بعد أحداث أمبابة وأحداث ماسبيرو وكل تلك الضجة واللغط الغريب عن واقعنا فكر الكاتب والشاعر الشاب " سامح عبد اللطيف " عقد مؤتمراً عن الوحدة الوطنية ينظم بشكل خاص وجديد حيث فكر في عمل فقرات متضافره معاً في شتى المجالات الثقافية والفكرية يشارك فيها أبناء مصر من الدينين تحت شعار " الدين لله ومصر لأبناءها " ، وبالفعل عندما عرضنا تلك الفكرة على كلاً من الأستاذ الدكتور " صابر محمد عرب " رئيس الهيئة المصرية لدار الكتب والوثائق القومية والدكتور " عماد هلال " تحمسا جداً للفكرة ووافقا على عقد المؤتمر في قاعة المؤتمرات بدار الكتب المصرية ، والجدير بالذكر أن كل من كنا نطرح عليه الفكره ونعرض عليه المشاركة كان يتحمس ويوافق دون قيد أو شرط وبالفعل تم عقد المؤتمر في تمام الساعة الخامسة والنصف يوم الأربعاء الموافق أول يونيو بدأت الندوة بكلمة ترحيب من سامح عبد اللطيف تحدث فيها عن جذور العلاقة بين المسلميين والمسيحيين الضاربة في القدم ودلل على ذلك برواية هجرة المسلمين الأولي من مكة للحبشة ( اثيوبيا ) وحماية النجاشي المسيحى لهم والمناظرة التى قامت بينه وبين سيدنا جعفر بعد أن راوده ( عمرو بن العاص ) عنهم قبل إسلامه والتى خرج منها النجاشي مقتنع تمام الاقتناع أن ديننا يدعو دعوة واحدة وأن آلهنا واحد وأخذ على عاتقه عبء حمايتهم في دياره حتى أذن الله برحيلهم ثم تحدث الدكتور " عماد هلال " : أستاذ التاريخ الحديث بجامعة قناة السويس ومدير مركز البحوث بدار الوثائق القومية عن الوحدة الوطنية من منظور تاريخى ، أوضح في بداية كلمته أن كلمة قبطى الشائع استعمالها للتعبير عن مسيحيي مصر هى في الأساس معناها ( مصري ) فهى تحريف عن الكلمة اللاتينية ايجيبتوس والتى هى بدورها كانت تعنى في اللغة المصرية القديمة بن الآله بتاح ، ثم أجلى الصورة تماماً وأوضح أنه لم يكن هناك فتنة تذكر أبداً في التاريخ بين المسلمين والمسيحيين بمصر والا حتى بين اليهود وتحدث عن أزمة القرن الثالث الميلادى واضطهاد الحاكم الرومانى دقلديانوس وعصور الاضطهاد المسيحى المسيحى منذ ذلك الحين وحتى نهاية حكم البيزنطيين على مصر بعد الفتح العربي على يد ( عمرو بن العاص ) واستمر بالشرح حتى ثورة 1919 وحزب الوفد الذي اقيم من بعدها على اكتاف عدد من المصريين المخلصين مسيحيوها ومسلموها لا تفريق بينهم . وبعد نهاية الكلمة التاريخية بدأت الكلمة الدينية بالداعية الشاب " شريف شحاته " الذي برغم مشاغله حرص على الحضور وألقى كلمة رائعة عن سماحة كلاً من الدين المسيحى والإسلامى وسأل الحضور في البداية : ما معنى كلمة تعصب ؟ ليخرج من السؤال بعرض فكرة التعصب والتى تحمل في طياتها معنيين عكس بعضهم البعض الأول هو أنى اتعصب لفكرة ما وأصر عليها والمعنى الأخر أنى أقتنع بفكرة وأصر عليها وأعادى من لا يقتنع بها ، ومن ضمن أنواع التعصب هو التعصب لدينى في المعنى الأول أنى اتعصب لدينى بمعنى اقتنع به فهو معنى إيجابي ولكن أن تحول لمعاداة الأخر الغير مقتنع به تحول لمعنى سلبي مضر ولذلك فأن معنى كلمة التعصب نفسها ليس لها معنى شرعى أي ليست موجودة بالشرع بل على العكس فأن الإسلام أتى ليمحو فكرة التعصب ، وشرح أن فكرة التسامح ليس معناها الضعف وأنما يمكن أن يتمسك كلاً بوجهة نظره ونتعامل معاً دون تعصب ، وأن الدين الإسلامى وضع في العقيدة أسس وركائز تعامل المسلم مع غير المسلم ، ثم تحدث عن نظرية التعددية في الإسلام ، أي أن الله سبحانه وتعالى خلقنا شعوب وقبائل والغرض منها المعرفة وفي النهاية من يملك حسابنا على دينى وعبادتى هو الله وليس البشر وأن القاعدة الشرعية هى لا إكراه في الدين ، وختم كلمته بأن النقطة الاساسية التى يجب التركيز عليها لعدم الانسياق وراء أي فكرة أو فتنة هى التمسك بعلاقتى بالله بمعنى أن اتمسك بدينى كإنسان وليس حاكم فالحاكم في النهاية هو الله والله أمرنا أن نبر أهل الكتاب وكلمة البر هى أقصي درجات المعاملة واعلاها . وبعد أن انهى الأستاذ شريف كلمته تناول الداعية الشاب " طاهر محمد الأقرع " الكلمة بعد أن أعلن الأستاذ " سامح عبد اللطيف " عن اعتذار الأب الكاهن الذي كان من المفترض أن يشارك بالندوة ، وبدأ طاهر كلمته بأن أمه مؤمنه خير من كثرة كغثاء السيل ، وشبه المجتمع المصري بقطعة النسيج لحمتها المسلمون وسدتها المسيحيون ، فالمسلمون والمسيحيون بينهم تواصل وتفاعل في المجتمع المصري أكثر من مجتمع أخر ، وذلك لسببان اولهم الشريعة الإسلامية التى كفلت حرية الذمى وشرعت كيفية التعامل مع أهل الكتاب والسبب الأخر هو سلامة فطرة الإنسان المصري ، ودلل على أراءه تلك ببعض الأحداث التاريخية مثل حادثة دنشواي والأضطهاد المسيحى في العهد البيزنطى ، وبالإضافة إلى هذين السببين هناك سبب أخر أهم وهو أن الديانة المسيحية ديانة تعاليمها تقوم على السماحة والمحبة ، واستطرد وقال أن المسلم إن تعصب للإسلام الحق لكان أكثر تسامحاً وتعاملاً مع من يختلفون معه في الفكر والعقيدة والمذهب لأن الشريعة الإسلامية التى لو كان تعصب لها لوعى أنها تكفل وتنظم التعاملات ولكنه تعصب لجهله لأن الله قد كرم الإنسان بصفة عامة ، وشرح عدد من النصوص الدينية التى تشرح التعامل بين المسلمين وأهل الكتاب وارجع سبب الفتنة في أي عصر إلي سببين رئيسيين وهما الأول حقد الأعداء والثانى فساد الحكام فالحاكم الفاسد ينشر الفرقة والتناحر بين الفرق المختلفة لينشغل شعبه عن فساده . وبعد انتهاء الندوة قام المطرب الشاب " عمر الخيام " بإنشاد أغنيتين الأولى باسم ( عايز الحق ) والأخري باسم ( المسيح الجريح ) ، ثم قامت الشاعرة أمل درويش بإلقاء كلمة قصيرة ثم ألقت قصيدتين من نظمها عن التسامح وحب مصر ومن بعدها شاركت الشاعرة الرائعة وفاء أمين بقصيدة واحده اسمها ( أنا وأم مريم ) وصفت بها علاقة الشعب المصري مسيحيوه ومسلموه في مواقف عدة وكان أداءها واحساسها أكثر من رائع بعد فقرتى الشعر رنمت المرنمة صاحبة الصوت الملائكى " أنجى راضي " ترنيمتين عن حب الآله والأخري عن الحب بين البشر ، ثم قام الشاعر على محسن بإلقاء قصدتين من نظمه وكذلك الشاعرة السكندرية إيمان أنور ثم عادت فقرة الترانيم من جديد مع المرنم الشاب " أمجد فوزى " الذي شدى بصوته العذب ترنيمة عن الحب والاخاء ، ثم ختم المؤتمر بإلقاء كلاً من الشاعر " إيهاب عزمى " لعدد 2 من رباعياته في حب ومصر وقصيدة وفي النهاية شارك مدير الندوة الشاعر " سامح عبد اللطيف " بقصيدتين الأولى اسمها ( الصوت الهاديء ) والأخري باسم ( ليلة زفاف )