أكد ولاء الدين بدوى الأثرى ولاء الدين بدوى رئيس قسم العصر الحديث والمعاصر بمتحف الحضارة أن حوادث الاغتيالات السياسية تعد واحدة من المشكلات الشائكة التي عانى منها المجتمع المصري على مر تاريخه العريق حيث حفلت مصر خلال القرن العشرين بالعديد من حوادث الاغتيال التي ارتكبت ضد شخصيات سياسية رفيعة المستوى إما بدافع الوطنية وإما بتحريض من جماعات وتشكيلات لها أهداف سياسية. وكشف ولاء الدين بدوى عن اشهر واهم الاغتيالات التى هزت أرجاء البلاد خلال المائة عام الأخيرة فى تاريخ مصر وفى مقدمتها حادث اغتيال رئيس الوزراء بطرس غالي في 20 فبراير 1910 الذى يعد البداية الحقيقية للاغتيالات السياسية في مصر موضحا أان الاعتداء على بطرس باشا وقع أثناء نظر الجمعية العمومية لمشروع امتياز قناة السويس وهذا الحادث أثار دهشة الناس كافة إذ لم يسبق أن تقدمه اعتداء مثله أو يشبهه ولم يكن الناس قد عرفوا في مصر حوادث القتل السياسي منذ عهد بعيد. وأضاف انه تم القاء القبض على الجاني ويدعى إبراهيم ناصف الورداني ينتمي إلى الحزب الوطني واعترف بجرمه وادعي أن الدافع وراء ارتكابه هذا الحادث هو اتهام بطرس باشا غالي بالخيانة نتيجة توقيعه اتفاقية السودان في 19 يناير عام 1899 ورئاسته للمحكمة المخصوصة في حادثة دنشواي وإعادة قانون المطبوعات ثم سعيه إلى مشروع مد امتياز قناة السويس لافتا الى انه فور وصول بطرس غالي إلى المستشفى اجتمع حوله 15 طبيبا من كبار الأطباء في مصر لإجراء عملية له لكنه توفي في 21 فبراير عام 1910 وكانت آخر كلماته قبل رحيله "يعلم الله أني ما أتيت أمرا يضر ببلادي ". وأشار الى واقعة اغتيال أحمد باشا ماهر الذى تولى رئاسة الوزراء عام 1944 خلفا لمصطفى باشا النحاس حيث تعرض ماهر لموقف حرج بعد إعلانه دخول مصر الحرب ضد المحور حيث ووجه بانتقادات شديدة وعنيفة من قبل الملك وحزب الوفد وأشيع عنه أنه تابع للإنجليز و في 24 فبراير 1945 اجتمع نواب البرلمان لبحث مسألة إعلان مصر الحرب على ألمانيا واليابان تمهيدا لاشتراكها في مؤتمر سان فرانسيسكو وانضمامها للأمم المتحدة وبعد أن ألقى أحمد ماهر باشا البيان في مجلس النواب انتقل إلى مجلس الشيوخ لكي يدلي بالبيان فيه وفي أثناء اجتيازه للبهو الفرعوني الذي يفصل المجلسين أطلق عليه محامي شاب اسمه محمود العيسوي الرصاص فأصابه إصابة أودت بحياته. وعن واقعة اغتيال أمين باشا عثمان وزير المالية ذكر بدوى انه فى 5 يناير 1946 دوت عدة طلقات من الرصاص في مدخل إحدى عمارات شارع عدلي وخرج من أطلق النار يجري في الشارع متوجها نحو ميدان الأوبرا و جرى الناس خلفه لكنه ألقى عليهم قنبلة يدوية انفجرت وإختفى في الزحام وتبين بعد ساعات أن أمين عثمان باشا وزير المالية قتله مجهول وكان الجانى هو الشاب حسين ابن توفيق بك أحمد وكيل وزارة الحربية والذى اتهم فيها أيضا الرئيس الراحل السادات مشيرا الى أن قضية اغتيال أمين عثمان قد أثارت جدلا واسعا حولها وترددت أقوال تفيد بأن سراي الملك باركت هذا الحادث حيث أنعمت على والد حسين توفيق برتبة الباشوية كما قامت السراي بتوكيل زهير جرانة للدفاع عن السادات والذي دفع له أتعابه الدكتور يوسف رشاد طبيب الملك الخاص . وأكد أن من اشهر حوادث الاغتيالات التى يسجلها التاريخ واقعة اغتيال محمود باشا فهمي النقراشي وذلك بعد حرب 1948 والتى كشفت عن حالة الفوضى والمستوى المتدني الذي كانت قد وصلته الحياة السياسية في مصر وفي 28 ديسمبر 1948 قام الشاب عبد المجيد أحمد حسن بإطلاق الرصاص على النقراشي باشا رئيس الوزراء فور وصوله إلى مبنى وزارة الداخلية, وألقي القبض على الجاني وحكمت عليه المحكمة بالإعدام ونفذ فيه الحكم. وبالنسبة لواقعة اغتيال حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين قال ولاء الدين بدوى إن كثيرين أشاروا إلى أن هذا الحادث رد فعل مباشر لاغتيال النقراشي باشا فعقب قيام دولة إسرائيل وانتهاء حرب فلسطين 1948 وهزيمة الجيش المصري تصاعدت أعمال العنف والفساد داخل المجتمع المصري وتضافرت جهات متعددة لوقف نشاط جماعة الإخوان المسلمين بعد إتباعهم سياسة الاغتيالات مما أسفر عن إقدام محمود فهمي النقراشي بحل جماعة الإخوان المسلمين في ديسمبر 1948 ولم تمضp أسابيع حتى تم اغتيال النقراشي باشا واتهمت جماعة الإخوان بارتكاب الحادث وتولى إبراهيم عبد الهادي باشا رئاسة الوزراء وفى 12 فبراير 1949 تم اغتيال حسن البنا وهو خارج من جمعية الشبان المسلمين ولم يعثر على القاتل في ذلك الوقت , ويقال أن الحرس الحديدي قد قام بالمهمة. وأوضح أن من الشخصيات التى سجلت اسمها فى تاريخ الاغتيالات فى مصر القاضى أحمد الخازندار نظرا لكونه كان ينظر فى قضية أدين فيها أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين و فى 22 مارس 1948 خرج الخازندار من منزله متجها الى محكمته وكان فى حوزته اوراق قضية تفجيرات سينما مترو المتهم فيها جماعة الإخوان المسلمين وما أن خرج من باب مسكنه فوجئ بشخصين من المنتمين لجماعة الإخوان هما حسن عبد الحافظ ومحمود زينهم يطلقان عليه وابلا من الرصاص أصيب الخازندار بتسع رصاصات ليسقط صريعا في دمائه . واشار ولاء الدين بدوى الى واقعة اغتيال الرئيس انور السادات فى 6 اكتوبر 1981 على يد مجموعة من المنتمين لتنظيم الجهاد عندما كان في المنصة الرئيسية لساحة العرض العسكري الكبير للقوات المسلحة المصرية احتفالا بانتصارات اكتوبر وقع حادث الاغتيال لحظة مرور الطائرات الميراج وعيون الحضور متجهة إلى السماء وكان السادات في آخر حديث له أدلي به .لصحيفة لفيجارو/ الفرنسية في 26 سبتمبر 1981 أي قبل اغتياله بعدة أيام قال "إنني أثير الكدر والارتباك إن السلام يضايق البعض..إذا تم اغتيالي ابحثوا عن المستفيد من الجريمة". وتناول واقعة اغتيال رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب المصرى فى 12 أكتوبر 1990 والتى نفذها مسلحون في أعلى كوبري قصر النيل أثناء مرور موكبه أمام فندق سميراميس في القاهرة عندما أطلق علي الموكب وابل من الرصاص نتج عنه مصرعه فورا ثم هرب الجناة على دراجات بخارية في الاتجاه المعاكس واتهم فيها أفراد من جماعة الجهاد وحكم عليهم بالإعدام بعد مرافعة القرن ولكن بعد النقض لم يتم إعدام المتهمين وحكمت المحكمة على المتهمين بأحكام تتراوح من الأشغال الشاقة لعشر سنوات إلى البراءة ولا زالت القضية غامضة حتى الآن. ونوه الى ان أخر تلك الحوادث واقعة اغتيال النائب العام هشام بركات التى حدثت امس حيث تم اغتياله امام منزله بمنطقة بمصر الجديدة وهو متجه الى مكتبه من قبل الجماعات الإرهابية وفضلا عن كونها أول عملية اغتيال لنائب عام في مصر, تعد تلك العملية هي أول عملية اغتيال ناجحة تستهدف مسئول مصري رفيع المستوى منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي, وما تبعها من بدء استهداف عناصر الجيش والشرطة المصريين على يد مجموعات إرهابية.