الثروات المنهوبة والمهربة في ذمة من؟ بقلم: طلعت المغاورى منذ 41 دقيقة 12 ثانية منذ قيام ثورة 25 يناير والحديث لم ينقطع عن ثروات مصر المنهوبة والمهربة إلي الخارج.. عاش المواطنون وهم الثراء وتوقفت عجلة الإنتاج في انتظار الثروة التي ستسقط علي رأس كل واحد منهم، بحيث سيصبح من الأثرياء ولا حاجة للعمل.. وربما سيقوم كل مواطن باستقدام خادم من الهند أو بنجلاديش للقيام علي خدمته.. أحلام وأوهام وكوابيس الثروة حطت علي «دماغ» كل المصريين.. وسائل الإعلام المختلفة صحافة وإذاعة وتليفزيون تتحدث عن مليارات منهوبة، ومليارات استولي عليها حسين سالم الهارب والمقبوض عليه في إسبانيا.. ومليارات نهبها كبير المافيا المصرية الرئيس المخلوع ونجلاه وزوجته، ومليارات أخري نهبها أحمد عز وغيرهم من رموز النظام الذين أودعوا في «بورتو طرة» حتي تتم محاكمتهم.. سمعنا عن مليارات يملكها نظيف وزكريا عزمي، فيلات وقصور وأراضي فضاء، ولكن لم نسمع عن التحفظ علي هذه الممتلكات سواء كانت مزعومة أو حقيقية.. سمعنا عن ثروة لحبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، الذي حكم عليه بالسجن 12 عاماً في قضية التربح واستغلال النفوذ.. ولم نسمع عن الاستيلاء علي هذه الممتلكات التي حصدها دون وجه حق.. فلماذا تركت هذه الثروات لهم إذا كانت حقيقية يستمتعون بها وذووهم.. ولماذا لم تضع الدولة يدها عليها استرداداً لثروات الشعب المنهوبة؟ نظام فاسد بأكمله في السجن، ورغم ذلك لايزال حديث المليارات المسروقة من جيوب المصريين مستمراً.. الأرقام تعلو وتنخفض ولا أحد يعرف الحقيقة في البداية، قدروا ثروة مبارك بأكثر من 600 مليار جنيه وعشرات الأطنان من الذهب والماس مهربة في بنوك أوروبا، ثم تواضعوا قليلاً وقدرها بحوالي 12 مليار جنيه، ليعلن المخلوع أن ثروته 7 ملايين جنيه مودعة في البنوك المصرية.. ولم يكشف جهاز الكسب غير المشروع عن ثروة للسيدة سوزان ثابت أكثر من 25 مليون جنيه تنازلت عنها للفرار من الحبس الاحتياطي.. فهل هذه حقيقة ثروة الرئيس المخلوع وزوجته، وماذا عن ثروات جمال وعلاء مبارك، وهل هي المائة مليون التي تم إثباتها في فرع البنك الأهلي بمصر الجديدة هي حقيقة ثروة كل منهما؟، أين المليارات التي قدروها ثروة لهذه العائلة المسمومة وقد صدرت هذه الأرقام عن جهات التحقيق هل تبخرت تلك الأموال أم كانت التقديرات مستعجلة وغير دقيقة، وكانت التصريحات للاستهلاك المحلي ولتهدئة المواطنين؟ واستكمالاً لمهزلة الأرقام والحديث عن المليارات المنهوبة جاءت الحكومة لتدغدغ أحلام المصريين، حين أعلنت عن إعداد مرسوم بقانون بتشكيل اللجنة القضائية لاسترداد أموال مصر المهربة إلي الخارج يمنح مرسوم القانون اللجنة الصلاحيات اللازمة لاتخاذ الإجراءات والتدابير المطلوبة للقيام بأعمال البحث والتحري والملاحقة والرصد والكشف عن كل الأصول التي يشتبه في حصول الموظف العام أو من في حكمه أو شركائه عليها بطريق مباشر أو غير مباشر نتيجة نشاط غير مشروع.. بسبب ارتكابه لأي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القوانين العقابية السارية أو لارتكابه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي صدقت عليها مصر.. ورغم أن هذا الكلام جميل ولا غبار عليه إلا أن الحكومة شكلت مثلاً لجنة لملاحقة الأموال المهربة، وقامت باستئجار مكاتب التحريات أجنبية للمساعدة في كشف هذه الأموال، ورغم مرور شهور طويلة علي عمل تلك اللجنة وهذه المكاتب بالإضافة إلي سفر هذه اللجنة وحصول أعضائها علي أموال وبدلات وفسح والنتيجة صفر، ولم ينل الشعب المصري من ثرواته المنهوبة غير إنفاق ملايين أخري ذهبت لمكاتب التحري الأجنبية وبدلات سفر للسادة الذين سافروا لمحاربة طواحين الهواء في بلاد الإفرنج، التي لن تفرج عن جنيه واحد منهوب إلا بحكم قضائي. لا أدري إذا كانت الحكومة «عبيطة أو بتستهبل» لأنها تعلم تماماً أن عودة الأموال المهربة لن تتم إلا من خلال أحكام قضائية باتة تثبت فساد من في قبضتها من المسئولين السابقين وأنهم حصلوا علي هذه الأموال بطريقة غير مشروعة وهربوها للخارج، أما كلام القهاوي وجلسات السمر لن يجدي مع الدول الأوروبية التي تحترم القوانين وحقوق الإنسان، فعلي من تضحك الحكومة بلجنتها الجديدة صاحبة الصلاحيات الشاملة لاسترداد الأموال المهربة فأي أموال وهمية غير معلومة المصدر وغير معلومة مجال تداولها وغير معلومة أصحابها أم أن مكاتب التحري واللجنة ستلجأ إلي المشعوذين لفتح «المندل» وقراءة الكف والفنجان للبحث عن هذه الأموال.. لذلك أرشح للحكومة الاستعانة بالتحري المصري القدير «مستر كرومبو» وكل التحريين الذين ظهروا في كل الأفلام والمسلسلات المصرية والأجنبية لكشف حقائق المليارات المنهوبة التي لا يعلم عددها إلا الله سبحانه وتعالي. جهاز الكسب غير المشروع أعلن أن هناك اتفاقاً وشيكاً مع الجانب البريطاني لاسترداد أموال تخص عدداً من المسئولين السابقين، فهل قام الجهاز بإثبات حصول هؤلاء المسئولين السابقين علي الأموال المهربة بطريقة غير مشروعة وقاموا بتهريبها للخارج واقتنع الجانب البريطاني بحججهم دون أحكام قضائية.. أم أن هذا اللغو هو للاستهلاك المحلي ومن باب تقديم كشف الإنتاج لإثبات أن هناك من يعمل فعلاً.. ومزيداً من الحديث وبث التفاؤل في نفوس المصريين أكد الجهاز أيضاً يحتاج الاتصالات مع الجانب السويسري من أجل استرداد 400 مليون يورو تخص رموزاً في النظام السابق أودعوها في البنوك السويسرية.. فهل اقتنع أيضاً بالحجج والبراهين التي قدمها المفاوضون المصريون دون صدور أحكام قضائية نهائياً؟.. هل تقزمت الثروة المهربة والتي قدرت بمئات المليارات إلي هذا الحد؟ وربما تقزم أكثر وأكثر ليصبح أن هؤلاء الشرفاء لم يهربوا ملايين ولا مليارات ونعود لرفع شعار آسفين يا ريس وآسفين يا رموز النظام الساكنين في «بورتو طرة». إذا كانت بعض الحكومات الأوروبية قد تعاطفت مع ثورة 25 يناير ومع الشعب المصري المنهوب وقامت بتجميد أرصدة بعض المسئولين المعروفين لديها في البنوك الأوروبية، رغم ذلك كان بطء المحاكمات وعدم صدور أحكام قضائية تثبت فساد مثل هؤلاء ربما تضيع تلك الأموال إلي الأبد.. فلا مجال للمجاملات في تلك الدول والقضاء العادل الناجز كفيل باسترداد ما سرق من المصريين. ياحكومة مصر الرشيدة نعلم إنكم حريصون علي استرداد أموالنا المنهوبة عبر 30 عاماً من حكم الديكتاتور المخلوع.. ولكن ليس بالأمنيات والأحلام وحدها يتحقق ذلك، وليس بالاستعانة بمستر «كورمبو» سنحصل أيضاً علي تلك الأموال، ولكن القضاء العادل وحده سيحقق الأحلام لأن تلك الدولة لا تعترف ب«قعدات العرب» ولا الأحكام القضائية العسكرية ولكن بالأحكام المدنية فقط، أفيقوا أيها السادة قبل ضياع كل شيء وساعتها لن يفيد الندم. [email protected]