قامة عالية في تاريخ مصر المعاصر لم تطاولها قامة ، وظاهرة غير مسبوقة لم يظهر لها مثيل حتى الآن ، إستحق لقب الزعيم عن جدارة ، وعندما تُذكر كلمة الزعيم يتبادر اسمه فورا الى الذهن . مرت (44 ) سنة على وفاته في (28 ) سبتمبر 1970 م ، لكنه لازال يعيش ملء السمع والبصر وفي قلوب كل الشرفاء والمخلصين من أبناء مصر ( وهم كثُر ) . إختلف البعض معه ، ولكن الجميع أجمع على حبه ووطنيته وإخلاصه لمصر ، فرغم تلك السنوات الطوال على فراقه لازالت صوره تتصدر الميادين ، وسيرته تتقدم المجالس ، وكلماته تهز العقول قبل القلوب في كل مناسبة وطنية . هو الزعيم جمال عبد الناصر حسين سلطان علي عبد النبي ، المولود في (15 ) يناير 1918 م في (18 ) شارع قنوات بحي باكوس بالإسكندرية ، ثاني رؤساء مصر بعد الرئيس محمد نجيب( 1954- 1970 م ) ، مفجر ثورة (23 ) يوليو 1952 م وأحد أهم الشخصيات السياسية في عالمنا العربي في القرن العشرين . غاب عنا بجسده ، ولكنه شديد الحضور بفكره ومبادئه ، إستحوذ على قلوب الملايين بثوريته ، ووطنيته ،وإخلاصه لبلده ، وترفعه عن إستغلال منصبه في تحقيق مكاسب خاصة له أو لأسرته ، وكما عرفناه من أسرة فقيرة تنتمي الى قرية بني مزار في صعيد مصر ، فقد مات دون أن تتلوث يده ، توفى وفي جيبه (84 ) جنيها ، واستبدل معاشه ليزوج إبنتيه ، ترك الدنيا وأسرته لا تملك سكنا خاصا ، وليس لزوجته دخل خاص غير معاشها منه ومبلغ ( 3718 ) جنيها مصريا بحسابه في بنك مصر ، وسيارة ( أوستين ) كان يملكها قبل الثورة . ستة عشر عاما هي فترة حكمه لمصر مليئة بالإنجازات التي لاتزال تعيش بيننا ، ونعيش بها حتى الآن منها ( على سبيل المثال وليس الحصر ) على المستوى الدولي : ساهم في تأسيس منظمة عدم الإنحياز مع الرئيس اليوغسلافي (تيتو ) والأندونيسي (سوكارنو ) والهندي ( نهرو ) ، و في تأسيس منظمة التعاون الإسلامي ، وساند الحركات الثورية في الوطن العربي بدعمه لثورة استقلال الجزائر ، وتحرير جنوب اليمن ، وبعثه الإهتمام بالقضية الفلسطينية ، وفي مصر: أسهم في إنشاء أكثر من (3600 ) مصنع في مجالات الصناعات التحويلية ، وكان وراء الغاء الطبقات التي كانت سائدة في المجتمع المصري ، فأصبح أبناء العمال والفلاحين وزراء وأطباء ، ……..، وكان له تأثيره الواضح في التوسع في التعليم المجاني ، إضافة الى قيامه بتأميم قناة السويس ، وبناء السد العالي الذي حمى أرض مصر من الفيضان ، ووفر لها الكهرباء ، وقوانيين الإصلاح الزراعي التي أعادت الحياة الى الفلاح المصري وجعلته مالكا بعد أن كان أجيرا ، وغيرها من المشاريع العملاقة . هي بالفعل إنجازات ثورة ، وما كان لها أن تتحقق إلا بوجود الزعيم . ولأنه بشر فله أخطاؤه ، لكنها تتلاشى أمام أنجازاته العملاقه ، على أن هذا لم يمنع البعض ممن تعارضت مصالحهم مع الثورة وأهدافها وحرص الزعيم على تنفيذها من المحاولة المرة تلو الأخرى في هدم هذا الصرح في نفوس المصريين أو النيل منه ، وباءت كل تلك المحاولات بالفشل وتحطمت على صخرة حب الشعب له ، سنوات طويلة مرت على وفاته لم يثبت خلالها أحدا من الذين إختلفوا معه أو عارضوه أنه إستغل منصبه وحب الجماهير له لتحقيق منافع له أو لأولاده . وكما حرر الزعيم الفلاح من عبودية الاقطاع الجائر ، والعامل من عبودية الرأسمالية الظالمة ، فقد ضخ دماء جديدة مملؤة بالعزة والكرامة في شرايين كل مصري . ليست هذه الكلمات تكريما له ، أو تأبينا لوفاته ، وإنما تأكيدا على أن الزعيم جمال عبد الناصر سيظل خالدا في قلوب الشعب المصري . 28/9/2014