تشهد العلاقة بين الهيئة العامة للبريد والبنك المركزي نوعًا من التوتر عقب رفض الأخير طرح المنتجات المالية الجديدة من قبل البريد نظرًا لكونه الجهة الوحيدة المسئولة عن الموافقة على المنتجات المالية بالسوق المصرية، ولجأت وزارة الاتصالات باعتبارها الجهة المسئولة عن هيئة البريد إلى رفع المشكلة إلى مجلس الوزراء. وقال مصدر مسئول بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن الوزارة والبنك المركزي قررا عرض موضوع "إصدار هيئة البريد لمنتجات مالية جديدة مخصصة لكبار العملاء" على مجلس الوزراء للبت في إصدارها من عدمه. أوضح المصدر في تصريحات خاصة ل"أموال الغد" أن الهيئة قررت التخلي عن المفاوضات المباشرة مع البنك المركزي ويتفاوض وزير الاتصالات مع البنك المركزي بصفته الممثل لقطاع الاتصالات والجهة التابعة لها الهيئة القومية للبريد. وواجهت الهيئة القومية للبريد معارضة من البنك المركزي لإطلاق عدد من المنتجات المالية الجديدة لأنها لا تخضع لرقابة البنك وفي الوقت نفسه ينص قانون الهيئة على حقها في إصدار أي منتج مالي دون الرجوع للمركزي. من جهته قال الدكتور محمد صقر، أستاذ الاقتصاد وعضو مجلس إدارة البنك المركزى الأسبق، أن رقابة البنك المركزى على المنتجات المالية التى تصدرها الهيئة القومية للبريد تتطلب تعديلًا تشريعيًا على قانون البنون رقم 88 لسنة 2003 ليسمح للبنك المركزى بإخضاع المعاملات المالية لهيئة البريد لرقابته . وأشار إلى أنه من حق الهيئة القومية للبريد إطلاق منتجات مالية وفقًا للقانون إلا أنه مع دخول الهيئة سوق المنتجات طويلة الأجل، فإن هذا يتطلب رقابة من البنك المركزى المسئول عن السياسة النقدية فى الدولة . أضاف أن إصدار الهيئة القومية للبريد لمنتجات مالية بفائدة أعلى من الفائدة التى تحددها البنوك لا يؤثر على تعاملات البنوك لكنه يزيد من المنافسة بين المؤسسات المختلفة ويعود بالنفع على العميل الذى يختار الأنسب له بين المنتجات المختلفة، لافتًا إلى أن دخول البريد سوق المنتجات طويلة الأجل لا يضر بتعاملات البنوك لكنه يحتاج ضبط تلك الآلية بين المؤسسات المختلفة . فى سياق متصل قال أحمد آدم، الخبير المصرفى، أن المادة 31 من قانون البنوك تنص على استثناء الأشخاص الاعتبارية العامة من حظر مباشرة عمل من أعمال البنوك طالما أن العمل المقصود يدخل فى حدود سند إنشاءها، كما أن القانونين رقمى 16 لسنة 1970 و19 لسنة 1982 أعطيا الحق لمجلس إدارة الهيئة باتخاذ ما يراه لازماً لتحقيق الأغراض التى أنشئت من أجلها الهيئة. وأضاف أن إصدار الهيئة لمنتجات مالية لا يجعلها تخرج عن وظيفتها الأساسية، خاصة وأن الهيئة تخضع مباشرة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات. وأشار إلى أن المشكلة الأساسية هو اعتراض بعض البنوك على قيام الهيئة بإصدار منتجات مالية جديدة بأسعار عائد منافسة لأسعار العائد بالبنوك، موضحًا أنه فى حالة إطلاق منتجات مالية لكبار العملاء فإن الهيئة لن تستطيع منافسة البنوك نتيجة عدم وجود فروع مستقلة ومجهزة كفروع البنوك تجعل العملاء يقبلون على تلك المنتجات . وأوضح أن تحديد أسعار العائد ليست هى المشكلة الأساسية لأن البنوك لا ترتبط بأسعار عائد يحددها لها البنك المركزى والأمر متروك لكل بنك على حدة، مشيرًا إلى أن الهيئة القومية للبريد تتمتع بميزة إضافية وهى توجيه أغلب أموالها لصالح بنك الاستثمار القومى لخدمة مشروعات الدولة، بالإضافة إلى استثماراها فى أدوات الدين الحكومية .