أصبحت مثل المرأة التي رحل عنها زوجها وتركها وحيدة بدون ظهر يحميها، فاضطرت لأن تضع أبناءها بين ضلوعها لحمايتهم من هجمات المعتدين الذين يحاولون العبث بهم، لم تقدم ذنباً ظاهراً كان أم باطناً، وبالرغم من ذلك لم يتركها هؤلاء العابثون لحال سبيلها لتسلك طريقها، بل أسرعوا في وضع العراقيل أمامها وزوارها لا لشيء إلا أنهم نشء خبيث خرج من ظهر ثورة طيبة طاهرة، لم يقصد ولم يتوقع من قاموا بها أن تتحول مستشفيات مصر إلي مسرح لاستعراض عضلات البلطجية والمجرمين الذين خرجوا من الجحور وأوكار المخدرات والرذيلة، ليطبقوا قوانين عالمهم الخاص المشبوه، خاصة بعد سحب قوات الشرطة العسكرية والاكتفاء بالحراسة المدنية علي المستشفيات. فمنذ اندلاع ثورة 25 يناير وما صاحبها من انسحاب قوات الأمن، والبلطجية وأحصاب السوابق لا يجدون من يردعهم عن أعمال التخريب والتدمير، ولم يسلم منهم مكان، مهما قلت استفادتهم الشخصية منه أو كثر، المهم أن يرفعوا لواءات جرائمهم من أجل تلقين المواطنين الشرفاء درساً يحفظ لكل بلطجي هيبته علي مدار الأيام والسنوات المقبلة وإرهاب أفراد الشرطة بكل السبل رداً منهم علي ما قامت بفعله معهم فيما مضي. وعلي مدار الأيام الماضية شهدت مستشفيات مصر هجمات عديدة من جانب البلطجية وأصحاب السوابق، إما بغرض السرقة ونهب الأجهزة الموجودة فيها، أو التعدي علي الأطباء وأفراد الأمن الذين يرفضون بعض الحالات المرضية التي تصاب في مشاجراتهم التي لا تنتهي والتي ينتج عنها مصرع وإصابة الكثيرين، وفي حالة رفض المستشفي استقبال أحدهم لعدم وجود التخصص فيها، لا يجد الأطباء والعاملون فيها سوي الأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف مشهرة في وجوههم، دون ذنب ارتكبوه سوي أنهم يمارسون عملهم ويؤدون رسالتهم، مما زاد من استياء الأطباء الذين باتوا يعملون تحت تهديد السلاح وبأوامر عليا من البلطجية خوفاً علي أرواحهم. «الوفد» زارت المستشفيات الحكومية في محافظتي القاهرة والجيزة، ورصدت حالة انعدام الأمان والخوف من القادم وخاصة في ظل كثرة هجمات البلطجية عليها، وتعرضهم للأطباء المستشفيات في المناطق، العشوائية التي تؤوي البلطجية وقطاع الطرق وأحصاب السوابق أكثر تجسيداً لهذه الحالة من مخاوف الأطباء واضطرار بعضهم للجوء للحصول علي إجازات مفتوحة، ورفض الورديات الليلية والتي تعتبر الوقت الأكثر تعرضاً لأعمال الشغب، خاصة بعد إصابة عدد من الأطباء بإصابات خطيرة، كان آخرها قيام بلطجي بطعن طبيب ممارس باستقبال قصر العيني القديم في بطنه، أصدر بعدها مدير المستشفي قراراً بإغلاق مبني الاستقبال وإيقاف استقبال المرضي الجدد بسبب إضراب الأطباء عن العمل تضامناً مع زميلهم وخوفاً من أن يلقوا نفس مصيره. «الوفد» كانت شاهد عيان على أحداث الشغب فيها: إصابة طبيبين بمستشفى أحمد ماهر» في هجوم «مروع» للبلطجية! أثناء جولة «الوفد» بمستشفي أحمد ماهر شاهدنا هجوم البلطجية عليه، بسبب رفض المستشفى استقبال احد البلطجية أصيب في مشاجرة، وكان يحتاج الى اجراء جراحة سريعة في المخ، وهذا التخصص غير موجود بالمستشفى، وعلى الرغم من قيام اطباء الاستقبال باجراء الاسعافات الاولية للمريض، إلا أن المرافقين له من اصدقائه وأقاربه رفضوا الخروج به من المستشفى وقرروا الابقاء عليه بداخله ولو بالقوة، وقاموا بضرب العاملين وتحطيم كافة منافذ المستشفى، مما أسفر عن إصابة طبيبين احدهما بكسر في ذراعه اليسري، والثاني بجرح في الرأس، بالاضافة الى قيامهم بتحطيم حجرة الاستقبال، والتهجم على موظفي الامن بالضرب والسباب واصابة أحدهم بجرح خطير في يده اليمني، مما اثار حالة من الخوف والفوضى داخل المستشفى بين الاطباء والعاملين من ناحية ومن جانب المرضى المصابين بحالات خطيرة من ناحية اخرى. الدكتور عصام محمد مرسي - مدير مناوب مستشفى أحمد ماهر - قال: منذ اندلاع ثورة 25 يناير والمستشفى يتعرض لأعمال الشغب من جانب البلطجية بسبب القرب من منطقة الباطنية وبعض المناطق العشوائية، بالاضافة الى غياب الامن وإحساس المشاغبين بعدم وجود حائط صد لهم، وأضاف: وعلى الرغم من ذلك فالاطباء والعاملون بالمستشفى متواجدين بصفة مستمرة حرصاً منهم على تأدية واجبهم المهني تجاه المرضى الذين يعتبرون الخاسر الوحيد مما يحدث، وأكد أن الحل يكمن في تأمين المستشفيات بقوات من الجيش وخاصة أن الشرطة لم تستعد قوتها بعد، بالاضافة الى أن شركات الامن الخاصة غير مؤهلة للحراسة وغير مسلحة في الوقت الذي يحمل فيه البلطجية أسلحة نارية ومواد حارقة. عودة الهدوء إلى «المطرية التعليمي».. وأطباء يطالبون بالإبقاء على قوات الجيش للتأمين
سيطرت حالة من الهدوء الشديد على مبني مستشفى المطرية التعليمي وبدت المداخل والمخارج أكثر تنظيما، بسبب الابقاء على قوات من الجيش والشرطة لتأمينه خوفاً من تعرض المستشفى لهجمات البلطجية مرة اخرى، وتكرار حادث البلطجة الشهير، والذي شهد قيام أكثر من 400 بلطجي من المسلحين بالأسلحة البيضاء والنارية بتدمير أبواب المستشفى والدخول الى عنابر المرضى للبحث عن أحد المصابين الذي نقل الى المستشفى بعد اصابته في مشاجرة كبيرة وقعت بينهم في منطقة الليمون، انتهت بقتله وتحطيم كل أبواب المستشفى واثارة حالة من الفوضي والذعر بين المرضى والأطباء الذين رفضوا العمل وسط هذه الاجواء وخاصة بعد اصابة طبيب بجرح في قدميه. «م. ع» طبيب بالمستشفى اشتكي بشدة من الحالة السيءة التي وصل اليها امن المستشفيات والذي يؤثر بالسلب على عمل الاطباء ويجعلهم يضطرون في احيان كثيرة للعمل تحت ضغط البلطجية واصحاب السوابق، بالاضافة الى اصابة المرضى بحالة من الذعر والخوف تضطر بعضهم الى ترك المستشفى والذهاب الى المراكز الطبية الخاصة رغم نفقاتها المرتفعة، وشدد على ضرورة الابقاءعلى قوات الجيش في تأمين كافة المستشفيات الحكومية حتي لا تتكرر المأساة التي حدثت من قبل، وحتى لا يتم إجبار الاطباء على العمل بطريقة البلطجية. إغلاق مبني استقبال قصر العيني 6 أيام بعد طعن بلطجي طبيباً في بطنه مسئول بالمستشفي: شركات الحراسة غير كافية والأطباء علي وشك ترك العمل بسبب تهديدات الخارجين علي القانون
لم يختلف الأمر كثيراً في مستشفي «قصر العيني القديم» عن سابقته، وإن بدا أكثر سخونة بعد قرار مدير المستشفي برفض استقبال المرضي الجدد، في أعقاب طعن بلطجي لأحد الأطباء في بطنه، علي الرغم من أنه يعتبر أكثر المستشفيات تعرضاً لأعمال الشغب وخاصة بعد تخصيص عنبر فيه لاستقبال الحالات المصابة بطلقات نارية والجروح الخطيرة التي تحدث في المشاجرات، منذ اندلاع الثورة وحتي أيام قليلة مضت، كان أخطرها قيام عدد من البلطجية بمهاجمة مبني الاستقبال بالأعيرة النارية عن طريق حديقة «أم كلثوم» وتحطيم كل الأجهزة والأثاثات الموجودة فيه بسبب وفاة بلطجي بالقصر كان قد دخل إلي العناية المركزة متأثراً بطلق ناري في بطنه، أصيب خلالها عدد كبير من أفراد الأمن المدنيين. وبعد انسحاب قوات الجيش من تأمين مداخل المستشفي، لم يتبق حالياً سوي عدد 175 فرد أمن من المعينين بالمستشفي، غير مسلحين والذين يؤدون عملهم الآن وسط أجواء مليئة بالخوف والرعب. أحد أطباء الاستقبال بقصر العيني، رفض ذكر اسمه، بسبب تعليمات مدير المستشفي بعدم الإدلاء بتصريحات صحفية، قال: الحالة الأمنية للمستشفي أصبحت متردية لدرجة كبيرة، خاصة بعد انسحاب قوات الجيش، ولابد من عودتها علي مبني قصر العيني بالخصوص لأنه يستقبل يومياً آلاف الحالات منهم بلطجية يأتي معهم مئات الأشخاص المسلحين من أصحاب السوابق مما يجعل الأطباء يعملون تحت ضغط وخوف، بالإضافة إلي تأثر الحالة النفسية للمرضي (المحترمين). وأضاف: لا يمكن الاعتماد علي موظفي الأمن أو الشركات الخاصة لأن طبيعة عملهم أقرب إلي الاستعلامات وليست الحراسة، وشدد علي ضرورة إعادة مراجعة قرار تأمين المستشفيات بأفراد مدنيين لأنه خاطئ وغير صحيح، وسوف ينتج عنه حدوث حالة من الفوضي والتعدي المستمر علي الأطباء مما سيجعلهم في النهاية يتوقفون عن تأدية رسالتهم، ولن يكون هناك ضحية سوي المريض.