"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". والقصاص هو العقوبة بالمثل من قتل أو جرح "القتلى" والمعنى : يا أيها الذين امنوا واجب عليكم القصاص بسبب القتل بأنت تقتلوا القاتل عقوبة له على جريمته مع مراعاة المساواة التي قررها الشارع الحكيم في القصاص فلا يجوز أن تقتلوا غير القاتل كما لا يجوز أن تسرفوا في القتل بأن تقتلوا القاتل وغيره من أقاربه. ويؤكد الشيخ فوزي الزفزاف وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن القاتل مساو للمقتول في نظر الشريعة فيقتل به، وقد بين العلماء أن القصاص يفرض عند القتل الواقع على وجه التعدي والعمد وعند مطالبة أولياء القتيل بالقود أي القصاص من القاتل. وأشار الزفزاف إلى أن الله تعالى قد وجه خطابه للمؤمنين كافة مع أن تنفيذ الحدود من حق الحاكم وحده لإشعارهم بأن عليهم جانبا من المسئولية والتبعة إذا أهمل الحكام تنفيذ هذه العقوبات التي شرعها الله وإذا لم يقيموها بالطريقة التي بينتها الشريعة ولإشعارهم بأنهم مطالبون بعمل ما يساعد الحكام على تنفيذ الحدود بالعدل لسد أبواب الفتن والاضطرابات التي تحل عري الألفة والمودة بينهم. ويشير إلى أن البعض يفهم قوله تعالى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى أنه لا يجوز قتل صنف بأخر، مؤكدا أن العلماء أجمعوا على قتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل، إلا أن الخلاف في قتل الحر بالعبد حيث بعض العلماء قتل الحر بالعبد وبعضهم لا يرى ذلك. لافتا إلى ان الغرض الذي سيقت له الأية كان بسبب وجوب تنفيذ القصاص بالعدل والمساواة وإبطال ما كان شائعا في الجاهلية من أن القبيلة القوية كانت إذا قتلت القبيلة الضعيفة منها شخصا لا ترضى القوية حتى تقتل في مقابله أشخاصا فيترتب على ذلك نشر الفساد، وهو ما يشيع حتى الآن في بعض القرى والنجوع . وتفتح الأيات الكريمة باب التراضي بين القاتل وأولياء المقتول بأن أباحت لهم بأن يسقطوا عن القاتل القصاص إذا شاءوا ويأخذوا في مقابل ذلك الدية بحيث لا يماطل ولا يبخث حقه، حيث أكد الزفزاف أن في هذه الوصايا تخفيف وشفاء لما في الصدور وألام وأحزان وتجميع النفوس على الإخاء والمحبة والتسامح حيث سمى القرآن الكريم القاتل أخا لولي المقتول تذكيرا بالأخوة الإنسانية التي تجمع بينهما فيقع بينهما العفو والاتباع بالمعروف، مصداقا لقوله تعالى "فمن عفي له من أخيه شيئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان". ويوضح الزفزاف أن الإسلام قد جمع في تشريعه الحكيم لعقوبة القتل بين العدل والرحمة إذا جعل القصاص حقا لأولياء المقتول إذا طالبوا به لا ينازعهم في ذلك منازع وهذا عين الإنصاف والعدل، كما جعل الدية عوضا عن القصاص إذا رضوا بها باختيارهم تيسيرا ورحمة لكي تسعد الأمم وتطمئن حياتها . ويختتم بتفسير قوله تعالى " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" أي لكم في مشروعية القصاص حياة عظيمة لكم بالارتداع عن القتل وامتناع من تسول له نفسه قتل غيره عن فعل ذلك لوقوع العلم بالاقتصاص من القاتل لأنه إذا هم بالقتل فعلم أنه يقتص منه ارتدع وامتنع فسلم صاحبه من القتل وسلم هو من القود فكان القصاص حياة للجميع.