرامة، حرقت قلوبنا الدماء التي سالت ولا نريد أن نرى دماء أخرى، فلنفكر ولنتحرك بعقلانية كما تقتضي المسؤولية، وليرحم الله هذا الشعب من الآلام والأحزان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.