إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    حكومة السيسي تبدأ مخططا لرفع الدعم نهائيا عن الكهرباء والخبز    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 29 مايو 2024    واشنطن تدرج 3 صينيين و3 كيانات على قائمة العقوبات لانخراطهم بجرائم إنترنت    توقعات بخفض سعر الفائدة الفترة المقبلة    شعبة المخابز تكشف حقيقة رفع الدعم عن رغيف الخبز    الأردن يدين استهداف الاحتلال لخيام النازحين برفح الفلسطينية    فتح: نوافق على إدارة فلسطينية مصرية لمعبر رفح بمتابعة أوروبية (فيديو)    باختصار.. أهم أخبار العرب والعالم حتى منتصف الليل.. البيت الأبيض: لم نر أى خطة إسرائيلية لتوفير الحماية للمدنيين فى رفح.. النمسا: مبادرة سكاى شيلد تهدف لإنشاء مظلة دفاع جوى أقوى فى أوروبا    شيكابالا: إمام عاشور زملكاوي مجنون.. ولا أستطيع كشف ما دار بيننا في النهائي    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    مكالمة من مانديلا.. بلاتر يكشف أسعد لحظاته فى فترة رئاسته ل فيفا    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    استعدادات مجتمعية وروحانية: قدوم إجازة عيد الأضحى 2024    أسرة الطفلة «مكة» أمام النيابة: «اختل توازنها فسقطت من الطابق الثاني»    تعرف على درجات الحرارة المتوقعة على أنحاء البلاد اليوم    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    رئيس اتحاد شباب المصريين: أبناؤنا بالخارج خط الدفاع الأول عن الوطن    طريقة احتساب الدعم الإضافي لحساب المواطن    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    مصطفى الفقي: إسرائيل تفكر 100 مرة قبل استفزاز مصر (فيديو)    شيكابالا يعلن موعد اعتزاله كرة القدم    تجنبا للخلاف مع الأهلي .. تفاصيل مكالمة حسام حسن مع بيبو    شيكابالا: أتمنى توجيه جميع إيرادات مباراة السوبر الإفريقي لصالح أهالينا في غزة    تشيكيا: أوكرانيا ستحصل على عشرات الآلاف من قذائف المدفعية في يونيو    مهران: جلسة سرية اليوم لمجلس الأمن لمناقشة مجزرة الخيام ورفض إسرائيل تنفيذ حكم العدل الدولية    بداية موسم غيوم الليل المضيئة 2024    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    اضطراب ورياح.. تعرف على حالة الطقس حتى الإثنين المقبل    إصابة 17شخصًا في تصادم ميكروباص بفنطاس غاز بالمنيا    وزارة التموين تضبط 18 طن دقيق لدى المخابز بالجيزة قبل تهريبها للسوق السوداء    "تموين الإسكندرية" تضبط 10 أطنان دقيق بدون فواتير فى أحد المخازن    البيت الأبيض: غارة رفح لم تتجاوز خط بايدن الأحمر... ولا تغيير في سياستنا    تراجع سعر الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    «الأعلى للآثار» يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بعد ترميمه.. صور    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    الفيشاوي بصحبة محمود حميدة وغادة عبدالرازق بلوك جديد ..10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    د.حماد عبدالله يكتب: "عبقرية" مصر !!    افتتاح المؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، الخميس    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    «زي المحلات».. 5 نصائح لعمل برجر جوسي    هل يجوز الجمع بين صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان؟    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسوان يترأس اجتماع مجلس الصحة الإقليمي (تفاصيل)    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    من أفضل 10 فرق.. جامعة الجلالة تصل لتصفيات «الابتكار وريادة الأعمال» إفريقيا (تفاصيل)    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عبد المجيد يكتب عن :صراع الأجيال في السياسة غيره في الأدب، وإذا تماهيا تكون الكارثة.
نشر في الزمان المصري يوم 09 - 05 - 2019

في السياسة في ظل النظم الديمقراطية يكون صراع الأجيال أهون وأقل صخبا، لأن هناك انتخابات في موعدها ومحددة سلفا في مدتها، ومن ثم يمكن لشباب من الجيل الأحدث أن يتسيدوا المشهد، إذا استطاعوا أن يقدموا للأصوات الانتخابية ما يرونه مناسبا. ومن ثم ليست هناك مفاجأة أن يكسب الانتخابات رئيس مثل ماكرون في فرنسا، أو مثل جاستن ترودو في كندا. وفي كل الأحوال لا يفوز الفائز لأنه من جيل أصغر، لكن لأنه يحمل أفكارا أكثر عصرية، إذا توفرت في من هم أكبر فستفتح أمامهم الطرق أيضا.
في تاريخ الثورات كانت أكبر أسبابها هو الانفراد بالحكم لجيل أكبر، ومن ثم تأتي مرحلة ثبات وجمود بينما الدنيا تتغير، وتنفجر الأجيال الأصغر في وجه الأجيال الراكدة فوق الزمن، المتجمدة في أفكارها.
في البلاد المتخلفة تبدو مسألة إزاحة الأجيال ليست سهلة، وهذا متصل أكثر بطبيعة الحكم الذي يظل فيه الرئيس عشرا وعشرين سنة وثلاثين، إذا استطاع، ومن ثم تكون كل أدواته من البشر ممن هم مثله. والأهم أنه بذلك يصنع دولة شمولية أعلى هرمها لا يصل إليه أحد، ليس بحكم الخبرة أو الذكاء لكن بحكم الولاء المضمون أكثر في من هم من جيله، أو أقل سنا بعشر سنوات مثلا على أقصى تقدير، ومن ثم هم في دائرة جيله. في مثل هذه البلاد يتقدم الأمر أيضا ليسيطر على الحياة الأدبية والفنية، قلة قد لا تكون، وهذا هو الاغلب، الأكثر موهبة. ورغم أن صراع الأجيال في الأدب والغبداع لا تحكمه اعتبارات سياسية إلا أنه سرعان ما ينتصر جيل من الكتابة ليتسيد المشهد، ثم لا يؤمن بأن الأدب ظاهرة إنسانية تمتد إلى كل الأجيال، بل أحيانا يتم تلخيص الحياة الأدبية في شخص. الطريقة الهيراكية نفسها في السياسة.
لم تشغلني هذه المسألة أبدا. لم أوافق أن أصنف نفسي بين أي جيل. ستينيات أو سبعينيات، رغم تصنيفات النقاد وهم بالمناسبة أحرار، لأنني منذ وقت مبكر أرى تصنيف الأدب على أساس شكل الكتابة وليس سنوات العمر. يمكن جدا لكاتب متقدم في العمر أن يكتب متقدما على الشباب في شكل كتابته، أو تناول موضوعاته. وما أكثر ما ناديت بضرورة دراسة الأدب على اساس تطور الأشكال الأدبية، وليس على أساس السنين التي وصل التصنيف فيها إلى خمسينيات وستينيات وسبعينيات وثمانينيات وتسعينيات إلخ. وما أكثر ما قلت أن تصنيف الأجيال في الأدب يكون مع تطور الأشكال الأدبية، الناجم عن أحداث كبرى تغير شكل المجتمع كله، وهذه لا تقع كل عشر سنوات كأن الأدباء مرضى في مستشفي. ارتباط الهيراركية الأدبية بقرينتها السياسية جعل كتابا يقتربون من السطة الشمولية، فتنفتح لهم الصحافة والإعلام ليتسيدوا المشهد، بينما من يفوقونهم مهمشين وجمالهم في رضاهم رغم ذلك بالهامش. كنت دائما على يقين أنه لا نفي في الآداب والفنون، لكنه النسخ، بمعنى أن الجديد مهما اختلف، له صلة بالقديم، وكل ما يحدث هو اختلاف الشكل الأدبي ويمكن لك ان تستمتع برواية كلاسيكية كما تستمتع برواية حداثية البناء. هل تلغي «الحرافيش» مثلا رواية واقعية مثل «خان الخليلي» أو ثلاثية نجيب محفوظ نفسه..
المعارك الأدبية مهمة جدا لكن يجب أن يظل راسخا أنه لا يوجد نفي لما قبلها، لأن سر الفن وسحره موجود في كل شكل وكل ما يحدث هو اختلاف طرق ومفردات البناء مع الزمن. لكن هيراركية السياسة، كما قلت، ألقت بظلها على الحياة الأدبية وكما صار بعض الكبار لا يعترفون بمن بعدهم صار بعض الشباب لا يعترفون بمن قبلهم، لأنهم أكبر سنا فقط. وفتحت الميديا مثل الفيسبوك فرصة الشتائم، فكثيرا ما أقرأ من بعض الشباب شتائم مباشرة في الكتاب الكبار أنفسهم بشخوصهم لا بأعمالهم، وتلخصت المعارك في السن وليس في ما يقدم الكبار والصغار من أشكال جديدة. إيماني بأنه لا نفي في الفنون هو الذي يجعلني أقرأ القديم والجديد وأقف أمام لوحات المشاهير من كل العصور وأسمع الموسيقى الكلاسيكية كما أسمع موسيقى الجاز، وهكذا أرحت نفسي من هذه الصراعات غير العاقلة التي تتحدث عن الكتاب لا عن أعمالهم. للأسف بعض الشباب وجد أن شتيمة قدامى الكتاب طريق للشهرة على الفيسبوك. ليس الكثيرون يفعلون ذلك طبعا لكن البعض ولا يدركون أنهم ما داموا يفعلون ذلك سيأتي اليوم الذي يفعل فيه الأصغر بهم ما فعلوه بغيرهم، وحيث لا توجد معارك أدبية حول أشكال الكتابة صارت معاركنا الأدبية حول أي شيء. صارت حول الجوائز مثلا أو النشر أو الوجود الصحافي أو العلاقة بالسلطة، وغيره من الأشكال الزائلة. عندما تقول عن رواية أنها سيئة أو ديوان شعر أو مجموعة قصصية فهذا حقك، لكن حين تشتم الكاتب نفسه فهذا ليس من حقك، بل هو سخافة وانحطاط أخلاقي وقد تبدو شتيمة الكاتب الشخصة جالبة للشهرة، لكن هناك آلاف يقرأون هذه الشتيمة لا تعرفهم ويشفقون على المشتوم ويحتقرون الشتام . لا يعرفهم الشتام كما لا يعرف أي كاتب قراءه. والقراء المجهولون هم زاد كل كاتب حقيقي، وليس من حول الكاتب في مقهى أو جريدة من الكتاب الآخرين. يمكن أن نختلف جميعا حول جائزة، أي جائزة. ويمكن أن تصفها بالسوء لكن أن تشتم الفائز شتيمة شخصية فأمر سيئ . أقول هذا الكلام بمناسبة شتائم شخصية قرأتها على الميديا (الفيسبوك بالذات) في بعض الفائزين بالجوائز أخيرا. أقول لهؤلاء الشتامين إذا كنت موهوبا لا تشتم وعليك بالإيمان أنه في الفن والإبداع عموما لا يوجد نفي، لكن يوجد نسخ كما قلت. فالحركات الأدبية والفنية التي ظهرت في الدنيا تضاد ما قبلها لم تنهي قراءة الأعمال السابقة..
روح الفن والأدب تعبر التاريخ وهذا ما أقصده بكلمة نسخ، أي توالد لا تكرارا. وإذا كان قراؤك قليلين فسيزيدون إذا كنت موهوبا، المهم أن تظل تكتب. وكما يمكن أن تفسد السياسة كل شيء باختصار الحكم والنظام السياسي في آن، فأكبر ما يفسد الأدب أن تظن نفسك هذا الواحد. وإذا كان البعض يفعله فالموهوبون يعرفون أن العالم واسع فسيح الأرجاء. والوجود الأدبي لا يكون بحكم السن لكن بحكم الجديد في شكل الأعمال الأدبية. والأدباء الأصغر سنا ليس عليهم الخروج إلى الميادين كما يفعل شباب السياسة ضد الحكام والمتسلطين، لكن يستطيعون فقط أن يقدموا الأفضل في شكل الكتابة.
٭ روائي مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.