بقلم محمد مختار شاء الله سبحانه وتعالى أن يفضل بعض الأشياء على بعض لحكمة يعلمها ولا نعلمها، ففضل بعض الأيام على بعض؛ فكان يوم الجمعة بمثابة العيد للمسلمين وليس كسائر أيام الأسبوع، وفضل بعض الليالي على بعض؛ فجعل ليلة القدر خيرًا من ألف شهر من حُرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفضّل بعض الزرع والفواكه على بعض، فقال تعالى: "وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وغَيْرُ صِنْوَانٍ يُّسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ"، وفضّل الله بعض الناس على بعض فقال تعالى: "وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ" ، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: "فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً" ؛ وعلى المؤمن أن يرضى بما قسم الله له من رزق عملاً بقول الله تعالى: "وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ"، و حتى الأنبياء أنفسهم وهم سادة البشر: فضل الله بعضهم على بعض، فقال تعالى: "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ". وفضل بعض الشهور على بعض، ففضل شهر رمضان على سائر الشهور، ففيه أنزل القرآن وأنزلت فيه جميع الكتب السماوية فقال عز وجل" شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان"، وفيه خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، والملائكة تستغفر للصائمين حتى يفطروا، و يزين الله في كل يوم جنته ويقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ثم يصيروا إليك. وفيه تصفد فيه الشياطين وتفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، و فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم الخير كله، ويغفر للصائمين في آخر ليلة من رمضان، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".. فهل استعد أهل الحق كما استعد أهل الباطل لرمضان ؟ نعم قد استعد أهل الباطل لرمضان بالتطاول على رموز الإسلام وإعداد كافة الوسائل الشيطانية من مسلسلات وأفلام وبرامج حتى لا يستطيع من يريد أن يُغفر له ما تقدم من ذنبه فى الشهر أن يجد الفرصة؛ لأنهم استطاعوا فى غيبة أهل الحق أن ينشروا أسلحتهم الفتاكة من إعلانات على كل شكل ولون هدفها الأساسى والرئيسى أن يكون شهر رمضان شهر المسلسلات والأفلام والأغانى والسهر والمرح، ولا يكون فرصة للتوبة والمغفرة وتهذيب النفس والتصالح معها والعودة إلى الله كما قال فى كتابه العزيز" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"...فالهدف هو التقوى والعودة إلى الله.. فأين أهل الحق وأهل التقوى ليعلموا الناس أن هناك فرصة للنجاة وهى الوحيد، فرصة إن اغتنمها العبد فاز فى الدنيا والآخرة..فلا بد من اغتنام هذا الشهر- ولا نلتفت إلى ما أعده له أهل الباطل- بأن نتصالح مع أنفسنا ونهذبها ونعود بها إلى مكارم الأخلاق، ونكثر من الصلاة و قراءة القرءان ونَصِلُ أرحامنا؛ لأن الحسنات فيه تتضاعف.. فهو شهر الرحمة والمغفرة