كل الخبراء وكل المصريين على اختلاف مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الجميع اتفق على أن مصر تمر بأزمة اقتصادية صعبة. الأرقام الرسمية تقول نفس المعني أيضا: فالاقتصاد منذ يناير 2011، خسر حوالي 60 مليار دولار وعجز ميزان المدفوعات في العام الأخير، بلغ 30 مليار جنيه والصادرات انخفضت 22٪ والسياحة خسرت في السنوات الثلاث الأخيرة 60 مليار جنيه ومتوقع أن تزداد خسائرها في الفترة المقبلة، متأثرة بالمقاطعة السياحية التي فرضتها دول أوروبية وشرقية علي مصر مؤخرا بعد كارثة الطائرة الروسية. والسؤال: هل هناك من سبيل لإنقاذ الاقتصاد المتهاوي؟ الخبراء قالوا: نعم.. وقالوا أيضا إن مصر قادرة علي تخطي كل الصعاب بشرط تحقيق عدة إجراءات سريعة. يؤكد الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد أستاذ الاقتصاد والإدارة بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن كارثة الطائرة الروسية ستلقي بظلال من الأزمات علي الاقتصاد ويقول: الأزمات المتلاحقة التي تعرضت لها مصر في السنوات الأخيرة أثرت سلبا علي الاقتصاد فألحقت به العديد من الخسائر، بلغت نحو 60 مليار دولار حتي الآن، ولا شك أن كارثة الطائرة الروسية ستلقي بظلالها علي الاقتصاد خاصة أنها جاءت في بداية موسم السياحة، وفي الوقت الذي كنا نتوقع فيه زيادة الإيرادات بقوة وعودتها الي ما كانت عليه لكنه مع الأسف تم إلغاء العديد من الرحلات السياحية، في الوقت الذي نعاني فيه من نقص موارد النقد الأجنبي وتفاقم أزمة سعر الصرف. ويضيف: لا شك في أن مصر مستهدفة من الدول الأوروبية التي تسعي لتدمير اقتصادنا فتلك الضربات تتكرر كل فترة لإحداث نوع من الخلل، وواصل: الاقتصاد المصري عاني من مشكلات عديدة مؤخرا ووصل العجز في الناتج المحلي الإجمالي الي 11٫5٪ وعجز ميزان المدفوعات 30 مليار دولار مما يؤثر علي استقرار سعر الصرف كما أثر ارتفاع سعر الدولار مؤخرا علي الأداء الكلي للاقتصاد. ويضع الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد حلولا سريعة لإنقاذ الاقتصاد المصري من الخسائر التي تعرض لها مؤخرا أهمها وضع برنامج حكومي لعلاج مشاكل الصناعة وتشغيل المصالح المتوقفة والاهتمام بالتصنيع المحلي والوصول للصناعات التصديرية، حتي تكون صمام الأمان لتأمين الاقتصاد من أي أزمات، وشدد الدكتور عبدالحميد علي ضرورة وجود رؤية استراتيجية واضحة لعلاج الخلل الموجود في اقتصادنا خاصة أن التآمر الخارجي يختار أهم القطاعات التي يمكن أن تحدث لدينا حالة من الارتباك، لذا يجب علينا الانتباه لذلك وتصحيح أخطائنا وتوجهاتنا التنموية، كما يجب علي الحكومة أن تبدأ بترشيد الواردات ومعالجة الخلل الموجود ما بين الإنتاج والاستهلاك خاصة أن الاستهلاك في مصر أكبر من الإنتاج، وعلينا الاهتمام بتنمية قطاعي الصناعة والزراعة لأنهما من القطاعات المهمة التي يصعب للمتآمرين النيل منها. ومن جانبه أكد الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أننا نعاني من غياب الرؤية في الاقتصاد، ويقول إن علم الاقتصاد هو الاستثمار الأمثل لموارد المجتمع المتاحة وفي مصر لدينا قصور في إدارة المنظومة الاقتصادية للبلاد لأن الاقتصاد يقوم على فكرة تحديد الأسعار وفقا للعرض والطلب وما حدث مؤخرا من ارتفاع سعر الدولار، يؤكد أن الدولار ما هو إلا سلعة حيث يزداد سعره كل فترة لأن المعروض منه قليل، وإيراداتنا محدودة. في الوقت نفسه يزداد الطلب على الدولار من أجل استيراد السلع من الخارج، وعندما تعجز البنوك عن توفيره فلا يجد التجار أمامهم سوي شرائه من السوق السوداء، وبذلك نشأت أزمة الدولار ومن هنا بات من الضروري أن نعمل علي زيادة حجم إيرادات العملة التي تأتي عن طريق الصادرات التي انخفضت في الأشهر الأخيرة الي 22٪ مما ساهم في زيادة الأزمة الاقتصادية ويري أن انخفاض حجم تحويلات المصريين للخارج يعد من أهم الأسباب أيضا، فضلا عن هروب المستثمرين بعد ثورة يناير لعدم شعورهم بالأمان، ومن هنا بات من الضروري أن نستفيد من الأزمة فيجب ألا نعتمد علي السياحة فقط لإنعاش الاقتصاد، لأن السياحة كانت قبل ثورة يناير تجلب إيرادات لا تقل عن 13 مليار دولار، والآن أصبحت تصل لنحو 6 مليارات دولار سنويا، إلا أنه رغم ما نعانيه من سوء بالأوضاع إلا أن هناك أمل في انتعاش الاقتصاد فإذا قارنا معدل النمو في عهد الإخوان نجد أنه كان يصل الي 1٫8 أما الآن فيصل الي 4٫2 وهذا مؤشر جيد كما انخفضت معدلات البطالة من 13٫7 الي 11٫7٪ وهذا يؤكد أننا نسير علي الطريق الصحيح. ويضع الدكتور رشاد عبده استراتيجية للخروج من الأزمة تتلخص في عدة نقاط منها: الاعتماد علي التنوع السياحي خاصة أن مصر بها سياحة ثقافية وعلاجية ودينية يمكن استغلالها والاعتماد عليها في المرحلة القادمة مع التركيز علي الدول التي منعت رعاياها من المجيء إلي مصر والدول التي لم تمنع رعاياها أيضا. ومن ناحية أخري يجب أن نطور من أنفسنا بعمل مشروعات مختلفة لتنشيط الاقتصاد مع الحرص على تحسين مناخ الاستثمار وإصدار المزيد من التشريعات الجاذبة للمستثمرين، وإصدار قوانين تقضي علي الفساد، والبيروقراطية هذا فضلا عن ضرورة تشكيل لجان لفحص أسباب نقص الصادرات وعلاجها وعلي الحكومة أن تبادر بزيادة جمارك السلع التي يتم استيرادها من الخارج ولها مثيل في مصر، مع خفض استيراد السلع الاستفزازية وتشجيع الشعب علي شراء المنتج المصري، حتي ساهم في خفض الواردات لأننا أصبحنا نستورد سلعا من الخارج تصل قيمتها الي 62 مليار دولار سنويا. ويؤكد أنه في حالة تطبيق تلك الاستراتيجية فإن مصر ستعبر من تلك الأزمة، فنحن لدينا الإمكانيات لكن مع الأسف لا نستطيع استغلالها.