حين جلست أمام شاشة الكمبيوتر أرتشف فنجانا من الشاى ، لم يكن هناك ما يغازلنى من بعيد أو يغرينى بالرد عليه أو عليها ، حتى الأغانى المرسلة على الصفحة الرئيسية لم تكن مناسبة لحالتى النفسية من قريب أو بعيد ، ولم أجد حرفا ينادينى ويشجعنى على التعليق أو حتى تشجيع صاحبه كما يفعل صاحبُ كلَّ رسالةٍ حقيقى فيأخذَ بيد مَن لا يعرف قبل أن يأخذ بيد من يعرف كنت أضغط الزر فأتنقل بين الصفحات فأجد كلماتِ نفاق فاقت حد النفاق ، وكلمات مجاملة فاقت حد المجاملة ، ناهيك عن السباب والكلمات الجارحة والخارجة والتى يعاقب عليها القانون. وبينما كنت أتجول وقعت عينى على جملة أرسلتها إحداهن لصديقتها تتسآل فيها بالحرف الواحد "إيه ياأمورتى نبتدى الصيام بقى طالما القمر طل"؟ توقفت قليلا عند هذه الجملة ورحت آتساءل إذا كانت هذه الفتاة قمرا الأن فهل كانت هلالا من قبل ؟وهل ستكون بدرا بعد أيام ؟ ورحت أرجو المستحيل وأتمنى الممكن فمادام القمر قد ظهر على صفحات الفيس ، هذه الصفحات التى تظهر فى العالم أجمع، فلربما تكون هذه فرصة مناسبة هذا العام للاتفاق على موعد بداية الصيام لنرسل للعالم رسالة أننا اتفقنا والحمد لله على شئ واحد على الأقل تركت صفحةَ القمر ولكنى لسبب لم أعرفه ، أو أعرفه ولا أريد أن أذكره لكم ،أحببت أن أعرف ما اسم هذا القمر الذى سنبدأ به الصيام هذا العام فى موعد محدد والحمد لله وما أن قرأت اسمها ،هرعت كى أرتدى ملابسى لحضور الندوة ، ندوة الأثنين ، فهى أخر ندوة قبل شهر الصيام ، وهى بالتالى فرصة عظيمة لأن نقدم التهانى لجميع الزملاء أصحاب القلوب النقية هنا، ولعلنا نكون أكثر حظا هذا العام فنجد من يدعونا للإفطار فى أحد المطاعم الفاخرة أو حتى غير الفاخرة فالمهم الصحبة الكريمة كما يقولون حين دخلت الندوة كعادتى مرتبكا..لعن الله الارتباك وسنينه ، وقعت عينى أول ما وقعت ، على من أبدع الله وصور ، فتاة ذات حسن عبقرى ، جمال ورقة وبهاء ونور يخرج من حيث هى جالسة فيملأ المكان بأنوار البهجة والمرح، مالبثت أن قفزت وأتجهت نحوى وقبل أن تمد لى يدها سألتنى " هو حضرتك الأستاذ/ فلان؟ أقول لك الحق تملكنى الغرور للحظة ورغم أن شهر رمضان على بعد سويعات قليلة إلا أن الأفكار الشيطانية بدأت تراودنى وتلعب برأسى ، لم يطل الأمر كثيرا فقد هجم علىّ كلب خالد السروجى فى قصته الحارس وفى حركة رشيقة وفجائية كانت قد تمت عملية عض رقبتى وتركنى الكلب أقاوم تلك الكهرباء ذات الفولت العالى التى انتقلت لى من يدها إلى يدى حين مددتها لأسلم عليها قلت بصعوبة بالغة..نعم أنا هو ، ردا على سؤالها ، وحمدت الله كثيرا على أن كلمة نعم هذه لا تتكون إلا من ثلاثة حروف فقط ، واثقا أنها لو كانت أكثر من ذلك ما كنت أستطيع التفوه بها لحالتى المزرية مرت لحظات لا تسلنى كم وإذا بى استجمع شجاعتى مرة أخرى وأسألها : إنتِ بقى القمر الذى سنبدأ الصيام لرؤيته؟ لذكائها فهمت ما أقصد وأحمر وجهها ، فقلت لها وأنا أهرول خارجا من الندوة التى لم تكن قد بدأت بعد، أنتِ ياقمرنا لن تفيدنا ومن المستحيل أن تفيدنا أن نصوم لرؤيتك ، ولكن قد ينفعنا ومن الممكن جدا جدا أن نفطر لرؤيتك...وإذا بالكلب يعضنى مرة أخرى