نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا، لخصت تلك الكلمات الحالة التى ظهرت فى المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب فظهرت عملية شراء الأصوات فى عدد كبير من الدوائر الانتخابية علنا دون منعها من أى جهة أو توقيع جزاءات على المرشحين أصحاب تلك الطرق الملتوية لجمع الأصوات، فعلى خطى الحزب الوطنى المنحل سار كثير من المرشحين ورصدت فيديوهات وصور سماسرة الانتخابات يتفاوضون مع الناخبين علي سعر الصوت وشحن الناخبين فى عربات الميكروباص، وظهرت الطوابير على أبواب اللجان لتتحول الطاقة الشخصية إلي كارت ائتمان تملأ الجيوب بالأموال، مبالغ تتراوح ما بين 100 جنيه وحتى 500 جنيه هو سعر الصوت الانتخابى وقابلة للزيادة كلما اشتعلت المنافسة، فكثير من الدوائر ظهرت بها منافسات شرسة بين المرشحين وكانت المقايضة ب50 جنيهًا قبل دخول اللجنة ومثلها بعد الاقتراع وكانت المنافسة شرسة بين السماسرة، والعروض تنهال علي الناخبين من أجل توجيههم إلى صناديق الاقتراع. من الوطنى المنحل إلي الجماعة الإرهابية اختلفت أساليب دفع الرشاوى وبدأت عملية شراء الأصوات قبل بداية المرحلة الثانية بأيام حيث تجمع السماسرة علي المقاهى وفى الشوارع وأمام مقرات المرشحين وبعضهم ذهب لطرق أبواب المنازل لجمع صور البطاقات الشخصية وأرقام تليفونات الهاتف المحمول لحجز الناخبين، وعنها أصبح يختار المرشح الأعلى سعرًا لتصبح الانتخابات أشبه بمزاد فمن يدفع أكثر يفوز بالمقعد البرلمانى. زكريا محمود الشهير ب«زيكو» أحد سماسرة الانتخابات بحى دار السلام تحدث عن عملية شراء الأصوات حيث استهل حديثه مؤكدًا أن جميع السماسرة جمعوا أموالاً لم يتوقعوا الحصول عليها فى سنوات وقال هناك ناخبون تحولوا إلي سماسرة بعد ما شاهدوا المبالغ التي تم انفاقها. ويضيف قبل بداية المرحلة الثانية للانتخابات قام مرشحون بالاتفاق مع أصحاب السوابق وعمال جراجات السيارات للسير إلي جانبهم اثناء الدعاية الانتخابية خوفًا من تعرضهم للمضايقات من المرشحين المنافسين، وبعض المرشحين وزع وجبات ودجاجاً مجمداً علي الأهالى ليتصدر المشهد بالأقوى ماليًا هو صاحب الكرسى واتفق مرشحون مع السماسرة علي جمع البطاقات الشخصية وكتابة أرقام الهواتف المحمولة وأرقام اللجان علي كل بطاقة قبل بدأ السباق الانتخابى. وواصل: تفاوضنا مع الناخبين على سعر الصوت فمنهم من طلب مبلغ 300 جنيه للصوت الواحد مقابل أن يذهب هو وأفراد عائلته وبعضهم كان يضغط لزيادة المقابل بدعوى أن المنافس الآخر يعرض مبلغاً أكثر، ففى اليوم الأول كان الصوت بمبلغ 100 جنيه يتقاضها بقطع الورقة إلي نصفين وبعد الاقتراع يحصل علي النصف الآخر وهناك من ذهب للصندوق وأبطل صوته بعد أن تقاضى المبلغ لأن الورقة الدوارة انتهت فبطاقة الترشيح مرقمة برقم مسلسل وبختم القاضى. وأكد «زيكو» أن سيناريو اليوم الثانى للانتخابات اختلف عن اليوم الأول.. وقال فى اليوم الثانى اتجهنا إلي نشر الشائعات بأن سعر الصوت وصل إلي 500 جنيه وذلك لجذب الناخبين واستقدامهم إلينا فبعد الساعة السادسة مساء ارتفع سعر الصوت فى دائرة دار السلام إلى 200 جنيه من أحد المرشحين، وهو ما جعل المنافس والذى كان عضواً سابقاً بالبرلمان لرفع سعر الصوت إلى 300 جنيه وقد اتفقت قبل غلق اللجنة مع أحد المرشحين على استطاعتى توفير 500 صوت ولكن بسعر مختلف وهو ما جعله يوافق سريعًا فالمبالغ التى انفقت فى الانتخابات من المرشحين على أقل تقدير مليون جنيه، فكل ناخب تقريبا حصل علي 100 جنيه وبالتالي فإن من حصل علي 10 آلاف صوت لابد وأنه أنفق عليها مليون جنيه. والمثير ان دار السلام التي شهدت كل هذه الأموال الحرام شهدت أيضا مسيرة احتجاجية للتنديد بالرشاوي الانتخابية واستخدام المرشحين المال لشراء الأصوات مطالبين اللجنة العليا بالتدخل لوقف الرشاوي. كما قام العديد من رواد موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بإبداء استيائهم من عملية شراء الأصوات وذلك بتداولهم لفيديوهات وصور تظهر فيها عملية شراء الأصوات بدائرة الخليفة والمقطم بمقابل 300 جنيه. وفي دائرة المعادي تحدث أحد سماسرة المشرحين للوفد وطلب عدم ذكر اسمه وقال «الرشاوي الانتخابية لم تقتصر علي الناخبين فقط، بل طالت المرشحين أيضا فأحد المرشحين بالدائرة تلقي أموالاً من المؤيدين له فهناك من تبرع له بمبلغ 100 ألف جنيه، وذلك من أجل انفاقها في الدعاية وجذب الناخبين وهذه التبرعات سيقابلها خدمات يحصلون عليها في حالة فوز المرشح»، ويضيف قائلا قمت بالاتفاق مع أحد رجال المرشح علي أن سعر الصوت 200 جنيه تقسم بيني وبين الناخب إلي جانب 50 ألف جنيه بعد فوز المرشح، واتفقنا في حالة الإعادة علي زيادة السعر ومكافأة الفوز. وفي دائرة السيدة زينب تواصلت جهود السماسرة فى حشد الأصوات وهو ما جعل المرشحين الذين لم يسبق لهم خوض السباق الانتخابي اللجوء إليهم والاتفاق معهم علي حشد الناخبين، فمهما تغيرت أشكال المرشحين تظل وجوه السماسرة معروفة للجميع، تحدثنا إلي أحدهم عن تلك الظاهرة والدافع إلي انتخاب مرشح مقابل المال فأجاب: «جميع المرشحين بعد انتهاء الانتخابات لن نستطيع الوصول إليهم أو الحديث عن مشاكلنا فالأفضل هو الحصول علي المبلغ المالي. التقيت أحد الناخبين الذين باعوا أصواتهم في الانتخابات «اسمه أمين» ويعمل موظفا في احدي الشركات الخاصة. سألته: كيف يقبل أن يبيع صوته فقال: أنا لم أبع صوتي.. نعم أخذت فلوس من أحد المرشحين ولكني لم أعطه صوتي. وتابع: «اتفقت مع أحد السماسرة علي 100 جنيه مقابل تصويتي وأخذت 50 جنيهاً قبل دخول اللجنة ولما خرجت طلب مني أن أقسم بالله أنني اخترت المرشح المتفق عليه ففعلت فأعطاني 50 جنيهاً أخري». وواصل: «أنا بالفعل اخترت المرشح المتفق عليه ولكني اخترت معه مرشحين آخرين وبالتالي صار صوتي باطلا وأخذت أنا 100 جنيه». وإذا كنت تريد أن تعرف حجم الأموال التي تم انفاقها في الدعاية الانتخابية فيكفي أن نشير إلي أن الاتحاد العربي لمكافحة الجرائم الاقتصادية وغسل الأموال كشف أن حجم الأموال التي تم انفاقها في الدعاية الانتخابية لبرلمان 2015 في المرحلتين الأولي والثانية حتي الآن وصل إلي 20 مليار جنيه.