رفع 455 طن قمامة خلال حملات نظافة وتسوية وتمهيد طرق ببعض مراكز محافظة أسيوط    إصابة شخصين باختناق نتيجة تسريب غاز بالقليوبية    أمير المصري يلعب دور نسيم حامد ب«the giant» مع بيرس بروسنان    محافظ الفيوم: تنفيذ 10 مشروعات لرصف الطرق ضمن مبادرة حياة كريمة    برلماني يحذر: استمرار حرب غزة سيؤجج الصراعات بالمنطقة    كولر يطلب تحديد موعد إعلان جاهزية ياسر إبراهيم فى الأهلي    رغم صرف 9 مليارات يورو، نسخة أولمبياد باريس 2024 الأقل تكلفة    "بعد السوبر هاتريك".. بالمر: أشكر تشيلسي على منحي فرصة التألق    جامعة أسيوط تناقش الاعتماد المؤسسي والبرامجي للكليات    محافظ الفيوم يعتمد جداول امتحانات النقل والشهادة الاعدادية    وزير الصحة: 700 مليون جنيه تكلفة الخطة الوقائية لمرضى الهيموفيليا على نفقة التأمين الصحي    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    جامعة الإسكندرية الأفضل عالميًا في 18 تخصصًا بتصنيف QS لعام 2024    ننشر اسماء المكرِّمين من الأئمة والواعظات ومديري العموم بالأوقاف    28 إبريل.. انطلاق مؤتمر الاستثمار البيئى الدولى الثانى بجامعة سوهاج    الأوراق المطلوبة للتقديم في المدارس المصرية اليابانية ولماذا يزيد الإقبال عليها ؟.. تعرف علي التفاصيل    مؤتمر كين: ندرك مدى خطورة أرسنال.. وتعلمنا دروس لقاء الذهاب    دورة تدريبية حول القيادة التطوعية في مركز شباب سفاجا    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادثتين بالشرقية    الكورنيش اختفى.. الشبورة المائية تغطي سماء الإسكندرية (صور)    ضبط 7 آلاف قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة شروط تعاقد خلال 24 ساعة    الطب البيطرى بالجيزة يشن حملات تفتيشية على أسواق الأسماك    تفاصيل المرحلة الثانية من قافلة المساعدات السادسة ل "التحالف الوطني" المصري إلى قطاع غزة    الأوبرا تحيي ذكرى الأبنودي وجاهين على مسرح سيد درويش بالإسكندرية    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    تحسن حالة محمد عبده بعد تعرضه لوعكة صحية وإلغاء حفله بالبحرين    قبل حفله بالقاهرة.. ماهر زين: متحمس للغناء في مصر بعد غياب    وزارة الأوقاف تنشر بيانا بتحسين أحوال الأئمة المعينين منذ عام 2014    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    وزير الخارجية يزور أنقرة ويلتقي نظيره التركي.. نهاية الأسبوع    هيئة الدواء تحذر من أدوية إنقاص الوزن عبر الإنترنت    ضبط 23 مليون جنيه في قضايا اتجار بالعملة خلال 24 ساعة    بضربة شوية.. مقتل منجد في مشاجرة الجيران بسوهاج    أحمد شوبير يكشف حقيقة مشاركة إمام عاشور في مباراة مازيمبي    موعد مباراة سيدات يد الأهلى أمام بطل الكونغو لحسم برونزية السوبر الأفريقى    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار والعواصف وصواعق البرق فى باكستان ل 41 قتيلا    امتى هنغير الساعة؟| موعد عودة التوقيت الصيفي وانتهاء الشتوي    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    توقعات برج الميزان في النصف الثاني من أبريل 2024: «قرارات استثمارية وتركيز على المشروعات التعاونية»    ربنا مش كل الناس اتفقت عليه.. تعليق ريهام حجاج على منتقدي «صدفة»    بذكرى ميلاده.. محطات فنية فى حياة الموسيقار عمار الشريعى    خطوات الحصول على تصريح واعظة معتمدة بوزارة الأوقاف    بمعدل نمو 48%.. بنك فيصل يربح 6 مليارات جنيه في 3 شهور    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    تجديد حبس 3 أشخاص بتهمة تزوير محررات رسمية بعابدين    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    بالتزامن مع تغيير الفصول.. طرق الحفاظ على صحة العيون    بعد تصديق الرئيس، 5 حقوق وإعفاءات للمسنين فى القانون الجديد    الرئيس الصيني يدعو إلى تعزيز التعاون مع ألمانيا    الصين تؤكد ضرورة حل القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    «الصحة» تطلق البرنامج الإلكتروني المُحدث لترصد العدوى في المنشآت الصحية    دعاء ليلة الزواج لمنع السحر والحسد.. «حصنوا أنفسكم»    خريطة فصل التيار الكهربائي عن عدة مناطق بكفر الشيخ للصيانة الدورية اليوم    أحمد كريمة: تعاطي المسكرات بكافة أنواعها حرام شرعاً    أيمن دجيش: كريم نيدفيد كان يستحق الطرد بالحصول على إنذار ثانٍ    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عمرو حمزاوى يكتب عن : صخب فاسد وسقف توقعات يتهاوى
نشر في الزمان المصري يوم 06 - 10 - 2015

ظننت أن مآل الصخب الفاسد للسلطوية الجديدة في مصر هو الفشل في تزييف وعي قطاعات شعبية واسعة، والتوقف دون حملها على تجاهل المظالم وانتهاكات حقوق الإنسان أو الاستخفاف بها. ثم تمنيت ألا يستمر تزييف الوعي طويلا وأن يتخلص الناس ليس من تجاهلهم المريض للمظالم والانتهاكات فقط، بل أيضا من هيستيريا تبرير الظلم وترويج العقاب الجماعي باتجاه رافضي السلطوية.
وإزاء تصاعد الهيستيريا ومحدودية ملامح انصراف مواطناتي ومواطني عنها، تقلصت أمنياتي إلى تبلور تعاطف شعبي مع ضحايا المظالم والانتهاكات ومطالبة علنية بجبر الضرر عنهم من دون تورط في معايير مزدوجة تميز بين الضحايا وفقا للهوى والهوية، وربما شيء من الاهتمام بقضايا الديمقراطية والحريات وإدراك خطر السلطوية على تماسك المجتمع والدولة الوطنية. ومع تواصل الغياب، تواصل هبوط سقف التوقعات ليستقر بالقرب من بقاء المجموعات المدافعة عن الحقوق والحريات على قيد الحياة في مواجهة التعقب الممنهج ونجاتها من التداعيات السلبية لخطاب الخوف والكراهية والتخوين والتشويه الذي ينتجه وينشره خدمة السلطان ومكارثيي الرأي الواحد.
غير انني اليوم أجد نفسي في خانة الإقرار بسطوة المخاطر والتهديدات التي تفرضها السلطوية على بقاء المطالبين بالديمقراطية الذين يزج بهم إلى السجون وأماكن الاحتجاز أو يدفعون إلى الابتعاد عن المجال العام يأسا وخوفا مشروعا أو يضطرون إلى الرحيل من جراء التعقب والقيود. أجد نفسي في خانة الإقرار بقسوة «النجاحات المتتالية» لتزييف الوعي ولخطاب الخوف والكراهية والتخوين، حين تطول أيضا من ظننا / تمنينا حضور حصانتهم إزاءها إن بسبب معدلات تعليم وثقافة مرتفعة، أو بفعل خبرات مهنية تمكن من البحث عن المعلومة الموثقة بشأن المظالم والانتهاكات المتراكمة ومن إدراك حقائق الظلم ومن تذكر أن الدفاع عن الحقوق والحريات لا يمثل «جرما» وأن التضامن مع الضحايا لا علاقة له بمقولات المؤامرات والمتآمرين المتوهمة والمتهافتة لا تفسير آخر لدي لانشغال عدد غير محدود من الديمقراطيين في مصر بالدفاع عن «سجلهم» وبالتذكير «بمواقفهم» وبتفنيد الادعاءات الباطلة التي تحاصرهم.
لم يعد للكثير منا اللغة الواضحة التي شددت طوال السنوات الماضية على أن مصر لا خروج لها من أزمتها الراهنة إلا بالتخلص من حكم الفرد، والانتصار للديمقراطية التي تمكن المواطن من المشاركة بحرية وبدون خوف في تحديد جوهر الصالح العام وفي صناعة القرار العام والبناء السلمي للتوافق المجتمعي وتمكنه أيضا من مساءلة ومحاسبة الحكام عبر آليات الانتخابات الحرة والدورية وإجراءات تداول السلطة، وصون سيادة القانون التي تضمن المساواة بين جميع المواطنات والمواطنين وتحمي حقوقهم وحرياتهم ومبادراتهم الفردية وتنص على قواعد التقاضي العادل ومن بينها براءة المتهم حتى تثبت إدانته ومحاكمته أمام قاضيه الطبيعي.
تخلت عن الكثير منا مضامين المطالبة الصريحة بتعديل القواعد الدستورية التي تقر للمؤسسة العسكرية وضعية استثنائية تجعل منها دولة فوق الدولة وتلغي بشأنها مبادئ الشفافية والرقابة والمساءلة والمحاسبة عبر السلطات التشريعية والتنفيذية المنتخبة وتشرعن المحاكمات العسكرية للمدنيين، وبإلغاء القوانين والتعديلات القانونية صريحة السلطوية كقانون التظاهر وقانون الكيانات الإرهابية وتعديلات قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية والقضاء العسكري، وباستعادة الحرية لمن سلبت حريتهم بفعل قوانين جائرة أو أحكام جائرة أو بسبب حبس احتياطي لا نهاية له.
تضاءلت مقاومة الكثير منا لطغيان الأمني وإماتة السياسي، ولمكارثية الرأي الواحد والصوت الواحد، وللغياب الذي لم يتغير لمنظومة للعدالة الانتقالية تساءل وتحاسب المتورطين في المظالم وانتهاكات حقوق الإنسان بغض النظر بدون تمييز بين رسميين وغير رسميين، ولطيور الظلام التي تبرر التوظيف غير العادل للقانون على نحو يتعقب ويقمع ويظلم معارضي حكم الفرد والضعفاء والمهمشين والفقراء وليس جموع المؤيدين والمنتفعين والسائرين في الركب، ولمتجاهلي ضرورة مراقبة ومساءلة ومحاسبة مرافق إنفاذ القانون المتحصنة باستخدام قوة الدولة الجبرية – وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية – لجهة الالتزام بمبادئ سيادة القانون وضمانات حقوق وحريات المواطن.
تراجعت لدى الكثير منا مبدئية الدفاع عن الحق العام / حق المجتمع في محاسبة مؤسسات وأجهزة الدولة التي تورطت في جرائم قتل ومظالم وانتهاكات في سياق فض اعتصامي رابعة والنهضة وفي سياق التعامل مع الفعل الاحتجاجي خلال السنوات الماضية، تماما كما ندعو إلى إدانة ممارسات العنف التي حدثت في الاعتصامات أو تكررت في بعض المسيرات والمظاهرات ونرفض التبرير الفاسد لحمل السلاح وللإرهاب ونطالب بمحاسبة قانونية منضبطة للمتورطين والمحرضين.
صار الصمت يلازم الكثير منا ويعجزنا عن التأكيد على كون الدولة الوطنية العادلة والقوية هي نقيض دولة حكم الفرد، هي نقيض دولة الوضعية الاستثنائية للمكون العسكري الأمني وهيمنته على إدارة الشأن العام واستتباع مؤسسات وأجهزة الدولة الأخرى على نحو يرتب انهيار أدوارها وتآكل فعاليتها، هي نقيض دولة استبعاد المواطن والمجتمع المدني والقطاع الخاص من المشاركة في إدارة الشأن العام باستقلالية وحرية، هي نقيض دولة التهديد الدائم بالعقاب والقمع والرفض الدائم لتداول السلطة بعيدا عن المكون العسكري الأمني المهيمن وعن النخب المتحالفة معه، هي نقيض دولة الظلم.
تراجعت طاقات الاحتمال والجلد لدى الكثير منا، وهي التي مكنتنا طوال السنوات الماضية من إنتاج خطاب سياسي واجتماعي يميز بين الدولة الوطنية العادلة والقوية وبين دولة الامتناع عن تداول الحقائق والمعلومات، بين هذه الدولة التي ننشدها وبين دولة الأسرار والاستعلاء على المواطن والمجتمع بتجاهل مقتضيات الشفافية والمساءلة والمحاسبة، بينها وبين دولة فرض الرأي الواحد والصوت الواحد على الناس والصناعة المستمرة للخوف لمنع المواطن دون طرح الأسئلة الضرورية عن تفاصيل القرارات والسياسات العامة وطلب المساءلة والمحاسبة الفعالة لشاغلي المناصب العامة.
هذا هو حالنا اليوم، وربما كان الاعتراف بمكوناته المؤلمة هو خطوة البداية لاستعادة حلم وأمل مصر الديمقراطية وإخراج المواطن والمجتمع والدولة الوطنية من أزمتنا الوجودية الراهنة.
٭كاتب المقال
كاتب مصرى
عمرو حمزاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.