بقلم : أحمد جمال بدوى منذ 43 دقيقة 44 ثانية لم أقرأ في المصري اليوم ما كتبه المؤلف الهزلي علي سالم عن واقعة إنزال العلم الإسرائيلي من أعلى سطح السفارة والسبب في عدم القراءة يرجع لعدم قدرتي على تحمل خفة دم السيد علي سالم ومدى براعته في التأليف الساخر الذي قد يجعلني أستلقى على قفاي من شدة الضحك ولكنه هذه المرة كان ضحكه مثل البكاء ونكتته تدعو للرثاء واستظرافه كاستظراف البلهاء حين يهزلون في عز الجد في مجلس للعلم أو الوطنية أو حين يقتحم مهرج الملك مجالس الفقهاء والشعراء والفلاسفة أضف إلى ذلك عدم استطاعتي بلع أو فهم نظرياته السياسية العليا ذات مستوى الخمس نجوم وازدادوا واحدة فصارت نجوماً سداسية زرقاوية فوق خرقة بيضاء يأتيها السوء من أمامه ومن خلفه. لكل ذلك وغيره لا أقرأ ما يكتبه السيد سالم ولكني قرأت تعليق الكاتب المعتبر والصحفي الوطني وائل قنديل بالشروق على ما كتبه الهزلي العجوز حول رؤيته لواقعة انزال العلم الاسرائيلي وتصوره المخرف والمبتذل لما حدث مع من قام بإنزال العلم مثل تكالب نساء العمارة الضخمة عليه شقة شقة ودوراً بدور. تلك تمنحه قبلة سريعة وتلك تهيم معه في قبلة سينمائية طويلة وأخرى تهبه أحضانا دافئة. أما أكثرهن وطنية فتلك السيدة التي نزعت عنه قميصه من دبر ولا تفوقها إلا تلك المرأة التي خلعت عنه بنطلونه وكله من اجل تخليد ذكرى الواقعة التاريخية. وقد أجمعن جميعهن على نفحه أموالا رمزية بالمئات لزوم التشجيع على مواصلة جهاده الوطني (لكنها بالطبع تقل عن آلاف الدولارات التي تمنحها إسرائيل لعشاقها وطيورها المحلقة مثل حمام السلام ومطبعيها من المقاولين والمتاجرين بمبادئ الوطنية ومستقبل الأمة). أما تلك السيدة التي لم تستطع ان تمنحه ما يكفي من المال فقد طالبها البطل المصري وهو في خضم نضاله الوطني أن تكمل منحتها النضالية له «بوس» تعويضا عما نقص من مال المنحة وكله بثوابه. وبالطبع سوف يقول الكاتب الوطني علي سالم إنه وجد أن المشهد الأصلي ينقصه الكثير من الإثارة والحبكة الدرامية لذلك فمن حقه أن يضيف ما يشاء من البهارات اللازمة من مشاهد الاحضان والقبلات تماماً مثلما يفعل صناع السينما الهابطة والفن السافل. لذلك فقد أعمل عقيرته الفنية لاختلاق مشاهد لم تحدث واختراع أحداث لم نشهدها. ولكن هل تلك فقط الحقيقة أم أن الحقيقة تقول إن ما نضح على الورق هو ما وقر القلب وصدقه المقال والحقيقة الأكبر أن المشهد مفعم بما يكفي من الإثارة لكنها إثارة لا يعرفها لأنها وطنية وثورية بامتياز فني يستحق عنها مؤديها جائزة أوسكار لسينما الواقع وهو مشهد «ماستر سين» وحده لا يحتاج إلى أحضان وقبلات أو خلع بنطلونات. فما كان يجب عليك يا سيد سالم أن تقحم قلمك السداسي الاضلاع في كتابة سيناريو عظيم ألفه الشعب المصري وهو الذي أبدع له موسيقاه وأخرج مشاهده في واحدة من أعظم الثورات الانسانية والحضارية التي عرفها البشر. أما السفلة قاتلو المصريين على الحدود فلهم ان يسعدوا ويفرحوا بمثلك ممن يبرر لهم ويدافع عنهم وكله لزوم السلام وطبعا لاسلام بلا مقابل والمقابل ندوات وسفريات وبدلات ليصبح السلام مقابل الدولارات وبلاها الأرض واللاجئين وإذا كان الامر بالنسبة لك هو تأليفة وسبوبة فلماذا تكون بالضرورة في اتجاه السخرية والاستهزاء من عمل بطولي رمزي هو بمثابة ضربة على قفا اسرائيل فلم لم توظف خيالك المسرحي في اتجاه تخليد هذا المشهد وعرضه بالصورة التي يستحقها من إجلال وتقدير ومثلا لمَ لم تصور لنا في مشهد (ماستر سين) آخر هو مشهد الجنود الصهاينة وهم يعتدون على حدود وطنك ويقتلون اهلك وأبناءك من الجنود المصريين. وبكل الدم البارد يرفضون حتى الاعتذار وقبل ان تهدأ دماء الشهداء وتبرد نار قلوب أسرهم تخرج انت علينا لتسخر من عمل هو عظيم بقدر ما هو بسيط وهو بطولي بقدر ما هو رمزي ومعنوي وهو بالنسبة لاسرائيل مثل اقتحام الحدود والاعتداء على جنودهم لكنك في استظراف مزر حولت البطولة الى صراع من أجل المال والجنس وتعرضت لاعراض سيدات فضليات يجب عليهن مقاضاتك امام المحاكم بتهمة سب وقدف المحصنات وأنني لأضم صوتي الى صوت الاستاذ قنديل لأتساءل وأدهش لنشر المصري اليوم تلك السخافات المهينة لكرامة المصريين حتى لو قيل إنها لا تعبر إلا عن رأي كاتبها لا الصحيفة لكنني أرى أنه كان يجب مراعاة الحد الادنى لأخلاقيات العمل الصحفي والمهني في توازيه مع المناخ الثوري الذي نعيشه والاحداث الوطنية الجارية التي تؤكد انه قد قامت في مصر ثورة حقيقية أسقطت ما قبلها من فساد ونظام أرعن ومتهتك كان يدير للعدو الصهيوني خديه الأيمن والأيسر مع قفاه ترضية له وخوفا منه وحبا فيه باسم السلام لكن يبدو أن السيد سالم مازال متصورا أن الشعب المصري لم يزل تلميذا في مدرسته التطبيعية الحميدة وأنه لم يع حتى الآن أن التلاميذ قد شبوا على طوق الإذلال والمهانة والخنوع وانهم قد فروا هاربين من مدرسته الفاشلة. فلم يعد باقياً فيها إلا صاحبها وناظرها وطالبها الأوحد المنبطح أفندي سالم. [email protected]