رأى الزمان المصرى :أبو يوسف : وكأنها معصوبة العينين تسير مصر نحو مستقبلها بتوجس مخيف، على أثر تردد لا تخطئه العين، يخيم على النظام في التعامل مع قضايا لا تحتمل التأجيل، وفي مقدمتها سد النهضة الذي أصبح واقعاً، ارتكب فيه نظام مبارك جريمة مكتملة الأركان بتجاهله الأزمة منذ نشأتها. ومن الملفات التي لا تنتظر التأجيل أيضاً، ملف المصالحة الذي عاد يفرض نفسه من جديد بدعوة من بعض أعوان معسكر 30 يونيو/حزيران، ومن الطبيعي أن تنتقل الحيرة التي تلوح في الأفق السياسي للصحف المصرية، التي لا تخرج عن الخط المرسوم لها سلفاً. بينما تتأرجح مصر هذه الأيام بين طرفين، كل منهما يسعى لجذبها إليه، على أساس أنه الأحق بها وبصناعة القرار فيها، طرف يراهن على أنه الأحق بقيادتها، وطرف موجود بالفعل ممسك بمقاليد الأمور، فيما تبدو الأغلبية عاجزة عن تأمل تلك اللحظة العصية عن التفسير، خاصة مع اقتراب الذكرى الخامسة لثورة يناير/كانون الثاني، التي أسفرت عن استنفار أمني يصل لحد الهلع. وبينما يبدو الرئيس ممسكاً بمقاليد الأمور مراهناً بشعبية كبيرة، وإن كان خصومه يؤكدون تراجعها، يبدو فصيل من جماعات المعارضة، أغلبهم من الشباب، يرى أن جميع ما نادت به مصر غداة الخروج على فرعونها المستبد مبارك لم يتحقق، فشعار «عيش حرية عدالة اجتماعية» لم يتحول لواقع على الأرض، فالأموال المنهوبة من قبل أعوان مبارك لا زالت تنام بهدوء في البنوك السويسرية وغيرها المنتشرة في أوروبا والعالم، بينما غالبية المصريين لا زالت تتضرر جوعاً وبرداً، بل خوفاً من عودة الأيدي التي تبطش بالمعارضة بغير حساب. ومما اهتمت به الصحف المصرية على مدار اليومين الماضيين نشاط البرلمان والحروب التي بدأت تنشب على ضفافه، ومستجدات سد النهضة ولازالت المعارك ضد رئيس جهاز المحاسبات المطالبة بمحاكمته مشتعلة، بمباركة شبه نظامية. وفي ما يبدو أنَّه خطوة لإعادة العلاقات بين مصر وتركيا، وصل وفد أمني وسياسي مصري إلى أنقرة، لبدء محادثات مع الجانب التركي بوساطة سعودية، وهي الزيارة التي تأتي في سياق محاولات الرياض الحثيثة لتحقيق تقارب بين الجانبين، بهدف تفعيل التحالف الإسلامي، الذي أعلنت عنه السعودية مؤخرًا، وحل مشكلة المشاركة المصرية في القمة الإسلامية المزمع عقدها في أنقرة بعد ثلاثة أشهر.