«عمره ما يغيب» هو آخر ألبوم قدمه محمد حماقى.. إنتاج يحمل كل مواصفات الجودة، يؤكد أننا أمام نجم يبحث عن قمة كي يقف عليها.. من أهم مواصفات «حماقى» أنه لا يسعى لتقليد أحد ويبذل محاولات جادة لتقديم شيء مختلف يحترم وعى وإحساس المستمع. في ألبومه الجديد انحاز «حماقى» لموسيقى «الديسكو» ونجح في تقديمها بشكل جديد من خلال مجموعة أغان متميزة منها «أجمل يوم» و«نسيت» و«اللي اختاره قلبى».. وفضل التخفيف من موسيقي «الهاوس» التي اعتمد عليها في بدايته من خلال أغنية «أحلي حاجة فيكى» من يتأمل الألبوم يكتشف جيداً أن «حماقى» يريد التنوع حتي لا يتسرب الملل أو التكرار إلي جمهوره الذي يراهن عليه دائماً ويثق في ذكاء اختياراته. في حواره ل«الوفد» تحدث «حماقى» عن العودة للموزع طارق مدكور وعن فكرته حول العالمية وهل يكون الطريق إليها بالغناء الغربي أم من نافذة مصرية وعربية خالصة.. وإلي نص الحوار. حدثنا عن ألبوم «عمره ما يغيب» والذي استغرق تحضيره ثلاث سنوات؟ - بعد نهاية حفلة العشر سنوات بألبوم «من قلبي بغني» جلست مع نفسي لأفكر كيف ستكون معالم المرحلة القادمة بالنسبة لي، لأني أعتبر السنوات العشر الماضية هي المرحلة الأولي في مشواري الفني، والألبوم الجديد «عمره ما يغيب» هو بداية المرحلة الثانية، فقررت الوقوف مع نفسي لكي يكون هناك تغيير وبداية جديدة لمرحلة جديدة ناضجة ومختلفة أستطيع من خلالها فتح أبواب جديدة للغناء، وهذا ما تحدثت فيه مع فريق عمل الألبوم، وهو اعتبار هذا الألبوم «خلينا نعيش» الثاني لكي تكون مرحلة تطوير ما قدمته خلال السنوات العشر الماضية، وجلسنا نفكر كيف سيكون تطوير الأغاني من خلال الكلام والألحان والشكل الموسيقي، وبالفعل وجد الجمهور أغاني جديدة مثل «أنا سرها وبعدنا ليه وصابر علي حالي وكانت هناك» هذا النوع من الغناء لم أقدمه في ألبوماتي السابقة، ووصلنا لهذا الشكل بعد تفكير طويل وتجارب أكثر، حتي انتهيت من تسجيل 21 أغنية، وكان استقراري في النهاية علي 15 أغنية وبعدها شعرت بعدم القدرة علي حذف أي أغنية أخري بالرغم من أن مبدأي هو أن يكون «سقف» أي ألبوم 12 أغنية حتي لا يشعر الجمهور بالملل ولكن كانت النتائج إيجابية والسبب هو التنوع في التناول، لأن كل أغنية لها حالة مختلفة وشكل مختلف واستمتع الجمهور بجميع أغاني الألبوم. وهل هذا العدد الكبير من الأغاني لتعويض الجمهور عن سنوات الغياب؟ - ضاحكاً.. «والله في ناس كتير قالتلي كده.. هي السنة بخمس أغاني ولا إيه»، بالفعل كانت الخطة هي طرح الألبوم خلال العام الماضي ولكن 2014 كان عاماً صعباً للغاية بالنسبة لي، لم أستطع خلاله العمل والإنتاج بسبب ظروف شخصية أهمها وفاة والدي، فعام 2014 بالنسبة لي غير محسوب، ولكن لم أطرح هذا العدد لطول فترة الغياب ولكني كما ذكرت لم أجد القدرة علي حذف أي أغنية أخري من الألبوم لأني «حاسسهم أوي» والحمد الله أن النتائج كانت إيجابية. تخليت في الألبوم عن موسيقي «الهاوس» وكانت موسيقي «الديسكو» هي المسيطرة علي معظم الأغاني.. ما السبب وراء ذلك؟ - شعرت بضرورة تغيير موسيقي «الهاوس» بالرغم أني أول من قدمها في مصر بداية من «أحلي حاجة فيكى» و«بحبك كل يوم أكتر»، حتي «نفسي أبقي جنبه» و«من قلبي بغني» ولكن مواكبة للتطوير وحرصي علي عدم شعور الناس بالملل قررت العمل علي أفكار جديدة والانحياز لموسيقي «الديسكو» لكي تكون المرحلة الجديدة بمعالم مختلفة، ولكن قدمت أيضاً «الهاوس» في الألبوم من خلال أغنية «انت حبيبي» وهي الوحيدة التي تنتمي لهذه «التيمة» من إجمالي خمس عشرة أغنية، وفي الحقيقة كان هذا عن قصد كما ذكرت لكسر حالة الرتابة أو الملل عند الجمهور. أغنية «كان وكان» حققت صدي كبيراً مع الجمهور، كيف كانت كواليس هذه الأغنية؟ - أغنية أستطيع القول عنها إنها اكتملت فيها الحالة بين الكلام واللحن والتوزيع، وهذه هي أهم عناصر الأغنية الناجحة، بمعني أن الشاعر أيمن بهجت قمر تفوق علي نفسه في كتابة كلماتها وعمرو مصطفي قدم لحناً حساساً جداً، وتوما قدم الموسيقي المناسبة لحالة الأغنية، وأجد في هذه الأغنية حكمة بعيدة عن الشعر وهي «مافيش حدوتة حب تعيش بطلها طلع جبان»، وهو ما جعلني أصل لدرجة اكتمال الإحساس بالأغنية، ومن كواليس تسجيلها أن ما طرح في الألبوم هو «الجايد» وهو التسجيل الأول للأغنية وبعدها قال لي فريق العمل «مش هنعيد تاني التسجيل لأننا مش هنلاقي الإحساس ده»، ولذلك الحمد الله الأغنية لاقت ردود أفعال جيدة من الجمهور، وفي المقابل أيضاً جميع أغاني الألبوم مثل أغنية «ما بلاش» وأبطالها هم «الشاعر أمير طعيمة والملحن تامر علي والموزع تميم»، فهذا الشكل من الغناء تحديداً لم أقدمه من قبل، خاصة مع إشادة «الشيخ القوصي» التي تدل علي قدرة الغناء في التأثير علي كل الناس، ومن هنا أوجه الشكر لكل فريق عمل الألبوم لأنهم بذلوا مجهوداً كبيراً من أجل وصولنا لهذا النجاح وبدونهم لم أكن استطيع تقديم شىء. تعود للعمل مع الموزع طارق مدكور بعد غياب عشر سنوات.. ما تعليقك؟ - الاتفاق كان العمل في الألبوم الماضي «من قلبي بغني» ولكن لم نجد العمل المناسب الذي يجمعنا من جديد، خاصة أن التعاون بيننا سيكون محسوباً علينا كثيرا ولابد أن نقدم شيئاً مميزاً، وعندما سمعت أغنية «عمره ما يغيب» من الملحن عمرو مصطفي شعرت أن القادر علي العمل بها هو طارق مدكور، فقمت بالاتصال به وقال لي «أنا في انتظاركم» وذهبنا له وأعجب بالأغنية ونجح في تقديم موسيقي مميزة كعادته، وبالمناسبة قمت باختيار الأغنية عنواناً للألبوم حتي أوضح للجمهور أن سنوات الغياب لم تكن مقصودة. بعيداً عن الالبوم، بعد ستة ألبومات من النجاح، كيف يفكر حماقي في القادم؟ - القادم لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالي، ودائماً فلسفتي في الحياة هي الاستمتاع بما حققته اليوم وعدم التفكير في الغد لأنه ملك الله سبحانه وتعالي، فعند بداية العمل في ألبومي القادم سأجلس مع نفسي من جديد وأشاهد ما توقفت عنده لكي أقدم شيئاً جديداً ومتطوراً أيضاً. العالمية حلم يداعب كل المطربين ولكن لم نشاهد حماقي يتحدث مطلقاً عن العالمية.. ما السبب؟ - لأن العمل والاجتهاد فقط يحققان العالمية وليس الحديث، بمعني أني أعمل علي الوصول إليها بالفعل عن طريق التركيز في عملي والاجتهاد فيه لكي أوسع دائرة استماعي، ففي البداية حققت ردود أفعال في مصر فقط وبعدها في الوطن العربي والآن أصبح هناك أعمال لي تترجم للغات أجنبية في مختلف بلدان العالم مثل إيران التي ترجمت أغنية «بحبك كل يوم أكتر» وأيضاً رومانيا قامت بترجمة أغنية «أحلي حاجة فيكي» والهند أغنية «أنا لو أذيته»، وهذا دليل علي أن العمل الجيد فقط هو من يوسع دائرة الاستماع ولا يوجد أكثر من ذلك، فالعالمية من وجهة نظري ليست الغناء مع الخواجة وهناك دلائل كثيرة علي ذلك مثال المطرب الكوري «ساي» الذي حقق نجاحاً كبيراً علي مستوي العالم بأغنية باللغة الكورية بدون الغناء مع مطرب عالمي، بالرغم أنه لا يوجد في العالم كثيرون يفهمون اللغة الكورية وأيضاً أغنية «مكارينا» حققت انتشاراً كبيراً في جميع أنحاء العالم بدون أن يفهمها كثيرون، ولذلك العالمية تأتي بالعمل علي تطوير «المحلية» والاجتهاد علي تقديم كل ما هو جديد وليس أكثر من ذلك. ولماذا لم نشاهدك أيضاً تبحث عن الجوائز؟ - الجوائز هي تتويج للمجهود المبذول في العمل ودائماً أفضل الجوائز التي تأتي بتصويت الجمهور، وبالنسبة لي حب الناس هو الجائزة الكبري في حياتي. دائماً تقول إن الغناء جزء كبير منه «تحريضي» وليس «ترفيهياً» فقط.. لماذا؟ - عندما تغني للبلد يكون الغناء تحريضياً، لأن المطرب يحرض من يسمعه علي فعل شىء لوطنه، وأكثر من نجح في هذا الجزء هو المطرب الكبير محمد منير، خاصة في مرحلة «السبعينات» لأن وقتها كان هذا الشكل من الغناء مطلوباً، مثل أغنية «شبابيك»، هي أغنية عن لسان شخص في المعتقل يغني لمصر، وكان وقتها المعتقلات والسجن السياسي منتشرين في مصر، وكان المطرب محمد منير وقتها يستخدم هذا النوع من الغناء لإصلاح وطنه، فهذا هو تعريف الجزء التحريضي من الغناء. وكيف تنظر لأزمة سوق الكاسيت والقرصنة الإلكترونية؟ - هذه مسئولية الدولة، لأن الفن صناعة تعتبر أهم الصناعات التي مرت علي مصر، ومن منطلق ان حماية الصناعات مسئولية الدولة، وصناعة الفن أهم صناعة إذاً هي أولي بالحماية. وكيف شاهدت تأثير هذه الأزمة علي ألبومك الجديد؟ - الألبوم شهد ظاهرة جديدة وهي المبيعات عن طريق قيام الجمهور بعمل حملات علي «السوشيال ميديا» للتوجه للنسخة الأصلية، وبالفعل توجه الجمهور لها والتقط بها مجموعة من الصور ووضعوها علي مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما جعل هذه الظاهرة تصل للمشاهير وقيامهم بشراء النسخة الأصلية والتصوير بها أيضاً، وأنا سعيد للغاية بهذه الظاهرة لأنها تدل على استعداد الناس وتقديرها للفن، فلا يتبقي سوي دور الدولة وحمايتها لصناعة الموسيقي والفن بشكل عام. من وجهة نظرك هل تستطيع الأغنية المصرية الوصول لمستوي تنافسي مع الغرب؟ - «كمنتج» من المستحيل أن نستطيع منافسة الغرب، خاصة في ظل أزمة سوق الكاسيت، فنحن نعمل مكتوفي الأيدي، ونحارب من أجل استمرار الصناعة، ولكن إذا انتهت الأزمة نستطيع وقتها منافسة الغرب، لأن مصر علمت الدنيا أصول الغناء ودائماً ولادة للفنون الجادة. تنظر للحفلات بمنهج مختلف.. حدثنا عنه؟ - لابد أن يوجد في الحفل ما يجذب الجمهور، لأن الجمهور يسمع الأغاني وهو يجلس في المنزل أو السيارة ولا يحتاج أن يذهب للحفل، لأنه يشاهد المطرب في شاشات «التليفزيون»، فالحفل لابد أن يعد له برنامج جيد يجذب الجمهور، بمعني أدق نفس منطق سيناريو العروض المسرحية وهذا ما أعمل عليه في كل حفلاتي وسعيد بردود الأفعال الذي حققه حفل ألبومي الجديد. «المهدي» مشروع درامي بدأته ولكن توقف، هل التمثيل أصبح بعيداً عن مشوار محمد حماقي؟ - أفكر بشكل كبير في دخول عالم التمثيل ولكني فضلت أن يكون من بوابة السينما، وأريد تقديم عمل يفيد السينما ويفيدني في مشواري الفني، وليس مجرد عمل يذهب له الجمهور لمشاهدة محمد حماقي المطرب، وبالفعل أعمل حالياً علي فكرة عمل سينمائي جديد وسأعلن عنها قريباً.