* البيان وكالات القاهرة دار الإعلام العربية وفي صباح أمس الجمعة إثر أزمة قلبية اصابته الروائي والكاتب المصري خيري شلبي، عن عمر ناهز الثالثة والسبعين عاما، كما قالت وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية ان جثمان الفقيد شيع عصر أمس إلى قريته شباس عمير التابعة لمركز قلين بمحافظة كفر الشيخ (150 كيلومتراً شمال غرب القاهرة). وقد ترك رحيله فراغا كبيرا في الساحة الثقافية العربية، إذ ملأ شلبي طيلة العقود الماضية الساحة الثقافية بكتاباته الروائية والإبداعية، ونشاطاته المختلفة، التي تدل على روح كاتب من طراز الرعيل الأول. واقعية سحرية يعتبره النقاد المصريون والعرب رائد الفانتازيا التاريخية في الرواية العربية الحديثة، وتعد روايته (رحلات الطرشجي الحلوجي) عملا فريدا في بابها. حيث كان من أوائل من كتبوا مايسمى الآن بالواقعية السحرية، ففى أدبه الروائي تتشخص المادة وتتحول إلى كائنات حية تعيش وتخضع لتغيرات وتؤثر وتتأثر، وصل من خلالها الواقع بالأسطورة، ونفس الشيء نلمسه في روايته (السنيورة) وروايته (بغلة العرش) حيث يصل الواقع إلى تخوم الأسطورة، وتصل الأسطورة في الثانية إلى التحقق الواقعي الصرف. باحث دؤوب بدأ مشواره بالكتابة في مجلة "الإذاعة والتلفزيون"، ثم ترأس مجلة "الشعر" الصادرة عن وزارة الإعلام المصرية لعدة سنوات، قبل أن يقوم بتدريس تاريخ المسرح المصري المعاصر بمعهد الفنون المسرحية كأستاذ زائر، وبعد ذلك تولى رئاسة تحرير سلسلة " مكتبة الدراسات الشعبية"، وقبل رحيله كان يشغل منصب مقرر لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، التابع لوزارة الثقافة المصرية، كما كانت له مقالات صحفية في العديد من الدوريات الثقافية والصحف المصرية، وفي فترة السبعينيات من القرن الماضى كان خيري شلبي باحثا مسرحيا، اكتشف من خلال البحث الدؤوب في أكثر من مائتي مسرحية مطبوعة في القرن التاسع عشر وأواسط القرن العشرين. محاكمة طه حسين كما أن خيري شلبي هو مكتشف قرار النيابة في كتاب الشعر الجاهلي إذ عثر عليه في إحدى مكتبات درب الجماميز المتخصصة في الكتب القديمة، ولم يكن كتابا بل كراسة محدودة الورق متهرئة ولكنها واضحة وعليها توقيع النائب العام محمد نور الذي حقق مع طه حسين في القضية. وكان المعروف إعلاميا أن طه حسين قد أستتيب لتنتهى القضية، وبظهور هذا القرار النيابي اتضحت القضية واتضح أن النائب العام حفظ القضية لعدم كفاية الأدلة، وكانت أسئلة النائب العام وردود طه حسين عليها شيئا ممتعا وعظيما، كما أن المستوى الثقافي للنائب العام كان رفيعا، كل ذلك حفز الكاتب لتحقيق هذا القرار من الزاوية القانونية وإعادة رصد وقائع القضية وردود أفعالها اجتماعيا وأكاديميا وسياسيا وأدبيا ثم نتج عن ذلك واحد من أهم كتب خيري شلبي وهو: كتاب (محاكمة طه حسين) الذي طبع أكثر من مرة. إنتاج غزير تميز شلبي بإنتاجه الغزير ومن مجموعاته القصصية: صاحب السعادة اللص، المنحنى الخطر، سارق الفرح، أسباب للكي بالنار، الدساس، أشياء تخصنا، قداس الشيخ رضوان، وغيرها. إضافة إلى مسرحياته: صياد اللولي، غنائية سوناتا الأول، المخربشين. ومن مؤلفاته ودراساته: محاكمة طه حسين: تحقيق في قرار النيابة في كتاب الشعر الجاهلي، أعيان مصر (وجوه مصرية)، غذاء الملكات (دراسات نقدية)، مراهنات الصبا (وجوة مصرية)، لطائف اللطائف (دراسة في سيرة الإمام الشعراني)، أبو حيان التوحيدي (بورتيره لشخصيته)، دراسات في المسرح العربي، عمالقة ظرفاء، فلاح في بلاد الفرنجة (رحلة روائية)، رحلات الطرشجي الحلوجي، مسرح الأزمة (نجيب سرور) وغير ذلك. كما ترجمت معظم رواياته إلى الروسية والصينية والإنجليزية والفرنسية، وخصوصا رواياته: الأوباش، الوتد، فرعان من الصبار، بطن البقرة، وكالة عطية. سرد ذاتي قبل رحيله بأشهر قليلة أصدرت هيئة الكتاب المصرية الكتاب الأول من السيرة الذاتية له بعنوان أنس الحبايب، ويقع هذا الكتاب في 198 صفحة متضمنا سبعة فصول تناولت التحاق شلبي بمدرسة عبد الله نديم عام 1944 وحصوله على الشهادة الابتدائية وحديثه عن عائلته وأهل بلدته، والشخصيات التي أضاءت أيام طفولته وصباه، كما رصد الكتاب تأثير ثورة يوليو على الأديب الراحل، وفي فصل آخر من الكتاب تحدث شلبي عن ذكرياته مع الأدب والكتب التي سحرت خياله ومنها ألف ليلة وليلة التي جعلته يتخيل خروج النداهة له من بين صفحات الكتاب. أعمال إبداعية خيري شلبي ولد في 31 يناير 1938، وأنجز شلبي في حياته 70 عملاً أدبياً تنوَّع ما بين الرواية والقصة القصيرة والمسرحية والدراسة الأدبية والسّير الذاتية والغيرية، أهمها رواية "صهاريج اللؤلؤ"، و"السنيورة"، و"فرعان من الصبار"، و"بغلة العرش"، و"بطن البقرة". وشكَّلت أعمال الراحل الأدبية هدفاً لصنَّاع السينما فتحوَّلت روايتي "الشطار" و"سارق الفرح" إلى فيلمين سينمائيين، فيما تحوَّلت رواية "الوتد" إلى مسلسل تليفزيوني حمل الاسم ذاته وتمثل سيرة ذاتية تقع حوادثها بمسقط رأس الروائي بقرية "شباس عمير"، حيث حقق نسبة مشاهدة كبيرة. السهل الممتنع وصف النقاد خيري شلبي بالأديب المتمكن من قلمه السهل الممتنع، وقد تميز بين أبناء جيله بالأسلوب الشيق الذي يمس وجدان وقلب القارئ، لذلك لم يكن غريبا أن يحصل على العديد من الجوائز والتكريمات منها: وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1980 1981، جائزة أفضل رواية عربية عن رواية "وكالة عطية" 1993، الجائزة الأولى لاتحاد الكتاب للتفوق عام 2002، جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأميركية بالقاهرة عن رواية وكالة عطية 2003، جائزة أفضل كتاب عربي من معرض القاهرة للكتاب عن رواية صهاريج اللؤلؤ 2002، جائزة الدولة التقديرية في الآداب 2005. كما رشحته مؤسسة "إمباسادورز" الكندية للحصول على جائزة نوبل للآداب.