قال الجرسون : أعملُ هنا مذ ولدت ُ ولا أفهم ما سر ِ العلاقة ِ بين أكواب الشاي الغامق ونظرة الرجل طويل الشعر الأبيض ْ الممتد في الرصيف ، كجرح ٍ غائر ٍ أثري يدخنُ سيجارة ً اقترضها من أيِّ عابر ٍ يكمل بها دخان َحياته لبضع فلسفاتٍ محترقة ... * في التلفاز : قال المسئولُ في مؤتمر الحزب إن البلاد تشربُ في الصباح نسكافيه وتتابعُ أسهمَ السعادة في البورصة علي الأنترنت ْ وتخرجُ ليلا ً في علاقةٍ عاطفية علي النيل وترجعُ سعيدة ً جداً آخر اليوم ِ للبيت ْ !! وإن كل مشكلاتنا ... الآن هو سربُ حمام ٍ عشش فوق أبراج ِ بلدنا العالية فأزعج السحاب ونخشي أن تشكونا السماءُ للأمم المتحدة ِ ... أو للرب ْ . . في اللحظة ِ نفسها تسربل علي الطاولة أمامي سربُ لحظات ٍ من دمي بين أكواب الشاي الغامق ، في فزع ٍ من حذاء ِ شرطي ركلَ الرجلَ ... فمات َ علي الرصيف ِ .. كجثة ٍ لا تفهمُ ما معني الموت ؟! " قبل أن يموت ... قال عن امرأة ٍ في قريته لثلاثين عاماً انتظرت الموت َ في فراشها ليضاجعها مرة تكونُ الأخيرة ، فلم يجئ ْ ولكنها ماتت !!! حتي ان فراشها الخائن امتص كلَ دمائها الخضراء ِ وقالَ : لم تكنْ عذراء ُ " * في التلفاز : صفق الأعضاءُ للمسئول بشدة وقال : نسيتُ أن اخبركم إن البلادَ حين ترجع في الليلِّ تنامُ في قصري خدها علي كفيها كالأطفال ِ وديعة ً علي فرشة احلام ٍ طويلة ٍ هادئة ً ..... إلي أن يستأذنها الصباحُ . . علي الرصيف ، في جانب الجثة ِ طفلٌ كان يبيعُ المناديل لتسمح السياراتُ المارقة زكامها الارستقراطي ، قد التقط سيجارة الرجل ِ يدخنُ بقاياها وينظر من بين رجلي الشرطي لأكواب الشاي الغامق علي طاولتي ... والتصفيقُ مستمر حتي أن الجرسون طلب الحساب قطعاً متجمدة من دمي ونصفَ روح .. والتصفيقُ مستمر امشي في نصف شارع ٍ بنصف عين ونصف اذن ونصف انسان ونصفِ ، ونصف ِ و... نصفِ روح فاذا جائني الموتُ سأضطر أن استدين نصف روح ٍ كي أم وت ! والتصفيقُ يستمر يستمر يستمر والمسئولُ يق ول ...