قالتْ :أتريدُ أن تنسانى؟! .. سكتُ ولِمْ أردْ.. كان هناك صراعاً..خفياً نعم..ولكن هائلاً..لماذا سألتُها السؤالَ فى البدايةِ؟..ولماذا لا أستطيعُ الإجابة الأن؟! ..مَن منّا يستطيع أن يختارَ ما يريدُ أن ينساه ويُبقى فى الذاكرةِ ما يريد أن يذكرهُ..خُيل لى للحظةٍ أن النسيانَ وحدةٌ واحدةٌ ولا خيارَ لنا فيه وهو كذلكَ بالفعل.. هروباً من سؤالِها..رددتُ عليها السؤالَ بسؤالٍ..وأنتِ..أتستطيعين نسيانى؟ قالتْ : طبعا .. ثم راحت تُقسمُ بكلّ عزيز وغالٍ أنها لو أرادتْ لفعلتْ..ابتسمتُ بينى وبين نفسى..تمتمتُ .. كاذبة..كاذبة .. تذكرت أغنية لكاظم الساهر يقول فيها أضعفُ من ضعيف.. رجوت الجبروت الذى يلبسنا أحياناً رفقا بنا ..أيها الإنسانُ ما أضعفك..منذ متى كان النسيانُ اختياراً.. استطردتْ قائلةً : ولكنك لن تستطيعَ إن أردت..فأنا..قالتها بزهوٍشديد..قد بعثرتكَ ولملمتكَ..وأُبعثركَ وأُلملمكَ وقتما أريدُ وحينما أريدُ ..وقد تسللتَ إلى دّمكَ فإن أردتَ نسيانى ..فلتذرفْ دّمكَ كلهُ أولا.. كان صوتُها مُخيفاً..فقد كانت تتكلمُ بهدوءٍ شديدِ وثقةِ زائدةٍ..لا أدرى لماذا تذكرتُ ريا وسكينة وعبد العال أيضا .. سكتتْ برهة ثم استطردتْ ..لعلمك أنا لا أحبّكَ ولكنّى أخافُ عليكَ ؟! ومن قال أنكِ تحبينى؟! تجاهلتْ سؤال.. راحت تقول ..خذ مثالا.. ما كتبتَ اليومَ .تساءلتُ : ومافى ذلك.. قالت لا يصحْ أن تصفَ ما لا يستحق بأنه الإبداع ذاته..راحت تنصحنى بأنى مراقبُ وأن المجاملةَ شيئا والنفاقَ شئٌ أخر..تمتمتُ .. أتحبيننى لهذه الدرجة وتتسترى وراءََ خوفكِ على قلمى..سمعتنى .. قالتْ : وأنت تُصر على أن تبدلَ الحبَّ بالحزنِ قلتُ : الحزنُ يَسْكُنَ القلوبَ الوفيةَ خاصةً أن عَجِزَتَ عن اسعادِ من حولها قالتْ: إسعدنى قلتُ: لا يستطيعُ النسيانُ ان يقفَ أمامَ العشقِ .. ولقد عشقتُ فيك العشق ولم يبقْ أمامى غير اسعادكِ دون طلباً منك ودون إرادةٍ منى قالتْ : العشقُ هو أن تفككَ ذرات جسدكَ وتعيدُ لَمْها وأنا فيكَ عاشقةٌ ولن أقبلَ بأنصافِ الحلولِ ولكني صبورةٌ حدّ الموتِ قلتُ : أنتِ مدهشة حد الدهشة قالتْ :لا تخفْ فقط كُن أنتَ ..لا تتواري وراءَ أقنعةٍ تصنعُها من روحكِ فإنى قادرة على أن أخترقَ كُلّ أقنعتك َ في لحظةٍ وأعيدَكَ الي نفسكَ قلتُ : انا روحٌ ياروح ُالروح لا شئ عندى أقدمه غير قلمى قالت :وأنا لا أريدُ شيئاً سوى قلبك وتلك الروح الهائمة سوف أعيدها إلى قلبى قلت : يانورُ الحياةِ مَن منّا يمسك بالضياء؟ قالت : لا أحد لكنه يخترقنا كأشعةِ ليُضئ ظلماتٍ حواسِنا ويرينا الحياةَ للحظاتٍ.. فهلْ لكَ أن تغمضَ عينيكَ عن كلّ شئٍ وتُقبلُنى قلتُ : أنا صوفى النزعة قالت : وأنا لستُ بصوفيةٍ قلت : الصوفى يعشق أقوى وأشد قالت : فلتصبْ بعضاً من تصوفك في قلبي وتلملمْ مشاعري وتُلق بها في عالم اللاعودة قلتُ : ولماذا اللاعودة قالتْ : كى تهيمَ بين أرواح من أحُبُّ حباً لا أملَ فيهِ قلتُ : أليس هو أسمى المعانى كما قالَ فريد الأطرش قالتْ : لا .. عبد الوهاب.. عاشق الروح قلتُ : مش فريد يعنى؟ قالتْ : لا قلتُ : ح أشوف الموضوع ده قالت : من غير ماتشوف ياطيب تذكرتُ : مهما بعدت أنتَ قريب ..مهما قسيت أنت الطيب قالتْ متوعدةً : طيب ياطيب ..وتركتنى متصبباً فى عرقى.. فقد كان الجوحاراً جداً..لكنها لمّا تحركتْ وصلنى بعضٌ من عطرها فأعادنى للحياة..غصباً عنها..أنا الذى كنتُ على مشارف النزفِ للرمقِ الأخير...