لستُ مثلكَ "يادرويشُ" .. فقد كنتُ أحلمُ وغزلتُ خيوط حلمى بحباتِ عرقى المتصبب فوق الجبين وكأنه النصيب ألم يقولوا دوما أن النصيب كلمة "مكتوبة على الجبين"؟.. لست مثلك يا"درويش" فلم ألق بنفسى جانبا .. لكنى طرتُ بين ممرات الزمن حتّى رأيتُ روحى تتجددُ كلّما انتهى العمر فلم أصل إلى الفُلكِ الأخير رغم وصولى أكثر من مرةٍ ولم أدر من أنا ولا جاوبنى أحدٌ رغم أنى كنت هناك فى قلبها فلم أكن وحيدا فى البياض فى قلبها ياصديقى .. كل مفردات اللغة تقف مندهشة لا يجرؤ أحد على كتابتها وكيف نكتبُ ما لا نستطيع تفسيره ولا وصفه قالت : أكتب .. وألحت .. أكتب أى شئ قلت : أكتب أى شئ إلا أن أكتب عن لاشئ بلا معنى يصل بى إلى محطات الصبر كم نحتاج إلى الصبر ياصديقى فى زمن لم يصبر علينا؟ وأنزلَ الدمعَ الحقيقى منَ المُقل فى غفلةٍ من الزمن؟ .. هل غفلَ عنّا الزمن حقا؟ هل يغفل؟ .. أم أن غفلة الزمن شئ من اختراعنا نحن؟ أنا يا"درويش" لم أمت قبل الآن على الأقل لا أذكر.. ربما مت ألف مرة لكنى لا أذكر .. فلا قبر هناك لى على مرآى البصر ولا على خريطة الأماكن توجد علامة يتيمة توحى بذلك للمارين فوق التراب ولا كُتب لى اسما على لوحة رخامية وكأن الأمر ضروري ولا زارنى ملاك يسألنى ماذا فعلت ؟ ولكن سألنى ضميرى وكنت أبتسم قد صرتَ فكرةً يا"درويش" السيف يحملها إلى الأرض اليباب وكل كتاب فيه بعض منك وقد صرت حكاية كبرى يحكيها التاريخ عنك للأجيال واسمك ملأ العالم ..نسيانك يادرويش أمر محال نسيانى أنا أمر مفروغ منه فلم أحمل السيف ولم تكن عندى فكرة لها دلالتها العميقة كى تعيش فى قلوب الناس لكنى عشت الحياة كعابر سبيل ومازلت أحاول ألا أكون أهو ضرب من الجنون أم منتهى العقل أن تعيش الحياة كعابر سبيل من منكم يجيب على السؤال؟ قلتَ: سنكون يوما ما نريد يالك من باعث الأمل فى قلوب الحيارى الصامتين صمتا أبديا ألم تبعت حوار العاشقين من الرماد؟! وهل يُبعث حوار العاشقين من الرماد إلا فى قلوب الشعراء العظام يالك من شاعر عظيم دعنى أسألك .. ما الأسطورة فى وقوع الشبية على الشبية؟ هذا ليست أسطورة حقيقة .. "فشبية الشبه ينجذب إليه" ..هكذا قالوا إنما الأسطورة تكمن فى نبؤة تتحقق دون علم ودون عراف ودون خوف أومقياس نستند عليه فى ماض بعيد أو قريب فإن آمنتَ برؤيتى .. فأنا النبؤة التى خلطت الحقيقة بالخيال وأنا الحُلم الذى تعيشه أنتَ دون أن تدرى أنه حلما واللغة التى لم يخترعها شاعر حتى الأن هل فعل ذلك أحد قبلى؟ ما لم يتحقق ياصديقى من قبل .. هو أسطورة وأنا نسجتها دون أن أدرى الكفن لا يخيط بخيوط من ذهب.. هو قطعة من قماش ربما كان بعض قطن وبعض شاش.. هذا يكفى لدفن جثثٍ كفنها الحقيقى تراب فكل ميت حقيقة يدفن ولكن ليس كل ميت قد مات الحكماء لم يبلغوا لقلب الحكمة ولن يبلغوا فالحكمة لا تحتاج لحكماءٍ إنما تحتاج إلى إنسانية لا تتوافر فى كتب أو علم إن كل حكيم قال أنه وصل ..ليس بحكيم فكيف يصل أحد إلى العمق الفاصل البالغ الدقة بين العقل والجنون فهناك يكمن السر ..سر الكون الذى لم يعرفه أحد وإن كان هناك فى أحشائك أنت .. فدع الظنون لأصحاب الظنون تقودهم إلى حيث لا يدرون ولايريدون أن يصلوا إلى هذا المكان السر فيك هو السر لأنك وحدك أنت الأنسان الغرباء تاهوا فى الغربة كم تاه غرباء فى غربة ؟.. وما ذلك بغريب غريبٌ ..غربة.ٌ.غرباء.. نفس الحروف ويبقى المعنى واحدا إن لم يضل الغريب ..فليس بغريب ولضاع جوهر اللغة فى غيابات المتاهة الأزلية إن الغريبَ من يتوه داخله فلا يجد نفسه ولو بحث عنها عمرا بأكمله حلمى..رغم أنى كنت أحلم .. لم يكن حلما .. لكنه كان شيئا مبهما .. أخذنى من يدى فسكنت قلب حورية انتحرتُ على باب قلبها دون أن أدرى .. لدهشتى.. وجدت فيه مدينتى الفاضلة اتخذته وطنا ورحت أحميه من الغوغاء والعاطلين الفاسدين وأصحاب الخطايا وغسلت قلبها بماء نقى فأنبت وردا زاهيا تحول إلى فراشة تحوم فوقى فاتخذته وطنا بالله عليكم..من يحدثنى عن نفسى غير نفسى؟ من يسمعنى غيرى إن لم أنطق والتزمت الصمت؟ أنت؟ إن قلت ذلك فقد عزفت للكذب لحنا وهل تُعزف للكذب ألحان قالت نم..فلم أنم أنا القادم من الماضى البعيد الذاهب إلى المجهول البعيد..ربما أواصل غزلى حتى ينتهى أمرى أسابق الزمن وأجرى حتى تودى طلقة بالحياة داخلى فأموت شهيدا أو أحيا الحياة كاملة ثم أموت شهيدا فلست جبانا كى أموت فوق فراشى ولست عربيدا من يحاسبنى بعدما كاد العمر أن ينتهى مجردُ سؤال برئ برئ برئ ما ظنكم برجل شد بدايتة لنهايتة .. ثم جلس يتنظر .. كما دوما كلمة القدر؟ أرجوك حين أمد لكَ يدى فلا ننركنى لبراثن الصمت ليلا أو نهارا لا تتركنى رغم أن الكلام صار عبثا والشعر صار عيثا والصمت عار وأعلم أن قلمى يتبعنى مثل ظلى لكنه لا يغرب بغروب شمس وأنت ياحبيب العمر ظلى الذى لا يغرب ولذلك كتبتك كلمة على صقحة الروح لا تزول إلا بزوال العمر وصعود الروح هناك على حواف مدينتك سوف أبقى ولسوف أفى بالوعد مدينتك مدينتى وقلبك وطنى وكل مافيك لى هكذا قلتُ وقلت أنت من قبل أن نلتقى ومن قبل أن نروى شجرة العشق لتظل مضيئة حتى قيام الساعة ويومها سوف أقفز فى الهواء صارخا باسمك الذى صرخت به على الدوام ولكن فى ثوب جديد فى فجر جديد وعمر وليد يبتسم للحياة