كان لابد من دهمي وبعثرتي أشلاء ، كان لابد من تسويتي بالحصى ، اتحاد الأمثال في الكون اللامتماثل ، لم يتعرفوا على كومتي بين الحصى إلا عندما رأوا بقايا شهادة ميلاد هوروس ، عندما أقبلت ناحية المترو لم أشعر بالرعب ، لم أخف من الموت ، عانقته كحبيب ، تلذذت باللقاء ، طرت من النشوى ، لم أعر الناس التفاتا ، حاولوا منعي من دخول النفق ، لا يعرفون حجم سهدي وعذابي ولوعتي ، لا أحد يعرف ، وحدي أنا المعذب ، وحدي أنا الملوم ، أنا الذي أطبق سنة خالقي العظيم في الكون ، حبيبي يا خالقي ؛ هل هذه هي جثة زوجك المفقود منذ سبعة قرون ؟ لم تستطع كلمة واحدة ، أن تخرج من فم زوجتي إيزيس وسط أنهار الدموع ؛ هذا الجزء من الورقة مدون عليه هوروس جوووو شوووو هوووو ، أليس هذا هو ابنك ؟ في الطريق إلى بيتي شاهدت المترو ، غبي آخر من بين خلق الله الأغبياء ، لم يتفهم مشكلتي ، عاملني بطريقة واحدة ، عاملته بمئات الطرق ، لم ينفع تاريخي الطويل في الطرق الملتوية أن يؤثر فيه ، يا هذا الذي أتشكل فيه ويتشكل في ، إني آت إليك ، وأنت آت إلي ، فأين اللقاء ومتى ؟ أشعر أنك بعيد وأن طريقي لا نهاية له ، لماذا خلقتني أنا الذكي الوحيد من بين خلقك من البشر ؟ لماذا جعلتني حيوانا ؟ أنا الحيوان الحقيقي الذي استطاع أن يتخفى وسطهم ، لم يفهم حقيقتي إلا المترو لأنه حيوان مثلي ، سوف أعود حقيقة لا يعرفونها ، مجرد أن يتحلل جسدي سوف أعود ، هنيئا للهنود يسارعون إلى حرق الأجساد لكي تعود مسرعة ، من يحرق بقاياي ؟ من يهندني ؟ من يفتتني ذرات ؟ لو لم أكن مصريا لتمنيت أن أكون هنديا ، في المدرسة بعد أن ذاعت شهرتي بين زملائي بالعفريت ، سألني الأستاذ الغبي : هل أنت حقا عفريت ؟ قلت وأنا أحدق فيه وأزم شفتي : نعم ، عوووو ، سألني مرتجفا : كيف ؟ لم أخبره بالحكاية فضحك ، أخذني في الفسحة إلى الناظر ، رفضت أن أتكلم ، قلت له : هل أنا أضحوكة ؟ ضمني الناظر إلى صدره وقال : يا بني ، هون عن نفسك ، أنا الذي بعثت في طلبك ؛ لأعرف الحقيقة ، نظرت إلى الأستاذ ؛ فطلب منه الانصراف ، صاح على الساعي ؛ فأتي كما طلبت بتمر هندي بين يدي ، تناولته فرحا ، أجلت النظر في وجه الحاضر معه ، حاولت أن أحكي ، كان يشبه أبي ، تضاريس ضخمة ، وشعر كثيف ، وحضور لا يعارض ، أمعنت النظر فيه ، فأمره بالخروج ، قلت : الحكاية وما فيها ؛ إنني في يوم ما كنت عفريتا ، توحدت والعفريت ، انطبق شكل العفريت ووظيفته عليَّ ، فلماذا إذا لا أكون عفريتا ؟! أنت يمكن أن تكون عفريتا لو قمت بوظيفته ، ولن تقوم بوظيفته إلا عندما تكون في شكله ، لم يقاطعني الناظر ، ظل ناظرا إليَّ في صمت ؛ كان أبي فظا غليظا ، لا يحب أن يستمع إليَّ ، كنت أحب كل شيء في الدنيا إلاه ، بيتنا خالف العالمين ، بيت أسس على الكره ، أنا أكره أبي وكذلك أمي ، لم يكن لهما إلاي بعد زواج دام ألفيتين ، بعد أن مات أبي ، استدعتني أمي من مكان عملي في بنها ، الذي يبعد عنها ملايين الكيلو مترات ، بمجرد أن دخلت من باب البيت صاحت : الملعون أبوك يطاردني في النوم ، لم يكتف بعذابي في حياته ، لعنة الله عليه حيا وميتا ، لم أدرك أن الله موجود إلا بموته ، لم أتقرب منه إلا بموته ، فلماذا يريد أن يبعدني عنه ثانية في موته ؟ اللعنة عليه ، اللعنة علية ، أنقذني يا ولدي ، وأشر عليَّ ؛ فلقد ادخرتك عمري لهذا الرجل في هذا اليوم ، لمعت في ذهني على الفور فكرة ، تعلمتها وأنا أقرأ في تاريخ جدي إبليوووو ، قلت لها : لا كلام لك عندي ، قومي على الفور ، جذبتها من أناملها ، هرولنا بين الشوارع ، هجرنا تخوم القرية ، وسط المزارع تشخصت القبور كآلهة الفراعنة المهملة ، بصعوبة شديدة عثرت على قبره ، مجاري العائلة ، مستنقع النفايات ، أعطيت لها كل ما كان يقابلني من حصى ، نظرت إلي متفاجئة ، قلت لها : لا حل له سوى هذا ، ارجميه ، فهمتْ ، صوبت ناحية الرأس ، ناحية القلب ، ناحية الذيل ، ضربت سبعا ثم سبعا ثم ملايين السبعات ، حتى تأكدت تماما من اختفاء آخر نفس فيه ، بعدها لم يأت إليها في المنام أبدا ، ولم تستدعني أبدا ، ولم أذهب إليها أبدا و الى اللقاء في الجزء الثاني من القصه