قال الدكتور أحمد جلال ،وزير المالية، انه لا يمكن الكلام عن الاقتصاد بمعزل عن الإطار السياسي ، مضيفا ان الدول الناجحة سياسيا ناجحة اقتصاديا والعكس ، وشرح معني النجاح السياسي بالقول انه يشمل استقلال القضاء وضمان الحريات العامة واحترام القانون والمساواة والعدالة والفصل بين السلطات والتمثيل السياسي الجيد لقطاعات المجتمع. جاء ذلك خلال اللقاء الذى عقده مساء أمس الأول مع عدد مجموعات شبابية تمثل حركات ثورية وتيارات فكرية مختلفة من بينهم ممثلين عن حركة تمرد و6 إبريل والتحالف الاشتراكي ومن أحزاب ليبرالية وسلفية وشخصيات عامة، وذلك ضمن سلسلة من اللقاءات التى ستعقدها وزارة المالية لعرض توجهاتها والتعرف على الآراء والمقترحات من مختلف فئات المجتمع للعمل على تحقيقها خلال المرحلة المقبلة. وأوضح الوزير أنه كان أمام واضع السياسة المالية والاقتصادية أحد أمرين إما التركيز على انضباط الموازنة العامة مع إتخاذ إجراءات تقشفية لخفض مؤشرات العجز والدين العام، وإما التركيز على تنشيط الاقتصاد من خلال سياسات توسعية تؤدى إلى زيادة فرص التشغيل، وقد اختارت الحكومة إتباع الإختيار الثانى وذلك بالعمل على زيادة الطلب الكلى فى الاقتصاد من خلال الإنفاق الإستثمارى بالأساس، وهو ما سيؤدى إلى زيادة فرص العمل بالإضافة إلى زيادة موارد الدولة كنتيجة لتنشيط الاقتصاد. وقال الوزير ان برامج صندوق النقد الدولي كانت تختار دائما الطريق الاول (اجراءات التقشف) غير ان الحكومة الحالية قررت السير في طريق مختلف لمصلحة الاقتصاد والمجتمع. وأكد جلال أن نمو الاقتصاد المصرى الحالى بمعدلات منخفضة تقل عن الطاقة الكامنة للاقتصاد يسمح بزيادة النمو والتوسع من غير ان يكون لذلك أثاراً تضخمية، كما أن المساعدات السخية التى تقدمها دول الخليج لمصر ستسمح بزيادة الإنفاق الإستثمارى دون التأثير على الضبط المالى وخطط تخفيض عجز الموازنة إلى مستويات تقترب من 9% من الناتج المحلى. وحول مقترحات زيادة التصاعدية فى الضرائب على الدخل أو فرض ضرائب جديدة أوضح الوزير أن الوقت غير مناسب فى الوقت الحالى حيث تتعارض هذه الضرائب مع السياسة التوسعية التى تسعى الحكومة لتنفيذها حاليا. وقال الوزير ان نقل اموال من "جيب" الي "جيب" اخر لن يكون له سوي اثر اقتصادي واجتماعي محدود والاهم منه إدخال أموال جديدة الي الاقتصاد عبر تشجيع الاستثمار. كما أكد على وجود عدد من الإجراءات المحددة لتدعيم العدالة الإجتماعية فى الفترة المقبلة مثل تطبيق برنامج للدعم النقدى الذى يستهدف بشكل مباشر تحسين مستوى معيشة الفقراء، وكذلك برنامج لتحفيز الاندماج الطوعي للقطاع غير الرسمى فى لإقتصاد، مؤكداً فى الوقت نفسه أن مفهوم العدالة الإجتماعية يتعدى تنفيذ برامج الحماية الاجتماعية إلى أن تصبح أساسا فى جميع السياسات الاقتصادية التى تقوم بها الحكومة مثل التوزيع الجغرافى للاستثمارات ونوعية الاستثمارات التى تحقق أكبر قدر من التشغيل، بالإضافة إلى الاهتمام بالتعليم والصحة كأساس لتحقيق العدالة من خلال تهيئة الفرص المتساوية للمواطنين فى سوق العمل. وأضاف ان الحكومة تعمل في إطار خطة متكاملة من خلال سياسات وبرامج محددة لتنشيط الإقتصاد وتحقيق العدالة الإجتماعية مع الحفاظ على الإنضباط المالى، وذلك لمواجهة التحديات على المدى القصير ووضع الأسس لبناء إقتصادى وإجتماعى تستكمله الحكومات القادمة فى المدى المتوسط.