أكثر من 100 ألف نسمة من أهالي قرى ومركز التل الكبير والقصاصين بالإسماعيلية يعانون داخل أراضي وقف الخديو إسماعيل التي آلت ملكيتها للهيئة العامة للإصلاح الزراعي عقب ثورة يوليو بسبب تعنت هيئة الأوقاف المصرية معهم التي كبلتهم بالديون وهددتهم بالحبس بعد ادعاء أنها مالكة الأرض. غرامات بالآلاف وعقوبات بالسجن وتهديدات مستمرة تواجه الفلاحين بقرى مركز التل الكبير.. «الوفد» رصدتها داخل قرى الشروق والجزيرة الخضراء وتوابعها، وعزب الكوع وأم مشاق. وثائق حصلت عليها «الوفد» كشفت حقيقة هذه المساحات الزراعية الممتدة على جانب ترعة الإسماعيلية وتمتد مساحتها من منطقة العباسة بمحافظة الشرقية حتى منطقة السبع آبار التي كانت وقفاً من عهد الخديو إسماعيل والأسرة المالكة، وكان الفلاحون المصريون يعملون بالأجرة بها وعقب ثورة يوليو 1952 تم حل الوقف طبقاً لقرارات مجلس قيادة الثورة حينها، وتم إنشاء الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لتتولى إدارة هذه الأراضي، التي تم توزيعها على صغار الفلاحين. وطبقاً للوقائع استمر الوضع على هذا الحال وتولى الفلاحون زراعة الأراضي وبناء مساكن عليها حتى عام 1973، حيث أصدر مجلس الشعب حينها قراراً بإعادة تشكيل هيئة الأوقاف المصرية، وتم صدور القانون رقم 42 لسنة 1973، كان بمقتضاه أن ترد الهيئة العامة للاستصلاح الزراعي كافة الأراضي التي لم يتم التصرف فيها للهيئة. قال حسن محمد، مدير بالشهر العقاري، أحد أهالي قرية الجزيرة الخضراء: هذا التاريخ كان بداية تأزم الأمر للفلاحين، فرغم أن نص القانون الصادر عام 1973، كان واضحاً وصريحاً برد الأراضي التي لم يتم التصرف فيها لهيئة الاوقاف المصرية وليس الأراضي الموزعة على الأهالي، إلا أن هيئة الأوقاف اعتبرت القرار على جميع أراضي الوقف، بما فيها الأراضي الموزعة سلفاً على الفلاحين الذين فوجئوا بطلبات من الأوقاف بتسديد مبالغ مالية نظير التأجير منها وهي جهة غير مالكة بالمرة حتى إن الأراضي مسجلة بالشهر العقاري باسم استصلاح الأراضي وليس الأوقاف. وأضاف الشيخ محمد عيادة، مقيم شعائر ومحفظ قرآن على المعاش وأحد أهالى الجزيرة الخضراء بالتل الكبير: مشكلتنا مع الأوقاف مشكلة عقيمة ولا يوجد حل لها منذ عدة سنوات، قائلاً: «يا ريت الرئيس السيسى ورئيس الوزراء يدَّخلوا ويحلوا المشكلة إحنا من حقنا نعيش فى بيت آمن وخصوصاً أهل الريف الغلابة اللى مش حيلتهم حاجة».. وتابع: «أنا عليه قضيتين واحدة 3 شهور سجن وألفين جنيه غرامة، وقضية ثانية ألفين غرامة». وقال محمد حسن: «الأمر لم يتوقف على التهديدات والغرامات ولكن كل فترة تقوم هيئة الأوقاف برفع قيمة الإيجارات بشكل مبالغ فيه ولا يتناسب مع ظروف الفلاحين».. وتابع: «كل يوم والتانى قضايا طرد وتبديد وبنتهدد فى أكل عيشنا وبيوتنا، كأننا مش عايشين فى بلدنا إحنا تعبنا وإتكلمنا كثير وخلاص صبرنا نفد». وقال عادل أبوشنان، من قرية أم مشاق: إننى أمتلك قطعة أرض مساحتها 2 فدان هيئة الأوقاف العام الماضي قامت برفع الإيجارات لفدان الأرض من 120 إلي 1200 جنيه دون سابق إنذار، الفلاحون أصلاً عليهم ديون وعندهم مشاكل ومش ناقصين اللي الأوقاف عملته والزرع مش ها يجيب إيجاره، وأراضينا وبيوتنا تحت رحمة الأوقاف التى تلاحقنا دائماً بالقضايا والغرامات، وكل فترة تصدر ضدنا أحكام ونقوم بعمل تصالح، فتعاد الكرة مرة اخرى فحياتنا أصبحت ما بين المحاكم والقضايا والغرامات. وفي قرية أم مشاق لم يكن الحال يختلف كثيراً عن الجزيرة الخضراء.. وقال السيد حبيب موسى: «فدان الرز بيكلف 3000 جنيه سماد وأنفار ومياه وما بيجبش ألف جنيه وعايزين إيجار 1200 نجيب منين».. وتابع: «كل فترة يتم توقيع غرامات علينا تصل إلى 3 آلاف جنيه ولا نملك حتى ربع المبلغ لندفعه، وهناك منازل عليها غرامات وصلت إلى 30 ألف جنيه، مش معانا ندفع منين». وقال محمد أبودويق: «الأمر يعاني منه الكثيرون هنا، والفلاحون أوضاعهم المالية سيئة للغاية ويحتاجون لتدخل عاجل من الحكومة لحسم هذه الأزمة الأزلية وبحث أمر الأراضي التي يقوم رجال أعمال بتبويرها أمام مصرف الوادي لاستخدامها كمصايد للبط وما تؤثره على الأراضي المحيطة بها». وفي عزبة أم الكوع، قال برعي الطوخى: إن مساحة أراضى العزبة 154 فداناً وكلها تتبع الإصلاح الزراعى رسمياً، ومع ذلك فهيئة الأوقاف تلاحقنا بالقضايا، وعندما ننتهى من قضية تظهر قضية أخرى.. وتابع: تقدمنا بشكاوى عديدة للمسئولين بكل من الإصلاح الزراعى والأوقاف ولا حياة لمن تنادى. وقال الحاج صالح أبوحسين، من عزبة الكوع: توجد هنا أراضي بور وإنتاجيتها منخفضة ولا تحقق أى ربح، وتوجد منازل عليها غرامات ما بين 10 و20 ألف جنيه.. وأضاف قائلاً: «أجيب منين أنا 1200 جنيه يعنى أبيع العيال وأجيبهم عايزين يخدوا الأرض والبيت يخدوهم ونروح نعيش في حتة تانية».