قيادي بالشعب الجمهوري: ذكرى تحرير سيناء درس قوي في مفهوم الوطنية والانتماء    رئيس هيئة الاستعلامات: الكرة الآن في ملعب واشنطن لإيقاف اجتياح رفح    تعرف علي أسعار العيش السياحي الجديدة 2024    لليوم الثالث.. تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 24 أبريل 2024    قبل إجازة البنوك .. سعر الدولار الأمريكي اليوم مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية الأربعاء 24 أبريل 2024    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024    تراجع جديد لأسعار الذهب العالمي    تعرف علي موعد تطبيق زيادة الأجور في القطاع الخاص 2024    عودة المياه تدريجيا بمنطقة كومبرة بكرداسة    تراجع أسعار الذهب في ختام تعاملات الثلاثاء 22 أبريل    واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأمريكية بعد هجومين جديدين    «مقصلة العدالة».. لماذا لا تثور دول الأمم المتحدة لإلغاء الفيتو؟    بعد تأهل العين.. موعد نهائي دوري أبطال آسيا 2024    أرسنال يحقق رقمًا مميزًا بعد خماسية تشيلسي في الدوري الإنجليزي    حلمي طولان: الأهلي والزمالك لديهما مواقف معلنة تجاه فلسطين    رئيس نادي النادي: الدولة مهتمة بتطوير المنشآت الرياضية    يوفنتوس يضرب موعدًا مع نهائي كأس إيطاليا رغم هزيمته أمام لاتسيو    الخطيب يفتح ملف صفقات الأهلي الصيفية    موعد مباريات اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024| إنفوجراف    أمير هشام: إمام عاشور لم يتلقى عروض للرحيل ولا عروض ل "كهربا" و"الشناوي"    الأشد حرارة خلال ربيع 2024.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024    تحذير شديد بشأن الطقس اليوم الأربعاء .. ذروة الموجة الخماسينية الساخنة (بيان مهم)    وفاة 3 اشخاص وإصابة 15 شخصا في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالشرقية    محافظ الغربية: ضبط طن رنجة غير صالحة للاستخدام الآدمي وتحرير 43 محضر صحي    شم النسيم 2024.. الإفتاء توضح موعده الأصلي    حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 24-4-2024 مهنيا وعاطفيا.. الماضي يطاردك    أول تعليق من نيللي كريم بعد طرح بوستر فيلم «السرب» (تفاصيل)    السياحة توضح حقيقة إلغاء حفل طليق كيم كارداشيان في الأهرامات (فيديو)    بالصور.. حفل «شهرزاد بالعربى» يرفع لافتة كامل العدد في الأوبرا    مشرفة الديكور المسرحي ل«دراما 1882»: فريق العمل كان مليء بالطاقات المبهرة    شربنا قهوة مع بعض.. أحمد عبدالعزيز يستقبل صاحب واقعة عزاء شيرين سيف النصر في منزله    الموت له احترام وهيبة..تامر أمين ينفعل بسبب أزمة جنازات الفنانين    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    الاعتماد والرقابة الصحية توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنوفية لمنح شهادة جهار- ايجيكاب    فحص 953 مواطنا بقافلة بقرية زاوية مبارك بكوم حمادة في البحيرة    طريقة عمل الجبنة الكريمي من اللبن «القاطع»    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    تعرف على طرق وكيفية التسجيل في كنترول الثانوية العامة 2024 بالكويت    ما أهمية بيت حانون وما دلالة استمرار عمليات جيش الاحتلال فيها؟.. فيديو    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    أمين الفتوى: "اللى يزوغ من الشغل" لا بركة فى ماله    عادات خاطئة في الموجة الحارة.. احذرها لتجنب مخاطرها    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اثر الديون علي التنمية في مصر
نشر في الزمان المصري يوم 13 - 07 - 2014

من المعلوم أن مصر قد شهدت خلال العقد الماضي فترة من الركود، أدت إلى تأثر الشرائح الفقيرة في المجتمع بشكل حاد. ومن ناحية أخرى، فإن ارتفاع معدل الأمية نسبيا في مصر، أدى إلى تفاقم أوضاع تلك الشرائح أيضا. لقد كانت مصر دائما هي محط أنظار العالم على مر التاريخ لما تتمتع به من موقع جغرافي متميز في الشمال الشرقي من قارة أفريقيا والذي أضاف لها مناخ معتدلا في الوقت الذي تمتلك فيه مصر أكبر شريان مائي في العالم إلى جانب الأرض الخصبة الأمر الذي أدى إلى نهضة القطاع الزراعي بشكل كبير وعندما تولاها محمد علي عمل على نهضة القطاع الصناعي كما تمكن من عمل اكتفاء ذاتي في كافة قطاعات الاقتصاد، ومع مرور السينين وبعد أن تم حفر قناة السويس بدأ طمع الدول الاستعمارية في مصر لما تتمتع به من مقومات اقتصادية وسياسية.
إن الاقتراح الذي يطرح الآن فى كثير من الكتابات والهيئات الدولية، وهو ضرورة تخفيض قيمة العملة الوطنية، سوف يزيد من عبء الديون الخارجية قيمة العملة الوطنية، سوف يزيد من عبء الديون الخارجية المستحقة على الدولة، على اختلاف أنواعها ومصادرها على أن هذا العبء سيكون شديد الوطأة إذا كان هيكل التوزيع الجغرافي للتجارة الخارجية للدولة المعنية، يتسم بالتحيز فى اتجاه الصادرات إلى دول معينة، بينما تتسم واردات الدولة بانسيابها من مجموعة أخرى من الدول. يعتبر الدين العام تاريخياً محل جدل مستمر على مدى قرنين من الزمان فمن ناحية عارضته المدرسة الكلاسيكية بشدة ونادت بتوازن الميزانية العامة للدولة ، ومن ناحية أخرى أيد كثير من الاقتصاديين وعلى رأسهم كينز القروض ونادوا بمبدأ التمويل بالعجز أي أنه لم يعد هناك أي ضرورة لتوازن الموازنة وأن العجز الذي قد يحدث جراء ذلك يمكن تمويله بالقروض .
ورغم وجود من يحبذ الديون الداخلية على الديون الخارجية لما للديون الخارجية من أعباء وسلبيات كثيرة سوف أذكرها لاحقاً إلا أن ذلك لا يعني أن القروض الداخلية ليس لها أي سلبيات لأن من يقدم هذه الديون سواءً شركات أو بنوك أو أطراف أخرى داخلية تحصل أيضاً على فوائد وبالتالي فإن هناك من يدفع ضرائب لتمويل عبء الدين وذلك حتماً سوف يؤثر على توزيع الدخل بين مواطني المجتمع الواحد .
وفي المقابل يوجد أيضاً من الاقتصاديين من يحبذ الديون الخارجية ويهون من سلبياتها ويرى أنها الحل الوحيد للتخلص من المشاكل الاقتصادية ، والحقيقة أنها كذلك ظاهرياً فقط أي أنها – أي الديون الخارجية – ذات فائدة آنية لا تلبث أن تكشف عن جوانب أخرى سلبية ، وأقل ما يمكن أن نصف به الديون الخارجية بأنها تّفقر الدول المقترضة وتّغني الدول المقرضة ، إضافة إلى أن خدمة هذه الديون تصبح نزفاً حقيقياً لثروتها وعبئاً ثقيلاً على الأجيال القادمة . إن الاستدانة من الخارج تعتبر سياسة مالية قديمة قدم نشوء الدول والحكومات ، تلجأ إليها الدول ذات الدخول الضعيفة والفقيرة من أجل استمرار وجودها وبقائها – أو هكذا تعتقد – ولقد بدأت أزمة ديون دول العالم الثالث منذ القرن التاسع عشر حتى بداية الألفية الجديدة ، عبر مراحل زمنية متعددة يكتنفها العديد من مشكلات الدفع التي تتعرض لها الدول المدينة ، والمخاطر التي تتعرض لها الدول الدائنة . إن العديد من الاقتصاديين يرون أن الديون شر لا بد منه للدول النامية ، وأن الديون ذات فائدة متبادلة بين الطرف الدائن والطرف المدين ، إلى غير ذلك من الآراء الاقتصادية إزاء الديون الخارجية من حيث أنها المصدر الأهم للصعوبات الاقتصادية في الدول النامية ، أدى كثرة تناول هذا الموضوع بالبحث والتحليل إلى خفوت الاهتمام به في السنوات الأخيرة ويعود ذلك إلى ظاهرة الملل من الدين ومرور ما يقارب عقدين من انفجار الأزمة ( 1982 م ) .
إن الدين العام بالمعنى الدقيق : هو الذي يمنح من قبل السلطات الحكومية لبلد معين والمعيار الأساسي لهذا الدين هو الوضع القانوني للمدين ، ويفتقر هذا التعريف إلى ضم الهيئات الدولية كالبنك الدولي ومؤسسة النقد وغيرها إلى الجهات الحكومية المقدمة للديون في الدول النامية . تؤدي الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر، والتي تهدف إلى التعجيل بالمسارات المختلفة للإصلاح، إلى زيادة ظاهرة الفقر بين فئات المجتمع المصري، وتتزايد حدة هذه الظاهرة في مناطق معينة أبرزها منطقة الصعيد. وتتعدد المظاهر السلبية لهذه الظاهرة على المجتمع المصري، من تهميش الطبقات الفقيرة في المجتمع، واستبعادها من لعب دور مؤثر في أحداث التنمية، بالإضافة إلى شعور أفراد هذه الطبقات بالحرمان والعوز.
وليس من شك في قيام الحكومة المصرية بدور كبير في محاربة الفقر بكافة صوره خلال الفترة الماضية. إلا أن جهود الدولة يجب أن يتضافر معها جهود فئات المجتمع المختلفة للحد من انتشار هذه الظاهرة، بما لها من آثار سلبية متعددة على مسار التنمية في البلاد. كما يجب على الحكومة المصرية استخدام عدد من الوسائل المبتكرة في وضع حلول جذرية لمشكلة الفقر في مصر، ولعل من أهمها ابتكار حملة إعلامية مصممة جيدا تهدف لتغيير فكر الفئات المختلفة في المجتمع تجاه التوظف بالحكومة، وضرورة قيامهم بالمبادرات المختلفة لإقامة المشروعات الخاصة الصغيرة والمتوسطة، وتحمل دورهم في ذلك.
كما يجب وضع خطة متكاملة للصناعات الصغيرة والمتوسطة التي ترغب الدولة في توجيه عجلة الإنتاج إليها، وذلك بناء على دراسات واسعة ومكثفة لاحتياجات الأسواق المحلية والدولية. ما بين الرفض والتأييد.. الخوف والتشجيع، ينظر الشارع المصري للقرض الذي تسعي مصر للحصول عليه بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، في محاولة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر وسد العجز في الميزانية والذي بلغ 11 % من قيمة الدخل القومي.
والواقع يظهر إن تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً فهي لم تلجئ إلي صندوق النقد الدولي سوي ثلاث مرات فقط، مرة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ومرتين في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.
قرض صندوق النقد 1987-1988
انضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر 1945، وتبلغ حصة مصر في الصندوق حوالي 1.5 مليار دولار، لجأت مصر للإقتراض من الخارج لأول مرة في تاريخها في عهد الرئيس الراحل أنور السادات حيث اتفقت مع صندوق النقد الدولي عام 1987- 1988 علي قرض بقيمة 185.7 مليون دولار من أجل حل مشكلة المدفوعات الخارجية المتأخرة وزيادة التضخم.
وبعد الاتفاق علي القرض والموافقة علي شروط الصندوق خرج رئيس المجموعة الاقتصادية لحكومة السادات عبد المنعم القيسوني في 17 يناير 1977 ليعلن أمام مجلس الشعب عن قيام الحكومة باتخاذ مجموعة من القرارات الاقتصادية التي وصفها آنذاك ب"الضرورية والحاسمة"، والتي كانت نتيجتها زيادة في أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والبنزين والبوتجاز والسكر والأرز وغيرها من السلع بزيادة تتراوح من 30 إلي 50 %.
وكان للشعب المصري موقفه من هذه القرارات حيث اشتعل فتيل الغضب في الشارع وخرج المواطنون في جميع المحافظات علي مدار يومين 18 – 19 يناير في حالة من الغضب الشديد جراء هذه القرارات مما عرف ب"انتفاضة 18-19 يناير"، وهو ما دفع السادات إلي فرض حالة حظر التجول وأمر الجيش بالنزول إلي الشارع للسيطرة علي التظاهرات.
وسرعان ما تراجعت السلطة علي هذه القرارات لتفادي مزيد من التوتر والمظاهرات الشعبية في البلاد.
قرض صندوق النقد 1991-1993
ولجأت لمصر للإقتراض للمرة الثانية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك مع حكومة عاطف صدقي حيث اقترضت مصر حينها 375.2 مليون دولار لسد عجز الميزان التجاري.
واستطاع رئيس وزراء مصر الأسبق عاطف صدقي استغلال هذا القرض لعمل إصلاح اقتصادي حقيقي في البلاد حي قام بتحرير سعر الصرف وإفساح المجال لمشاركة القطاع الخاص.
وقام صدقي آنذاك بإنعاش سوق المال والبورصة وتعديل القوانين المنظمة للاقتصاد وتقليص دور القطاع العام، وفي تلك الحقبة الزمنية زاد الاحتياطي النقدي وانخفض معدل التضخم واستقرت أسعار السلع.
قرض صندوق النقد 1996 – 1998
أما المرة الثالثة التي لجأت فيها مصر للإقتراض من صندوق النقد فكانت في عام 1996 حي طلبت قرضاً بقيمة 434.4 مليون دولار ولم تسحب مصر قيمة هذا القرض واعتبر لاغياً، ولكنه شكل إطاراً سمح لمصر بالحصول علي إلغاء ل50% من ديونه المستحقة لدي الدول الأعضاء في نادي باريس الاقتصادي- مجموعة غير رسمية تضم 19 دولة من أغنى دول العالم وتقدم خدمات مالية مثل إعادة جدولة الديون وتخفيف عبئها علي البلدان المدينة. ومنذ ذلك الحين لم تستعين مصر بأي قروض من صندوق النقد الدولي واقتصر دور الصندوق علي تقديم المشاورات والمساعدات الفنية فقط، حتي جاءت حكومة الدكتور كمال الجنزوري لتعلن عن نية مصر الاقتراض من الخارج وهو الأمر الذي رفضه مجلس الشعب السابق.
وطالب المجلس علي إثره بسحب الثقة من حكومة الجنزوري، ولكن مع تولي الرئيس محمد مرسي رئاسة البلاد وقدوم حكومة الدكتور هشام قنديل تمت الموافقة علي القرض كما طالبت بزيادته من 3.2 إلي 4.7 مليار دولار، ومن المتوقع أن توقع مصر علي القرض في نوفمبر المقبل كما يجب على الدولة وضع خطة عمل ذات محاور ثلاثة للقضاء على الفقر. وأول هذه المحاور هو محور تدعيم النمو الاقتصادي، بهدف تقليل حدة الفقر. والمحور الثاني هو مدخل التنمية البشرية، من خلال زيادة الاستثمارات الموجهة إلى التعليم والتدريب والصحة، بالإضافة إلى تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها المتوقع لها في القضاء على ظاهرة الفقر. أما المحور الثالث فيتعلق بالرفاهة الاجتماعية، من خلال ترشيد المدفوعات التحويلية والدعم
لا شك النهضة الاقتصادية التي صنعها عبد الناصر لم تدم في عهد الرئيس السادات بأي شكل من الأشكال فبعد أن رحل وتولى الرئيس محمد أنور السادات انهارت الصناعة المصرية ووصل الاقتصاد المصري إلى أدنى مستوياته إضافة إلى تلاشي العملة الصعبة من الدولة لدرجة عجز مصر عن دفع فوائد الديون المتزايدة التي لم تعرف مصر مثلها قبل السادات، ولا حتى في عهد الخديوي إسماعيل، في الوقت الذي شهدت فيه معدلات التضخم ارتفاعا كبيرا، كما شهد الاقتصاد في عهد السادات خللا كبيرا في هيكله حيث انخفض نصيب الصناعة التحويلية في الناتج القومي والعمالة والصادرات، كما ارتفع نصيب الخدمات والمواد الأولية من الناتج القومي، وهو ما ترك اقتصادا فارغا من الممكن أن يتوقف عن النمو مع أي عامل خارجي، هذا وبلغت البطالة ذروتها في عهد السادات بشكل كبير.
وعلى الرغم من ضعف الاقتصاد بهذا الشكل إلا أن معدل الناتج القومي كان مرتفعاً جداً عند مقتل السادات، ولكن السبب لم يكن نشاطاً إنتاجياً بقدر ما كان ارتفاع معدل الهجرة إلي دول الخليج، وإعادة فتح قناة السويس وازدهار السياحة، وهي أشياء لا تمثل نشاطاً إنتاجيا بمعني الكلمة، وشديدة الحساسية للتطورات والأحداث السياسية في المنطقة، ومن ثم معرضة للتدهور في أي لحظة. هذا وقد تسلم الرئيس الحالي محمد حسني مبارك الدولة وهي في أسوأ أحوالها الاقتصادية والسياسية بعدما عمد الرئيس السادات إلى قلب النظام الاشتراكي في الاقتصاد إلى النظام الرأسمالي وهو ما أدى إلى انتشار الفساد وكثرة السرقة والتحايل على أموال الدولة كما أدى هذا النظام إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى جانب انفجار مستويات التضخم بشكل كبير جدا، وذلك لأن الريس السادات لم يكن لديه أجندة منسقة لإدارة اقتصاد الدولة سوى تفكيره وحده دون وجود تخطيط أو دراسات على عكس نظام عبد الناصر، هذا وبعد رحيل الرئيس السادات وتسلم الرئيس الحالي لشئون البلاد فإنه قد عمد إلى تنفيذ العديد من الخطط والاستراتيجيات في محاولة منه للنهوض بالاقتصاد المصري وها هنا سوف نوضح ما لهذه السياسات من إيجابيات وسلبيات والإحصائيات الموثقة الناتجة عن تنفيذ هذه الخطط.
أولا ومنذ بداية عام 1981 ومع تولي الرئيس محمد حسني مبارك لرئاسة الدولة والذي تسلم الدولة في أسوأ حالتها من كافة النواحي خصوصا الاقتصاد الذي تردت حالته بشكل فظيع، فقد أعلن توليه مشروع وطني وكانت التنمية الاقتصادية على قمة هذا المشروع وتم عقد مؤتمر لمناقشة استراتيجيات تنموية طموحة ومتواصلة من خلال الخطط الخميسية والتي بدأت في 1982 حيث تم جدولة الديون وتكثيف إجراءات التحول نحو اقتصاد السوق والتي كان من أهمها إلغاء نظام التخطيط المركزي والتحول إلى القطاع الخاص مع الإبقاء على دور الدولة في إدارة الاقتصاد الكلي على نحو يكفل استقرار الأسعار والتوازن الخارجي والعدالة في التوزيع ومنع الاحتكار والانتقال من مرحلة التصنيع من أجل الإحلال محل الواردات إلى مرحلة التصنيع من أجل التصدير.
من أهم السلبيات التي أنتجها هذا النظام الاقتصادي هو فوضي بيع المؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة في الوقت الذي ظهرت فيه فئة من المنتفعين والسماسرة من السادة المسئولين الحكوميين أدى إلي نقل ملكية الكثير من المؤسسات الاقتصادية العامة إلي القطاع الخاص مقابل قيمه غير عادله الأمر الذي أدى إلى إهدار الكثير من الأموال
ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير نتيجة تسريح أصحاب المصانع والشركات للعمالة الأمر الذي أدى إلى تدهور مستوى معيشة أفراد القطاع العائلي بعد انقطاع دخولهم والذي نتج عنه تراجع عمليات الشراء في الاقتصاد مما أدى إلى إغلاق أو على الأقل تقليل الطاقة الإنتاجية لهذه المصانع، ليتجه النمو الاقتصادي إلى التراجع على عكس ما كانوا يتوقعونه. الأموال التي نتجت عن بيع مؤسسات القطاع العام ذهبت سدى لأصحاب المصالح والمسئولين وسط دائرة من الغموض فلا توجد أي أرقام موثقة عن حصيلة بيع شركات القطاع العام كما أنه لا توجد أي بيانات عن استخدامات تلك الأموال، وما نريد أن نعرفه حقيقة أين ذهب هذه الأموال. وعلى المستوى الاجتماع فقد تمت معاملة العمال بشكل سيء جدا من قبل أصحاب القطاع الخاص وزيادة عدد ساعات العمل بشكل مبالغ فيه دون تخصيص مرتبات إضافية عن هذه الساعات إلى جانب رفع التأمينات الاجتماعية والصحية عن العاملين.
بيانات إحصائية رسمية
أشارت إحصاءات مصرية ودولية إلى أن نسبة البطالة قد تزايدت بشكل كبير بين الشباب المصري، والتي تتراوح بين مليونين وستة ملايين شاب، بنسبة تقترب من 20% من العمالة المصرية، وتدفع بشباب مصر للانتحار والجريمة.
أوضح تقرير التنمية البشرية في العالم لعام 2003م – والذي يصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإغاثي تراجع مصر في ترتيبها العام بين الدول فيما يتعلق بهذا المؤشر من "115″ منذ عام مضى إلى "120″ في هذا العام، وذلك من أصل "151″ دولة، كما أن مصر تقع في الثلث الأخير من مجموعة الدول متوسطة التنمية البشرية حيث يتضمن ذلك المؤشر ثلاثة متغيرات, وهي: متوسط الدخل الفردي على أساس القوة الشرائية، ومتوسط توقّع الحياة عند الولادة على أساس أوضاع الصحة والغذاء، ومستوى التعليم على أساس درجة انتشار المعرفة والمهارات
قيمة الدين العام المحلي في نهاية سبتمبر 2007 بلغت 651 مليار جنيه وبنسبة الرقم إلى الناتج المحلي الإجمالي تكون نسبة الدين 76.9%
أظهرت مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال العام المالي 2008 – 2009 تأثر أبرز قطاعات الاقتصاد المصري بشكل كبير، إذ سجلت عائدات قناة السويس انخفاضا بنسبة 7.2%، مقابل نسبة نمو بلغت 16%، حققتها خلال العام المالي 2007-2008.
تراجع معدل النمو في قطاع السياحة للعام 2009 ليحقق نسبة 3.1%، مقابل 21%، حققها في العام المالي السابق عليه، كما انخفضت خلال العام المالي 2008- 2009 تحويلات العاملين المصريين بالخارج بما يقرب من مليار دولار.
أظهر تقرير حديث لوزارة المالية عن أداء الموازنة العامة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام المالي الحالي (2009) ارتفاع العجز الكلي في الموازنة العامة بنحو 1.2 نقطة مئوية لتصل نسبته إلى 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
صنفت المنظمة الدولية للتخطيط العمراني في تقريرها السنوي عن حال ووضع العمران في العالم، مصر في المركز الأول عالميا من حيث سوء التخطيط العمراني، محملة الحكومة المصرية المسئولية عن ذلك نظرا لغياب برنامج حكومي لحل هذه الأزمة التي أثرت سلبا على مستقبل التنمية في مصر، وأضاف التقرير، أن 30 في المائة من الأسر المصرية تقيم في غرفة واحدة بمتوسط عدد الأفراد 6 أفراد – ديسمبر 2009
فى مارس 2009 احتل الاقتصاد المصري المرتبة 81 فى تنافسية الاقتصاديات فى العالم وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، بعد أن كان يحتل المرتبة 77 فى عام 2008 والمرتبة 71 فى 2006 والمرتبة 53 فى 2005 والمرتبة 62 فى 2004
مصر احتلت المرتبة الثانية بعد اليمن في معدلات الفقر من خلال تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية لعام 2009
مصر احتلت المرتبة 117 من بين 131 دولة في توزيع الناتج القومي علي المواطنين دراسة حديثة للخبير الاقتصادي الدكتور مدحت أيوب – يناير 2009
احتلت مصر المرتبة 88 عالمياً فى تقرير مؤشر الرخاء العالمي 2009، الذي يصدره معهد «ليجاتوم» سنوياً، ويرصد فيه مستويات الرخاء فى 104 دول، بناء على قياس 9 عوامل أساسية تسهم فى تحريك النمو الاقتصادي والرفاهية الشخصية والرضا عن الحياة
الثورة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية
خسائر الاقتصاد المصري
طفح الكيل بالشعب المصري والمواطن الفقير الذي عجز عن توفير رغيف الخبز لأولاده فضلا عن مسكن أو علاج أو تعليم أو شيء من متطلبات الحياة الأساسي والذي دفع الناس إلى الانفجار وبدأو الناس يحرقون أنفسهم بعد يأسهم في حياة كحياة القبور لعلهم يستنهضون من في قلوبهم رحمة لينظروا إليهم بعين العطف ولكنهم لم يجدوا شيئا سوى أن ثارت الحمية في قلوب الشباب وبدأو في عمل مظاهرات سلمية تتضمن مطالب اقتصادية واجتماعية عادلة وقد نجحت بالفعل في تحقيق مطالبها.
وبغض النظر عن مشروعية المظاهرات والمطالب العادلة التي أرادها الشباب بعدما شهدت الدولة أسوأ خمسة أعوام مرت وهي فترة تعيين حكومة رجال الأعمال وانتشار فساد رجال الأعمال بشكل علني وظهور سياسات الاحتكار من قبل رجال الأعمال اللذين هم في نفس الوقت وزراء في الحكومة، إلا أن هذه المظاهرات قد أدت إلى حدوث خسائر كبيرة في الاقتصاد خصوصا مع انتشار أعمال البلطجة والتخريب التي قامت بها فئات داخلية وخارجية ذات مصالح في الضرر بمصلحة مصر، وفيما يلي بيان ببعض الخسائر.
تعرض الاقتصاد المصري إلى حالة من التدهور الشديد نتيجة للاضطرابات ولقد شمل هذا التدهور جوانب عديدة نتيجة لتردي الوضع الأمني وغياب البيئة الاقتصادية المناسبة وقد سجلت خسائر الاقتصاد المصري حتى الآن على ما يزيد عن 200 مليار جنيه، كما شهد الجنيه المصري تراجعا في قيمته أمام العملات الأخرى وخاصة الدولار الأمريكي حيث وصل سعره لأدنى مستوى له منذ أكثر من 6 سنوات (5.86 جنيه للدولار الواحد) وهو ما تسبب في ضعف القيمة الشرائية للجنيه المصري بشكل كبير.
أضف إلى ذلك تضرر القطاع السياحي بسبب غياب الاستقرار الأمني ومن المعلوم أن قطاع السياحة يشكل 11% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تمتلك مصر مقومات السياحة ومنشآتها إضافة إلى وجود النيل والآثار والبحر والمناخ الملائم للسياحة، إلا أن الشركات السياحية العالمية والعربية توقفت عن إرسال الأفواج السياحية إلى مصر منذ انطلاق الأزمة بعد أن شاهد الجميع تلك الفوضى ونزول الجيش إلى الشوارع ومظاهر العنف التي نقلتها الفضائيات العالمية والعربية ما أدى إلى جمود السياحة والتجارة والنقل والخدمات، وهذا سيؤثر على سياحة مصر وجميع الشركات المشاركة والمستفيدة في هذا القطاع من الدول الأخرى كشركات الطيران التي تنقل إليها المسافرين والفنادق المملوكة للمصريين ولغيرهم أيضا، وعلى سبيل المثال الخطوط السعودية والإماراتية وغيرهما تنقل ركابا إلى مصر، والعربية للطيران تملك العربية – مصر بمركز طيران بالإسكندرية، وأعمار تملك فندقا ومشروعا في مصر, واتصالات الإماراتية لديها شركة اتصالات مصر التي تقدم هذه الخدمة، واضطرت إلى إيقاف جزء كبير من خدماتها في سوق يبلغ تعداده 80 مليون نسمة. إضافة الى شركات أخرى عديدة قد تضررت من الأحداث في هذا البلد. وعلى صعيد آخر فقد أعلنت وكالة التصنيف الائتماني موديز إينفستر سرفيس عن خفض تقييمها لسلامة الديون المصرية من درجة Ba 1إلى درجة Ba 2على خلفية التطورات السياسية المتوترة في البلاد، كما قامت بخفض موقفها بالنسبة إلى مستقبل الاقتصاد المصري من مستقر إلى سلبي.
كما خفضت أيضا درجة السندات والودائع المصرفية المقومة بعملات أجنبية في مصر منBa 2 إلىBa 3 وبررت موديز في بيان نشرته يوم الاثنين 31 يناير/كانون الثاني قرارها هذا بالزيادة الكبيرة والواضحة في المخاطر السياسية بمصر، مؤكدة قلقها من أن يؤدي الرد السياسي على الاضطرابات التي تشهدها مصر منذ أيام عدة إلى تدهور جديد في الحالة المالية العامة للبلاد الضعيفة أصلا. المشكلة الاقتصادية في مصر يمكن تبسيطها وتلخيصها في عدة نقاط:
عجز الموازنة: خلال العشر سنوات الماضية بدأت الحكومة تنفق أكثر بكثير من إيراداتها (من الضرائب والموارد الأخرى مثل دخل قناة السويس) وخاصة على الالتزامات الاجتماعية ودعم الغذاء والطاقة والمطالب الفئوية التي تصاعدت بعد الثورة، مما أدى لارتفاع عجز الموازنة خلال 3 سنوات من 134 مليار جنيه إلى 205 مليار جنيه في 2012-2013، يمكن أن تصل إلى 302 مليار جنيه (تمثل حوالي 15% من الناتج القومي) خلال العام المالي 2013-2014 لو لم تتم تطبيق إجراءات إصلاحية جدية، وهو ما يفوق بكثير كل معايير استدامة المالية العامة والحفاظ على سلامة الإطار الكلي للاقتصاد طبقا لبيان وزارة المالية المصرية.
زيادة غير مسبوقة في الدين المحلي: لسد عجز الموازنة المتصاعد، لجأت الحكومة لإصدار أذون وسندات الخزانة والاقتراض من البنوك المحلية بصورة مستمرة، مما أدى إلى زيادة غير مسبوقة في الدين المحلي لتغطية تصاعد الفجوة بين المصروفات والإيرادات، وأعلن محافظ البنك المركزي أن إجمالي الدين العام المحلى سجل 1533.6 مليار جنيه، فى نهاية شهر يونيو 2013 (أي قبل رحيل مرسي)، ليبلغ إجمالي الديون المستحقة على مصر داخليًا وخارجيًا 1831.68 مليار جنيه، أي 1.83 تريليون جنيه وهو رقم فلكي غير مسبوق، يعادل حوالي 89% من الناتج القومي المحلي. مزاحمة القطاع الخاص: عندما لجأت الحكومة للاقتراض من البنوك المحلية فقد "زاحمت" القطاع الخاص في الحصول على قروض من المدخرات والودائع البنكية، مما تسبب في صعوبة وارتفاع تكلفة حصول القطاع الخاص على التمويل اللازم للتوسع الاستثماري والنمو.
فوائد مرتفعة لخدمة الدين المحلي: مع تدهور التصنيف الائتماني لمصر، ارتفع معدل الفائدة على أذون وسندات الخزانة الحكومية إلى حوالي 10.9% – وهي فائدة مرتفعة تعكس حجم التضخم في مصر ومدى ثبات قيمة العملة الوطنية – الجنيه المصري، وعوامل المخاطرة التي تتأثر بثقة المقرضين في الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وقدرة الحكومة على اجتياز هذه التحديات. وسداد فوائد هذه الديون ابتلع نحو 147 مليار جنيه خلال العام المالي 2012-2013، مقابل نحو 72 مليار جنيه في 2009-2010 أي بزيادة تصل إلى 104 % خلال ثلاث سنوات. وهذا الرقم وحده يقارب حجم العجز الكلي في الموازنة، أي أنه لو لم تكن هناك ديون حكومية – فإن العجز الأساسي صغير جداً – وهذا يدل على أن المشكلة على ضخامتها، هي فجوة نشأت من قبل الثورة وتزايدت مع التباطؤ الذي اضطرت الحكومة لتعويضه لمنع البلاد من الانزلاق في دورة انكماشية أو كساد اقتصادي تكون آثاره سلبية على المصريين ولفترة طويلة قادمة، وتشير إلى أن الاقتصاد المصري قادر في الوقت الحالي على تغطية نفسه ولكن وجود هذه الفوائد يحمل الموازنة بعجز كلي ضخم، فيصبح التحدي الرئيسي – كيف تمنع مصر هذه الفجوة (أو الجرح النازف) من الاتساع.
تدهور موارد العملات الأجنبية: مع وجود القلاقل السياسية وحوادث العنف، تدهورت عائدات السياحة، وخرج كثير من المستثمرين الأجانب من البورصة المصرية، كما تراجعت معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر بشدة، مما ضغط على قيمة الجنيه المصري انخفاضاً، وعلى الرغم من زيادة تحويلات المصريين بالخارج إلى وطنهم خلال العامين الماضيين بصورة غير مسبوقة، إلا أن هذا لم يكن كافيا لمنع تآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي من 36 مليار دولار في ديسمبر 2010 إلى 15 مليار دولار في 30 يونيو 2013 – أي قبل أن تضخ دول الخليج حزمة المساعدات التي تلت عزل مرسي والإخوان عن الحكم.
تباطؤ الاقتصاد: عدم توفر العملات الأجنبية أدى لصعوبة استيراد المواد الخام والوسيطة وهو ما أدى مع غياب الاستقرار السياسي وغيرهما من عوامل لتباطؤ النشاط الصناعي والاقتصادي بصفة عامة، وزيادة معدلات البطالة.
هيئات نازفة: استمرار وجود هيئات تستنزف الموازنة العامة مثل قطاع الإذاعة والتليفزيون، وبالطبع الهيئة العامة للبترول بسبب دعم الطاقة.
ويتلقف الإخوان وأنصارهم هذه الأخبار باعتبارها دليلاً على أن النظام الحالي يقود مصر نحو الإفلاس الذي يقدرون له أن يحدث في خلال شهر وأحياناً 3 أشهر (تتجدد دورياً مع كل تقييم!)، متناسين أن الأرقام التي يستخدمونها كدليل، إنما هي تعبر عن الوضع المالي لمصر في 30 يونيو، أي في نهاية حكم الإخوان أنفسهم، وأن محافظ البنك المركزي السابق فاروق العقدة، قام بالاستقالة من منصبه في ديسمبر الماضي وهي علامة على الفشل الاقتصادي المتوقع نتيجة لسياسات الإخوان، وجاءت الاستقالة بعد صدور إعلانات مرسي الدستورية مباشرة، التي أدت لموجة احتجاجات نسفت آخر أمل باق في استقرار الأوضاع وتعافي الاقتصاد، مما أدى لاستقالة العقدة وهو ما أطلق موجة من التكهنات المتشائمة حول وصول مصر لحافة الإفلاس في نهاية العام الماضي، ومع تدهور الأوضاع واتضاح قرب نهاية حكم الإخوان، فإن قطر نفسها – الحليف الرئيسي والداعم المالي لحكم الإخوان – كانت قد بدأت تقفز من مركب الإخوان قبل عزل مرسي بعدة أسابيع.
وللإنصاف، فإن تدهور الأوضاع الاقتصادية بدأ بعد ثورة يناير مباشرة، وهو أمر مفهوم في ظل الاحتجاجات والمطالب الفئوية التي نشأت عن تراكمات قديمة انفجرت فجأة في وجه الحكومة الانتقالية بعد رحيل مبارك، علاوة على تدهور الوضع الأمني، وسقوط العديد من أقطاب الاقتصاد نتيجة لارتباطهم بنظام مبارك، ولكن الإخوان مسئولين بصورة مباشرة على تأزم الأوضاع الاقتصادية بعدة طرق: أولها إصرارهم عقب ثورة يناير على خريطة طريق طويلة جداً ظنوا أنها تؤمن لهم السيطرة على مقاليد السلطة ورسم شكل الدولة من خلال الانفراد بوضع الدستور عن طريق ربط تشكيل الهيئة التأسيسية لوضع الدستور بنتيجة الانتخابات البرلمانية، والثانية هي رفضهم العمل بأسلوب المشاركة والتوافق الذي وعدوا به بعد الثورة، وإصرارهم على المغالبة والهيمنة رغم ضعف التأييد الشعبي لهم، معتمدين على قوة التمويل والتنظيم السري والقدرات الانتخابية التي لم تتوفر لباقي القوى السياسية التي جاء ميلادها تنظيمياً وحزبياً بعد الثورة، مما أدى لسقوط حكمهم ودخول البلاد في دورة جديدة من عدم الاستقرار.
ويتضح من إستراتيجية القرابين التي اتبعها الإخوان خلال السنة الماضية في اصطناع مواجهات هجومية تؤدي حتماً إلى حدوث عنف دموي وسقوط ضحايا، أن هدفهم الحقيقي كان نقل صورة مخيفة داخلياً وخارجياً عن الأوضاع في مصر، رغم محدودية هذه الاحتجاجات عدداً وانعدام تأثيرها السياسي، فهي تضحي بثمن باهظ من دماء المصريين لتنفيذ إستراتيجية تليفزيونية أساساً، هدفها تضخيم الانطباعات السلبية، لضرب الاستقرار ومنع عودة الحياة الطبيعية، وتطفيش الاستثمار والسياحة، وتخويف المقرضين والمؤسسات الدولية، وإبطاء عجلة الاقتصاد، وقطع الطرق وشل المرور في البلاد، واستنزاف الدولة والاقتصاد. وبالطبع فإن حظر التجول في حد ذاته أدى لتباطؤ الاقتصاد في بلد تعتمد عادة على التسوق الليلي.
ولكن بصرف النظر عن مخططات الإخوان، هل تستطيع مصر أن تتخطى هذه التحديات الاقتصادية الجسيمة؟ وإلى أي مدى ستستطيع المساعدات الخليجية أن تبقي مصر آمنة فوق مستوى الغرق؟بعيداً عن عجز الموازنة الحكومية، فإن الاقتصاد المصري الرسمي والموازي يتمتعان بعوامل قوة ظاهرة وكامنة. فعلى ضفة الطلب، نجد إمكانية نمو الطلب المحلي بصورة كبيرة لسد الاحتياجات والتطلعات الاستهلاكية لعشرات الملايين من المصريين بمجرد وجود قدر مناسب من الاستقرار والنمو في التوظيف، وعلى الضفة الأخرى، هناك طاقات إنتاجية كبيرة غير مستغلة، ومنشآت اقتصادية ومصانع مغلقة أو تعمل بجزء صغير من طاقتها نتيجة لضعف الطلب المحلي، وبنية تحتية تحتاج التحديث في كل مجال تقريباً، وهذا التحديث لا يحتاج لنفس القدر من الاستقرار الذي تحتاجه السياحة أو الاستثمار الأجنبي، بما يجعل تقديم حزمة تنشيطية له أثر فعال في صنع جسر بين الطلب الكامن والقدرات الإنتاجية المعطلة.
ولكن كيف تستطيع الحكومة أن تقيم هذا الجسر في ظل وجود عجز ضخم في الموازنة؟
كما أن الأزمة مركبة، فإن الحل في وجهة نظري هو أيضاً مركب:
تصغير الفجوة: لابد أن تقوم الحكومة باتخاذ الإجراءات التي تقلل من عجز الموازنة من خلال ترشيد الإنفاق وخاصة في مجال دعم الطاقة الذي يستهلك وحده 100 مليار جنيه (!)، حيث يمكن توفير حوالي 37 مليار جنيه منها عبر استخدام نظام بطاقات الوقود الذكية كمثال واحد، وكذلك تنمية الموارد من خلال تطبيق الضريبة العقارية كمثال آخر.
الضخ في مشروعات البنية التحتية: يمكن استغلال هذا الوفر وغيره في الاستثمار في المستقبل، من خلال ضخ حزمة إجراءات تنشيطية تبدأ بالاستثمار في المرافق والطرق والبنية التحتية وإقامة مناطق صناعية وعمرانية جديدة.
إطلاق مشروعات قومية: من الجميل أن تقوم دول الخليج بسد الاحتياجات الآنية العاجلة سواء في الطاقة أو لتعويض استنزاف احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، وهذا بمثابة حل مؤقت موضعي يعالج أعراض المرض، ولكن العلاج الحقيقي يكمن في تنشيط الاقتصاد نفسه، وبالتالي يجب على الحكومة المصرية أن تجهز أوراقها جيداً، للعديد من المشاريع القومية المشتركة التي يمكن أن تجذب اهتمام الأشقاء في الخليج بصورة استثمارية، بعيداً عن المنح أو القروض والهبات، مثل مشروع منطقة قناة السويس، وهذا يتضمن تعزيز قوانين حماية الاستثمار العربي والأجنبي بصفة عامة. صندوق تنمية عربي أفريقي: يجب أن تبادر مصر بتقديم الدراسات والالتزام بالاستثمار الحكومي في إنشاء صندوق عربي أفريقي للتنمية والاستثمار في مصر والسودان ودول حوض النيل بما يشجع القطاع الخاص في مصر، والصناديق الحكومية والخاصة في دول الخليج ويحثها على المشاركة، وفي نفس الوقت يبني علاقات متينة مع دول حوض النيل لحماية حصة مصر المائية.
إدارة الأزمة بذكاء أمنياً وإعلامياً: مع علم الحكومة المصرية بخطط الإخوان لضرب الاستقرار في مصر من خلال اصطناع المواجهات الدامية، إلا أن السلطات لا تنفك أن تسقط في فخ الإخوان في كل مواجهة، ومع سقوط الضحايا، يقوم الإخوان باستغلال الموقف إعلامياً لتحقيق المزيد من الضرر لصورة الأوضاع في مصر وضرب الاستقرار، كما أن العديد من القرارات والإجراءات تعتمد فقط على المفهوم الأمني دون أن تخضع للتمحيص السياسي الاستراتيجي واعتبارات التأثير الكلي على الرأي العام ومبادئ إدارة الأزمات، للموازنة بين الفوائد والإضرار لكل قرار. وبدلاً من أن تلجأ الحكومة للحلول الناجعة وتصحيح هذه الأخطاء المتكررة، نجد أنها تلجأ لاتهام الإعلام الأجنبي بالتآمر لدرجة أن يصف المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية صحيفة الجارديان البريطانية أنها صحيفة صفراء ناطقة عن الثورة المضادة المصارحة: لابد من مصارحة المصريين بحقيقة الأوضاع الاقتصادية، ومطالبتهم بتحمل المسئولية في علاج الوضع الحالي، ويجب أن يوازن المصريون بين رغبتهم في تصحيح مظالم اجتماعية تراكمت عبر سنوات طويلة، وبين قدرة الموازنة العامة على دعم هذا واقعياً بطريقة آمنة، حتى لا تنهار الدولة تحت ضغوط مطالب فئوية لا يمكن الاستجابة لها من موارد حقيقية. لكن من يجرؤ أن يقوم بهذه المصارحة؟ رغم أن الفريق السيسي ليس مسئولاً بصفة مباشرة عن الحكم أو عن الملف الاقتصادي، إلا أنه يحظى بشعبية كبيرة، قد تمكنه من أن يكون هذا الشخص الذي يصارح المصريين بشجاعة بحقيقة الأوضاع ويطلب دعمهم.
توسيع التحالف السياسي: مرة أخرى لابد من توسيع التحالف السياسي الذي أسس لثورة 30 يونيو والابتعاد عن الإجراءات التي قد تشرخه وقد تتسبب في اكتساب الإخوان لحلفاء جدد بما يوسع من رقعة وخطر المواجهات والاحتجاجات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.